العلاقات السعودية الكورية الجنوبية

العلاقات السعودية الكورية الجنوبية، هي العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية كوريا الجنوبية، وتعود بدايتها إلى 1381هـ/ 1962م، أي: بعد 30 عامًا من إعلان توحيد المملكة، وانطلقت من منظور السياسة الخارجية السعودية، القائمة على البحث عن علاقات تحقق مصالح البلاد وتنويع الصلات الدبلوماسية مع جميع الدول، وفقًا للمبادئ التي تقوم عليها السعودية. 

أُسست أول بعثة دبلوماسية كورية جنوبية في السعودية عام 1393هـ/ 1973م، عقب 11 عامًا من بدء العلاقات بين البلدين، بينما افتتحت أول سفارة سعودية في كوريا الجنوبية عام 1394هـ/ 1974م.

وشهدت العلاقات الثنائية بين السعودية وكوريا الجنوبية تطورات لافتة مع حرص البلدين على المضي بها إلى آفاق متقدمة، ولذلك أُسست اللجنة السعودية الكورية المشتركة، حيث يكمن دورها في تعزيز العلاقات والمصالح المشتركة، ومن ضمنها لجنة الصداقة البرلمانية السعودية - الكورية الجنوبية التي تعمل مع نظيرتها في البرلمان الكوري على ما من شأنه زيادة التعاون في شتى المجالات.

كذلك جرى عبر التفاهمات والزيارات المتبادلة لقيادتي المملكة وكوريا الجنوبية تعزيز قنوات التواصل الحالية مثل: اللجنة السعودية - الكورية المشتركة، ولجنة الرؤية السعودية الكورية 2030م، إضافة إلى تعزيز التعاون في مجال الدفاع على مستوى نواب الوزراء من خلال لجنة التعاون التي أنشئت عام 2019م.

o    زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز حين كان وليًّا للعهد 1419هـ/ 1998م.

o    زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حين كان أميرًا لمنطقة الرياض 1420هـ/ 1999م.

o    زيارة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان 1440هـ/ 2019م.

o زيارة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان 1444هـ/ 2022م.

-  زيارة رئيس وزراء جمهورية كوريا الجنوبية لي هاي تشان 1426هـ/ 2005م.

- زيارة فخامة السيدة بارك كون هيه رئيسة جمهورية كوريا الجنوبية 1436هـ/ 2015م. 

-  زيارة رئيس جمهورية كوريا، مون جيه إن  1443هـ/ 2022م.

- زيارة رئيس جمهورية كوريا، يون سيوك يول 1445هـ/ 2023م.

حرصت السعودية وكوريا الجنوبية على تطوير علاقاتهما الاقتصادية في كل القطاعات، لذلك توطدت الشراكة اقتصاديًّا، وأبرم البلدان خلال مسيرة علاقاتهما عددًا من الاتفاقات الاقتصادية والاستثمارية المشتركة بين الشركات السعودية والكورية.

شهدت العلاقات نقلة أخرى خلال القمة السعودية - الكورية الجنوبية التي عقدت في الرياض عام 1436هـ/2015م، ودعمت مسيرة العلاقات بين البلدين لتشمل إلى جانب المجالات الاقتصادية الخاصة بقطاعي النفط والإنشاءات، مجالات: الثقافة، والأغذية، والصحة، والتجارة، والصناعة، والطاقة المتجددة والذريّة.

وفي إطار استراتيجية البلدين لتأسيس منظومة عمل تعزز نمو العلاقات، أضاف المنتدى الاقتصادي والتجاري الأول بين المملكة وكوريا المنعقد عام 1435هـ/ 2014م، بعدًا جديدًا في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وهو ما أسهم في تعزيز التعاون في مجالات الصحة، والطب، وتنمية القوى البشرية، والطاقة النووية، والاستثمار في مختلف المجالات، خاصة الصناعي والتقني.

تتعدد أوجه الشراكات الناجحة بين البلدين، وتُعد أرامكو السعودية من أكبر الشركات السعودية المستثمرة في السوق الكورية الجنوبية، إذْ تستثمر في أكبر شركة نفطية كورية  (S-Oil)، بامتلاكها نحو 60% من القيمة السوقية للشركة. فيما حصلت شركة سامسونغ للهندسة ومجموعة هيونداي الكوريتان على عقد لتنفيذ بعض أعمال مشروع حقل الجافورة للغاز في المملكة، بقيمة تفوق 11 مليار دولار. كما دخلت شركة هيونداي للصناعات الثقيلة شريكًا في مشروع إنشاء مجمع الملك سلمان العالمي للصناعات والخدمات البحرية في رأس الخير.

وجرى كذلك توقيع عقد بقيمة 2,4 مليار دولار لمشروع "المرحلة الثانية من الجافورة -الحزمة الثانية لمشروع المرافق والكبريت ومنشآت التصدير، وفي مارس 2023م وُضع حجر الأساس لمشروع (شاهين) للبتروكيماويات بمدينة أولسان، الذي تبلغ قيمته 7 مليارات دولار.

يشمل التعاون وتبادل الخبرات بين البلدين أيضًا مجال الطاقة النووية، ففي عام 1439هـ/ 2018م بدأ 48 مهندسًا سعوديًا مشروعًا مشتركًا مع معهد أبحاث الطاقة الذرية الكوري (KAERI) في مدينة دايجون، لإعداد التصاميم الهندسية لمفاعل "سمارت" النووي في المملكة.

أسس البلدان مجلس الشراكة الاستراتيجية بين السعودية وجمهورية كوريا الجنوبية، وفي 8 ربيع الآخر 1445 هـ / 23 أكتوبر 2023م، وقعا مذكرة التفاهم بشأن إنشاء المجلس، التي تحدد أهداف ومهام ونطاق التعاون في إطار أعمال المجلس، الذي أُعلن عام 1444هـ/2022م.

كان حصاد التعاون والشراكة بين البلدين نمو التبادل التجاري عام 1439هـ/ 2018م بنسبة 21% ليبلغ 112.5 مليار ريال.وأصبحت جمهورية كوريا أحد أهم الشركاء التجاريين للمملكة، وتأتي ضمن المراتب العشر الأوائل استيرادًا وتصديرًا من المملكة وإليها، إضافة إلى وجود 120 مشروعًا سعوديًا كوريًا مشتركًا بقيمة ما يقرب من المليار دولار، منها 20% مشاريع صناعية والباقي غير صناعية في المملكة.

من خلال تطور العلاقات الاقتصادية بين المملكة وكوريا الجنوبية، ارتفعت المؤشرات التجارية بين البلدين على مر الأعوام،  وتُعد المملكة من أوائل الشركاء التجاريين لجمهورية كوريا في منطقة الشرق الأوسط، ففي عام 1442هـ/ 2021م، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 242 مليار ريال خلال الثلاث سنوات السابقة لذلك العام.

تصاعدت حركة الصادرات والواردات بصورة ملحوظة بين البلدين، حيث بلغت قيمة صادرات المملكة إلى كوريا 69 مليار ريال عام 1442هـ/ 2021م مقارنة بـ 54 مليار ريال عام 1441هـ/ 2020م، فيما بلغت واردات كوريا إلى المملكة عشرة مليارات ريال. ونما حجم التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 14% ليبلغ 79 مليار ريال عام 1442هـ/ 2021م. وواصل التبادل التجاري بين البلدين نموه حيث نما بمقدار 400 ضعف منذ إقامة العلاقات عام 1962م حتى 2023م.

أسس البلدان لجنة سعودية - كورية جنوبية مشتركة للتعاون الاقتصادي والفني، إضافة إلى مجلس أعمال مشترك، بهدف تنمية وتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بينهما، تُعدُّ العلاقة التجارية بين كوريا الجنوبية والمملكة من بين العلاقات الثنائية الأكثر استراتيجية لكلتا الدولتين، كما تُعدُّ الدولتان مهمتين في استقرار الاقتصاد العالمي، وكلاهما عضو في مجموعة دول العشرين.

يشترك البلدان في رؤية استراتيجية موحدة هي "الرؤية السعودية  الكورية 2030" التي أطلقها البلدان في محرم 1439هـ/ أكتوبر 2017م حيث جرى  تشكيل لجنة مشتركة من ممثلي الجهات والهيئات الحكومية ذات العلاقة من البلدين؛ لمراجعة التقدم في هذه الشراكة، واعتماد مشاريع الرؤية وخططها التنفيذية، وتذليل الصعوبات في تنفيذها، وبذلك تعد جمهورية كوريا واحدة من ثماني دول تتعاون مع المملكة لتحقيق رؤية 2030.

من خلال هذه الرؤية توافق البلدان على 40 مشروعًا ومبادرة مبدئية لتأسيس الشراكة بينهما، وتتوزع هذه المشروعات على خمس مجموعات فرعية لحوكمة اللجنة؛ وذلك بغرض متابعتها ودعمها للوصول إلى أهدافها المرجوة، وهذه المجموعات هي: مجموعة الطاقة والتصنيع، ومجموعة البنية التحتية الذكية والتحول الرقمي، ومجموعة بناء القدرات، ومجموعة الرعاية الصحية وعلوم الحياة، وأخيرًا مجموعة المنشآت الصغيرة والمتوسطة والاستثمار.

تجمع السعودية وكوريا الجنوبية روابطُ ثقافية وتعليمية قوية، إذ تحتضن كوريا الجنوبية أكثر من 600 مبتعث ومبتعثة ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، تُشرف عليهم الملحقية الثقافية السعودية.وتولي السعودية وكوريا الجنوبية ملفات مواجهة التطرف والإرهاب اهتمامًا عاليًا، ويشترك البلدان في تعزيز السلام والاستقرار والأمن في المنطقة والعالم.

عززت السعودية وكوريا الجنوبية علاقاتهما في مختلف المجالات ومن بينها المجال العسكري، حيث بدأ البلدان التعاون في مجال الصناعات العسكرية، ووقّعت شركة (SAMI) السعودية مذكرة تفاهم مع ثلاث شركات تابعة لمجموعة "هانوا" الكورية، لتوطين الصناعات العسكرية في المملكة.