تم نسخ الرابط بنجاح

العلاقات السعودية الفلسطينية

saudipedia Logo
العلاقات السعودية الفلسطينية
مقالة
مدة القراءة 6 دقائق

العلاقات السعودية الفلسطينية، هي العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية ودولة فلسطين، التي بدأت بدعم المملكة للشعب الفلسطيني، خلال اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1355هـ/1936م، لرفض الاحتلال الإسرائيلي، مرورًا بمواقف ملوك المملكة العربية السعودية لدعم القضية الفلسطينية بدءًا من عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ووصولًا إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الذي أعلن فيه التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، ونجحت فيه الجهود السعودية في زيادة الاعتراف الدولي بفلسطين.

تاريخ الدعم السياسي السعودي من القضية الفلسطينية

بدأ دعم القضية الفلسطينية منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، إذ أرسلت المملكة أفرادًا من الجيش السعودي للمشاركة مع القوات العربية في حرب 1948م للدفاع عن فلسطين، كما أرسل الملك عبدالعزيز ابنه الأمير فيصل (وزير الخارجية آنذاك والملك لاحقًا) على رأس وفد لحضور مؤتمر لندن الذي دعت إليه بريطانيا من أجل بحث القضية الفلسطينية، وانعقد هذا المؤتمر في 16 ذو الحجة 1357هـ/6 فبراير 1939م، وألقى الأمير فيصل في هذا المؤتمر بيانًا أعلن فيه بجلاء وثبات مساندة المملكة للدولة الفلسطينية، وتضمن البيان حججًا تؤكد حق العرب في فلسطين. كما زار الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود (حينما كان وليًا للعهد) فلسطين في عام 1354هـ/1935م، وبعد توليه الحكم حرص على مساندة الفلسطينيين سياسيًا ومعنويًا، وتقديم العون للأسر المتضررة، ومنحهم فرص العمل والإقامة في السعودية تضامنًا مع قضيتهم.

وفي عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود حرص على دعم القضية الفلسطينية عربيًا، فقد كان من الداعمين لعقد القمة الإسلامية الأولى بالرباط عام 1389هـ/1969م فور إعلان الحريق في المسجد الأقصى، حيث شارك فيها وأكد على كونها قضية المسلمين جميعًا، ومن خلال اتصالاته الدولية ضرورة حماية القدس وحقوق أهلها.

وفي عهد الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود استمرت المملكة في الدعم العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية،كما كلف الملك خالد وزير الخارجية آنذاك بمهمة عاجلة يلتقي فيها قادة عدد من الدول للعمل على وضع حد للعدوان الإسرائيلي على لبنان الذي استهدف الفلسطينيين فيها،واستمرت القدس المحور الأساسي في الموقف السعودي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وعلى إثر ذلك سعى إلى إقناع معظم الدول ذات العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي بعدم نقل سفاراتها من تل أبيب إلى القدس بعد إعلان إسرائيل اتخاذها عاصمة لها.

وفي عهد الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود قدمت مبادرة للسلام عام 1401هـ/1981م، والتي تحولت فيما بعد "قمة فاس" بالمغرب عام 1402هـ/1982م إلى خطة السلام العربية، ووضعت لها أُطر واقعية للتسوية على أساس قرارات الشرعية الدولية، كما حرص على نصرة القضية الفلسطينية في الإعلام السعودي والعربي، وأمر بتقديم الدعم المالي والإنساني والإغاثي عن طريق القنوات الرسمية والشعبية. كما عُقدت القمة العربية الطارئة بالقاهرة عام 1421هـ/2000م، واقترحت حينها السعودية -بمبادرة من الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود (ولي العهد آنذاك)- إنشاء صندوقي "انتفاضة القدس" و"الأقصى" بقيمة تقدر بنحو مليار دولار، وتكفّلت السعودية بتقديم ربع المبلغ المخصص لهما، إلى جانب تمويل المشاريع الإنسانية، كما طرح "المبادرة العربية للسلام" في القمة العربية في بيروت عام 1421هـ/2002م، التي نصّت على الانسحاب الكامل من الأراضي العربية منذ عام 1387هـ/1967م، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، مقابل علاقات طبيعية بين الدول العربية وإسرائيل.  

 وفي عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود عقد اتفاق مكة المكرمة التاريخي عام 1428هـ/2007م بين قادة حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين، لتوحيد كلمتهم وموقفهم، ووضع أسس لتشكيل حكومة ووحدة وطنية فلسطينية.

وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، استمر الموقف السعودي الداعم للقضية الفلسطينية، إذ سُمّيت القمة العربية 29 التي استضافتها السعودية في مدينة الظهران عام 2018م بـ"قمة القدس"، وأكد فيها التزام السعودية بمواصلة الدعم السياسي والاقتصادي للشعب الفلسطيني، كما أعلنت السعودية تقديم نحو 150 مليون دولار لدعم الأوقاف الإسلامية في القدس، و50 مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

القضية الفلسطينية في عهد الملك سلمان

 ضمن جهود الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في دعم القضية الفلسطينية أعلن الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية السعودي، باسم الدول العربية والإسلامية وعدد من الشركاء الدوليين، إطلاق "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين" في 24 ربيع الأول 1446هـ/27 سبتمبر 2024م، على هامش اجتماعات الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، دعا فيه الدول المشاركة للاعتراف بفلسطين والانضمام إلى الإجماع الدولي الذي يضم 149 دولة اعترفت بها رسميًا، ثم جددت السعودية في 25 ربيع الأول 1446هـ/28 سبتمبر 2024م، خلال جلسة مجلس الأمن بشأن فلسطين، دعوتها إلى الدعم الدولي لحل الدولتين.

 ورحبت السعودية 26 ربيع الأول 1446هـ/29 سبتمبر 2024م بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن دولة فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة في المنظمة الدولية، كما رحبت بقرارات عدد من الدول الأوروبية الاعتراف بدولة فلسطين، مما يمثل دعمًا للمسار الدولي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، كما استضافت السعودية في 27 ربيع الآخر 1446هـ/30 أكتوبر 2024م الاجتماع الأول للتحالف الذي شُكل بالتعاون مع شركائها، وشددت من خلاله على وقف التصعيد الإسرائيلي، إضافة إلى تفعيل آليات المحاسبة الدولية، والعمل على خطوات عملية وفق جدول زمني محدد تُعنى بقيام دولة فلسطينية. 

وفي شوال وذي القعدة 1446هـ/أبريل ومايو 2025م، ترأست السعودية بالشراكة مع فرنسا الاجتماعات التحضيرية لمؤتمر دولي حول التسوية السلمية في مقر الأمم المتحدة، حيث شُكلت مجموعات عمل متخصصة لتحديد مخرجات عملية في قضايا الأمن، والحدود، والاقتصاد، واللاجئين، والدعم الإنساني.، وفي ذي الحجة 1446هـ/يونيو 2025م، أصدرت السعودية وفرنسا بيانًا مشتركًا مع ممثلي 19 دولة ومنظمة، للدعوة إلى التهدئة واحترام القانون الدولي. وفي يوليو أقرّ المؤتمر وثيقة ختامية تدعو لإنهاء حرب غزة، والتوصل لحل دائم على أساس حل الدولتين، مع إطلاق برامج دعم اقتصادي وإنساني لإعادة الإعمار وتعزيز قدرات مؤسسات الدولة الفلسطينية.

وفي 20 ربيع الأول 1447هـ/12 سبتمبر 2025م أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان نيويورك بشأن تسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية وتنفيذ حل الدولتين، بأغلبية 142 صوتًا. ورحّبت السعودية بالقرار، بوصفه  تأكيدًا على الدعم الدولي لحق فلسطين في إقامة دولتها على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والتي أشاد بها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في 18 ربيع الأول 1447هـ/10 سبتمبر 2025م، خلال افتتاح مجلس الشورى أن مبادرة السلام العربية أصبحت إطارًا دوليًا لإقامة الدولة الفلسطينية، مشيرًا إلى نجاح الجهود السعودية في زيادة الاعتراف الدولي بفلسطين وحشد الدعم خلال مؤتمر نيويورك. كما شددت المملكة على أن حل الدولتين هو أساس الاستقرار، ودعت الدول إلى الانضمام للتحالف الدولي لتنفيذه، مؤكدة التزامها الثابت بدعم الشعب الفلسطيني وتحقيق السلام العادل في المنطقة.

مساعدات المملكة التنموية لفلسطين 

قدمت المملكة إلى فلسطين مساعدات إنسانية وتنموية وخيرية بلغت قيمتها أكثر من 20 مليار ريال، شملت العديد من القطاعات، ومنها: دعم الميزانيات، والإيواء، والمواد غير الغذائية، والتعافي المبكر، والصحة، والأمن الغذائي والزراعي، والتعليم، فيما بلغ إجمالي عدد المشاريع 307 مشاريع.

دعم المملكة لفلسطين عربيًا وإسلاميًّا ودوليًا

استمرت أدوار المملكة في تعزيز القضية الفلسطينية، عربيًّا وإسلاميًّا ودوليًّا، وجعلتها في صدارة أعمال كثير من الفعاليات، وأعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود خلال الجلسة الافتتاحية للقمة العربية في دورتها العادية الـ(29) التي عقدت في مدينة الظهران 15 أبريل 2018م، عن تسمية القمة بـ"قمة القدس"، وقال: "ليعلم القاصي والداني أن فلسطين وشعبها في وجدان العرب والمسلمين".

ومن منطلق رئاسة المملكة لقمة القدس العربية، أكدت في 11 شوال 1439هـ/25 يونيو 2018م في كلمتها أمام جلسة مجلس الأمن الدولي في المناقشة المفتوحة حول "الحالة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، أن التمسك بالسلام على أساس حل الدولتين وفقًا للمرجعيات الدولية ومبادرة السلام العربية، يُعد خيارًا استراتيجيًا لإيجاد حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية وإنهاء النزاع العربي - الإسرائيلي.

وفي 26 شوال 1439هـ/10 يوليو 2018م، رأست المملكة الجلسة الثانية في اجتماعات الدورة الثامنة لمنتدى التعاون العربي - الصيني، في العاصمة الصينية بكين، وجاء في كلمة الجانب العربي التي ألقتها "إن القضية الفلسطينية هي قضية العرب والمسلمين الأولى التي لم ولن نتوانى عن دعمها ودعم صمود الشعب الفلسطيني".

وواصلت المملكة استثمار رئاستها للقمة لتقديم الدعم للقضية الفلسطينية، وفي 13 ذو القعدة 1439هـ/26 يوليو 2018م دانت بشدة الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة في الأراضي الفلسطينية، مؤكدة رفضها القاطع لجميع السياسات والممارسات والخطط الإسرائيلية الباطلة وغير القانونية، ومحاولات الاحتلال الإسرائيلي التي تهدف إلى تكريس الفصل العنصري وطمس الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني.

وأمام اجتماع منظمة التعاون الإسلامي في 19 محرم 1440هـ/29 سبتمبر 2018م، أكدت المملكة مركزية قضية فلسطين بالنسبة للأمة الإسلامية والعربية، وعلى الهوية العربية والإسلامية للقدس الشريف، وعلى حق دولة فلسطين في السيادة على كل الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967م بما فيها القدس.

وفي7 ربيع الأول 1440هـ/15 نوفمبر 2018م، جددت المملكة خلال الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين بالقاهرة لبحث تطورات الاعتداء العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، التأكيد على وقوفها وتضامنها مع الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه التاريخية المشروعة. وفي 29 جمادى الآخرة 1440هـ/6 مارس 2019م، أكدت المملكة في كلمة أمام اجتماع مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري في دورته الـ151 بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية أن القضية الفلسطينية تقف على رأس أولويات العمل العربي المشترك، ومحور اهتماماته دعمًا لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

ولم تتوقف جهود المملكة في دعم الشعب الفلسطيني في كل المحافل التي تشارك فيها، ففي الاجتماع الطارئ لمجلس جامعة الدول العربية في 7 رمضان 1441هـ/30 أبريل 2020م، أكدت المملكة أن القضية الفلسطينية كانت وما زالت هي القضية المركزية للعرب والمسلمين، وهي كذلك القضية الأولى للمملكة منذ تأسيسها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وتأتي على رأس سياستها الخارجية.