مقابر الحجر الأثرية

مقابر الحجر الأثرية، هي مقابر تعود إلى حضارة الأنباط في محافظة العلا بمنطقة المدينة المنورة، شمال غربي المملكة العربية السعودية. وتعد المقابر واحدةً من المواقع التاريخية البارزة في السعودية، لاحتوائها على مدافن منحوتة في الجبال، تحتوي على نقوش ورسومات ذات دلالات حضارية. وتعود واجهات المقابر المزخرفة إلى فترة تتراوح بين القرن الأول قبل الميلاد وصولًا إلى القرن الأول الميلادي.

يُعَد موقع الحجر الأثري المدينة الجنوبية الرئيسة لمملكة الأنباط، وهي ثاني أكبر مدنهم، وأدت دورًا محوريًا في ازدهار هذه المملكة. وتعد دراسات حديثة الحِجر أقصى المواقع الجنوبية في الإمبراطورية الرومانية. كما تُعد منطقة الحجر موقعًا أثريًا مهمًا، وذات موقع استراتيجي على الطريق الرابط بين جنوب شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام وبلاد الرافدين ومصر. واحتل الموقع مكانًا استراتيجيًا على طريق التجارة القديم (طريق البخور)، وسكنه قوم ثمود، ثم الأنباط، في الفترة من القرن الأول قبل الميلاد إلى القرن الثاني الميلادي.

شُيدت مقابر الحجر الأثرية في حجارة كبيرة نُحتت وزيّنت لتصبح واجهة ورمزًا للدولة النبطيّة، وتحمل بعض مدافن الموقع نقوشًا ورسومات ذات دلالات في الحضارة النبطيّة. ومن بين المدفونات في مقابر الحجر المرأة النبطية "هينة"، التي توفيت قبل أكثر من 2000 عام، وأعيد تشكيل ملامح وجهها باستخدام تقنيات حديثة. وأيضًا من بين الشخصيّات المدفونة في المقابر معالجون، وعسكريّون، وقادة، ودُونت على بوّابة مدخل كلّ مدفن عبارات ونقشت أشكال لحيوانات ذات دلالات في المعتقدات السائدة في تلك الحقبة الزمنيّة. ويشاهد المتجول في الموقع تكوينات جيولوجيّة تبرز طبيعة الجبال المنحوتة وعوامل التعرية الّتي شكّلت نتوءات على قممها، وكذلك تدرّج ألوان الجبل من خلف المدافن.

وحسب إحصاء الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني (سابقًا) تحتوي منطقة الحجر على 138 مقبرة أثرية، محفورة في الصخر، منها 42 مقبرة تضم نصوصًا مكتوبة تتضمن اسم صاحب المقبرة، وتاريخ الملك الذي نحتت في عهده، وأيضًا اسم النحات الذي نحتت على يديه المقبرة.

ووجد الرصد الأثري في منطقة الحجر 17 مقبرة فقط فيها أسماء لـ14 نحاتًا عملوا في منطقة الحجر، منهم النحات "أفتح" الذي نحت مقابر تتصف بدقة العمل الفني وجمالية النقوش، التي تتكون من علامات فنية وحيوانات. وظهرت دقة هذا النحات عند التنقيب الذي وجد دقة في الرسم المتساوي في كل زاوية من زوايا المقبرة.

نظرًا لقيمتها الإنسانية سُجِّلت مقابر الحجر الأثرية عام 1429هـ/2008م، ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، وهي أول موقع سعودي يدخل القائمة.

في إطار ما توليه السعودية لكنوزها الأثرية، أُسست الهيئة الملكية لمحافظة العلا في 1438هـ/2017م، لتطوير محافظة العلا على نحو يتناسب مع قيمتها التاريخية. وأنتجت الهيئة عام 1445هـ/2023م، أفلامًا وثائقية عن المقابر المنحوتة في الجبال الحجرية في الحجر، وبعض المستكشفات الأثرية البرونزية من الموقع.

وأطلقت الهيئة، بالتعاون مع شركة إيطالية عام 1445هـ/2024م، مشروع الحفاظ على مدينة الحجر الأثرية. وينفذ المشروع علماء وخبراء وفنيون في التراث الثقافي، ويسعى إلى دراسة أسباب تدهور المدافن المنحوتة في موقع الحجر، وتحديد الإجراءات الأكثر فاعلية لضمان الحفاظ عليها طويلًا، على أن يكون الانتهاء منه خلال عام 2025م.