تم نسخ الرابط بنجاح

قرية عشم

saudipedia Logo
قرية عشم
مقالة
مدة القراءة 4 دقائق

قرية عشم، هي قرية أثرية تقع في الشمال الشرقي من محافظة القنفذة في منطقة مكة المكرمة غربي المملكة العربية السعودية، وعلى بعد نحو 300 كم إلى الجنوب من مدينة مكة المكرمة،وهي مستوطنة بشرية قديمة، وتشمل أطلالا لمبانٍ دينية ومدنية وعسكرية، إضافة إلى مناجم للتعدين. 

موقع قرية عشم

تقع قرية عشم على ضفاف وادي قرماء، وتمثل نقطة الانتقال بين سهل تهامة من ناحية الغرب ومرتفعات جبال السروات شرقًا، وتعد إحدى منازل ومحطات الحج اليمني للحجاج المسافرين إلى مكة المكرمة من جنوب شبه الجزيرة العربية.

شهرة قرية عشم

تعد عشم من مواقع التعدين القديمة في شبه الجزيرة العربية، وتختزن أراضيها الذهب بكميات وفيرة، ومنه استمدت شهرتها في شبه الجزيرة العربية منذ عصر ما قبل الإسلام حتى العصور الإسلامية المبكرة والوسيطة، إذ يقع بها منجم عشم، المذكور في المصادر والكتب التاريخية قبل الإسلام.  
وكانت قرية عشم حاضرة إسلامية، سميت بمخلاف عشم، ضمت مجموعة من القرى التي تعد اليوم مدنًا مندثرة، منها: مسعودة، والنصائب، والعصداء، والأحسبة الجنوبية. 

وقد دون المؤرخ حسن بن إبراهيم الفقيه، جانبًا من تاريخ القرية في كتابه "مخلاف عشم"، حيث كانت تشكل أهم المدن في المخلاف المكي التهامي، الذي كانت عشم عاصمة له. كما أشار إليها الجغرافي اليعقوبي، المتوفى سنة 284 للهجرة، كما ذكرها ابن خرداذبة، والهمداني، مبينين وفرة ذهب فيها، وذكرها كذلك المقدسي، والبكري، والشريف الإدريسي وغيرهم، مشيرين إلى أنها كانت مدينة أو بلدة عامرة، كما كانت عاصمة لمخلاف من مخاليف مكة الجنوبية، سمي باسمها: مخلاف عشم.

أعمال التنقيب في قرية عشم

منذ عام 1402هـ/1982م، أصبحت قرية عشم موقعًا للتنقيب والاستكشاف الأثري الذي كشف عن سوق المدينة التاريخي وآثاره، ومعثورات أثرية تؤرخ للمدينة، من بينها شاهد قبر مكتوب بالخط الكوفي ومختوم بتوقيع خطاطيها،يعود تاريخها إلى القرنين الأول والخامس الهجريين، ومنها رجَّحت الدراسات الفرضية التي تقول باندثار القرية بين أواخر القرن الأول وبداية القرن السادس الهجري،وقد نصبت الشواهد المكتشفة على قبور أصحابها بالطريقة الشائعة في قرى مكة القديمة، إذ يضم القبر الواحد شاهدين، أحدهما عند الرأس، والآخر عند القدمين.  كما سُجل عدد من آثار التعدين في الموقع، الذي ينتشر على سطحه عدد كبير من كسر الأواني الفخارية والخزفية والزجاجية، ويتميز الموقع بكثرة الأرحية الحجرية المستخدمة لطحن الحبوب.

كما أجرى فريق تنقيبي عام 1427هـ/2006م، مسحًا شاملًا لموقع عشم الأثري، تم فيه استكمال تسجيل الموقع، وإدخاله ضمن برنامج الخارطة الرقمية.

واستأنفت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني (سابقًا)، عام 1439هـ/2017م، مشروع التنقيب الأثري في موقع عشم الأثري الذي بدأ عام 1402هـ/1982م، والمسوحات الأثرية عام 1427هـ/2006م. وتركز المشروع على أعمال التنقيب في المنطقة المسورة للموقع الأثري، والتحقق من كثافة المعثورات الأثرية، والكشف عن الأدوات والوسائل المصاحبة لأعمال التعدين. وتركزت أعمال التنقيب في السوق التجاري الموجود في الموقع. وتحوي قرية عشم عددًا من النقوش الخطية الإسلامية التي تقدر بالمئات، وتتنوع خطوطها وزخرفتها، ويوجد في أرجاء عشم 32 حفرية تنقيب.

وتبلغ مساحة موقع عشم الأثري 1500×600م، وتمتد من الشرق إلى الغرب، وشيدت منازلها بالحجارة البازلتية التي يغلب عليها اللون الأسود. ووضعت الكتل الصخرية بعضها فوق بعض من دون استخدام المونة. ويفوق عدد بيوت القرية 400 بيت، يتكون بعضها من غرفة واحدة، والبعض الآخر يحوي غرفًا متعددة.

ويركز المشروع الحالي على أعمال تنقيب في المنطقة المسيجة للموقع الأثري والتحقق من كثافة المعثورات الأثرية، والكشف عن الأدوات والوسائل المصاحبة لأعمال التعدين، حيث تركزت أعمال التنقيب في السوق التجاري الموجود في الموقع.

 وكشفت الأعمال الأثرية عن ظواهر معمارية عدة، منها جدران بعرض يتراوح ما بين 45 سم إلى 70 سم، وظهور بعض الدعامات المربعة الشكل لبعض الجدران يتراوح ارتفاعها ما بين 80 سم إلى 1م، وعرضها 80 سم × 80 سم، وكذلك ظهور مساطب في بعض الغرف التي يتراوح ارتفاعها ما بين 30 سم إلى 70 سم وعرضها 60 سم، يُرجح أنها استخدمت لأعمال البيع. واتضح بعد دراسة الظواهر المعمارية: أن المنطقة التجارية عبارة عن شريطين متقابلين من الغرف المستطيلة، تنقسم كل غرفة إلى قسمين الأول عبارة عن مقدمة، والثاني عبارة عن غرفة داخلية تستخدم كمستودع خلفي.

وأظهرت الأعمال الأثرية وجود أعمال ترميم في الموقع، يُرجح أنها نُفذت في وقت لاحق من الاستيطان في الموقع. وعثر في منطقة التنقيب على عدد من المعثورات الأثرية، منها الفخارية التي تمثلت في أجزاء من حواف وأبدان وقواعد لأوان فخارية صغيرة ومتوسطة الحجم، وعُثر أيضًا على فخار مزجج بألوان عدة، منها الأخضر الفاتح، والقصديري، والأصفر، والأحمر، والبني. وعثر كذلك على أوان فخارية كاملة، عبارة عن أبريق متوسط الحجم، وقدح صغير الحجم، وإناء فخاري شبه مكتمل، وكذلك إناء فخاري مزجج لونه أخضر فاتح شبه مكتمل. كذلك توجد في الموقع أجزاء من الحجر الصابوني، عبارة عن حواف وأبدان وحواف لبعض لأواني مختلفة الحجم، وهي في مجملها ذات أسطح ملساء وجد زخارف على أسطح بعض الأجزاء، مما يعني اهتمام الصانع بنحتها، كما عثر على مسرجة من الحجر الصابوني، وغطاء شبه مكتمل لإناء متوسط الحجم. وتنوعت بقايا الأواني الزجاجية، وكانت بألوان مختلفة، وتمثل حواف، ورقابًا، وقواعد مقعرة، وأجزاء من أبدان قوارير مختلفة الأحجام.

 وتمثلت المعثورات المعدنية في أجزاء لقطع معدنية جميعها متأكسدة، كما تم العثور على ملعقة صُنعت من المعدن متوسطة الحجم، وسكين، وإناء معدني صغير الحجم، ومسامير مصنوعة من الحديد.

وتعد هذه النتائج من الأدلة على الاستيطان في الموقع الذي خصص لأعمال التعدين خلال العصور الإسلامية المبكرة والوسيطة. ولم ينخفض نشاط التعدين في الموقع إلا بحلول القرن السادس الهجري. ويتوقع أن تكشف الحفائر المستقبلية عن مظاهر تعدين عدة في موقع عشم.

الاختبارات ذات الصلة

مقالات ذات الصلة