الانتخابات في المملكة العربية السعودية، هي ممارسة تنظيمية للمؤسسات المدنية عرفتها المملكة العربية السعودية قبل توحيدها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، منذ نحو قرن من الزمان، وذلك من خلال مشاركة المواطنين في انتخابات مجلس الشورى الأهلي بمكة المكرمة.
تاريخ الانتخابات في السعودية
تواصلت تلك الممارسة بعد انتخاب مجلس الشورى الأهلي بمكة المكرمة وإعلان نتائجه ببدئه في وضع ترتيب لتنظيم الانتخابات البلدية، وعقب توحيد الدولة السعودية صدر الأمر السامي عام 1355هـ/1936م بإجراء انتخاب حر بهيئة الأمانة التابعة لبلدية العاصمة المقدسة.
وأظهرت المملكة العربية السعودية نمطًا متقدمًا في مشاركة المواطنين في إدارة شؤون الحياة العامة وتواصلت تلك المشاركة من خلال العملية الانتخابية في المجالس البلدية والغرف التجارية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني، حتى إن القائمين على خدمة وفود بيت الله الحرام كانوا يرشحون بالانتخاب، ويصدر أمر سامٍ بأسماء أعضاء اللجان المخصصة لخدمة وفود بيت الله الحرام.
وكانت العملية الانتخابية تجري في أجواء حرة دون تدخل من الدولة إلا باعتماد نتائجها، كما حدث في انتخابات المجلس البلدي بمكة المكرمة في عام 1377هـ/1957م، حين صدر أمر سامٍ بالموافقة على نتيجة انتخابات المجلس البلدي، متضمنًا أسماء الفائزين في تلك الانتخابات.
تنظيم الانتخابات في السعودية
بدأت الانتخابات تأخذ الطابع التنظيمي الذي يحدد طريقتها وشروطها بإصدار نظام البلديات والقرى بمرسوم ملكي وقرار مجلس الوزراء عام 1397هـ/1976م، حيث نصّت المادة الرابعة عشرة على: تحدد اللائحة التنفيذية طريقة انتخاب أعضاء المجالس البلدية والشروط الخاصة بالناخبين وإجراءات الاقتراع والطعن.
ورسَّخت العمليات الانتخابية لنمط من المشاركة المجتمعية ظل أصيلًا في الدولة على مر الأعوام إلى أن جاء توجيه الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود (ولي العهد آنذاك) في الخطاب الذي ألقاه في افتتاح الدورة الثالثة لمجلس الشورى عام 1424هـ بتوسيع نطاق المشاركة الشعبية في صناعة القرار.
وفتح ذلك التوجيه طريق الإصلاح السياسي والإداري في السعودية، وصدر قرار مجلس الوزراء عام 1424هـ/2003م متضمنًا توسيع مشاركة المواطنين في إدارة الشؤون المحلية عن طريق الانتخابات، وذلك بتفعيل المجالس البلدية بحيث يصبح نصف أعضاء كل مجلس بلدي منتخَبًا، وذلك وفقًا لنظام البلديات والقرى الصادر لعام 1397هـ/1977م.
ومثَّل نظام البلديات والقرى مرتكزًا ومرجعية تنظيمية لإجراء الانتخابات البلدية في مناطق المملكة كافة، كما أنه شكَّل الأساس القانوني لإجراءات تفعيل المجالس البلدية، محتويًا المبادئ الرئيسة لتكوين المجالس البلدية وترتيب عملها واختصاصها وحقوق وواجبات أعضائها وتنظيم علاقاتها بالبلديات.
إصدار نظام الجمعيات التعاونية
في سياق ذي صلة بالعملية الانتخابية، وتعزيز المشاركة المجتمعية الحرة في العمل العام في السعودية، صدر أيضًا نظام الجمعيات التعاونية بمرسوم ملكي وقرار مجلس الوزراء عام 1429هـ/2008م، وأشارت المادة الرابعة والعشرون فيه إلى انتخاب أعضاء مجلس الإدارة، والأعضاء الاحتياطيين،ومع استمرار تطوير الأنظمة وتحديثها بما يتوافق مع متطلبات المصلحة الوطنية، صدر نظام المجالس البلدية عام 1435هـ/2014م، بالمرسوم الملكي، ونصَّت المادة السادسة عشرة على الفترة الانتخابية، والمادة السابعة عشرة على شروط الترشيح.
أنواع الانتخابات في السعودية
مع اتساع نطاق المشاركة الاجتماعية والهيئات والمؤسسات التي تخدم المواطنين في مختلف المجالات والقطاعات، تعددت أنواع الانتخابات في السعودية، وأصبحت تشمل: انتخابات المجالس البلدية، وانتخابات الغرف التجارية الصناعية، وانتخابات الجامعات، وانتخابات الهيئات مثل الهيئة السعودية للمهندسين وهيئة الصحفيين السعوديين، وانتخابات الجمعيات التعاونية، وانتخابات الأندية الرياضية وتشمل عددًا من الاتحادات الرياضية، وانتخابات اللجان العمالية، وانتخابات المؤسسات الثقافية مثل الأندية الأدبية، وجمعيات الثقافة والفنون.
الانتخابات البلدية في السعودية
تتصدر الانتخابات البلدية قائمة الانتخابات التي تحظى بالمشاركة الشعبية، حيث يختار المواطنون أعضاء المجالس البلدية من خلال اختيار ذوي الكفاءة والخبرة لإدارة الشؤون المحلية والخدمات البلدية، وتستمد هذه الانتخابات أهميتها من مشاركة المواطنين للأجهزة الحكومية في إدارة الخدمات البلدية، إذ تُعد هذه المشاركة عاملًا مساعدًا في دعم القرار الحكومي وتحقيق مصالح المواطنين في المجال البلدي.
وضمن جهود تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها في العمل العام والخدمات المجتمعية، برزت مطالبات بإشراكها في الانتخابات البلدية، وذلك ما تحقق في انتخابات عام 1436هـ/2015م، حيث دخلت تلك الدورة ناخبةً ومرشحة بحيث أتيح لها ترشيح وانتخاب من ترى فيه القدرة على النهوض بالخدمات البلدية في منطقتها، وشمل تمكينها من انتخاب إعداد خاص بها من خلال تهيئة 424 مركزًا انتخابيًّا للمرأة من أصل 1,263 مركزًا انتخابيًّا في مدن ومحافظات المملكة.
وتُسهم تلك المشاركة التي أسفرت عن فوز عدد من النساء بمقاعد انتخابية في المجالس البلدية في تمكين المرأة من العمل البلدي في الموضوعات والمعاملات البلدية التي تخدم المواطن والمواطنة، وتلبي احتياجاتهم من خلال الرقابة والمتابعة للخدمات المقدمة، ضمن إطار تنظيمي روعي فيه خصوصية المكان، حتى يمكِّنها ذلك من خدمة النساء في أماكن مخصصة لهن تؤدي إلى خدمتهن بالشكل المطلوب، وتضيف للعمل المجتمعي مشاركة أوسع من خلال جهود جميع أبناء وبنات المملكة.
انتخابات الغرف التجارية الصناعية
تعتمد آلية الاقتراع المباشر للأعضاء في انتخابات الغرف التجارية الصناعية التي يجري فيها اختيار مجالس الإدارات من ذوي الكفاءات المتميزة من رجال الأعمال الذين يمثِّلون قوة دفع جديدة لعمل الغرف، والآلية نفسها يجري العمل بها في الجامعات السعودية لانتخاب رؤساء الأندية الطلابية، حيث يختار الطلاب من يرون فيه القدرة على تمثيلهم في المطالبة بحقوقهم، وتحقيق أهدافهم المروَّج لها في برنامج كل مرشح.
ويُعمل بطريقة الانتخاب نفسها في انتخابات الهيئة السعودية للمهندسين، إذ ينتخب المهندسون أعضاء ممثلين لهم ليكونوا في مواقع القيادة في مجلس إدارة الهيئة، التي تعمل على تنظيم حياة المهندسين وإدارة شؤونهم، وكذلك تجري العملية الانتخابية في انتخابات هيئة الصحفيين السعوديين لانتخاب مجلس إدارة الهيئة من خلال انتخابات يشارك فيها أعضاء الهيئة.
ويشهد القطاع الرياضي السعودي أيضًا انتخابات دورية، حيث يجري اختيار أعضاء مجالس إدارة الاتحادات الرياضية السعودية بالانتخاب، وتشمل الانتخابات 15 اتحادًا، هي: اتحادات الملاكمة والمصارعة، والجمباز، والكاراتيه، والقدم، والطائرة، والسلة، وألعاب القوى، وكرة الطاولة، والتنس، والسباحة، ورفع الأثقال، وبناء الأجسام، والدراجات، والجودو والتايكوندو، والمبارزة، وكذلك يُنتخب أعضاء مجالس إدارات الأندية الرياضية بالسعودية.
وتشمل انتخابات السعودية كذلك انتخابات اللجان العمالية، وهي لجان تمثل جميع العاملين في السعودية ويجري انتخابها من قبل رؤساء اللجان العمالية المنتخبين والممثلين لعمال منشآت القطاع الخاص بالمملكة، ويصادق على نتائج انتخاب أعضائها وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
الانتخابات السعودية في القطاع الثقافي
في القطاع الثقافي كذلك تجري انتخابات المثقفين السعوديين لاختيار مرشحيهم في إدارة مؤسساتهم الثقافية، مثل: الأندية الأدبية، وجمعيات الثقافة والفنون، ويكون ذلك عبر تشكيل جمعيات عمومية لها في مختلف مناطق المملكة، ومن خلالها ينتخب المثقفون مجالس إدارات الأندية التي تمثلهم، كما يكون لهم الرقابة المالية والثقافية والإدارية على هذه الأندية.
شروط المشاركة في الانتخابات السعودية
تجري الانتخابات في السعودية وفقًا لما حددته الأنظمة التي أقرَّت أن حق الانتخاب مكفول لكل مواطن سعودي، ذكرًا كان أو أنثى، وذلك بشروط لا بد من توفرها في الناخب: عمره 18 سنة هجرية في موعد الاقتراع، ذو أهلية كاملة، ألا يكون عسكريًّا على رأس العمل، أن يكون مقيمًا في نطاق الدائرة الانتخابية، أن يختار دائرة انتخابية واحدة في محل إقامته.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة