الخدمات المهنية في المملكة العربية السعودية، هي الخدمات التي يقدمها ممارسو المهن الحرة للغير عبر شركات يؤسسونها بشكل فردي أو مع عدة أشخاص من المرخص لهم نظامًا في ممارسة مهنة حرة أو أكثر، وهو ما يسهم في زيادة وتحسين فرص العمل في قطاع الخدمات المهنية، ويؤسس شركات مهنية منافسة محليًّا ودوليًّا.
نظَّمت السعودية أداء الخدمات المهنية، وأصدرت لذلك نظام الشركات المهنية، ضمن نظام الشركات الجديد الذي بدأ سريانه بدءا من 26 جمادى الآخرة 1444هـ/19 يناير 2023م، بهدف تحفيز المنظومة التجارية وتنميتها، ويمتاز بالمرونة العالية لحماية الشركات، وتمكين القطاع الخاص للمساهمة بشكل رئيسي في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030، ويُسهل النظام تأسيس الشركات واستدامتها وتوسعها، ويعالج التحديات التي تواجهها.
وأفرد نظام الشركات الباب الثامن للشركات المهنية وفصّل فيها عبر 19 مادة (197ـ215)، وعرّف الشركة المهنية بأنها شركة يؤسسها شخص أو أكثر من المرخص لهم نظامًا في ممارسة مهنة حرة واحدة أو أكثر، أو منهم مع غيرهم، ويكون غرضها ممارسة تلك المهن.
وتتخذ الشركة المهنية أحد أشكال الشركات الخمس الواردة في نظام الشركات وهي: شركة التضامن، وشركة التوصية البسيطة، وشركة المساهمة، وشركة المساهمة المبسطة، والشركة ذات المسؤولية المحدودة.
ويتيح النظام للأشخاص المرخص لهم في ممارسة مهنة حرة واحدة، أن يؤسسوا فيما بينهم شركة مهنية بأي شكل من الأشكال الواردة في النظام، ويمكن تأسيس شركة مهنية من مرخص لهم في ممارسة أكثر من مهنة حرة، كما يمكن تأسيس شركة مهنية مشاركة بين مرخص لهم في ممارسة مهنة حرة واحدة أو أكثر وشركة مهنية غير سعودية، ولا يحق للشريك في شركة مهنية ولا للمساهم فيها، الممارسين لمهنة حرة، المشاركة ولا المساهمة في شركة مهنية أخرى تمارس المهنة الحرة ذاتها، ما لم ينص عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساس على ذلك.
ووفقًا للنظام لا تمارس الشركة المهنية المهنة أو المهن الحرة محل نشاطها إلا عن طريق الشركاء أو المساهمين المرخص لهم، ويمكن الاستعانة في أعمالها بأشخاص آخرين مرخص لهم بممارسة المهنة أو المهن محل نشاطها، على أن يخضعوا في ذلك لإشراف الشركة ومسؤوليتها، وتزاول الشركة المهنية المهنة أو المهن الحرة محل نشاطها فقط، ولا يحق للشركة المهنية ممارسة الأعمال التجارية، في حين يمكنها تملك الأصول العقارية واستثمار أموالها في العقارات أو الأوراق المالية أو أي نوع آخر من الاستثمارات، لخدمة أغراضها، وتحدد اللوائح ضوابط ذلك.
وفي حال فقد الشريك أو المساهم في شركة مهنية ترخيص ممارسة مهنته الحرة بصفة مؤقتة، وجب عليه أن يمتنع فورًا عن العمل في الشركة إلى حين استعادة الترخيص، وإذا كان هو الممارس الوحيد لتلك المهنة من بين الشركاء أو المساهمين الآخرين، أو المالك الوحيد للشركة المهنية، فيجب على الشركة أن تتوقف عن ممارسة المهنة إلى حين استعادة الترخيص، أما في حال فقد الشريك أو المساهم في شركة مهنية ترخيص ممارسة مهنته الحرة بصفة نهائية، اعتبر بذلك منسحبًا من الشركة، ما لم ينص عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساس على استمراره شريكًا أو مساهمًا غير مرخص له بممارسة المهنة في الشركة.
مزايا نظام الشركات المهنية
يمثِّل نظام الشركات المهنية دفعةً قويةً لممارسي المهن الحرة بما يعمل على تقوية نشاطهم، وجاء تعريف المهنة الحرة في اللائحة التنفيذية لنظام الشركات المهنية بأنها "مهنة يقدم من خلالها شخص خدمات إلى الغير، وذلك على سبيل الاحتراف واستنادًا إلى خبرة أو تأهيل أو ملكة أو مهارة، وبعد الحصول على الترخيص اللازم من الجهة المعنية بالإشراف والرقابة على المهنة الحرة".
يعطي نظام الشركات المهنية مزايا عدة، منها: إجازة شركات مهنية متعددة الاختصاصات وفق ضوابط، والتمكين من مشاركة أشخاص (مستثمرين) غير مهنيين من أصحاب المهن الحرة في الشركات المهنية، والسماح بانتقال ملكية الشريك المهني المتوفى إلى ورثته وفق إجراءات ميسرة، وإجازة تأسيس شركة مهنية ذات مسؤولية محدودة من شخص واحد لممارسة مهنة حرة واحدة أو أكثر وفق ضوابط محددة، وأن تأخذ الشركة المهنية شكل شركة التوصية البسيطة، أو الشركة ذات المسؤولية المحدودة، أو الشركة المساهمة، إضافة إلى شكل شركة التضامن الذي يجيزه نظام الشركات المهنية القديم.
أهداف نظام الشركات المهنية
تستهدف الأنظمة الحكومية الإشراف على الخدمات المهنية في السعودية، وتطوير ممارسة المهن الحرة، وتعظيم القيمة فيها بما يتحقق معه الإضافة المرجوّة للناتج المحلي الإجمالي، ومن أهداف نظام الشركات المهنية: تحفيز ممارسي المهن الحرة على تأسيس شركات، وتشجيع الشركات المهنية على التنظيم المؤسسي وبناء كيانات قوية لزيادة النمو المهني، وتمكين ممارسي المهن الحرة من قيادة شركات مهنية منافسة محليًّا ودوليًّا.
وتتوسع الأهداف لتشمل فرص العمل من خلال زيادتها وتحسينها في قطاع الخدمات المهنية، خاصةً أن القطاع يمكنه توفير نسبة كبيرة من الأعمال، كما يهدف أيضًا إلى تيسير التمويل لتأسيس الشركات المهنية وتوسعها من خلال مستثمرين في الشركات المهنية، وتعزيز ثقة المتعاملين مع الشركات المهنية، وترتيب حقوق وواجبات الشركاء أو المساهمين في الشركات المهنية.
اللائحة التنفيذية لنظام الشركات المهنية
للارتقاء بالممارسة المهنية في السعودية، صدرت اللائحة التنفيذية لنظام الشركات المهنية في عام 1441هـ/2020م، ودمجت اللائحة ضمن لائحة نظام الشركات الصادرة في عام 1444هـ/2023م، وأفردت لائحة نظام الشركات الباب الخامس للشركات المهنية والذي تضمن المواد من الرابعة والسبعين وحتى الخامسة والثمانين، وذلك لتعزيز العمل المؤسسي في هذا المجال.
وتضمن الفصل الأول من الباب الخامس من لائحة نظام الشركات، شروط وضوابط تأسيس الشركات المهنية وممارسة المهنة، وشروط تأسيس شركة مهنية لممارسة أكثر من مهنة حرة، وضوابط ممارسة الشركة المهنية أكثر من مهنة حرة، وشروط وضوابط تأسيس شركة مهنية بالمشاركة مع شركة مهنية غير سعودية، وضوابط مشاركة شخص غير مرخص له في الشركة المهنية، في حين تضمن الفصل الثاني إدارة الشركة المهنية من أكثر من شخص، وقرارات مديري الشركة المهنية أو مجلس إدارتها، والمشاركة في أكثر من شركة، وامتلاك الأصول المالية والعقارية، وتحويل الشركة المهنية إلى شكل آخر، وحل الشركة المهنية قبل نهاية مدتها، والإبلاغ بالتعديل أو التغيير.
وقد شملت المادة السادسة والسبعون من اللائحة، ضوابط ممارسة الشركة المهنية لأكثر من مهنة حرة، من خلال مراعاة الأنظمة واللوائح والمعايير ذات العلاقة بها عند ممارسة أعمالها وتقديم خدماتها، الالتزام بالضوابط الآتية:
- أن تكون ممارسة المهنة الحرة من خلال مرخص له بممارستها.
- المحافظة على استقلالية كل مهنة من المهن الحرة محل نشاط الشركة المهنية، والفصل بينها من حيث تقديم الخدمات والأعمال المتصلة بها، مع مراعاة الحالات التي تُقدم فيها الخدمات والأعمال بمشاركة أكثر من مهنة حرة في موضوع واحد.
- أن يؤدي كل مرخص له الخدمة المهنية في حدود ونطاق مهنته الحرة المرخص له في ممارستها ووفق أنظمة ولوائح ومعايير المهنة الحرة دون التدخل في خدمات وأعمال المهن الحرة الأخرى.
- أن يلتزم كل مرخص له بأنظمة ولوائح ومعايير مهنته الحرة عند التعامل مع حالات تعارض المصالح.
ونمت أعداد الشركات العاملة في قطاع الخدمات المهنية وفقًا لمتطلبات النظام، وزاد عدد السجلات القائمة للشركات المهنية في عام 1441هـ/2020م، إذ تشير بيانات وزارة التجارة إلى وجود 418 سجلًّا قائمًا للاستشارات الهندسية، و137 سجلًّا للاستشارات القانونية، و60 سجلًّا للتقييم العقاري، و84 سجلًّا للمحاسبية.
الجهة المشرفة على قطاع الخدمات المهنية في السعودية
يحظى قطاع الخدمات المهنية في السعودية، بدعم وإشراف وزارة التجارة التي أوضحت أن الأنظمة تعزز فرص وإمكانية تأسيس الشركات المهنية، وإضفاء المرونة وحرية الاختيار بين أشكال الشركات، وتيسير تمويلها بهدف التوسع في نمو الشركات المهنية.
وانطلاقًا من دورها الإجرائي والإشرافي، تختص وزارة التجارة بالترخيص لتأسيس الشركة المهنية وفقًا للإجراءات والضوابط التي نص عليها النظام ولائحته مع مراعاة أحكام نظام الاستثمار الأجنبي.
وبموجب مراعاة الأنظمة لاعتبارات تتعلق بتحقيق القيمة وتعظيمها في الناتج المحلي، فمن المتوقع أن يُسهم نظام الشركات المهنية في تعزيز ثقة المتعاملين مع الشركات المهنية التي تسري عليها أحكام نظام الشركات بما لا يتعارض مع طبيعتها.
وسعيًا لتطوير الخدمات، أعلنت وزارة التجارة عام 1443هـ/2022م، عن تمكين أصحاب السجلات التجارية للمؤسسات (رئيسي وفرعي) والسجلات الفرعية للشركات من شطب سجلاتهم إلكترونيًّا وبشكل فوري بمجرد تسديد الرسوم المتأخرة للسجل التجاري (إن وجدت)، ودون المطالبة بمراجعة الجهات الأخرى قبل الشطب، فيما تتطلب إجراءات شطب السجلات الرئيسة للشركات، إكمال متطلبات تصفية أعمال الشركة قبل شطب السجل.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة