العمارة التقليدية في منطقة نجران، هي أنماط البناء المتبعة في المباني التقليدية بمنطقة نجران، جنوب غربي المملكة العربية السعودية، من حيث مواصفاتها الشكلية، والمواد المستخدمة فيها، وطرق بنائها وتزيينها، برزت في البيوت التقليدية التي تكونت وفق الظروف المحلية للمنطقة، فأوضحت هوية وتقاليد أهالي منطقة نجران، وتشكلت بناءً على طبيعة معيشتهم ومتطلباتهم.
سمات البيوت التقليدية في منطقة نجران
اتسمت البيوت التقليدية في منطقة نجران بالبساطة، وظهرت فيها بعض الصفات، مثل: مبدأ التكرار والتلازم والتعاقب والتناسق. وتميز تكوين مدينة نجران باعتماده على معايير اجتماعية أسرية، لذا لم تكن قُراها بحاجة إلى أسوار لحماية سكانها قديمًا، كما لعب الدور التاريخي الاقتصادي للمدينة أهمية في تكوينها، إذ عبرت القوافل ما بين جنوب شبه الجزيرة العربية وشمالها، وكانت إحدى الحواضر المشتهرة بالتجارة في جنوب شبه الجزيرة العربية مثل حضرموت وسبأ.
أنماط البناء التقليدي في منطقة نجران
تتنوع أنماط البيوت التقليدية النجرانية، وتصل إلى خمسة أنماط، وهي: البيت القصبة، والبيت المشولق، والبيت الدرب، والبيت المربع، والبيت المقدم، حيث كان ينتشر نمط بيوت القصبة عادة في وسط القرى، ويستفاد منها في مراقبة الحقول الزراعية، إذ يتصف شكلها بالدائرة المتكونة من قاعدة كبيرة، تضيق كلما ارتفع البناء، وكذلك يطلق عليها اسم الأبراج؛ لأنها تشبه أبراج الحراسة.
وتميز نمط بيت المشولق بغرف تطل جميعها على المدخل الرئيس، ولها فتحات صغيرة، ويأخذ البيت إما شكل حرف U أو L، ويتكون من دورين أو ثلاثة أدوار، وأكثر أنماط البيوت القديمة انتشارًا بين أهالي منطقة نجران هو نمط البيت الدرب، وله سبعة أدوار، فيما تتراوح طوابق البيوت ذات النمط المربع بين طابق وثلاثة طوابق، وكان نمط البيت المقدم يراعي الإمكانات الأقل، إذ يتكون من طابق واحد وسطح.
وتلعب العناصر الزخرفية دورًا جماليًّا في تزيين البيوت التقليدية في منطقة نجران، إذ تُجمل الأحزمة الأفقية الحافة العليا للمباني، ويصل عرضها إلى 80 سم، إضافةً إلى احتواء بعضها على أقواس مفرغة، فيما تؤطر النوافذ والأبواب باللون الأبيض لمادة الجبس أو الجص، والطريقة التي توزع فيها النوافذ تصنع إيقاعًا منتظمًا في شكل المبنى الخارجي، وتتخذ المباني عامة لونًا يمثل طبيعة المواد المستعملة أثناء البناء؛ كالخشب والجبس الأبيض والطين.
بناء البيت التقليدي في منطقة نجران
يغلب البناء الرأسي للبيوت التقليدية في منطقة نجران على التوسع الأفقي، إذ لا تتجاوز مساحة البناء 100م2، حفاظًا على الأراضي الزراعية، ويخصص المتبقي من الأرض كساحة مفتوحة تسرح فيها المواشي أثناء النهار، ومخازن للغلال، وتتحول لصالة معيشة في فصل الصيف، ويشبه التصميم الوظيفي للبيوت التقليدية النجرانية البيوت في جنوب السعودية، إذ يتراوح عدد الأدوار ما بين ثلاثة وأربعة أدوار قابلة للزيادة، يخصص الدور الأول لمجلس الضيوف ودورة مياه وغرف عائلية، فيما يتكون الدور الثاني كذلك من غرف عائلية ومطبخ ومسطبة، وهي منطقة مفتوحة لمشاهدة الخارج، وتوجد غرفة مخصصة لعائل الأسرة في الدور الثالث، وقد يتوافر مطبخ يسهل خروج الدخان من البيت.
وراعى أهالي منطقة نجران استخدام الموارد الطبيعية والمحلية لبيئتهم، بوصفها الأقدر على التحمل والاستفادة مما بين أيديهم وما هو متوافر، وبرز مكون الطين في بناء النجرانيين لبيوتهم، ويتشابهون في ذلك مع عمارة مدن أخرى في السعودية، مثل: الرياض وحائل والهفوف، كما استخدموا أشجار الأثل وجذع النخل وسعفه، وخشب السدر لصناعة النوافذ والأبواب.
ويتكون الأساس في بناء بيوت نجران التقليدية من الطين والحجارة، وتسمى المرحلة الأولى بالوثر، يتبعها وضع صف أفقي من الحجارة يُعرف باسم المدماك الأول، ويستغرق في الشتاء من يومين لثلاثة أيام حتى يجف، بينما في فصل الصيف يوم واحد، ويليه وضع المدماك الثاني حتى يُشيد البناء، بينما يُبنى السقف من خشب أساسه جذع النخيل وسعفه، والأثل أو السدر، ويمر السقف بعملية تلييس بالطين من الأسفل، تُسمى بالصماخ، ويُنتظر حتى 15 يومًا قبل استخدام الجير الأبيض ويطلق على العملية اسم القضاض، تليها مرحلة الدرج والتلييس بالطين، وتسمى بالتعسيف.
المحافظة على التراث العمراني في منطقة نجران
ضمن جهود الحفاظ على التراث العمراني وتطويره، جرى إعادة تطوير وتأهيل القرى التراثية والبلديات في منطقة نجران، ومراكز المدن التاريخية، من بينها الوسط التاريخي لمدينة نجران.
كما جرى العمل على إبراز القصور والمقار التي أمر الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود بإنشائها أو نزل فيها، وتأهيلها لتصبح بمنزلة مراكز ثقافية حضارية ومتاحف تستقطب الزوار إليها، إلى جانب إمكانية استخدامها لأغراض أخرى، من بين هذه القصور، قصر ابن ماضي وهو قصر الإمارة في نجران.
وفي إطار حماية المباني التراثية المملوكة لمواطنين، طُرح برنامج دعم مباني التراث العمراني المملوكة للمواطنين وتأهيلها واستثمارها، تُقيّم من خلاله القيمة التاريخية للمباني، وأصالتها المعمارية، ويُمنح أصحابها التقدير المعنوي والمادي، وتضمنت القائمة الأولية قصر العان وقصر ابن حيدر في نجران كمبان مستهدفة في برنامج الدعم.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة