القلافة، هي حرفة صناعة السفن الخشبية التقليدية في شرقي المملكة العربية السعودية، تعد جزءًا من مهنة النجارة، ويسمى محترف الصناعة "القلّاف". وكانت السفن تصنع صغيرة ومتوسطة الحجم، لتناسب الإبحار في الخليج العربي، ويستخدمها البحارة في النقل البحري والتجارة ورحلات الغوص لاستخراج اللؤلؤ الطبيعي.
مارس سكان المنطقة الشرقية، والخليج العربي عامة، مهنة القلافة منذ زمن قديم، إذ كانوا يعتمدون على الطرق البحرية في اتصالهم بالشعوب الأخرى، في وقت كانت الطرق البرية صعبة وبالغة العناء، مما أسهم في ازدهار حركة الملاحة البحرية، ومن ثم صناعة السفن التقليدية.
وكان ميناء العقير من موانئ الخليج المهمة، لكن أهميته ضعفت في فترة زمنية، ولم يعد مجهزًا لاستقبال السفن الجديدة الكبيرة مما أدى إلى وجود موانئ وسيطة لهذا الغرض، وعام 1370هـ/1951م، أقفل الميناء وتوقفت فيه الحركة الملاحية، سواء نقل الركاب أو التجارة ورحلات الغوص للبحث عن اللؤلؤ، حتى صناعة السفن، فكان الاستقبال الخارجي عن طريق الموانئ المجاورة مثل ميناء البحرين الذي شهد نشاطًا واسعًا، تجاريًا واقتصاديًا.
ومن عوامل ازدهار حرفة القلافة آنذاك طبيعة سواحل الخليج العربي؛ لأن الساحل إذا كان مجاورًا لمنطقة منخفضة بمستوى أقل ارتفاعًا من مستوى سطح البحر فإن مياه البحر تطغى عليه وتكون مستنقعات، ومنعت المياه الضحلة في القسم الغربي من الخليج إنشاء الموانىء على الخلجان الجديدة فيه، لصعوبة التنقل فيها وتعذر دخول السفن الكبيرة إليها، كما أن هناك بعض المناطق الساحلية يصعب الوصول إلى شواطئها إلا بالقوراب والزوارق التجارية الصغيرة، إضافة إلى أن أهالي صفوى كانوا يمارسون مهنة صيد السمك في شواطئهم بزوارق صيد صغيرة لا يتعدى طولها أربعة أمتار، تسمى "كوتيات".
مناطق ممارسة حرفة القلافة
كانت سواحل منطقة الخليج العربي، مثل الجبيل ودارين، نقاطًا مهمة في تاريخ شرقي شبه الجزيرة البحري، واشتهرت جزيرة دارين منذ القدم بوجود ميناء حيوي تنطلق منه سفن الصيد والغوص بحثًا عن اللؤلؤ، كما عرفت دارين بصناعة السفن التقليدية التي كانت تمارس أنشطة على مستويات مختلفة في السواحل، لكنها لم تكن بحجم الصناعة التي وصلت إليها مناطق أخرى في الخليج؛ لأنها كانت تصنع بحجم الطلب المحلي وحاجة المجتمع.
أنواع السفن التقليدية
يصنع ممارسو القلافة المحليون أنواعًا مختلفة من السفن، أكبرها كان يستخدم في السفر والغوص بحثًا عن اللؤلؤ، وأصغرها سفن الصيد التي كانت تستخدم لصيد الأسماك، ويتفق صناع السفن المحليون في الخليج عامةً على إطلاق اسم "أوشار" على صناعة السفن الجديدة، أما التصليحات والترميمات اللاحقة فتسمى "عشار".
وكان القلافون يستخدمون أخشابًا متنوعة، منها "الساج الهندي"، وأدخلت عليها بعض الأخشاب المحلية في الأجزاء الداخلية للسفينة، مثل خشب السدر في عمل بعض الأجزاء، وفي فترة ازدهار تجارة اللؤلؤ الطبيعي في الخليج العربي ورحلات الغوص الموسمية له قديمًا، ازدادت صناعة السفن المحلية؛ لتواكب حجم الطلب عليها، لكن هذه الصناعة تراجعت ومن ثم انحسرت إبان اكتشاف اللؤلؤ الصناعي في حدود عام 1348هـ/1930م.
حرفة القلافة في الوقت الحاضر
بعد النهضة العمرانية التي شهدتها البلاد وامتداد المباني والتجمعات السكنية، توجه معظم القلافين إلى مهنة النجارة وصناعة الأبواب والشبابيك التقليدية؛ لتلبية الطلب المحلي المتزايد لهذه الصنعة، فأصبح الحرفيون يتنقلون من مدينة إلى أخرى من مدن المنطقة للعمل فيها، مثل: القطيف، وصفوى، والجبيل، بسبب التفاوت وعدم ثبات هذه الحرفة بحسب الظروف والأوضاع الاقتصادية المتغيرة، وحاجة الحرفي لتأمين مصدر رزق، وهذا ما انطبق على الكثير من المهن والحرف المحلية في السابق.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة