مسارات هجرة الطيور عبر السعودية

مسارات هجرة الطيور عبر السعودية، هي مسارات تسلكها الطيور في هجرتها الموسمية عبر سواحل وصحاري وأودية وجبال المملكة العربية السعودية، بحثًا عن بيئة مناسبة لها. وتُعد السعودية معبرًا وموطنًا آمنًا لعدد من أنواع الطيور المهاجرة، بسبب موقعها الجغرافي الاستراتيجي، ومساحتها الواسعة التي تفوق مليوني كم2.

بلغ عدد أنواع الطيور الموجودة والمسجلة في السعودية نحو 499 نوعًا، وتنتمي مجموعات الطيور فيها إلى ثلاثة أصول: إثيوبية، وآسيوية، وقطبية قديمة.

وتُصنف الطيور المهاجرة، حسب فترة أو وقت وصولها للسعودية، إلى: طيور مهاجرة عابرة، وطيور مقيمة، وطيور زائرة صيفًا، إضافةً إلى طيور زائرة شتاء، وطيور معششة.

يعبر نحو 1.5 مليون من الطيور الحوامة المهاجرة مسار البحر الأحمر، على طول الساحل الغربي للسعودية، الذي يُمثل أحد أكبر مسارات هجرة الطيور في العالم، إذ يربط بين أماكن التعشيش في قارة أوروبا ومناطق التشتية في قارة إفريقيا، وتعني "التشتية" الفترة التي تُمضي فيها الطيور فصل الشتاء. كما يعبر عدد من الطيور المهاجرة سواحل السعودية على مدار العام، بوصفها بيئة متنوعة التضاريس الطبيعية، ومنها: الرملية، والصّخرية، والطينية.

تشكل محمية الأمير تركي بن عبدالله الملكية التي تقع شمال شرقي السعودية، مسارًا تمُر به الطيور خلال هجرتها على مرحلتين، إحداهما في فصل الخريف، والأخرى في فصل الربيع، ومن الطيور التي تمر عبر هذا المسار: الصقر، والشاهين، والزقزاق، والحبارى.

يُعد ساحل الخليج العربي في السعودية أحد مسارات هجرة الطيور، وترتَاده أعداد كثيرة من الطيور، خاصة الخواضة، بينما تختار بعضها الاستقرار فيه، بوصفه موطنًا آمنًا وبيئة مناسبة لعيشها.

تتوقف أنواع من الطيور العابرة على سواحل السعودية خلال هجرتها الموسمية من الشمال إلى الجنوب أو العكس، بحثًا عن الراحة والغذاء، مثل طائر الرهو، الذي انتشر وسُجل في مدينة جدة إلى شرق طريق الحرمين الرابط بين جدة والمدينة المنورة، وهو طائر كبير الحجم برأس صغير وذيل قصير، وله خصلة من الريش الأبيض في منطقة الرأس، وعندما يطير يظهر اللون الأسود في الجزء الأمامي من الجناح، ويصدر صوتًا أثناء تحليقه يُعرف به.

بلغت أعداد طائر الرهو التي تمر بالمنطقة في أسراب منتظمة سنويًا نحو 700 طائر عابر خلال فصلي الربيع والخريف، وهي تتغذى على الحبوب والحشرات والنباتات.

تصنف بعض الطيور المهاجرة الموسمية التي تعبر السعودية على أنها "زائر صيفي"، وهي تأتي من إفريقيا إلى جزر السعودية للتعشيش في فصلي الربيع والصيف، وبعد انتهاء موسم هجرتها تذهب مع صغارها باتجاه الجنوب خارج المياه الإقليمية السعودية، وأعداد قليلة منها تتجول على السواحل المحلية وتختار البقاء في مياهها الإقليمية.

يُعد طائر الحمامة الخضراء -حمامة بورس الخضراء- زائرًا صيفيًّا ينتشر في جنوب غربي السعودية في جبال فيفاء وعسير، ويتغذى على ثمار الأشجار مباشرة، ويُعرف أنه النوع الوحيد من الحمام الذي لا ينزل إلى الأرض لالتقاط غذائه، ويتصف بحجمه المتوسط، ولونه الرمادي والأخضر في الرأس والرقبة والأجنحة، بينما لون بطنه أصفر.

تصل بعض الطيور المهاجرة إلى السعودية من إفريقيا بغرض التعشيش والتكاثر، وتتكاثر في الخليج العربي، يبدأ وصولها آخر شهر أبريل، ويستمر حتى شهر مايو، بينما التي تتكاثر في البحر الأحمر تصل في يونيو وتستمر إلى يوليو.

تستقبل البيئة المحلية ذات التنوع الأحيائي كثيرًا من الطيور، منها: طائر النورس الأبيض، الذي يعيش على سواحل البحر الأحمر، ويتكاثر في الجزر ذات الصخور والشواطئ الرملية، وطائر الوروار الأوروبي، أو كما يسمى "الصقرقع"، وطائر بلشون الليل، الذي يعيش في أماكن تجمع المياه وحول السدود، وهناك طيور أخرى، منها: الفلامنجو، والحسون، وسنونو البحر.

تتعرض الطيور المهاجرة إلى بعض الأخطار خلال هجرتها، مثل: الصعق بالكهرباء، الذي يصيبها عند التحليق واصطدامِها بخطوط الكهرباء، والصيد الجائر، والتلوث والتسمم، وتدهور الغطاء النباتي، إضافةً إلى التلوث الضوئي، ويعني زيادة الأضواء الصناعية التي تُفقد الطيور مساراتها، وتُعرضها للاصطدام بالمباني.

وضع المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية في السعودية، أنظمة تحد من الصيد الجائر للطيور المهاجرة، وترخص السعودية صيد بعض الطيور المهاجرة العابرة بعد الحصول على تراخيص، مثل طائر "أبو قلنسوة" في موسم صيده خلال الفترة من 20 أغسطس إلى 20 أكتوبر، وهو طائر عابر يُنهي فترة الشتاء في السعودية.