تم نسخ الرابط بنجاح
saudipedia Logo
الإذاعة في عهد الملك عبدالعزيز
مقالة
مدة القراءة 4 دقائق

الإذاعة في عهد الملك عبدالعزيز، هي إحدى وسائل الإعلام المسموعة التي أُسست في عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود؛ إذ وضع الأسس والقواعد لنشأة أول نظام إذاعي بإصدار مرسوم ملكي في 23 رمضان 1368هـ/18 يوليو 1949م، يقضي بتأسيس نظام إذاعي في المملكة العربية السعودية، وحدد المرسوم ما يتصل بها من مهام وأعمال، وكانت مدينة جدة أول مقر رسمي للإذاعة في السعودية.

نشأة الإذاعة السعودية

يعود تأسيس أول نظام إذاعي في السعودية إلى عهد الملك عبدالعزيز؛ إذ وقعت بدءًا الحكومة السعودية ومؤسسة تابعة للشركة العربية العالمية للتلفزيون والتلجراف في مبنى السفارة السعودية بالقاهرة في 23 رجب 1368هـ/11 مايو 1949م، عقدًا يقضي بتركيب وصيانة إذاعة لاسلكية في السعودية في مدينة جدة، بهدف بث البرامج الدينية والثقافية باللغة العربية.

وشُحنت الأجهزة الإذاعية قبل توقيع العقد، وبعد أسبوع من توقيعه بدأ العمل في مشروع الإذاعة السعودية في مدينة جدة، ونصّ العقد على أن تنتهي الأعمال في 19 رمضان 1368هـ/15 يوليو 1949م، وفي الموعد المحدد أُذيع أول برنامج تجريبي من استديو جدة، فيما تأخر استديو مكة المكرمة لأسباب فنية. 

وانطلقت أول محطة إذاعية في مدينة جدة، وبدأ إرسالها المنتظم في يوم عرفة 9 ذي الحجة 1368هـ/1 أكتوبر 1949م، وأُذيع فيها كلمة للملك عبدالعزيز ألقاها نيابة عنه ابنه الأمير فيصل (الملك لاحقًا)، تضمنت تهنئة الحجاج بأداء مناسك الحج، والترحيب بقدومهم إلى مكة المكرمة.

نظام الإذاعة السعودية

أصدر الملك عبدالعزيز في 23 رمضان 1368هـ/18 يوليو 1949م، مرسومًا ملكيًا يختص بتأسيس أول نظام إذاعي في السعودية، وحدد فيه طريقة اختيار مديرها المسؤول عن تنفيذ سياستها أمام الدولة ومكانها، وما يُذاع فيها وعن أعمالها الإدارية وبرامجها، وتعود فكرة تأسيس الإذاعة إلى الملك سعود بن عبدالعزيز عندما كان وليًا للعهد آنذاك، حيث عرض الفكرة على والده ثم جاءت الموافقة، وكُلِف وزير المالية آنذاك عبدالله بن سليمان الحمدان لتنفيذها بإشراف نائب الملك في الحجاز الأمير فيصل (الملك لاحقًا).

وكانت الإذاعة السعودية تتبع إداريًا وزير المالية ووكيله، ويعملان بتوجيهات الأمير فيصل نائب الملك عبدالعزيز في الحجاز آنذاك. وتعاقب على منصب مدير الإذاعة حتى نهاية عهد الملك عبدالعزيز ثلاثة مديرين، هم: إبراهيم الشورى، ومحمد شطا، وإبراهيم أمين فودة، وكانت في ذلك الوقت تتبع لوزارة المالية لكونها الوزارة الشاملة التي تجمع عديدًا من الخدمات، وبوصفها الجهة التي تموّل الإذاعة بجزء من ميزانيتها.

برامج الإذاعة السعودية 

بدأت الإذاعة السعودية إرسالها باللغة العربية بفترة واحدة يومية في المساء، ثم بفترة إرسال ثانية صباحية، وفي 1 ذي الحجة 1370هـ/3 سبتمبر 1951م قدّمت الإذاعة فترة الظهيرة كفترة ثالثة، وفي بداية شهر صفر عام 1371هـ/أكتوبر 1951م استخدمت الإذاعة السعودية فترة مسائية ثانية، لتصبح فترات البث اليومي أربع فترات تقدم باللغة العربية، تصل مدتها إلى ثلاث ساعات وربع طيلة اليوم.

وتبدأ كل فترة إرسالية بآيات من القرآن الكريم، تليها برامج دينية في شكل مواعظ وأخرى ثقافية وبرامج اجتماعية، ونشرات الأخبار، وكانت الإذاعة السعودية تعتمد في بدايتها على البرامج الجادة أكثر من برامج التسلية والترفيه، وكان للأدب في الإذاعة السعودية نصيب كبير؛ إذ يلقي بعض الأدباء فيها أحاديث اجتماعية وأدبية وتاريخية وثقافية، وكان معظم العاملين فيها في بدايتها من الأدباء والشعراء والقاصين؛ لذلك كثرت آنذاك البرامج الثقافية والأدبية، مثل: روائع الشعر، وقصص مختارة، وقالت العلماء، وألوان من الأدب العربي، إضافة إلى بعض البرامج المختصة بالصحة والأطفال، والمال والاقتصاد، وبرامج علمية.

وافتقدت برامج الإذاعة السعودية مطلع عهدها البرامج الشائعة على مستوى الإذاعات العالمية، مثل: المنوعات، والتمثيليات، والبرامج الترفيهية، والدرامية، والإعلانات، ولم يكن هنالك وعي بأهمية المؤثرات الصوتية، لكنها جُلبت فيما بعد في شكل أسطوانات للاستفادة منها في تحسين البرامج، وكانت تستخدم لأغراض عدة، منها: تصوير المكان، وتوجيه اهتمام المستمع وعاطفته، والمساعدة في توفير الجو النفسي المطلوب للبرنامج، والإشارة إلى دخول الشخصيات وخروجها، والتنقل بين الفقرات الإذاعية، أو للدلالة على طبيعة البرنامج،واستخدمت في الإذاعة السعودية الموسيقى في بداية عهدها، وبلغت مدتها 20 دقيقة طوال فترة الإذاعة الأربع، لكنها كانت مقصورة على موسيقى الجيش "مارش عسكري".

ودعمت الإذاعة العمل الإخباري، بهدف تزويد المستمعين بالأخبار الداخلية والخارجية، فبلغت الأخبار 25% من ساعات الإرسال، ولتعزيز هذا الجانب استوردت الإذاعة جهاز "تيكرز" المتخصص في التقاط الأخبار من وكالة "الأسوشيتدبرس"، وكانت الإذاعة آنذاك تُرسل مندوبيها إلى مدن السعودية؛ لتسجيل مظاهر النهضة والتطور في حياة المجتمع السعودي، إضافة إلى تعيين مراسلين في الدوائر الحكومية لتغطية الأخبار فيها.

تطور الإذاعة السعودية

بدأت الإذاعة السعودية بإمكانات فنيّة وبشريّة بسيطة، واستُخدم لها أبسط أنواع الهوائيات التي تغطي منطقة محدودة حول مركز الإرسال بجدة، وكانت نسبة المستمعين إلى برامجها محدودة لقلة عدد أجهزة الراديو لدى أفراد المجتمع، كما كانت الأجهزة معقدة وتحتاج إلى خبرة للحصول على الموجة المطلوبة إضافة إلى عدم كفاية التيار الكهربائي في تلك الفترة.

وارتبطت الإذاعة بدءًا بإدارة البرق والبريد حتى جمادى الأولى 1369هـ/1950م، عندما فُصل القسم الهندسي من تبعية البرق والبريد وارتبط بالمديرية العامة للإذاعة، حتى تكونت إدارة هندسية متخصصة في الإذاعة عام 1372هـ/1952م، وتعمل هذه الإدارة على الجانب الهندسي الخاص بتوصيل الإنتاج الإذاعي.

وزادت لاحقًا محطات الإرسال واستديوهات إعداد البرامج وتسجيلها في الإذاعة السعودية، وكانت مدينة جدة أول مقر رسمي للإذاعة في السعودية، وفي العام الثالث من إطلاقها في 1370هـ/1951م، استكملت أعمال الإرسال من استديو مكة المكرمة، وافتتح رسميًا في 1 محرم 1371هـ/2 أكتوبر 1951م، في احتفال رسمي بحضور الأمير فيصل بن عبدالعزيز نائب الملك في الحجاز، وفي الشهر نفسه سجلت الإذاعة أثناء اشتراكها في المؤتمر الدولي للإذاعة واللاسلكي، الموجات العاملة التي استخدمتها للبث والإرسال، كما حصلت على ترددات جديدة، وصحب ذلك زيادة في عدد المحطات والاستديوهات، وتجديد الأجهزة المستخدمة.

وفي مطلع رجب 1371هـ/مارس 1952م، قدمت الإذاعة لأول مرة فترة إرسال إضافية يوم الجمعة من كل أسبوع؛ لإذاعة شعائر صلاة الجمعة على الهواء من الحرم المكي، وفي 1371هـ/1952م تمكّنت من نقل أذان المغرب من المسجد الحرام، كما نُقلت صلاة الفجر وصلاة عيد الأضحى، وخطبة العيد على الهواء.

وفي شعبان 1371هـ/مايو 1952م استُكملت الوسائل الفنية لإمكان الاتصال السلكي واللاسلكي والإرسال الإذاعي بين المسجد الحرام واستديو مكة المكرمة، وتمكنت الإذاعة من نقل أذان العشاء مباشرة من الحرم المكي.

وفي أواخر شوال 1371هـ/يوليو 1952م تمكنت الإذاعة من الانضمام إلى هيئة B.B.C "راديو لندن"، لنقل الحديث الذي ألقاه الأمير عبدالله الفيصل، واستكملت التحسينات الفنية والهندسية والبرامجية، كما تمكنت الإذاعة من القيام بتسجيلات خارجية في حفلات القصور الملكية بجدة ومكة المكرمة والرياض بعد إدخال أجهزة التسجيل.