العمارة التقليدية في المنطقة الشرقية، هي نمط معماري وأسلوب بناء، يظهر تاريخ المجتمع وتطور العمران في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، من جانب مظهرها الخارجي، والمواد المستعملة في بنائها، والأساليب الزخرفية، التي تتشكل وفقًا للظروف المحيطة بسكان المنطقة واحتياجاتهم، وتأثرها بعدد من الحضارات التي تفاعلت معها، ومنها: الحضارة العربية والإسلامية، والساسانية، والفارسية، واليونانية، وظهر هذا التأثير في تنوع الأشكال العمرانية والتقليدية فيها.
تعتمد العمارة التقليدية في المنطقة الشرقية على عدة عناصر، فمن جانب المواد الخام تعتمد على البناء باستعمال مواد مستخرجة من البيئة المحلية، مثل: الجص الحجري (الجبس)، والنورة، والرماد، والطين، والصخور المستخرجة من البحر، التي يطلق عليها محليًا "الفروش"، إضافة إلى ما يصنع من هذه المواد، مثل: الآجر، والزجاج، والخزف الملون، وغيرها، واستعمل في بناء الأسقف جذوع النخيل.
وكان اختيار هذه المواد لتناسبها مع الظروف البيئية والمناخية للمنطقة، فيما تأثرت النقوش والمنمنمات والزخرفة التقليدية بالطابع الإسلامي والرسومات الهندسية والنباتية، التي تعكس الثقافة والتراث المحليين، ويتميز التصميم الداخلي للمباني التقليدية بالبساطة، إذ صممت بما يلبي الاحتياجات الأساسية للسكان.
مميزات العمارة التقليدية في المنطقة الشرقية
تقوم العمارة التقليدية في المنطقة الشرقية على تخطيط البناء بتوزيع الفراغات، والتحكم في درجة الحرارة بين الأبنية التي تحتوي على أفنية، أو مساحات مفتوحة للخارج، وبين حجم الفراغات ودلالات استعمالها للأغراض المختلفة المستخدمة في المساجد والقصور، وتوزيع الدكاكين في الأسواق، وكذلك من جانب المقياس الإنساني والحجم، والتزيين بتطوير استخدام العقود الدائرية والمدببة والأنواع الأخرى وإنشاء القبب، والقدرة على توسيع البحور، كذلك الغنى الزخرفي عبر تشكيلات متنوعة مدمجة فنيًا بالزجاج والخشب.
كما تميزت بالطابع المحلي، سواء في شكل الأبواب التي تشرع إلى الجانبين وبزخرفة متنوعة، أو تشكيل الأسقف الملونة، أو استعمال الصفائح الخزفية، والنوافذ الجصية ذات الوحدات الزخرفية، أو استخدام المسامير المقببة والنوافذ الطولية. وراعى بناء القصور مقاييس عدة، منها الارتفاعات والعروض، والتكسيات الواقية التي تطيل عمر المبنى.
الأنماط التخطيطية في العمارة التقليدية بالمنطقة الشرقية
تتكون العمارة التقليدية في المنطقة الشرقية من ثلاثة أنماط تخطيطية رئيسة، ويعتمد التقسيم على التوزيع الجغرافي، وتختلف بعض عناصر النمط العمراني فيما بينها، لكنها تشترك في عناصر عمرانية عدة.
النمط الأول العمران الساحلي، ويشمل المناطق المطلة مباشرة على ساحل الخليج العربي، مثل: الدمام، والجبيل، ودارين، والثاني العمران الصحراوي، ويشمل المناطق القريبة من الربع الخالي، والصمان، وحفر الباطن، أما النمط الثالث فخاص بالمناطق الزراعية (الواحات)، مثل: الأحساء، والقطيف، وتاروت.
تصميم المنزل في العمارة التقليدية بالمنطقة الشرقية
يتكون المبنى السكني في العمارة التقليدية بالمنطقة الشرقية، من دور أو دورين، ويضم ثلاثة أجزاء، إذ يخصص الأول للضيوف، ويضم: المجلس، والحمام، ومكانًا للغسيل، أما الثاني فمخصص للعائلة، ويضم غرف نوم، وحمامات، ومطبخًا، ومستودع الأرزاق، وفناء داخليًّا خاصًّا بالعائلة، يكون معزولًا عن الأنظار، والجزء الثالث يكون حوشًا مفتوحًا مخصصًا للحيوانات، متصلًا بالبيت عن طريق باب، وهناك جزء مظلل جوار المطبخ غالبًا.
ويضم المنزل عادة خلوة عالية، تخصص للنساء، وتراعى الخصوصية في تصميم المنزل، بتقسيمه إلى أماكن للرجال، وأخرى للنساء، كما يحتوي على فناء داخلي تطل عليه الفتحات والنوافذ، مما يقلل الفتحات المطلة على الخارج، وتكون النوافذ صغيرة وقليلة في المناطق الصحراوية، وكبيرة ومتعددة في المناطق الساحلية.
خصائص العمارة التقليدية في المنطقة الشرقية
تتأثر خصائص العمارة التقليدية في المنطقة الشرقية بالنسيج العمراني القديم للمنطقة المتأثر بدوره بظروف البيئة، وطبيعة الحياة السائدة، إذ تنمو المساحات العمرانية بما يتوافق مع احتياجات وإمكانات وتطلعات السكان، إذ كانت احتياجاتهم الأساسية محدودة، وتطلعاتهم متوافقة مع العادات والتقاليد الإسلامية. كما قيد الشكل العمراني أساليب البناء البسيطة ومواد البناء المحلية. وتتبع الفراغات العامة والخاصة نسقًا متوافقًا مع العمارة التقليدية، يجتمع بعضها مع بعض، وتصب في متنفس لمجموعة من البيوت، وهي عشوائية التوزيع، وبعضها يصب في الشوارع الخارجية.
ويظهر تأثير العامل المناخي والبيئي في التصميم العام للمباني بالمنطقة الشرقية، إذ ساعد ذلك على ظهور نسيج عمراني متلاصق للحماية من أشعة الشمس والعواصف الترابية.
ويعد المسجد العنصر المعماري البارز في العمارة التقليدية بالمنطقة الشرقية، إذ يشكل حوله التكوين الطبيعي للبلدة، وتنطلق منه الممرات الضيقة والممرات المتعرجة، لاعتبارات مناخية ودفاعية وبيئية، وتربط هذه الممرات المسجد بالمساكن، وتتدرج في اتساعها من الضيق الذي لا يكاد يتسع لمرور فرد واحد، إلى عرض أربعة أمتار، غالبيتها مسدود في نهايته، فيما ينتهي بعضها ببراحة للقاءات الناس ولعب الأطفال، وأحيانًا تكون الممرات مسقوفة، وتُعرف محليًا بـ"الساباط".
الاختبارات ذات الصلة