تم نسخ الرابط بنجاح

إنتاج المياه المحلاة في السعودية

saudipedia Logo
إنتاج المياه المحلاة في السعودية
مقالة
مدة القراءة 7 دقائق

إنتاج المياه المحلاة في السعودية، هو عملية تحلية مياه البحر لسد العجز وتلبية الطلب المتزايد على الماء في المملكة العربية السعودية، ويبلغ عدد منظومة إنتاج تحلية مياه البحر في السعودية نحو 41 منظومة تتوزع إلى 33 منظومة للقطاع العام و8 منظومات للقطاع الخاص. 

وتدار المياه في السعودية وفقًا لنظام المياه الصادر عام 1441هـ/2020م، بمرسوم ملكي وقرار مجلس الوزراء، وقد نصَّ على أن المياه المحلاة هي مياه مصدرها البحر عولجت بتحلية المياه.

وخلال 49 عامًا (1974 ـ 2023م)، أنشأت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة (الهيئة السعودية للمياه حاليًّا) العديد من منظومات إنتاج المياه المحلاة على الساحلين الشرقي والغربي للسعودية، وتجاوز مجمل ما أنتجته من مياه عذبة في عام 2023م نحو 2.0 مليار متر مكعب. 

الهيئة السعودية للمياه

الهيئة السعودية للمياه هي الجهة المسؤولة عن إدارة منظومات تحلية المياه وتشغيلها وصيانتها، وإعادة إنتاج وتحلية مياه البحر، وضخها إلى مدن ومحافظات المملكة العربية السعودية.يقع مقرها الرئيس في مدينة الرياض، ويرأس مجلس إدارتها وزير البيئة والمياه والزراعة.

وفي عام 1394هـ/1974م، ونظرًا إلى الاحتياجات المتزايدة للطلب على المياه في المملكة، أُسست المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة بموجب مرسوم ملكي، كمؤسسة حكومية مستقلة ذات شخصية اعتبارية تتبع وزارة البيئة والمياه والزراعة، وفي 28 شوال 1445هـ/7 مايو 2024م وافق مجلس الوزراء على تحويل المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة إلى هيئة باسم الهيئة السعودية للمياه.

تاريخ تحلية المياه في السعودية

للسعودية تاريخ طويل مع المياه المحلاة بدأ منذ نحو 120 عامًا باستخدام وحدة تكثيف لتقطير مياه البحر عام 1325هـ/1905م عُرفت باسم "الكنداسة" كأول وحدة تحلية تنشأ على اليابسة في السعودية، وكان الغرض منها دعم مصادر المياه العذبة في محافظة جدة، إلا أنها لم تنجح، وأمر الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في عام 1346هـ/1927م، باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر بالتقنية نفسها، لدعم مصادر المياه العذبة في محافظة جدة لخدمة الحجاج والمعتمرين.

انطلاق أعمال تحلية المياه في السعودية

تواصل العمل لتوفير المياه في مناطق السعودية حينها، فأنشئت المراحل الأولى للتحلية في محافظتي الوجه وضباء على ساحل البحر الأحمر في عام 1389هـ/1969م بطاقة إنتاجية بلغت 60 ألف جالون ماء يوميًّا لكل محطة، ثم تلتها عام 1390هـ/1970م محطة التحلية بمحافظة جدة في المرحلة الأولى بطاقة إنتاجية قدرها 5 ملايين جالون ماء يوميًّا و50 ميجاواط كهرباء.

محطات تحلية المياه على الساحلين الشرقي والغربي 

تسببت الظروف المناخية في ندرة المياه الجوفية ومصادر المياه في السعودية التي قدرت متطلباتها عام 2015م بنحو 24.8 مليار م3، وتشهد زيادة سنوية ثابتة بنسبة 7%، ويُعد قطاع الزراعة هو المستهلك الأكبر للمياه في البلاد، بنسبة 84% من إجمالي الطلب على المياه.

وتشكِّل المياه المحلاة المورد المائي الأول في السعودية إلى جانب أربع فئات أخرى، هي: المياه الجوفية غير المتجددة، والمياه الجوفية المتجددة، والمياه السطحية، والمياه المعالجة، ولتلبية الطلب على المياه أنشأت السعودية 35 محطةً لتحلية المياه، تقع على الساحلين الشرقي والغربي، وبلغ إجمالي الطاقة الإنتاجية لتحلية المياه 6.28 ملايين م3 يوميًّا في عام 2015م، وزادت هذه الطاقة الإنتاجية إلى 7.4 ملايين م3 يوميًّا في عام 2020م، فيما بلغ إنتاج محطات التحلية في القطاعين العام والخاص بالمملكة نحو 11.5 ملايين م3 في 2024م.

وتمتلك الهيئة السعودية للمياه غالبية محطات التحلية في السعودية، بما يمثل 73% من إجمالي الطاقة الإنتاجية القائمة، وتُستخدم 3 أنواع من التقنيات لتحلية المياه: التقطير الومضي متعدد المراحل، والتناضح العكسي، والتقطير متعدد التأثير.

وتُعد تقنية التقطير الومضي متعدد المراحل في الوقت الحالي التقنية السائدة في محطات التحلية في السعودية، إذ تمثل 62% من إجمالي الطاقة الإنتاجية القائمة.

دور القطاع في تحلية المياه

تدير الهيئة السعودية للمياه شؤون المياه بما يحقق أهداف السعودية في توفيرها، إذ يُعد تعضيد الموارد الطبيعية للمياه عن طريق تحلية المياه المالحة أحد أهداف خطط التنمية التي تنفذها، ومن آليات التنفيذ التي تحقق هذا الهدف إنشاء محطات التحلية والمرافق المرتبطة بها للمناطق التي لا توجد بها مياه أو تكون غير كافية أو غير ملائمة، وفقًا لنتائج دراسات الجدوى الاقتصادية والفنية.

وتستهلك المياه المحلاة في عديد من المجالات، غير أن القطاع الصناعي يستأثر بالنسبة الأكبر، فهي إلى جانب المياه الجوفية غير المتجددة تمثِّل الجزء الأكبر من الإمدادات الصناعية بنحو 80% من إجمالي تلك الإمدادات، ويؤدي القطاع الخاص دورًا مهمًّا في إنتاج المياه المحلاة، إذ تبلغ نسبة إنتاج المياه المحلاة عبر الشركاء 23%، وتستهدف رفع هذه النسبة إلى 100%.

ومع الوقت أصبحت التحلية خيارًا استراتيجيًّا للدولة لتوفير المياه، فتوسعت في أعمال المحطات في الساحلين الشرقي والغربي، ومنها محطة الجبيل التي تُعد أكبر محطة تحلية في العالم، ومجمع محطات جدة، ومحطة مكة المكرمة - الطائف، ومحطة المدينة المنورة - ينبع، ومحطة الشقيق، ومحطة الخبر.

إنجازات السعودية في تحلية المياه

أدَّى إنتاج الكميات الكبيرة من المياه المحلاة في السعودية إلى تحقيق إنجازات عالمية في إنتاجها، إذ تصدَّرت دول العالم في إنتاج المياه المحلاة في عام 1434هـ/2013م بإنتاج قارب مليار م3 من المياه سنويًّا بنسبة تفوق 7.8% عن عام 1433هـ/2012م.

كما تصدرت السعودية كذلك الإنتاج العالمي في عام 1442هـ/2020م بأعلى طاقة إنتاجية للمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة آنذاك، إذ بلغت 5.9 ملايين م3 يوميًّا.

وفي 1444هـ/2023م، عززت الهيئة السعودية للمياه مكانتها العالمية بتحطيم رقمها القياسي في إنتاج المياه المحلاة، وتحقيق رقم قياسي عالمي جديد برفع إجمالي كميّة الإنتاج من 5.9 ملايين م3 يوميًا إلى 6.3 ملايين م3 من المياه المحلاة يوميًا، يتم نقلها وتوزيعها في كافة مناطق المملكة.

استراتيجية المياه في السعودية

تعزيزًا لجهود الهيئة السعودية للمياه في تنظيم الإنتاج والتشغيل، وضعت استراتيجية طموحة لإجراء تحسين شامل لمنظومات إنتاجها من مياه البحر المحلاة، بهدف رفع سعتها الإنتاجية مع الحفاظ على أعلى معايير الجودة والحرص على سلامة البيئة، ونتيجة لذلك استبدلت عام 2018م منظومة إنتاج حقل الخفجي العاملة بتقنية الوقود السائل إلى منظومة جديدة تعمل بتقنية التناضح العكسي، التي تتميز بانخفاض تكلفتها المادية واستهلاكها المحدود للطاقة.

وواصلت تطوير تقنياتها ومواكبة مستجدات الإنتاج بإكمالها في عام 2019م إخراج منظومتي إنتاج جدة (المرحلة الرابعة) وينبع (المرحلة الأولى)، اللتين تعملان بالوقود السائل من الخدمة مع المحافظة على التزاماتها التعاقدية باستخدام المناورات التشغيلية عالية الكفاءة لمنظومات نقل المياه المحلاة وتوفير الكميات البديلة من منظومات إنتاج أخرى ذات كفاءة أعلى، كما استطاعت عام 2020م إنجاز مشروع استبدال تقنيات التحلية في منظومات الإنتاج الصغيرة على امتداد ساحل البحر الأحمر.

تطوير إنتاج المياه المحلاة في السعودية

شملت أعمال التطوير الإنتاجي بدء تنفيذ مبادرات استبدال منظومات الإنتاج الرئيسة ذات التقنية الحرارية التي تعتمد على الوقود السائل بمنظومات إنتاج تعمل بتقنية التناضح العكسي، في منظومات إنتاج الخبر (المرحلة الثانية)، والجبيل (المرحلة الأولى) التي تم إنجازها في النصف الثاني من عام 2022م، إضافةً إلى مشاريع استبدال منظومات إنتاج الشقيق (المرحلة الأولى) والشعيبة (المرحلة الأولى)، التي ستدخل الخدمة على التوالي مستقبلًا، والجبيل (المرحلة الثانية)، التي بدأت في الإنتاج عام 1443هـ/2022م.

وتمتد أعمال التطوير التي تنفذها الهيئة السعودية للمياه، وفقًا لاستراتيجية المياه لإخراج ما تبقى من منظومات الإنتاج التي تستخدم الوقود السائل من الخدمة، إذ سيتم إخراج منظومة إنتاج ينبع (المرحلة الثانية) بعد دخول منظومة الرايس التابعة للقطاع الخاص في النصف الأول من عام 2023م، وإخراج منظومة إنتاج رابغ بعد دخول منظومة رابغ (المرحلة الثالثة) التابعة للقطاع الخاص في نهاية عام 2021م، كما تخطط المؤسسة لاستبدال منظومة إنتاج الشعيبة (المرحلة الثانية) التي تعمل بالوقود السائل بمنظومة إنتاج تعمل بتقنية التناضح العكسي.

زيادة الإنتاج والتطور التقني لتحلية المياه 

أدَّت أعمال التطوير التقني في الإنتاج، والتوسع في أعمال محطات التحلية، إلى تحقيق زيادة في حجم الإنتاج الكلي للمياه المحلاة بنحو 60 مليون م3 يوميًّا خلال النصف الأول من عام 2021م، مقارنة بالنصف الموازي من العام السابق، فيما يجري تنفيذ 42 مشروعًا تتضمن 7 منظومات إنتاج مياه محلاة، ويتوقع أن تضيف هذه المشاريع 3.678 ملايين م3 من المياه المحلاة لمناطق الرياض والشرقية ومكة المكرمة والمنطقة الجنوبية.

وفي إطار نقل التقنية وتوطين المعرفة الإنتاجية في مجال تحلية المياه، وقَّعت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة (الهيئة السعودية للمياه حاليًّا)، في عام 1442هـ/2021م، مع "تضامن" الشركة السعودية لخدمات الأعمال الكهربائية والميكانيكية، وشركة "ماتيتو" السعودية المحدودة، عقد استبدال التقنيات والأصول ذات العمر الافتراضي المنتهي لمنظومة إنتاج تحلية الجبيل (المرحلة الثانية) بتقنية التناضح العكسي الأقل تكلفة والأكثر صداقة للبيئة، وبسعة إنتاجية تبلغ مليون م3 من المياه المحلاة يوميًّا ليغذي منطقة الرياض، ومن المتوقَّع أن يبدأ إنتاجه عام 2024م.

وتواصلت جهود تطوير الإنتاج إذ عززت الهيئة السعودية للمياه الإمداد المائي، في عام 1444هـ/2023م ببدء إنتاج المياه المحلاة من منظومة الجبيل (المرحلة الثانية)، وهي إحدى مشاريعها التنموية الجديدة التي تعمل بتقنية التناضح العكسي الصديقة للبيئة، وتستهدف تلبية الطلب المتزايد على المياه وسد الاحتياج، بطاقة تصميمية تبلغ 400 ألف م3 من المياه المحلاة يوميًا.

منظومات إنتاج المياه المحلاة

خلال 49 عامًا (1974 ـ 2023م)، أنشأت الهيئة السعودية للمياه العديد من منظومات إنتاج المياه المحلاة على الساحلين الشرقي والغربي للسعودية، وتجاوز مجمل ما أنتجته من مياه عذبة في عام 2023م نحو 2.0 مليار متر مكعب، من خلال 33 منظومة إنتاج. وتبلغ قدرات الإنتاج اليومية من المياه المحلاة 7.5 ملايين م3 في اليوم، وتعدّ منظومات إنتاج الجبيل، ورأس الخير، والشعيبة من المنظومات الكبيرة عالميًّا في صناعة التحلية. 

وفي 1445هـ/2024م، بلغ عدد منظومات الإنتاج لتحلية مياه البحر 41 منظومة، بينها 33 منظومة للقطاع العام و8 منظومات للقطاع الخاص، كما وصل إنتاج محطات التحلية في القطاعين العام والخاص بالمملكة إلى 11.1 ملايين م3 يوميُا؛ حيث يمثل قطاع تحلية المياه 7.5 مليون م3/يوم والقطاع الخاص 3.6 مليون م3/يوم. 

مشاريع تحلية المياه في السعودية

محطة تحلية المياه بتقنية الامتصاص

هي أحد مشاريع الطاقة في رؤية السعودية 2030، وأول أنموذج تطبيقي صناعي في العالم لتحلية المياه بالاعتماد على تقنية التبريد بالامتصاص، مع بلورة الأملاح بالحجم الصناعي. تنتج يوميًّا نحو 5 آلاف م3 من المياه المحلاة، دُشّنت في 24 جمادى الأولى 1438هـ/21 فبراير 2017م، وتقع في العُيينة التابعة إداريًّا لمحافظة الدرعية.

وأُسست المحطة للوصول إلى تنمية مستدامة في قطاع المياه، وتطوير الموارد المائية والمحافظة على البيئة، متواكبة مع مستهدفات رؤية السعودية 2030. وتعمل محطة التحلية لتحقيق مبدأ الرجيع الملحي الصفري، والحد من التأثير السلبي على البيئة، الذي ينتج عن تشغيل محطات التحلية، ورفع الكفاءة العامة.

مشروع تحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية

هو مشروع لتحلية المياه ومواجهة تحدي الحرج المائي، بالاعتماد على الموارد الشمسية المتوافرة في السعودية، يُعدُّ أحد مشروعات رؤية السعودية 2030، بدأ تنفيذه ضمن مبادرة خادم الحرمين الشريفين لتحلية المياه المالحة باستخدام الطاقة الشمسية، ودشّنه ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، عام 1440هـ/2018م.

ويتكون مشروع تحلية المياه المالحة باستخدام الطاقة الشمسية من محطتين فرعيتين، إحداهما لتحلية المياه باستخدام تقنيات التناضح العكسي، والأُخرى لإنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام الألواح الكهروضوئية الشمسية.

وتستخدم محطة التناضح العكسي تقنيات طورتها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، تساعدها على تحلية المياه بكفاءة أعلى وتكلفة أقل، حيث تبلغ سعة التحلية في المحطة 60 ألف م3 في اليوم، قابلة للزيادة إلى 90 ألف م3 من المياه يوميًّا، وتمدّ محطةُ الطاقة الشمسية محطة التحلية بعشرة ميجاوات من الكهرباء يوميًّا.