زراعة العنب في السعودية، تنتشر في غالبية مناطق المملكة العربية السعودية، إذ يزرع في كلٍ من القصيم، وتبوك، والجوف، والمدينة المنورة، ومكة المكرمة، والباحة، وعسير، والرياض، وحائل، ونجران، والحدود الشمالية.
ووصل إنتاج السعودية من العنب في عام 2020م إلى 101.569 ألف طن، في مساحة تُقدّر بأكثر من 3746 هكتارًا، محققًا بذلك اكتفاءً ذاتيًّا بنسبة 59%.
ويُعدُّ العنب من الفواكه الاقتصادية الواعدة في السعودية وذات الربحية العالية، إذ يتميز بوفرة في الإنتاج، ونجاح زراعته على نطاق واسع في مختلف أنواع التربة، مع قلة احتياجه للمياه نسبيًّا، وتحت ظروفٍ مناخية تتوافر في معظم مناطق المملكة.
مراحل زراعة العنب في السعودية
تمر زراعة العنب في السعودية بعدة مراحل، بدءا من تجهيز الأراضي، ومعرفة مدى خصوبتها وجاهزيتها للزراعة، واختيار طريقة زراعته التي عادة ما تعتمد على تعاريش أو على أسلاك أرضية "رأسية"، وتحديد مسافات متباعدة نسبيًّا بين الشتلات تقدّر بين (2 - 2.5م)، نظرًا لطبيعة نمو أشجار العنب التي تتوسع في النمو والانتشار.
وتبدأ زراعة العنب من نهاية يناير بوضع الشتلات، وتوضع بجانب كل شتلة سنادة خشبية يبلغ طولها نحو 125 سم،وتبدأ معها عملية تقليم الشجيرات مرة واحدة في العام في فصل الشتاء، وتستمر 30 يومًا، تُزال فيها الفروع الزائدة وتُقلل المسافة بين الأغصان، وتنظف من الدوابر العالقة من ثمار العام السابق، ويتم التحقق من خلوها من الأمراض، حيث ترش الشتلات المصابة بالبق الدقيقي بزيت معدني بنسبة 2% مع المالاثيون 57% في الألف، كعلاج لها من الحشرات القشرية، ثم تضاف الأسمدة العضوية والمعدنية بعد الانتهاء من عملية التقليم.
وفي شهر مارس، تبدأ أعمال الري وفقًا لحاجة التربة للماء، وتظهر بعض العناقيد الزهرية في الأصناف المبكرة النضج، وتربط أذرع الأشجار على الأسلاك بحبال أو خيوط بلاستيكية للمحافظة عليها من الانكسار، نظرًا لثقل العناقيد التي تثمر عليها، ومع دخول شهر يوليو تبدأ الثمار بالظهور وتدخل في مرحلة النضج ويُحصد المحصول الناضج، ويُقلل حينها ري المزارع حفاظًا على الثمار الناضجة من التلف، وتُجرى أحيانًا عملية تقليم صيفي للشجرة لتشجيع النموات الجانبية وتظليل العناقيد الثمرية ووقايتها من الشمس.
دعم زراعة العنب في السعودية
توجه السعودية المزارعين نحو استخدام التقنيات الحديثة في الزراعة والتسويق، حيث صدر قرار مجلس الوزراء 28 جمادى الآخرة 1425هـ/14 أغسطس 2004م، بإعادة هيكلة الإعانات الزراعية المقدمة للمزارعين المحليين، وذلك بتوجيه الإعانات نحو مجالات التقنية الحديثة في الزراعة، والخدمات الزراعية المتعلقة بتسويق المنتجات الزراعية، ومنها الفاكهة حيث تتمثل فرص الاستثمار المتاح في مجال زراعة الفاكهة على مستوى السعودية في محاصيل البرتقال والليمون والعنب والرمان والخوخ والمشمش والبرقوق.
وقد دعمت السعودية مزارعي العنب عبر برامج ومبادرات هادفة لتطوير الزراعة وزيادة الإنتاج المحلي من العنب، منها: مبادرة أطلقتها وزارة البيئة والمياه والزراعة، هي "تأهيل المدرجات الزراعية وتقنيات حصاد مياه الأمطار في الجنوب الغربي من المملكة" خلال شهر أبريل 2019م، بهدف إعادة تأهيل المدرجات الزراعية بمنطقة عسير، مما ساعد المزارعين على التحول من الزراعة التقليدية إلى الزراعة الحديثة والعضوية، والتي تهدف إلى إنتاج الغذاء الآمن ذي الجودة العالية، والمحافظة على البيئة والموارد الطبيعية، وترشيد استهلاك مياه الري، إضافةً إلى رفع مستوى الإنتاج العضوي ودعمه.
وفي إطار التشجيع الحكومي على زراعة العنب طرحت وزارة البيئة والمياه والزراعة فرصة استثمارية في ذو الحجة 1445هـ/يونيو 2024م، لإنشاء مدينة العنب بمنطقة الباحة؛ بهدف الإسهام في تحقيق أمن غدائي مستدام، وزيادة الإنتاج المحلي من أشجار العنب، وتبلغ مساحة مشروع إنشاء المدينة نحو 741,699 م2.
الاستثمار في زراعة العنب
يعرف محصول العنب بأنه موسمي، ويستهلك طيلة العام طازجًا ومجففًا، ويعرض المحصول عقب فترة الجني مما يعرّضه للتلف، لذا تعمل السعودية على البحث عن حلول في مجال تجفيف جزء من العنب الطازج المنتج محليًّا، من خلال تحويله إلى زبيب يمكن تخزينه وحفظه لمدة طويلة مع المحافظة على صفاته، ويتم إنشاء أسواق خاصة بتسويق العنب وتسهيل تبادل الفائض في الإنتاج بين المنتجين ومواقع الإنتاج ومواقع الاستهلاك، مثل مهرجان العنب، وهو سوق موسمي يقام في عدد من مدن المملكة، وبرنامج سوق المزارعين، الذي تنظمه هيئة فنون الطهي بالتعاون مع وزارة البيئة والمياه والزراعة.
زراعة العنب في تبوك
تنفرد منطقة تبوك بأعلى نسبة إنتاج للعنب على مستوى السعودية، إذ يبلغ إنتاجها أكثر من 43,750 طنًّا سنويًّا، من 1,580,575 شجرة، بحسب إحصائية وزارة البيئة والمياه والزراعة لعام 2020م، كما أن ملاءمة الجو والتربة والمياه أسهمت في وفرة الإنتاج وجودته، وتشتهر المنطقة بزراعة أصناف متنوعة من عنب المائدة البذرية وغير البذرية.
وتُعرف مزارع العنب في تبوك باستخدام أنظمة "المعرشات" بنوعيه "جيبيل، والباروون الإسباني"، ويستخدم فيها المزارعون التكنولوجيا الحديثة، مثل نظام "الإنفيروسكان" المستخدم في ضبط مياه الري، ومعدات الرش بنظام الإلكتروستاتيك (ESS)، كما تستخدم برامج الري والتسميد بنظام الجزء بالمليون P.P.M، التي ساعدت في حفظ التربة والأشجار من تراكم الأملاح.
زراعة العنب في عسير
تعد زراعة العنب في المحافظات والمراكز الجبلية في منطقة عسير من الأنشطة الاقتصادية البارزة في المنطقة منذ مئات السنين، وتعرف منطقة عسير بوفرة الإنتاج المحلي وجودته، الذي يبلغ إنتاجه حاليًّا نحو 2,834 طنًّا سنويًّا، حيث تتم زراعته والعناية به في المزارع الخاصة لأهالي المنطقة، وكانوا قديمًا يصدرون محصول العنب إلى خارج المنطقة للاستفادة من عوائده الاقتصادية، وتشهد إقبالًا كبيرًا من الزوار القادمين إلى المنطقة للتمتع بالأجواء المعتدلة خلال فترة الصيف.
وأسهمت التقنيات الحديثة في رفد المزارعين بتجارب جديدة في مجال زراعة الفواكه، حيث زُرعت أنواع لم تكن معروفة سابقًا في منطقة عسير، منها أنواع من العنب الذي يزرع في مواقع مختلفة من العالم مثل العنب الفرنسي والعنب الإيطالي والعنب الأردني، إضافةً إلى العنب البلدي المعروف قديمًا في جبال السروات والحجاز بشكل عام.
زراعة العنب في الطائف
تشتهر محافظة الطائف بوفرة إنتاج العنب، إذ تضم المحافظة والقرى التابعة لها أكثر من 82 ألف شجرة عنب، كما تُعرف بإنتاج أجود أنواع العنب في السعودية، ويُشار إلى جودته محليًّا بـ"عنب الطائف" ويعرف بمذاقه الحلو والحجم الكبير لحبيباته ولونه الأبيض الفاتح، ويشتهر في الطائف نوعان من العنب هما العنب (البياض)، والعنب الأسود (السوادي)، والأشهر هو العنب الأبيض، ويحرص أهالي المنطقة على حضوره في مناسباتهم الاجتماعية وتقديمه كهدايا لزوار المنطقة من المصطافين، كما يعد رافدًا اقتصاديًّا مهمًّا للمنطقة، إذ ينتشر بيعه وتصديره لمختلف مناطق المملكة، كما اعتاد مزارعو محافظة الطائف في موسم الصيف الوقوف على جنبات الشوارع الرئيسة في البسطات والأكشاك لعرض وبيع منتجات مزارعهم من العنب، وتتفاوت أسعاره بحسب نوعه.
زراعة العنب في المدينة المنورة
تشتهر مزارع قباء وأبيار الماشي في المدينة المنورة بزراعة العنب ذي النوعية الجيدة. وتحوي المزارع عدة أنواع من العنب فهناك الطائفي ويسميه زراع المدينة المنورة بالحجازي ويمتاز بلونه الأبيض المائل للخضرة ويوجد منه الأسود الفحم وهناك الحلواني والرومي الأحمر والشريفي والشاه والخليلي وهناك البناتي الذي يتميز بحلاوته الشديدة وحبّاته صغيرة الحجم عديمة البذور بيضاء اللون.
وأدخل فرع وزارة الزراعة بمنطقة المدينة لمنورة أصنافًا كثيرة من العنب وزرعت في محطات الأبحاث حيث أعطت نتائج ممتازة هي أصناف: تومس سيدلس، وبلاك مونكا، وفليم سيدلس، وبرلنت، ورويي، وإنترلاكن، وكمالي، وبهرزي، وعباسي، وعجمي، وهذه الأصناف موجودة في محطات الأبحاث وتكثر في المشاتل وتوزع على المزارعين، وتشمل أصنافًا مبكرة النضج ومتوسطة ومتأخرة، ومنها أصناف كثيرة عديمة البذور.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة