تم نسخ الرابط بنجاح

تقنيات تحلية المياه في السعودية

saudipedia Logo
تقنيات تحلية المياه في السعودية
مقالة
مدة القراءة 5 دقائق

تقنيات تحلية المياه في السعودية، هي تقنيات تستخدمها المملكة العربية السعودية لغرض توفير المياه العذبة، بدأ العمل بأول وحدة لتحلية مياه على اليابسة في محافظة جدة عام 1324هـ/1907م، وعُرفت باسم "الكنداسة"، وهي كلمة لاتينية معناها المكثف، واعتمد تشغيلها على الفحم الحجري، إذ كان استخدامها شائعًا في السفن التجارية والعسكرية قديمًا، لتكثيف المياه المالحة وتقطيرها لتصبح عذبة.

ونظرًا لتوافد الحجاج والمعتمرين على محافظة جدة وتزايد نسبة استهلاك المياه، استوردت السعودية عام 1344هـ/1926م آلتين كبيرتين لتحلية المياه. وأنشئت إدارة عامة لتحلية المياه المالحة في عام 1384هـ/1965م، وكانت تابعة لوزارة الزراعة والمياه بجدة في ذلك الوقت. وفي عام 1388هـ/1969م، أُنشئت محطتا الوجه وضباء لتحلية المياه، تبعهما بعام إنشاء محطة جدة، ثم محطة الخبر عام 1392هـ/1973م.

محطات تحلية المياه في السعودية

صدر مرسوم ملكي عام 1394هـ/1974م، بإنشاء المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة (الهيئة السعودية للمياه حاليًا)، بهدف إدارة محطات التحلية المنتشرة في مناطق السعودية، وتوفير المياه العذبة للسكان، وإنشاء محطات جديدة. 

يصل عدد محطات تحلية المياه المنتشرة على الساحلين الغربي والشرقي في السعودية إلى نحو 33 محطة، ووفق إحصاءات عام 2020م، يبلغ معدل إنتاج السعودية من المياه المُحلاة يوميًّا 7.9 ملايين م3، تنتج المؤسسة منها 5.9 ملايين م3، بنسبة 74.6% منه، بينما ينتج القطاع الخاص 25.4%.  

أنواع تقنيات تحلية المياه في السعودية

تتنوع الطرق المستخدمة في محطات تحلية المياه في السعودية، منها: تقنية التبخير الوميضي المتعدد المراحل، وتقنية التبخير بطريقة التأثير متعدد المراحل، وتقنية التناضح العكسي، وتهدف جميعها إلى فصل الأملاح وتعقيم المياه لتكون عذبة صالحة للشرب والاستخدام البشري، أو لإنتاج مياه مقطرة، وتستهدف السعودية الوصول إلى إنتاج 9 ملايين م3 من المياه المحلاة يوميًّا في عام 2025م.

تقنية التبخير الوميضي المتعدد المراحل 

بدأت فكرة تقطير المياه تحت درجات ضغط منخفضة منذ بداية خمسينات القرن العشرين الميلادي، إذ تتعرض خلالها المياه إلى الغليان، دون الحاجة إلى الطاقة الحرارية، وقد عملت العديد من محطات تحلية المياه بتقنية التبخير الوميضي المتعدد المراحل، بسعة تتراوح بين أربعة آلاف و30 ألف م3 من المياه.

وتعمل تقنية التبخير الوميضي المتعدد المراحل على تسخين مياه البحر من خلال تمريرها في مبادل حراري يُعرف باسم السخان الملحي، تؤدي هذه الخطوة إلى إصدار بخار يتكثف في أسطح أنابيب السخان الملحي، ثم تنتقل المياه الساخنة إلى وعاء يتميز بدرجة ضغط منخفضة، ويُسمى بالمُبخر، يؤدي تعرض المياه إلى درجة ضغط منخفضة يجعل الماء يغلي مباشرة، وتَحول جزء بسيط منه إلى بخار الماء، وتتكرر العملية مرات عدة وبمستويات ضغط مختلفة حتى يصل الماء إلى مرحلة البرودة مانحًا حرارة التبخر الضرورية للوصول إلى درجة الغليان. 

وتعمل وحدات محطة تحلية المياه عند درجات حرارة تتفاوت ما بين 90 - 120 درجة مئوية، ويمثل فارق الحرارة ما بين السخان الملحي وأبرد جزء في المحطة أبرز العوامل التي تؤثر على الكفاءة الحرارية للمحطة.  

تقنية التبخير بطريقة التأثير متعدد المراحل

تتشابه تقنية التبخير بالتأثير متعدد المراحل مع تقنية التبخير الوميضي المتعدد المراحل، وتتكون التقنية من أجزاء متعددة، إذ تمر مياه البحر المالحة، بعد معالجتها كيميائيًّا، عبر مجموعة أنابيب مرتبة بشكل أفقي في المبادل الحراري، وظيفتها الرئيسة تكثيف البخار من أجل تشكيل مياه مقطرة،  وبسبب الضغط المنخفض ترتفع درجة غليان الماء وتحدث عملية فصل الأملاح منه، فتَعبر الأملاح من أنابيب خاصة بها، وتَعبر المياه المقطرة من أنابيب أخرى، وتتكرر عمليتا التبخير والتكثيف بحسب عدد المؤثرات في النظام.

ويطلق على كل مرحلة من مراحل تقنية التبخير بالتأثير متعدد المراحل اسم "التأثير الأول" و"التأثير الثاني"، و"التأثير الثالث"، وهكذا، وبالرغم من اختلاف عدد المؤثرات في الأنظمة، يُشترط على كل تأثير تالٍ أن تكون درجة حرارته وضغطه أقل من التأثير السابق، ويَعتمد عدد المؤثرات على القدرة والكفاءة الحرارية المطلوبتين من النظام.

تقنية التناضح العكسي

تعمل تقنية التناضح العكسي على عملية فصل الماء عن محلول ملحي مضغوط من خلال غشاء ولا يحتاج الأمر إلى تسخين أو تغيير في الشكل، والطاقة المطلوبة للتحلية هي لضغط مياه التغذية.

وانتشرت تقنية التناضح العكسي تجاريًّا خلال فترة السبعينات، وتعد التقنية حديثة مقارنة بالتقطير وتتكون التقنية من أربع مراحل، تبدأ بمرحلة المعالجة الأولية، حيث تشتمل المرحلة الأولى على تصفية المياه من العوالق والكائنات الحية منعًا لترسبها ونموها على الأغشية، من ثم تَمر المياه المُراد تنقيتها عبر قنوات ضيقة، مع إضافة مواد كيميائية أو حامض، بعد ذلك تَمرُ المياه بالمرحلة الثانية من العملية، وهي تطبيق ضغط يسمح بمرور المياه فقط، وإعاقة عبور الأملاح من خلال الغشاء، ويتراوح الضغط ما بين 54 إلى 80 بار (بار: هي وحدة الضغط) بالنسبة لمياه البحر، وضغط ما بين 17 إلى 27 بار في حالة تنقية مياه الآبار. 

وتشتمل المرحلة الثالثة من تقنية التناضح العكسي على مجمع الأغشية، وله مواصفات محددة، منها قدرة الأغشية على تحمل فارق الضغط في الوعاء، وحجز الأملاح ونسبة مرور الماء العذب من خلالها، وتختلف أغشية التناضح العكسي بناءً على نوعية المياه المُراد تحليتها، وبسبب عدم وجود غشاء مُحكم وقادر على حجز الأملاح تمامًا، واحتمالية تكسره، قد تَبقى نسبة من الأملاح في المياه المُنتجة، إلا أن هناك أمثلة لأغشية نجحت تجاريًّا مثل غشاء الشعيرات الدقيقة المجوفة واللوح الحلزوني.

وتُركز المرحلة الأخيرة، وهي مرحلة المعالجة النهائية على المحافظة على خواص الماء الكيميائية عن طريق إزالة غازات كـ"سلفيد الهيدروجين"، وتحسين قلوية المياه، وتجهيزه للتوزيع، وخلال العقد الماضي تطورت التقنية من ناحية تحسين كفاءة الغشاء ليعمل تحت ضغط منخفض يُستفاد منها خصيصًا في تحلية مياه الآبار، وبسبب اختلاف ضغط الماء الخارج من مضخة الضغط العالي ونقصانه من 1 إلى 4 بار، طُورت عملية وسائل استرجاع الطاقة لتُحول فارق الضغط إلى طاقة حركية.

تحلية المياه المالحة باستخدام الطاقة الشمسية في السعودية

أطلق ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز مشروع محطة الخفجي لتحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية في نوفمبر 2018م، وتصل القدرة الإنتاجية للمحطة إلى إنتاج 90 ألف م3 من المياه المحلاة يوميًّا، واستطاع المشروع خفض 40% من تكلفة المتر المكعب الواحد.

كما أعلنت شركة نيوم في 4 جمادى الآخرة 1441هـ/ 29 يناير 2020م، عن تبنيها مشروع بناء محطة لتحلية المياه بالاعتماد على تقنية القبة الشمسية، والتي طورتها جامعة "كرانفيلد" في المملكة المتحدة، إذ تتدفق المياه المالحة إلى قبة هيدرولوجية متكونة من الحديد الصلب والزجاج، وتُسخن فيها المياه حتى تتبخر ثم تترسب منتجة مياهًا عذبة، وتعمل القبة على تخزين الطاقة، مما يجعلها قادرة على العمل طوال اليوم.

وتجمع تقنية القبة الشمسية بين مفهوم الاستدامة والحياد الكربوني بنسبة 100%، وتسهم في تقليص كميات المحلول الملحي الناتج من تحلية المياه؛ للتقليل من الأضرار البيئية للأنظمة المجاورة، يتوقع أن تكون تكلفة الإنتاج أقل من التقنيات المستخدمة في المحطات الأخرى، وتُقدر بـ1.275 ريال لكل م3.