تم نسخ الرابط بنجاح
saudipedia Logo
شجرة الدوم
مقالة
مدة القراءة 3 دقائق

شجرة الدوم (Hyphaene theebaica)، هي شجرة تنتمي إلى الفصيلة النخلية (Palmae)، طويلة ظليلة، تنتشر بكثافة في سهول تهامة، وعلى ضفاف الأودية الساحلية الرطبة بالمملكة العربية السعودية، وتظهر على امتداد تلك الأودية وروافدها في مجموعات كبيرة، مُشكلة أدغالًا واسعة، تأوي إليها أنواع من الأحياء الفطرية. وللدوم أسماء متعددة، منها: الطَّفْي، والخَبَار، والبَهَش.

أماكن نمو شجرة الدوم

تنمو شجرة الدّوم عادة في منابتها العليا بجوار شجرة الأراك، وتتوغل في منابتها الدنيا إلى أن تجاور أشجار القرم والقندل، في خلجان الأودية المتصلة بشاطئ البحر الأحمر. وقد تنمو على ارتفاع يزيد على 1,000م، في الأودية القريبة من الفرشة بتهامة قحطان، وأيضًا على ارتفاع 700م في ملتقى وادي دفا بأعالي وادي بيش في منطقة جازان جنوب غربي السعودية، مكونة أدغالًا واسعة قد يصعب اجتيازها.

كما تنمو بأعداد كبيرة على ضفاف وادي يخرف، أحد روافد بيش، إضافة إلى سفوح جبل دقنا غرب وادي الخيطان، على ارتفاع 1,200م، وفي بطن شعيب ندي، بجوار مستعمرة صغيرة من نخيل الغضف (الشطب)، وتنبت بأعداد أقل على ضفاف الأودية الفيضية الفحول، المنحدرة إلى الشرق من جبال السراة، وفي جبال الحجاز بأعداد قليلة جدًا جنوب غربي المدينة المنورة، على ضفاف وادي العقيق في منطقة حمراء الأسد.

وتنبت أيضًا في خلص آرة (السدة)، وأودية قريبة من الحناكية والصويدرة شرقي المدينة المنورة، وشمالًا على ضفاف وادي الغرس (وادي الدوم) جنوبي خيبر، وأيضًا بالقرب من مزارع النخيل في الأودية والشعاب حول خيبر، على ارتفاع يتراوح ما بين 700 و850م، وفي أقصى الشمال من جبال الحجاز بأعداد قليلة من الدفلى، في وادي قراقر -من أودية جبال الديسة جنوب جبال مدين-.

وذُكر في تفسير قوله تعالى "كذب أصحاب الأيكة المرسلين" أنه كان معظم أشجارها من الدوم. وما زال لفظ الأيكة يطلق على قاع قرب البدع، ينتهي إليه سيل وادي عُفال، قبل أن ينحرف غربًا نحو البحر الأحمر، وهي اليوم تكاد تخلو من النبات، إلا من قليل من النخيل والأثل وشجيرات متناثرة، ولا توجد فيها أشجار الدوم.

مواصفات شجرة الدوم

ترتفع شجرة الدّوم نحو 10 إلى 20م، وجذعها أسطواني ليفي، تكسوه نتوءات من أصول أعناق الأوراق القديمة، يتشعب إلى فروع ثنائية مستقيمة، وهي حالة نادرة بين أنواع الفصيلة النخلية، والأوراق راحية تشبه المهفة، ذات شطف شعاعية تظهر مجتمعة على قمم الأفرع، تحملها أعناق طويلة، على طرفيها أشواك حادة معكوفة باتجاه رأسي. تزهر في الربيع، وأزهارها نجمية صغيرة صفراء، تخرج ملتصقة بكثافة على نحو أربعة أو خمسة رؤوس، تتشعب من أقناء غمدية طويلة، على نحو أفقي سوطي، ورائحتها طيبة، تلقحها الرياح، وسرعان ما تتساقط، فيرى تحت الشجرة صفرة كثيفة، وتتلوها ثمار بنية محمرة بيضاوية، في حجم حبة زيتون صغيرة، وتنمو حتى تصبح بحجم تفاحة صغيرة، ولونها بني غامق، ثم بني مسود لامع عند تمام النضج، وتبقى على الشجرة فترة طويلة، وقد تظهر الثمار الحديثة، ولم تتساقط ثمارها القديمة.

فوائد شجرة الدوم

لشجرة الدّوم فوائد، إذ يُنتفع من جميع أجزائها، سواءً الأخشاب، أو الألياف، أو الثمار، أو البذور، أو الظلال، وكانت الأخشاب تستخدم لبناء وتسقيف البيوت (العشش)، وروي أن قصي بن كلاب استعمل جذوع الدوم وجريد النخل في إعادة بناء الكعبة وسقفها. وتستعمل الجذوع في جبال الكويرة وبواط -من ديار جهينة- في صناعة خلايا النحل، بعد قطع خوصه، ثم يجفف لأيام، وينقع في الماء حتى يلين، ليصنع منه البُسط (الهدوم)، والقفاف، والزنابيل، والسلال، وسرر الخشب (القعائد)، والمكانس، والحبال، والمهفات، وسفر الطعام، ومهاد الأطفال (الميازب)، والمظلات (القبعات)، التي تلبسها النساء في مواسم الصرام، وخلال الرعي، وصنع منه أيضًا الحصر التي تُشد على ظهور الجمال، وتحمل فيها الأمتعة.

ويتناول البعض ثمار شجرة الدّوم، ويأكلون طبقة الليف الواقعة بين غلاف النواة والقشرة الخارجية البنية التي تُكشط، فيظهر ما تحتها بلون بني مصفر، وله رائحة طيبة وطعمه يشبه الخبز الخمير، ويمكن أن تنقع بعد تقشيرها، ثم يُشرب الماء. والغلاف الداخلي للثمرة ليفي أيضًا، متوسط الصلابة، يحتوي على نواة داخلية بنية اللون، في حجم بيضة الحمام، صلبة جدًا، وهي من الداخل بيضاء مجوفة كثمر جوز الهند، وتختزن سائلًا حلوًا يُشرب. وتسمى هذه النواة في جازان "الفرصة". ولشجرة الدوم ظلال وارفة، ويفضل كثيرون الجلوس تحتها لاتقاء الحرارة.

وأشار عبدالله فيلبي -الذي زار جازان عام 1354هـ/1936م-، إلى أن ثمار شجرة الدّوم كانت تصدّر بكميات كبيرة إلى عدن في اليمن، ومصوع في إريتريا، حيث يُصنع العاج المزيف.