تم نسخ الرابط بنجاح

المهن البحرية التاريخية في السعودية

saudipedia Logo
المهن البحرية التاريخية في السعودية
مقالة
مدة القراءة 5 دقائق

المهن البحرية التاريخية في السعودية، هي مهن القطاع البحري التي نشأت وتطوَّرت ضمن أساليب المعيشة في المناطق الساحلية من المملكة العربية السعودية في أوقاتٍ مضت. ويُشار إليها بالمهن التاريخية بوصفها جزءًا من تاريخ المهن والحرف السعودية التي زاولها وتوارثها سكَّان المناطق الساحلية من السعودية، واختلفت من منطقة لأخرى تبعًا للطبيعة الجغرافية والسكنية لكل منطقة من تلك المناطق، وتتقاطع بعض تلك المهن من حيث الموارد وتختلف من حيث الأدوار، وشملت تلك المهن صناعة السفن والمراكب، والغوص، والصيد، والكلجية.

مواسم الغوص في المهن البحرية التاريخية

عُرفت مواسم الغوص التي ينتظرها الغواصون ويجهزون عدتهم من أجلها، بأربعة مواسم هي: غوص البرد، والغوص الكبير، والردة، والمجنى، وتحسب بدايتها ونهايتها بأشهر السنة الميلادية.

يبدأ غوص البرد من منتصف شهر أبريل إلى نهاية مايو بمدة 40 يومًا، والغوص الكبير يبدأ من منتصف شهر مايو حتى منتصف سبتمبر ومدته نحو أربعة أشهر، وأما موسم الردة فمدته ثلاثة أسابيع، بدايته من 20 سبتمبر إلى منتصف أكتوبر، وموسم المجنى هو الموسم الذي يأتِي في الشتاء أو الربيع، وفيه تنتشر القواقع البحرية على السواحل في عملية مد البحر، ويعمل الغواصون على التقاطها في عملية الجزر.

أما من ناحية عدد البحارة في السفن الكبيرة والصغيرة، فيختلف العدد حسب نوع السفينة، ويصل في السفينة الكبيرة إلى نحو 60 بحارًا، وفي الصغيرة إلى نحو 20 بحارًا.

واستخدم الصيادون عدة طرق لصيد السمك، كالشبكة، وهي قطعة منسوجة من القطن بها فتحات صغيرة وتحتوي أطرافها على الأحجار المثبتة فيها، والحضرة، وهو بيت يصنع من جريد النخل في سواحل البحر لتجتمع وتُحصر فيه الأسماك خلال عملية مد البحر، والشبكة الدائرية المصنوعة من الأسلاك وتسمى القرقور، إضافةً إلى الصنارة التي يوضع في طرف خيطها طُعْم، وتُعرف بالحدوق.

المهن البحرية التاريخية غربي السعودية

تنوعت المهن البحرية التراثية في مناطق غربي السعودية بسبب الطبيعة الساحلية من حولهم، ومنها: الصيد والغوص، وصناع المراكب، والمزاورية، وصناع الأشرعة، والكرانية، والمرشدين، والسفرية أو الربانية.

وقديمًا؛ كان سكان المنطقة يعملون في مهنة صيد الأسماك حتى قبل توافر السفن والمراكب، ويمارسون هذه الأعمال فوق قطع خشبية طولها ستة أقدام مربوطة بالحبال، يبحرون فيها من الشواطئ إلى البحر بحثًا عن صيدهم، مستخدمين أعمدة للتجديف.

وعُرف عن بعض المناطق الساحلية غربي السعودية مثل محافظتي جدة والقنفذة مزاولة المهن البحرية، مثل صناعة السفن والمراكب، إذ يعمل الصُناع على صناعة المراكب البحرية وتجهيزها.

والمزاورية أو كما يُقال لهم "الزامة"، هم مجموعة من العاملين يأخذون البضائع والسلع من السفن التجارية التي تجلبها ويوصلونها إلى الميناء، أما صُناع الأشرعة فعملهم تحضير الأشرعة الخاصة بالسفن وإنتاجها.

أما بالنسبة لمهنة الكرانية، فتُعد أعمالهم ومهامهم حسابية، إذ يسجلون عدد البضائع التي وصلت إلى الميناء وأسماء من أحضروها، ويكتبون أسماء التجار وسلعهم، ويقوم المرشدون بتوجيه السفن القادمة إلى المرسى، ليتجنبوا تصادمها بالشعب المرجانية.

وكان بعض البحارة، ويطلق عليهم السفرية أو الربانية، يختصون بنقل الحجاج والسلع التجارية بمراكبهم الشراعية من جدة إلى الموانئ الأخرى، أما العاملون في مهنة الكلجية فمهمتهم مراقبة وحراسة الجمارك والميناء.

المهن البحرية التاريخية شرقي السعودية

كانت المهن البحرية في شرقي السعودية تُعد من مصادر الرزق لبعض السُكان، ومنها: مهنة الغوص، وتجارة اللؤلؤ، وصناعة السفن. وتعد مهنة الغوص لاستخراج اللؤلؤ من المهن البارزة التي كانت تدر أرباحًا وافرة على من يعمل بها.

وكان العاملون في السفينة يتوزعون إلى عدة مهام، فمنهم ربان السفينة، والغواص، والسيب، والرضيف. ويعرف ربان السفينة بـ"النوخذة"، وهو المدير المسؤول عن السفينة والبحارة وحفظ اللؤلؤ المستخرج بواسطة الغواص وبيعه، وله نصيب 20% من جمع اللؤلؤ.

أما الغواص فهو المسؤول عن الغوص في البحر والبحث عن اللؤلؤ وجمعه، إذ يحصل على نصيب عالٍ من المحصول بنسبة 40%، ومن المعروف أن الغواص يحتاج إلى مساعد أو مشرف يتابعه عند نزوله البحر، ويتولى ذلك بحار يقال له "السيب"، ونصيبه من المحصول 30%.

أما خدمة البحارة والحرص على راحتهم وإحضار الطعام والشراب لهم، فتُقدم من قبل "الرضيف" وله نصيب 10% من المحصول، ويمكن أن يرافق فريق عمل السفينة شخص يتدرب على الغوص وهو "التباب"، وآخر مهمته الغناء وترديد المواويل لتسليتهم ويطلق عليه النهام.

ومهنة تجارة اللؤلؤ تعد من المهن التي عمل بها سكان المناطق الشرقية، عن طريق البيع والشراء، إذ يباع بعد استخراجه وتقسيمه إلى أحجام كبيرة ومتوسطة وصغيرة إلى تاجر يسمى الطواش.

ومن المهن الأخرى في شرقي السعودية "القلافة"، وهي صناعة السفن، وتختلف صناعتها وتصميمها حسب استخدامها، إذ كانت تصنع لأغراض عدة مثل النقل، والتجارة، وصيد الأسماك، والغوص، والسفر، ويستعمل أصحاب المهنة بعض الأدوات في الصناعة: كالخشب بأنواعه، والمسامير، والقطن، ومادة لطلاء السفينة، وأقمشة لصناعة الأشرعة.

واشتهرت المنطقة الشرقية بصناعة أنواع من السفن مثل: الجالبوت، والشوعي، والبتيل، والبقارة وتستخدم للغوص، أما السفن المستخدمة للنقل فهي: البوم، والسفار، والبغلة، وسفن صيد الأسماك هي: اللنج، والهوري، والورجية.

المهن البحرية التاريخية جنوبي السعودية

اشتركت أغلب مناطق السعودية الساحلية في ممارسة بعض المهن البحرية، إذ عمل بعض سكان منطقة جازان في صناعة السفن والمراكب وتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد وحافظوا عليها، واستبدلوا المادة المستعملة في الصناعة وهي الأخشاب بالحديد، وتولوا تصميمها. وكان صيادو الأسماك يتوجهون إلى صناع المراكب لينفذوا لهم مراكبهم الخاصة التي تساعدهم على الصيد ودخول البحر، لاحقًا تطورت المهنة وأصبح لدى الصُناع مصانعهم التي تنتج وتصنع السفن.

وكانت القوارب الخشبية تصنع أيضًا في جزيرة فرسان التابعة لمنطقة جازان، وانتشرت هذه المهنة آنذاك على أساس أن هذه الصناعة وسيلة مهمة للحصول على السمك الذي يدعم المعيشة والاقتصاد، من خلال رحلات الصيد على هذه القوارب.

وما زالت هذه المهنة التاريخية متوارثة في جازان، لكن تطورت الطريقة والمادة المستخدمة في صناعة المراكب والقوارب، وأصبح ممارسوها يتقنونها وينتجونها في عدة أيام، وجاء ذلك من التعلم والممارسة.

المهن البحرية التاريخية شمالي السعودية

انتشرت في منطقة تبوك بعض المهن البحرية التراثية، وهي كباقي الأعمال في مناطق السعودية الساحلية: كتوجيه السفن القادمة إلى الميناء، والصناعات البحرية المختلفة، والصيد، وما زال يعمل بعض سكان مناطق الوجه، وحقل، وضباء في هذه المهن، ولكن بشكل قليل.

وتواجه المهن البحرية التاريخية عددًا من التحديات، بوصفها مهنة تُزاول في الهواء الطلق، إذ يتعرض البحارة لمواجهة الظواهر الطبيعية ومعوقات تعطل أعمالهم البحرية، مثل: هبوب الرياح وهيجان البحر الذي يؤدي إلى انقلاب السفن ورمي البحارة في أماكن بعيدة، إضافةً إلى أخطار الأسماك مثل القرش.

وكان الغواصون يدخلون البحر في الصباح حتى آخر النهار ويجمعون المحار من أعماق الماء، وقبل دخولهم يضعون في آذانهم شمع العسل أو الصوف لمنع وصول الماء إليها، وهي من المواد المتوافرة في ذاك الوقت، ويربط الغواص وسط جسمه بحبل، وعندما ينتهي من التجميع يحركه لينتبه مساعده ويرفعه، وتختلف المدة الزمنية للغوص حسب قدرة وتحمل الغواص على المكوث تحت الماء، وقدّر عدد الغطسات للغواص بناء على حالة الطقس، إذ كانت تصل في الطقس العادي إلى نحو 50 غطسة، وفي حال الطقس البارد يُكتفى بـ20 غطسة.

مقالات ذات الصلة