محمد بن عبدالله بن عثيمين

محمد بن عبدالله بن عثيمين (1270هـ/1854م - 1363هـ/1944م)، هو شاعر سعودي، ينتمي إلى المدرسة الإحيائية في الشعر العربي، كتب بالفصحى والعامية، ويُعد شعره سجلًّا تاريخيًّا وسياسيًّا؛ إذ وثّق من خلاله الوقائع الحربية للملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في مسيرة توحيد المملكة العربية السعودية وخصاله والمواقف الإنسانية التي تجلّت في شخصيته.

ولد محمد بن عبدالله بن عثيمين في قرية السلمية التابعة لمحافظة الخرج بمنطقة الرياض، وتلقى تعليمه في حلقات العلم الشرعي في المساجد. تنقّل بين البحرين وقطر وسلطنة عمان، وعمل في تجارة اللؤلؤ، وعندما دخل الملك عبدالعزيز إلى الأحساء قصده ابن عثيمين قادمًا من قطر ومدحه، فرحّب به الملك عبدالعزيز وأكرمه، وعاد إلى السعودية بعد 14 عامًا من استعادة الرياض واستقر في حوطة بني تميم موطن آبائه، وظل يفد إلى الملك كل عام حتى وفاته.

كتب ابن عثيمين قصائد في الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وعدد من الشخصيات، ويعد أحد الشعراء الذين أعادوا الشعر الفصيح إلى وسط السعودية، بعد أن ضعف هذا النوع من الشعر ولم يعد يتداوله أو يكتبه كثيرون في ذلك الوقت.

حافظ ابن عثيمين على البناء التقليدي للقصيدة، كما حافظ على المطالع وبحور الشعر العربي، والدقة في أوزان الشعر، وتتشابه مطالع قصائده في مفرداتها ومعانيها مع مطالع الشعر العربي، وقلّت عنده المطالع المبتكرة، أما في الجانب الموضوعي فغلب على شعره مدح الملك عبدالعزيز ومعاركه، وهي تشكّل ثلثي ديوانه، منها: 24 قصيدة في مدح الملك عبدالعزيز، وست قصائد في مدح ولي عهده الأمير سعود بن عبدالعزيز (الملك لاحقًا).

وكانت قصائد ابن عثيمين بمنزلة رصد دقيق للوقائع الحربية التي خاضها الملك عبدالعزيز في مسيرة التوحيد، وُضعت جميعها في صدر الديوان، بدءًا بـ"البائية" التي نظمها عام 1331هـ/1912م، بمناسبة انتصاره في معركة استعادة الأحساء، وهي أولى قصائده في مدح الملك المؤسس، وختمها بـ"النونيّة" التي نظمها عام 1356هـ/1937م، وهي تهنئة بمناسبة عودة نجلي الملك من خارج السعودية.

لم يلازم ابن عثيمين الملك المؤسس فجاءت بعض قصائده في شكل رسائل يرسلها إليه، أو يفد بها عليه بنفسه، وهي أشبه بالحوليات، أي تلك القصائد التي تُكتب وتُنقح عامًا كاملًا، ومن الأحداث المهمة التي نظم عنها: استعادة مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وحائل، وأبها، إضافة إلى المديح والتهاني، وتدور حول الكرم والشجاعة والعفو والتسامح، وتوحيد الكلمة.

ومما كتبه ابن عثيمين في مدح الملك عبدالعزيز:

العِزّ والمجدُ في الهِنديّة القُضُب

لافي الرسائِلِ والتَنميقِ للخُطبِ

ذاك الإمام الذي كادت عزائُمه

تسمو به فوق هام النسر والقُطُبِ

عبدالعزيز الذي ذلّت لِسطوته

شوسُ الجَبابِر من عجم ومن عَربِ

ليثُ الليوث أخو الهَيجاء مِسعَرُها

السيد المُنجب ابن السادةِ النُجُبِ

جُمعت أشعار محمد بن عبدالله بن عثيمين في ديوان بعنوان "العقد الثمين من شعر محمد بن عثيمين"، وصدر في القاهرة عام 1375هـ/1955م. وقد اهتم ابن عثيمين بإظهار المقدمات النثرية التي كتبها، كما أنه وضع لكل قصيدة عنوانًا مستوحى من مطلعها، وأشار إلى تاريخ كتابتها، وشرح الغريب من ألفاظها.

كُرم محمد بن عثيمين في مؤتمر الأدباء الأول الذي عقد بمكة المكرمة عام 1394هـ/1974م، وذلك ضمن الأدباء المتوفين، وكُتبت عن أشعاره بعض الرسائل العلمية. وعقدت دارة الملك عبدالعزيز ملتقى علميًّا عن حياته وشعره في قرية السلمية عام 1443هـ/2021م.