العمارة التقليدية في منطقة القصيم، هي نمط معماري وأسلوب بناء يظهر تاريخ المجتمع في منطقة القصيم وسط شمالي المملكة العربية السعودية، ويبرز الجوانب الثقافية والعادات الاجتماعية والتقاليد والحالة الاقتصادية للمنطقة.
أساليب العمارة التقليدية في منطقة القصيم
أثرت مجموعة من العوامل في العمارة التقليدية في منطقة القصيم، ومنها: الجغرافية، إذ إن المنطقة تحتوي على جبال وهضاب وسهول، إضافة إلى مؤثرات المناخ، إذ شيدت المنازل بما يسمح بدخول الهواء والضوء إليها، وبمواد تقلل من الحرارة صيفًا، كما بنيت متقاربة من بعضها لحجب أشعة الشمس، فيما تتخللها ممرات ضيقة للتحكم في سرعة الرياح واتجاهاتها، وتسهل دخول الهواء البارد إلى الداخل عبر النوافذ، وإخراج الهواء الساخن.
ومن العوامل الجوانب الاقتصادية، إذ أنشئت التجمعات السكنية على طرق قوافل التجار والحجاج، وقريبًا من المناطق الزراعية، مما أسهم في ازدهار المنطقة ونشوء صناعات محلية.
كذلك أثر النسيج الاجتماعي في العمارة التقليدية في منطقة القصيم، بما يوفر الخصوصية، وفي الوقت نفسه يوفر الأمن للأهالي، مما جعل المنزل يتكون من قسمين، أحدهما للعائلة وأهل البيت، والآخر مخصص للرجال والضيوف، وبشكل منفصل.
مواد البناء في العمارة التقليدية في منطقة القصيم
من مواد البناء الداخلة في العمارة التقليدية في منطقة القصيم الطين الذي يجلب من مجاري الأودية والسهول، ويخلط مع التبن والماء حتى يتخمر، فيتحول إلى كتلة متماسكة وقوية وجاهزة للاستعمال، سواءً في البناء بالمداميك (العروق)، إذ يصف الطين على هيئة كتل أفقيًا، وتترك حتى تجف، ثم يوضع العرق الثاني وهكذا.
وتستخدم هذه الطريقة في بناء المباني ذات الأدوار المتعددة، مثل الأسوار والحصون والقلاع. أو في طريقة البناء باللبن (الطوب)، باستخدام الملبن، وهو قالب من الخشب مستطيل أو مربع الشكل، يوضع على سطح أرض منبسطة، ثم يملأ بالطين ويرفع، فتتشكل قوالب من اللبن، تترك حتى تجف، ثم تقلب على جانبها الآخر ليكتمل جفافها فتكون جاهزة للاستخدام.
ومن المواد الرئيسة في البناء، الأحجار التي تجلب من المقالع، التي تدخل في بناء الأساسات والأعمدة والدعامات الحاملة للسقوف، وتستعمل بعد تشذيبها، والجص المستخلص من حرق الأحجار الجيرية، إذ يُطحن ويُحول إلى مادة بيضاء ناعمة، تدخل في تلييس الجدران والأرضيات الداخلية، والزخارف الجصية على الجدران الداخلية والأسقف، ويدخل خشب الأثل في تشييد الأسقف والأعمدة والدعامات، كذلك يستعمل جريد النخل في تغطية السقوف ويفرش على العوارض الخشبية، ثم يوضع عليها السعف، وتغطى بعد ذلك بالطين، ومن المواد المعادن، التي تصنع منها المسامير التي تستعمل لتثبيت الأبواب والنوافذ.
مراحل البناء في العمارة التقليدية في منطقة القصيم
يبدأ البناء في العمارة التقليدية في منطقة القصيم باختيار مكان المبنى، إذ يوضع مخطط عام للمرافق، ثم تحفر الأساسات، بعمق يصل إلى 1.5م، وترص فيها الحجارة وتثبت بالطين والجص بارتفاع يصل إلى 50 سم، وتمثل أساسات المنزل، التي تبنى فوقها الجدران، فيما تبنى الأعمدة والدعامات، وصولاً إلى بناء سقف المنزل. ويتم تلييس الجدران الداخلية والخارجية بطبقة من الطين الناعم، لتحمي اللبن من تسرب الأمطار. فيما توضع الزخارف ذات الأشكال المختلفة على واجهات المنزل والشرفات، وتأخذ أشكالًا مثلثة أو مربعة هرمية، وتشمل أعمال الزخرفة الأبواب والنوافذ، إذ تزخرف بأشكال هندسية ونباتية، ويستخدم الجص في أعمال الزخرفة.
مكونات المنزل في العمارة التقليدية في منطقة القصيم
تتكون بعض البيوت التقليدية في منطقة القصيم عادة من دورين، وتتميز بالأسقف المرتفعة والأقسام المتنوعة، ومنها قسم الرجال الذي يحوي مجالس استقبال صيفية وأخرى شتوية، تكون طويلة، وتكون مفتوحة من جهتين للتهوية والإضاءة، إضافة إلى خلوة سفلية (قبو) تتميز بالدفء في الشتاء والبرودة في الصيف.
والعنصر المحوري في منازل منطقة القصيم هو الفناء، وبعض المنازل تحتوي على فناء، وبعضها على فناءين، والأخير يحتوي على قسم للرجال يكون في واجهة المنزل، والمدخل، وهو ممر أو دهليز طويل، يفضي إلى مجلس استقبال الضيوف، الذي يُزين بالجص، وبه مكان لإعداد القهوة، وآخر لتخزين مستلزماتها المختلفة.
والقسم الآخر للعائلة، ويرتبط بمجلس استقبال الضيوف بممر، كما أن له مدخلًا منفصلًا عن قسم الرجال، ويتكون من فناء (ليوان) مسقوف، تحيط به الغرف، وتطل نوافذها عليه، إضافة إلى المطبخ، الذي يكون بسقف مرتفع وبفتحة في السقف لتهويته، إضافة إلى غرف لاستقبال الضيوف من النساء، وأخرى للراحة مخصصة لأهل المنزل، ومخازن لتخزين الغلال والتمور، واستخراج الدبس، وهناك الدرج الذي يبنى من اللبن والخشب، ويؤدي للدور العلوي، الذي يحتوي على غرف نوم، أو سطح مكشوف، ويوجد في المنازل عادة حمامان، أحدهما لقسم الرجال، والآخر لقسم العائلة.
وتحتوي البيوت عادة على تشكيلات زخرفية سواءً في الداخل أو الواجهات الخارجية، ومنها "المصاريع"، وهي نوافذ في المجالس بدفتين من الخشب المنقوش. كما تحتوي على "الروزنة"، وهي تجاويف داخل الجدران، تستعمل لتخزين حاجيات الاستخدام اليومي، إضافة إلى "الكمار"، وهو دولاب من الجص مزخرف، ومقسم إلى أرفف للأباريق والدلال، وبجواره وجار النار.
المصادر
وكالة الأنباء السعودية.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة