

الحرف اليدوية في منطقة تبوك، هي الحرف والمهن والصناعات اليدوية التي اشتهرت بها منطقة تبوك شمال غربي المملكة العربية السعودية، ووجدت لتلبية احتياجات سكان المنطقة، باستغلال المواد الخام المتوافرة في الطبيعة والبيئة، وتناقلت الأجيال هذه الحرف ضمن الموروثات الثقافية للأهالي.
حرفة صيد الأسماك في منطقة تبوك
ساعدت إطلالة منطقة تبوك على سواحل خليج العقبة والبحر الأحمر على نشوء حرفة صيد الأسماك، خصوصًا في محافظات: الوجه، وأملج، وحقل، وضباء، والمراكز التابعة لهذه المحافظات. وأسهم دفء هذه السواحل في تكاثر الثروة السمكية. وتُعد تبوك من المناطق المصدرة للأسماك، وتطرح مراكب الصيد محصولها من الأسماك في أسواق منطقة تبوك صباح كل يوم، ليتداوله التجار وباعة التجزئة في المزاد. وتتكرر العملية مع وصول مراكب جديدة طوال اليوم.
ويُعد "الجلب" من طرق صيد الأسماك البارزة في منطقة تبوك خصوصًا في الأماكن العميقة، وهناك الصيد بالشباك على حواف الشعاب المرجانية والأماكن المفتوحة، إضافة إلى استخدام "السخاوي"، و"القراقير" (الفخاخ) خصوصًا في الأماكن القريبة من الشعاب المرجانية، إضافة إلى الأشرعة، والصخوة، والأشورة، والباروص، والشركان، والسنارة، والخيط، والشص، والشباك الخيشومية الثابتة لصيد اسماك الشعب المرجانية، وشباك التحليق الخيشومية والخيط المجرور لصيد الأسماك القريبة والمهاجرة. وفي مزارع الأسماك يُستعمل نظام الأقفاص العائمة والمسيجات الساحلية.
ويعد شاطئ محافظة أملج مناسبًا لمختلف أنواع الصيد، ومن المناطق الأكثر إنتاجًا للأسماك: الخوارة، والخرج، والحرة، والجبل، والشبعان، ومنطقة ميناء أملج. ومن أماكن الصيد أيضًا جزر: ريخه، والظهرة، وبريم، والملاونة، وأبو صرات، وهي جزر مرجانية.
ويبدأ يوم الصياد من بعد صلاة الفجر، إذ يتجه إلى مركبه الشراعي، خصوصًا في الأيام التي تشهد رياحًا، فإذا توقفت لا يبحر، ويكتفي بالصيد على الساحل، بخلاف الحال اليوم حيث القوارب ذات المحركات الآلية الحديثة. وكانت عملية الصيد يومًا بيوم. ويحرص الصياد على بيع محصوله في اليوم نفسه، لعدم وجود ثلاجات لحفظ الأسماك. كما كانوا يبيعون ما يصطادونه بالشكة، وهي شك مجموعة من الأسماك وربطها بخوص النخيل، ويقايضونها بسلع أساسية، مثل الرز والسكر.
ومن أنواع الأسماك في منطقة تبوك: الطرادي، والناجل، والبياض، والبهار، والشريف، والدراك (الكنعد)، والصرع، والعقام، والمكرونة، والحريد، والزفة، والقاص، والشعور، والكحاية، والمسلم، والنجار، والكشر، والعربي، والسردينة، والفارس، والخفض سوبيا، والسيجان، والباغة، والخرم، وأبو قرن، والقرش، والقز الصريخ، والبلطي، إضافة إلى جراد البحر (الإستاكوزا)، والروبيان (القريدس)، والكابوريا.
ويبيع صيادو الأسماك في منطقة تبوك محصولهم طازجًا، أو معلبًا، أو مجففًا. كما يستخلصون من بعضها زيت السمك، ويستخدم الفائض من الأسماك كأعلاف حيوانية أو أسمدة، لكونها غنية بالمواد البروتينية.
حرفة صناعة المراكب والسفن الشراعية في منطقة تبوك
لكون منطقة تبوك تحاذي البحر (خليج العقبة والبحر الأحمر)، ولها نشاط بحري يرتبط بصيد الأسماك والتجارة مع المناطق الأخرى بحريًا، لذا ظهرت حرفة صناعة المراكب والسفن الشراعية في المنطقة. وكانت تبوك تصدر منتجاتها إلى المناطق الساحلية على امتداد البحر الأحمر. وشهدت محافظة الوجه تاريخيًا وجود حرفيين مهرة في صناعة السفن ومستلزمات الصيد. وقد أشار المؤرخ ياقوت الحموي في كتابه "معجم البلدان"، إلى ذلك في حديثه عن المنطقة.
ويعتمد الحرفيون على الخشب السويدي في صناعة السفن، ومنها الهواري والسمبوك، ومن المواد المستخدمة: المنتي، والجنقلي، والفنص، والفيني، والباكه، والفن، والقرط، والميط، إضافة إلى المواد العضوية، مثل: الدامر، والصل، والشونة، والحل، والمسامير، والحومار، كما يستعملون أدوات عدة، منها: المنشار، والجدوم، والرندة، والمطرقة، والبلد، ومنقر القوبار، والطبشير، والخيط، وغيرها.
حرفة الزراعة في منطقة تبوك
ساعدت خصوبة أراضي منطقة تبوك ومناخها المعتدل على تنامي حرفة الزراعة، وكان فائض الإنتاج الزراعي يصدر لمناطق سعودية أخرى، وكذلك إلى دول أخرى، ومن أصناف الفاكهة المنتجة في تبوك: الحمضيات بأنواعها، والفراولة، والعنب، والمانجا، والرمان، والدراق، والمشمش، والتفاح، والبرتقال، والخوخ، واليوسفي، والتين، والكمثرى، والزيتون، إضافة إلى أصناف التمور.
كما تُعد منطقة تبوك بارزة عالميًا في إنتاج الورد، ومن أصنافها: الجيبسوفيلا، والقرنفل، والجوري، إضافة إلى "الأفالانش الأبيض"، والماجيك ريد، وأنجيلينا، وبرستيج، وميليفا، وكرونوس، ودوكات، وريفيفال، وديب ووتر، والأقحوان، واليليوم.
حرفة عصر زيت الزيتون في منطقة تبوك
ظهرت في منطقة تبوك حرفة عصر زيت الزيتون مع وفرة أشجار الزيتون، التي فاق عددها عام 1444هـ/2022م، 1.3 مليون شجرة من أصناف: الأربوسانا، والأربوكينا، والصوراني، والنيبالي. وتنتج تبوك 65 ألف طن من الزيتون، وأكثر من ثمانية آلاف طن من الزيت، و1200 طن من زيتون المائدة.
ولعصر الزيتون ثماني مراحل، تبدأ من تنظيف وإزالة الأوراق من الثمار، ثم غسلها لإزالة الشوائب، يليها طحن الثمار لتكوين عجينة يُستخلص منها الزيت، وفي المرحلة الثالثة العجن، إذ يُحرك الخليط المطحون لفصل الزيت واستخلاصه من الخليط، ومنها إلى العصر في المرحلة الرابعة التي يجري فيها فرز المواد الصلبة عن السوائل، وفي الخامسة يفرز ويفصل الزيت عن الماء المختلط به، تليها الفرز بتعبئة الزيت وتخزينه في خزانات غير قابلة للصدأ لمدة تصل إلى أربعة أيام، ثم تكون عملية الفلترة بتنقية الزيت، للتأكد من خلوه من أي رواسب أو مواد صلبة صغيرة عالقة، ولضمان إكساب الزيت المظهر النقي الشفاف، ومن ثم تعبئته وتغليفه في المرحلة الثامنة والأخيرة.
ويُعد زيت الزيتون معصورًا على البارد عندما لا تزيد درجة حرارته أثناء عملية الاستخلاص عن 27 درجة مئوية، إذ يُحتفظ بدرجات الحرارة منخفضة للحفاظ على الرائحة والنكهة الطبيعية للزيتون والحفاظ على القيمة الغذائية للمنتج النهائي. وينتج كل 100 كجم من الزيتون ما بين 10 و20 كجم من الزيت.
حرفة صناعة الأسلحة البيضاء في منطقة تبوك
من الأسلحة البيضاء التي تُصنع في منطقة تبوك الشباري ومفردها شبرية، وهي تشبه الجنبية أو الخنجر، وتسمى أيضًا الشمالية، أو القديمي. وتُعد صناعة الشبرية من الحرف اليدوية والصناعات التقليدية المرتبطة بتراث وثقافة منطقة تبوك، فهي كانت تمثل رمزًا للقوة والعزة والمنعة، إذ كانت تستخدم في الدفاع عن النفس. كما ترمز للكرم، فبها تذبح الخراف إكرامًا للضيف، أما اليوم؛ فترمز للفخر. كما تعد من المقتنيات الرجالية المهمة وتعرض في المجالس، وتعد من أدوات التجمل في المناسبات الاجتماعية.
وتُصنع الشبرية من الحديد الخام، أما المقبض فيُصنع من البلاستيك أو الخشب. ويكون الغمد أو الجفير من "التنك"، أو النحاس الصافي، أو الجلد. ويحرص البعض على تملك النوادر من الشباري التي تُصنع بجودة عالية، باستخدام مواد أولية ذات مواصفات قياسية.
ومن الأسلحة البيضاء التي تُصنع في منطقة تبوك أيضًا؛ السيوف. وكان الحرفيون يصقلون السيوف والشباري، إضافة إلى صيانة دلال القهوة، وكانت هذه العملية تسمى "الرب"، كما يتولون صناعة أحذية الخيل وأعنتها، وصناعة الفؤوس و"قرب الماء".
حرفة السدو في منطقة تبوك
تعد تبوك من المناطق السعودية التي تشتهر بحرفة السدو، التي سُجلت ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" عام 1442هـ/2020م.
ويستعمل حرفيو السدو في منطقة تبوك أصواف ووبر الماشية، إذ تصبغ بالأصباغ التي تُصنع محليًا، أو تجلب من بلاد الشام. ويتم نشر خيوط الصوف في اتجاهات متعاكسة، وعادة تصنعها النساء، وتختلف جودتها باختلاف مهارة الحرفية. ومن منتجات السدو بيوت الشعر.
حرفة صناعة الأشدة والهوادج في منطقة تبوك
من الحرف اليدوية في منطقة تبوك صناعة الأشدة، ومفردها الشداد، الذي يوضع على ظهر الراحلة، ويُصنع من الخشب وتجمع أجزاؤه بواسطة جلد الجمل، أو عصبه بعد التجفيف. ويصنع الشداد من خشب خاص، أو من أعواد الخيزران الغليظة.
كما امتهن حرفيون في منطقة تبوك صناعة الهودج الذي يوضع على ظهر الناقة، لتجلس فيه النساء خلال تنقلهن، إذ يحميهن من تقلبات الطقس، كما تجلس فيه العروس أثناء زفافها من بيت أهلها إلى بيت العريس.
حرفة النحت على الرخام في منطقة تبوك
من الحرف التي تميزت بها منطقة تبوك النحت على أحجار الرخام، وهي حرفة تجميلية، إذ تنحت أو ترسم كلمات تعبيرية، أو آيات قرآنية، على واجهة الصخور لتظهر بشكل جمالي. وأولى مراحل النحت هي تنظيف لوح الرخام من الأتربة والغبار، وتجهيز النص أو الرسم المراد نقشه، ثم يلصق الحرفي مادة التجليد غير الشفاف جيدًا دون تعرجات أو فقاعات، مفضلًا اللون الأبيض ليغطي به السطح والجوانب، ومن ثم يثبت الكتابة أو الرسمة المراد حفرها زخرفة بلاصق من جهة واحدة، مراعيًا وزن الكتابة حسب الطلب، ثم يضع ورق الكربون تحت الورقة وتحت الكتابة، ويثبت الورقة تمامًا من الجهة الأخرى، بعدها يبدأ برسم الكتابة بقلم جاف، وتدقيقها قبل رفع الورقة المكتوبة نهائيًا، ثم يبدأ بقص الكتابة بمشرط على شكل قلم ذي رأس دقيق بعدها يبدأ النحت الذي يخرج بشكله النهائي.
حرف أخرى في منطقة تبوك
توجد في منطقة تبوك حرف يدوية أخرى، منها: صناعة أحجار الرحى والمدقات، وأيضًا صناعة السيوف، والرماح، والفؤوس، والسكاكين، إضافة إلى المساحي، والمناجل، والقدور، وأدوات الصيد، وصيانة الدلال، والأباريق، والأواني النحاسية، وكذلك الصناعات الجلدية، مثل: القرب بأنواعها، والقدود (الحبال الجلدية)، والأحذية وما يلزمها من دباغة وخرازة وصباغة، والصناعة المعتمدة على منتجات النخلة، مثل: الخوص الذي يصنع منه الزنابيل، وسفر الطعام، والمراوح اليدوية، والمكانس، وصنع الحبال من الليف.
وتنتشر في منطقة تبوك كذلك صناعة المنسوجات من شعر الماعز أو وبر الإبل، مثل: الخروج، والمفارش، والملابس، إضافة إلى استخراج الملح، والطب الشعبي المعتمد على الأعشاب، والكي، والحجامة. وكذلك البناء بالحجر، وعمل الصخاوى بالأسلاك والسعف والمطارع لسير القوارب، والنجارة لإنتاج النوافذ، والأبواب، والنقش على الخشب، وعمل النواظير البحرية، وخرز القوارب. كما يحترف مهنيو منطقة تبوك صناعة الأشورة، والمخادج البحرية، وفتل الحبال وتوليف الحجر، وصناعة الأشرعة.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة