الصناعات العسكرية في المملكة العربية السعودية، هي قدرات التصنيع العسكرية التي تقود عمليات توطينها وتنظيمها وتطويرها الهيئة العامة للصناعات العسكرية، وفق قرار مجلس الوزراء السعودي الصادر في 22 ذو القعدة 1438هـ/15 أغسطس 2017م، لتأسيس الهيئة العامة للصناعات العسكرية لتكون الجهة المسؤولة عن تنظيم وتمكين وترخيص الصناعات العسكرية في المملكة العربية السعودية.
تؤدي الهيئة دورًا محوريًّا في تجسيد طموح الدولة نحو تطوير قدرات الصناعات العسكرية الوطنية، وتعزيز الاستقلالية الاستراتيجية للسعودية، وتوطين القطاع عبر تطوير الصناعات والتقنيات العسكرية والكفاءات الوطنية، إذ بلغت نسبة التوطين 12% بنهاية عام 2021م، بينما تستهدف الهيئة الوصول إلى نسبة توطين تزيد على 50% من الإنفاق الحكومي على المعدات والخدمات العسكرية بحلول عام 2030م، كأحد مستهدفات رؤية السعودية 2030، ورفع مساهمته بشكل مباشر في الناتج المحلي الإجمالي، ورفع ناتج العوائد غير النفطية، من خلال بناء قطاع صناعات عسكرية وأمنية محلية.
وتعمل الهيئة بشكل تكاملي مع شركائها من القطاعين العام والخاص على توطين قطاع الصناعات العسكرية في السعودية من خلال تمكين المصنعين المحليين والدوليين، وفتح أبواب التراخيص لهم للاستثمار في بيئة صناعية عسكرية جاذبة تحظى بفرص استثمارية نوعية ومحفزات تسهم في تمكين المستثمرين المحليين والدوليين، بالإضافة إلى تمكين الكفاءات الوطنية من المساهمة في دعم مسيرة التوطين الطموحة.
تخضع العملية التنظيمية للصناعات العسكرية للمراجعة الدورية وتطويرها بما يساعد في تطور القطاع، وفي هذا الإطار وافق مجلس الوزراء في عام 1442هـ/2021م، على استراتيجية قطاع الصناعات العسكرية في السعودية التي تُسهم في تعزيز الاستقلالية الاستراتيجية للدولة وتطوير قدراتها الصناعية العسكرية الوطنية، والسعي إلى توطين هذا القطاع الواعد، وجعله رافدًا مهمًّا للاقتصاد السعودي.
وتهدف استراتيجية قطاع الصناعات العسكرية لتجسيد رؤية السعودية في تحقيق الاستقلالية وتطوير قدراتها الصناعية العسكرية الوطنية، والسعي إلى توطين القطاع، وجعله رافدًا مهمًّا للاقتصاد السعودي، من خلال نقل التقنية، ودعم المستثمر المحلي، وتوفير فرص العمل للمواطنين والمواطنات، ورفع مستويات مساهمة القطاع في الاقتصاد الوطني.
ركائز استراتيجية الصناعات العسكرية
تعتمد الاستراتيجية على 3 ركائز أساسية، أولها ركيزة المشتريات العسكرية، التي تستهدف الهيئات المحلية المعنية بالقطاع العسكري والأمني، وتنظيم عمليات الشراء عبر تحقيق الكفاءة في الإنفاق وضمان بقاء توطين الصناعة في مقدمة الأولويات، ودعم قدرات المُصنّع المحلي، بالإضافة إلى توحيد الممارسات عبر الهيئات العسكرية، والاستفادة من القوة الشرائية المجمعة للقطاع بهدف توفير أفضل الشروط التعاقدية مع الموردين، وثانيها الوصول لنسبة توطين تزيد على 50% من إنفاق السعودية على المعدات والخدمات العسكرية بحلول 2030م، إذ تمكنت الهيئة من خلال استراتيجية القطاع من تحديد 11 مجال كمستهدف في الصناعة، وتسعى الهيئة إلى صياغة أطر تنظيمية عالمية تعزز الشفافية وتشجع الاستثمار في قطاع الصناعات العسكرية الواعد في السعودية، وتقدم المحفزات للمصنعين المحليين، وتصدر تراخيص التصنيع والتصدير.
ومن خلال ركيزة التقنيات العسكرية وهي الثالثة، تسعى الهيئة إلى بناء القدرات الوطنية وتعزيز البنية التحتية المحلية للأبحاث والتطوير وتحديد التقنيات ذات الأولوية وتحفيز عملية تطوير رأس المال البشري، وإنشاء مراكز أبحاث ومختبرات وطنية متخصصة في مجال الصناعات العسكرية، وحددت 7 مجالات بحثية تتفرع منها 21 تقنية مستهدفة تعمل على تطويرها وتوطينها خلال الأعوام المقبلة، مما يدعم جهود الهيئة العامة للصناعات العسكرية في وضع أسس لبيئة عمل تسهم بشكل مباشر في رفع الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030م، وخلق الفرص الوظيفية في القطاعين العام والخاص، ودفع عجلة التنمية عبر تعزيز العائدات غير النفطية، بالإضافة إلى دعم الشركات المحلية الصغيرة والمتوسطة الناجحة لتسهم في دعم الاقتصاد السعودي على نطاق أوسع.
منجزات الصناعات العسكرية في السعودية
تواصل العمل المؤسسي في تنظيم القطاع العسكري بإطلاق برنامج تراخيص مزاولة أنشطة الصناعات العسكرية الذي يندرج تحت 3 أنشطة، تتمثل في: التصنيع العسكري، وتقديم الخدمات العسكرية، وتوريد المنتجات أو الخدمات العسكرية.
وحقق ذلك التنظيم والنشاط الاستثماري في قطاع الدفاع عددًا من المنجزات شملت: توطين أنظمة قتال السفن الإسبانية (Avante-2200)، وتوطين صناعة الزوارق السريعة (HIS-32)، وإنتاج عربة الدهناء، وهي عربة مدرعة (4*4)، والبدء ببناء قدرات لصناعة أجهزة الراديو المعرفة برمجيًّا، وكذلك البدء ببناء قدرات لصناعة الطائرات بدون طيار، إضافةً إلى توقيع أول اتفاقية مشاركة صناعية مع شركة ريثيون العربية السعودية، لتوطين صيانة وتجديد منظومة الدفاع الجوي "باتريوت".
صناعة زوارق اعتراضية
برزت أهمية التصنيع العسكري الوطني في منجزات تمثِّل تطورًا في القدرات الصناعية للسعودية، وذلك مع إعلان وزارة الدفاع والهيئة العامة للصناعات العسكرية في عام 1442هـ/2020م، عن تدشين وتوطين أول زورق اعتراضي سريع من نوع (HSI32) مُصنع محليًّا، بالإضافة إلى تدشين أول حوض عائم.
ومثَّلت هذه الدفعة من منظومة الزوارق الاعتراضية السريعة إضافةً نوعيةً للصناعة العسكرية في السعودية، فهي أول دفعة مصنعة محليًّا، وجاءت امتدادًا لدفعات سابقة استلمتها القوات البحرية الملكية السعودية من شركة (CMN) الفرنسية عبر اتفاقية موقعة بين الطرفين تتضمن تصنيع وتوريد عدد من الزوارق السريعة من نوع (HSI32)، بحيث يُصنع جزء منها في جمهورية فرنسا، والجزء الآخر تجري صناعته ونقل تقنيته محليًّا إلى السعودية.
استثمارات الصناعات العسكرية في السعودية
يُتوقع أن يصل الإسهام الاقتصادي لقطاع التصنيع العسكري إلى 4.5 مليارات دولار في الناتج المحلي الإجمالي عام 2030م، وأن تبلغ معدلات الاستثمارات 10 مليارات دولار بحلول عام 2030م، مع إجمالي صادرات متوقع في العام نفسه يبلغ 666 مليون دولار.
وللوصول إلى تلك المستهدفات جرى تحديد 11 مجالًا مستهدفًا تحظى بأولوية استراتيجية للتوطين بحلول عام 2030م، تشمل: الإلكترونيات الدفاعية، والذخائر التقليدية والأسلحة، والذخائر والصواريخ الموجهة والقاذفات، والأنظمة والمكونات الهيكلية للطائرات بدون طيار، وصيانة وإصلاح وعمرة الطائرات بدون طيار، والنطاق السيبراني، وصيانة وإصلاح وعمرة قطع غيار الطائرات ثابتة الجناح، والأنظمة والمكونات الهيكلية للأنظمة البرية، وصيانة وإصلاح وعمرة قطع الغيار للأنظمة البرية، والأنظمة والمكونات الهيكلية للأنظمة البحرية، وصيانة وإصلاح وعمرة قطع الغيار للأنظمة البحرية.
ويتضمن استثمار قطاع التصنيع العسكري أيضًا تطوير الأنظمة التقنية، ولذلك تم تحديد 7 فئات ذات أولوية استراتيجية في مجال البحث والابتكار، تشمل: الكهروبصريات والأشعة تحت الحمراء، والحرب الإلكترونية والطاقة الموجهة، والرادار، والاتصالات الراديوية، والأمن السيبراني، والأسلحة الكهرومغناطيسية، وممكنات الذكاء الاصطناعي.
برنامج المشاركة الصناعية في الصناعات العسكرية
يكتسب قطاع الصناعات العسكرية حيوية في نشاطه من خلال عدد من المبادرات والبرامج التي تعزز أداءه الصناعي، وفي هذا الإطار أُطلق برنامج المشاركة الصناعية "IPP" في عام 1440هـ/2019م، ليكون البرنامج المطور لبرنامج التوازن الاقتصادي في السعودية، ويمثل ممكنًا في استراتيجية قطاع الصناعات العسكرية بالسعودية، ويُسهم في خلق فرص اقتصادية واعدة في القطاع.
ويهدف البرنامج، وهو اتفاقية بين الهيئة العامة للصناعات العسكرية والمصنع الأصلي للمعدات لدعم المحتوى المحلي، لتوسيع قاعدة الصناعات العسكرية محليًّا في مجالات ذات قيمة مضافة، وتقديم شبكة من الخدمات والدعم الفني لقطاع الصناعات العسكرية، وتحفيز الاستثمارات المباشرة والشراكات الاستراتيجية مع الشركات العالمية في القطاع، إلى جانب نقل التقنيات والمعرفة في الخدمات والصناعة والأبحاث والتقنية، وتطوير الكوادر البشرية الوطنية للعمل في المجالات الدقيقة، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة لضمان مشاركتها في سلاسل الإمداد الوطنية.
الشركة السعودية للصناعات العسكرية
الشركة السعودية للصناعات العسكرية "SAMI" هي إحدى الشركات الكبرى في قطاع الصناعات العسكرية، مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة، أُسست في شعبان 1438هـ/مايو 2017م، وتعنى بتطوير ودعم الصناعات الدفاعية في السعودية وتعزيز اكتفائها الذاتي، وهي من الشركات التي تسهم بشكل كبير في دعم توجهات قطاع الصناعات العسكرية، وتطمح الشركة إلى أن تكون ضمن أفضل 25 شركة متخصصة في هذا القطاع على مستوى العالم.
تطور الصناعات العسكرية في السعودية
بدأت الشركة السعودية للصناعات العسكرية استثماراتها وتحقيق أهدافها في أول سنوات عملها، مع إعلانها عام 1442هـ/2020م، استكمال عملية الاستحواذ على شركة الإلكترونيات المتقدمة "AEC"، لتصبح بذلك شركة سعودية 100%.
وتحقق هذه الصفقة عددًا من الميزات التنافسية والاستثمارية، إذ تعزز حضور الشركة السعودية للصناعات العسكرية في سوق الصناعات الدفاعية ذات الأهمية الاستراتيجية، وتدعم خططها الهادفة إلى نقل الصناعات العسكرية وتوطينها، كما أن الاستحواذ سيعزز فرص شركة الإلكترونيات المتقدمة للتوسع والمنافسة في مجالها.
نمو استثمارات الصناعات العسكرية في السعودية
سجل قطاع الصناعات العسكرية ارتفاعًا في عدد التصاريح التأسيسية والتراخيص حتى نهاية العام 2022م، إذ بلغت 342 تصريحًا تأسيسيًّا، وترخيصًا لـ192 منشأة، يقدر حجم استثماراتها حتى عام 2027م ما يناهز 43 مليار ريال.
ووصل إجمالي الطلبات والعقود الواردة للهيئة العامة للصناعات العسكرية منذ التأسيس وحتى نهاية شهر نوفمبر 2022م، أكثر من 400 طلب من وزارات: الدفاع، والداخلية، والحرس الوطني، إضافة لرئاسة أمن الدولة، والحرس الملكي، والاستخبارات العامة، قيمتها الإجمالية 74.06 مليار ريال، في حين بلغ إجمالي الطلبات والعقود المعروضة على الهيئة من التأسيس 318 طلبًا، قيمتها الإجمالية 56.97 مليار ريال.
وبلغ عدد البرامج الواردة للهيئة منذ التأسيس وحتى شهر نوفمبر 2022م، نحو 53 برنامجًا بقيمة إجمالية بلغت 3.61 مليارات ريال، بينما بلغ عدد البرامج المعروضة على الهيئة 24 برنامجًا بقيمة 2.29 مليار ريال.
كما بلغ عدد مشاريع العقود والتسليح التي تم الانتهاء من دراستها منذ تأسيس الهيئة حتى نوفمبر 2022م، نحو 327 مشروعًا، وتقدر نسبة الوفورات المحتملة على إجمالي المشاريع بعد الطرح 3.46% بمبلغ إجمالي 1.8 مليار ريال.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة