الرؤية السعودية اليابانية 2030، هي رؤية للتعاون الاستراتيجي بين المملكة العربية السعودية واليابان، لخدمة المصالح الثنائية في مجالات الاقتصاد، والتجارة، والصناعة، والأمن، والثقافة، عبر مزج الفرص المتوافقة مع أهداف رؤية السعودية 2030، وبرنامج الإصلاح الاقتصادي الياباني، واستراتيجية اليابان للثورة الصناعية الرابعة، والوصول إلى الأسواق الخارجية. وقعت قيادتا البلدين الرؤية في طوكيو عام 1438هـ/2017م.
تاريخ العلاقات السعودية اليابانية
جاءت الرؤية السعودية اليابانية 2030، تتويجًا لعقود من العلاقات المتنامية بين البلدين، إذ كان أول اتصال رسمي بين البلدين عام 1357هـ/1938م، حين زار مبعوث الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، حافظ وهبة، اليابان لحضور افتتاح مسجد طوكيو، وأعقبتها زيارة الوزير المفوض الياباني لدى مصر ماسايوكييوكوياما السعودية عام 1358هـ/1939م، وهي أول زيارة لمسؤول ياباني للرياض، إذ التقى الملك عبدالعزيز، الذي وصف اليابان يومها، بقوله "نحن نحترم اليابان باعتبارها بلدًا عظيمًا في جنوب شرقي آسيا". ونمت العلاقة بين البلدين بعد الحرب العالمية الثانية، حين أرسلت اليابان أول وفد اقتصادي للسعودية عام 1372هـ/1953م، وأقيمت العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين عام 1375هـ/1955م. ومنحت السعودية عام 1377هـ/1957م، حق امتياز التنقيب عن البترول في المنطقة المحايدة المقسومة بين السعودية والكويت لشركة الزيت العربية (اليابانية).
وسجلت العلاقات السعودية اليابانية في العقود التالية نموًا مطردًا في مختلف المجالات، وتبادل البلدان الزيارات بين المسؤولين على مختلف المستويات. وشهدت السعودية عام 1417هـ/1997م، صياغة الشراكة الشاملة بين البلدين نحو القرن الـ21.
ولادة الرؤية السعودية اليابانية 2030
ولدت الرؤية السعودية اليابانية 2030، خلال زيارة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز إلى اليابان، ولقائه رئيس الوزراء الياباني الأسبق شينزو آبي، في شهر ذي القعدة 1437هـ/ سبتمبر 2016م. وجرى توقيع الرؤية خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لليابان، في 14 جمادى الآخرة 1438هـ/13 مارس 2017م.
وتسعى الرؤية السعودية اليابانية 2030، إلى نقل العلاقة بين البلدين من مجرد تبادل تجاري في صادرات البترول واستيراد السيارات، إلى شراكة استراتيجية، عبر إطلاق مشاريع ومبادرات في عدد من القطاعات، إذ تنص الرؤية على إطلاق مبادرات تسهل أداء الأعمال بين البلدين، والتعاون في مجال الأسواق المالية، وتطوير إجراءات الحصول على تأشيرات الدخول، ومجالات الثقافة والرياضة والتعليم.
قطاعات الرؤية السعودية اليابانية 2030
تتضمن الرؤية السعودية اليابانية 2030، تسعة قطاعات، هي: الإعلام والترفيه، والأمن الغذائي والزراعي، والبنية التحتية ذات الجودة العالية، والعناية الطبية، والصناعات التنافسية، والمال والاستثمار، وبناء المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والطاقة، والثقافة والرياضة والتعليم. وتشارك في هذه الرؤية 65 جهة حكومية سعودية ويابانية. وزادت مشاريع الشراكة الاستراتيجية للرؤية السعودية اليابانية 2030، من 31 إلى 81 مشروعًا خلال السنوات الثلاث من 2017م إلى 2020م.
المجموعة المشتركة لتحقيق الرؤية السعودية اليابانية 2030
عقدت المجموعة المشتركة لتحقيق الرؤية السعودية اليابانية 2030، اجتماعها الأول في الرياض، لدعم التعاون بين البلدين في مجالات مختلفة. وضمت المجموعة 23 جهة سعودية، ومسؤولين يابانيين وممثلي شركات وقطاع الأعمال الياباني، إذ تشكلت خمس مجموعات عمل فرعية، تشمل: التجارة وفرص الاستثمار، والطاقة والصناعة، والاستثمار والتمويل، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة وبناء القدرات، والثقافة والرياضة.
وقدم اليابانيون مقترحًا بإيجاد كتيب يتضمن خارطة الفرص الاقتصادية والاستثمارية والتجارية التي تنبثق عن رؤية السعودية 2030، وتشمل عدة قطاعات، منها: الطاقة، والصناعة، والطاقة المتجددة، والبنية التحتية، والترفيه وإنترنت الأشياء وغيرها. وبلغت هذه الفرص 36 فرصة تتشارك في تقديمها 38 شركة ومؤسسة يابانية. ومنذ ولادة الرؤية السعودية اليابانية 2030 عام 2016م، حتى عام 2022م، عُقدت ستة اجتماعات على المستوى الوزاري، وإطلاق مبادرة لتعزيز نمو العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
التعاون الثقافي في الرؤية السعودية اليابانية 2030
رسخت الرؤية السعودية اليابانية 2030، العلاقات الثقافية بين البلدين، وتجسد ذلك في إقامة فعاليات يابانية في السعودية، وتعليم اللغة اليابانية، وافتتاح شركة "مانجا" السعودية مكتبًا في طوكيو، وتوقيعها اتفاقات ومذكرات تفاهم مع شركات يابانية، ومشاركة السعودية في معرض أوساكا إكسبو عام 2025م.
وتعاونت وزارة الثقافة السعودية مع شركة "تيم لاب" اليابانية العالمية، وهي شركة مختصة في تصميم المتاحف الرقمية، في بناء متحف رقمي، يستخدم التكنولوجيا المتقدمة، ليكون معلمًا سياحيًا جاذبًا ومقصدًا للزوار من داخل السعودية وخارجها. ويشمل التعاون أيضًا تبادل المعرفة في الأنظمة والتنظيمات المعنية بالشؤون الثقافية، ومجال الرسوم المتحركة، ومشاريع الحفاظ على التراث بأنواعه، إضافة إلى تطوير برامج الإقامات الفنية بين البلدين، وتقنيات الحفظ الرقمي للتراث، وتنمية القطاعات الثقافية.
التعاون الصحي في الرؤية السعودية اليابانية 2030
في إطار الرؤية السعودية اليابانية 2030 نفذت وزارة الصحة السعودية ونظيرتها اليابانية، أربعة مشاريع تعاون صحية، تشمل: طب الطوارئ والكوارث، وطب التنظير والعلاج بالمنظار، والأبحاث الصحية، والأبحاث السريرية، ومشاركة القطاع الخاص في الرعاية الطبية الصحية. وتدرس وزارة الصحة السعودية إمكانية التعاون مع اليابان في مجال الاستثمار في القطاع الصحي، ويشمل ذلك تصنيع بلازما الدم، واللقاحات، وغيرها.
التعاون المائي في الرؤية السعودية اليابانية 2030
عملت الرؤية السعودية اليابانية 2030، على ترسيخ التعاون في مجال المياه وتطوير هذه الصناعة في السعودية، خصوصًا في مجال إعادة استخدام مياه الصرف المعالجة للأغراض الزراعية والبلدية والصناعية، وتطوير أساليب عالية الكفاءة لاستخدام الطاقة المتجددة في تحلية المياه المالحة، والطرق التقنية لتنمية مصادر المياه والمحافظة عليها، وتقنيات حصاد مياه الأمطار، وبناء السدود، والتحكم في جريان الأودية، ومناطق تجمع المياه، بالاستفادة من التقنيات اليابانية لمعالجة ندرة المياه.
التعاون الاستثماري في الرؤية السعودية اليابانية 2030
تعمل الرؤية السعودية اليابانية 2030، على تعزيز الشراكة الاستثمارية في القطاعات الاستراتيجية ذات الأولوية، وهي: التجارة والاستثمار، والطاقة والصناعة، والشركات الصغيرة والمتوسطة والتمويل، والتعليم والثقافة والرياضة. وتشمل فرص الاستثمار مجالات: صناعة السيارات، والألعاب والرياضات الإلكترونية، والذكاء الاصطناعي، ومستقبل الابتكار، ومستقبل الطاقة النظيفة، وإعادة تدوير البوليستر، والتمويل والخدمات البنكية، والأغذية، والزراعة، والتصنيع، والصناعة، والطاقة، والتجارة، والمدن الذكية، والرقمنة، والتخصيص.
وفي عام 1439هـ/2018م، سلمت الهيئة العامة للاستثمار في السعودية، في إطار الرؤية السعودية اليابانية 2030، ثلاث رخص استثمارية لشركات يابانية، شملت مجالات الاستشارات المالية والإدارية، واستشارات الطاقة المتجددة، وتقديم الخدمات العلمية والفنية للوكلاء السعوديين المختصين في المجال الصناعي. كما وقع البلدان ست مذكرات تفاهم.
وبلغ عدد الشركات اليابانية العاملة في السعودية عام 1444هـ/2022م، 110 شركات. وبلغ حجم الاستثمار الياباني المباشر في السعودية خلال الفترة نفسها نحو 49 مليار ريال (14 مليار دولار)، يتركز في قطاع التصنيع، ويمثل الاستثمار الياباني 7% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد إلى السعودية.
التعاون في مجال الطاقة ضمن الرؤية السعودية اليابانية 2030
تلبي السعودية ما بين 35 و40% من متطلبات اليابان من النفط. وتوجد شراكة سعودية يابانية في قطاع التكرير والتسويق والكيميائيات، من خلال مصفاة شوا شل. وأسهم مشروع أوكيناوا لتخزين النفط الخام في تعزيز الاحتياطي البترولي الاستراتيجي الياباني. كما توجد شراكة بين أرامكو السعودية وسوميتومو كيميكال اليابانية في مشروع بترورابغ.
وفي إطار الرؤية السعودية اليابانية 2030، يتنامى التعاون بين البلدين في إنتاج وتوزيع الطاقة، خصوصًا الطاقة المتجددة. وتسعى السعودية إلى الاستفادة مما حققته شركات يابانية في مجال تقنيات تخزين الكربون والهيدروجين، وأيضًا التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.
التعاون الصناعي في الرؤية السعودية اليابانية 2030
رسخت الرؤية السعودية اليابانية 2030، التعاون في مجال الصناعة، خصوصًا في الصناعات الدوائية، ومواد الإنشاء والبناء، وصناعة الأغذية، وصناعة السيارات والبتروكيماويات، والآلات والمعدات، وصناعات الطاقة المتجددة، والصناعات التحويلية، والروبوتات، والسيارات الكهربائية، وصناعة السفن، كما تستفيد السعودية من الخبرات اليابانية في مجال بناء صناعات الجيل الرابع.
بقية أوجه التعاون في الرؤية السعودية اليابانية 2030
أوجدت الرؤية السعودية اليابانية 2030، نشاطات مشتركة في مجالات نقل التقنية، وتبادل الخبرات، وتطوير الموارد البشرية، إضافة إلى الثروة المعدنية وقطاع التعدين، خصوصًا في مجال استغلال المعادن، مثل: الحديد، والنحاس، والألمنيوم، والمعادن النفيسة والصناعية. ويلعب القطاع المصرفي الياباني دورًا متصاعدًا في النشاطات التمويلية التجارية في السعودية، وأسهم في تمويل نشاطات الاقتراض الحكومي وتمويل المشاريع اليابانية في السعودية.
ومن أوجه التعاون بين البلدين أيضًا الطاقة النظيفة، والمواد الكيميائية النظيفة، والرعاية الصحية، والتقنيات الرقمية، إضافة إلى تسريع تبني التقنيات الحديثة في خدمات الحكومة الرقمية، وتوطين مراكز البحث والتطوير وتحفيز الشراكات بين البلدين لتنمية القدرات وبناء اقتصاد قائم على التقنية والابتكار.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة