تم نسخ الرابط بنجاح
saudipedia Logo
المصنوعات الجلدية في السعودية
مقالة
مدة القراءة 7 دقائق

المصنوعات الجلدية في السعودية، هي مصنوعات وأدوات تعتمد موادها الخام على المنتجات الجلدية التي تتوفر من جلود المواشي (الإبل، والبقر، والأغنام)، إضافة إلى جلود الحيوانات التي يتم صيدها، مثل الظباء والوعول، إضافة إلى الأرانب والضبان. وتستعمل هذه المصنوعات في الزراعة والاحتياجات المنزلية في مناطق المملكة العربية السعودية.

وتعتمد بعض المهن على المواد الخام المُستخلصة من الجلود، ومنها الدباغة، والخرازة، وهي مهن يمارسها الرجال والنساء، إذ تقوم بها النساء إذا كانت المصنوعات من متطلبات الأسرة، مثل: القرب والصملان. فيما يتولى الرجال الإنتاج على نطاق تجاري.

دباغة المصنوعات الجلدية

أولى مراحل صناعة الجلديات هي الدباغة، وتبدأ بغمس الجلود المنتقاة في أحواض مليئة بالتمار، مثل حبوب ذرة، أو الشعير المجروش والمخمر بالماء، أو التمر المطبوخ طبخًا خفيفًا. وتبقى الجلود في هذه المواد المتخمرة لمدة أسبوع أو أكثر حتى تتشبع منها، وتخرج الجلود منها وينزع عنها صوفها وتنظف بالدباغ، وتترك لمدة 4 أيام ويتم تقليبها بين الحين والآخر حتى تتشرب الدباغ، ثم تخرج منه وتنشف وتدهن بالودك (الشحم المذاب)، لتصبح ناعمة وقابلة للاستعمال.

وتختلف المواد المستعملة في دباغة الجلود، إذ يعطي كل نوع منها للجلد المدبوغ لونًا ورائحة مميزة وطراوة ملموسة، ومن أشهر ما يستخدم في دباغة الجلود غصون وأوراق شجر الأرطى والمعروفة بـ"الدباغ"، وتأخذ الجلود المدبوغة فيه اللون الأحمر الفاتح، وكذلك نباتات العرن، وهي أشجار جبلية لها وريقات صغيرة والجلود المدبوغة بها تأخذ اللون الأحمر القاني.

ومن المواد المستعملة في الدباغة ثمر شجر الأثل (الكرمع)، وأغصان نبات العاقول، وهو نبات شوكي ينبت بكثرة في السباخ وداخل الحقول. ويستخدم نبات الشث لدباغة الجلود في المناطق الجنوبية والغربية. كما يستخدم قشر الرمان للغرض نفسه، وهناك نباتات وحشائش تستخدم في الدباغة، وتختلف من منطقة إلى أخرى.

ويحرص الجزارون على سلامة الجلود من الثقوب ونظافة الجلد عند السلخ من اللحم الملتصق به، لأن ذلك يعوق عملية الدباغة. ثم يفرد الجلد ويوضع داخله ملح أو ورق حماط أو تبن مجفف ومطحون، لامتصاص الماء وإذابة الشحوم من الجلد، ثم يغمر في إناء أو حوض مليء بالماء الممزوج بأوراق شجر الشث، ويبقى الجلد لمدة أسبوع، يقلب كل يوم عدة مرات فيتساقط عنه الشعر وتزول منه الرائحة، ثم يخرج من الماء وينظف ويدهن بالشحوم وينظف من العوالق ويعرض للشمس، ثم يدهن بالسمن أو الزبدة ليلين وتزال منه النتوءات الداخلية. ويغمر بعد ذلك في ماء العرن، وهو نبات جبلي قصير السيقان تؤخذ جذوره وأخشابه فتدق وتطبخ ولها مرارة وتصفى لتوضع على الجلود. وبعد أن تتشرب الجلود العرن تكتسب رائحة طيبة، فإن كان يجهز لحفظ الماء كالقرب والبدار والدلاء؛ تُرك بها الماء لمدة يوم أو يومين، ثم تفرغ منها المياه، وتتكرر هذه العملية حتى يتخلص من مرارة العرن ثم يستخدم، وإن كان لا يستخدم للماء كالعياب والحساكل والجربان (جمع جراب) وغيرها تجفف وتستعمل. ويتغير طعم الماء في القرب بعد فترة من استخدامها لذلك يعمدون إلى غمرها في ماء العرن مرة أخرى، أو ماء البشام لتزول ملوحتها وتتجدد جودتها.

صناعة الدلاء

المرحلة الثانية التي تلي الدباغة، هي تشكيل المصنوعات الجلدية وخرازتها لعمل الأدوات المطلوبة، مثل الدلو الذي يُصنع من جلود الماعز أو الثور أو الجمل. والدلو هو وعاء شكله نصف بيضاوي يسمى "القلص"، وتثبت في أعلاه خشبتان متقاطعتان تسميان "العرقاة"، يربط بهما حبل الدلو. ويُستخدم الدلو كالقرب في رفع الماء من الآبار. ولاحقًا أصبح الدلو يُصنع من الربل بدلاً من الجلود، وهناك نوع من الدلاء يصنع من جلود الإبل، وهو أكبر حجمًا من الدلاء العادية، ويُعرف بـ"القَلَص".

صناعة القرب

تُصنع القِربَة من جلد الماعز والضأن، وتستخدم لنقل الماء وتبريده، وهي عبارة عن جلد كامل يخرز من قاعدته وتصر أو تخرز مكان أيدي الشاة وأرجلها ويبقى مكان رقبتها فمًا للقربة. ويُختار لصناعتها عادة أكبر جلود الماعز والضأن بشرط أن يكون سليمًا من الثقوب، ويكون للقربة حبل من الليف ملفوف عليه خرق تصل بين الرجلين واليدين، وقد يكونان حبلين يصل كل واحد منهما بين كل يد ورجل على حدة. وتتشارك النساء مع الخرازين في صناعة القرب. وتستخدم النساء الحبال لتعليق القربة على أكتافهن عند حملها لنقل الماء من البئر للمنزل، كما قد تحمل القرب على ظهور الحيوانات إذا كانت البئر بعيدة. وفي بعض المناطق لا تُستخدم حبال الليف في حمل القرب، بل يُستخدم المجدول والمحقبة، واللذان يصنعان من الصوف. وتستخدم القرب لتبريد الماء صيفًا، وأفضلها للتبريد ما مضى على صنعه عدة سنوات حتى جف وأصبح قاسيًا، ويُعرف هذا النوع بـ"الشنة".

صناعة الصّميل أو الشِكوة (السقاء) أو البدرة

هو وعاء يشبه القربة، لكنه أصغر حجمًا، ويُصنع من جلود صغار الغنم أو الماعز، وقد لا يحتاج إلى خرازة فيكتفي بربط (صرّ) قاعدة الجلد، وفتحات الأيدي والأرجل. ويستخدم الصميل لخض اللبن الرائب. إما على الأرجل مباشرة أو بتعليقه في القنارة أو محجان يتدلى من سقف المنزل، ويملأ السقاء إلى أعلى مفتوحًا ومجوف النصف الأعلى منه بشد يدي السقاء، فيمتلئ بالهواء ثم يحكم ربطه في حال انتفاخه، فيحتفظ بهذا الانتفاخ، ويهز هذا الصميل حتى يصبح اللبن جاهزًا، وعندئذ يستخرج الزبد ويبقى اللبن في الصميل مُعلقًا في إحدى زاويا المنزل ليستهلك خلال اليوم، وتكرر العملية في اليوم التالي. وغالبًا ما تقوم بهذا العمل النساء كبيرات السن في الصباح الباكر. ويستخدم الصميل أيضًا من قبل الرعاة والمسافرين لنقل الماء وتبريده، ويعرف هذا النوع من الصملان في بعض المناطق، خصوصًا جنوب غربي السعودية باسم "السُّعن".

صناعة "الركوة"

يُصنع في بلاد غامد وزهران من جلد رقبة البعير وعاء يُسمى "الركوة"، ويقوم مقام الإبريق الحديث، وله فم يدخل منه الماء عند التعبئة، وآخر يخرج منه عند الاستعمال، وهو أصغر من سابقه، وله عروة تساعد على حمله، ولإحكام خروج الماء بقدر عند الوضوء، فقد يستخدم عظم الغنم المجوف كماسورة.

وهناك "ركوَة" أخرى تكون بمثابة سرير لنوم الطفل، وتصنع من الجلد بعد دبغه حتى يصبح ناعمًا، طولها نحو متر، وعرضها أقل، يثبت من طرفيها عصوان يربط بطرفي كل عصا حبل، وهي مفتوحة تبسط على الأرض ويفرش عليها فراش صغير ناعم، ويوضع الطفل داخلها لتضم أطرافه العليا، وتكون مفتوحة من أعلاها، وتعلق في أحد أجزاء البيت وتهز حتى ينام الطفل، وتسمى في الأفلاج والمناطق المجاورة "الميزَب". وتستخدم الركوة لحمل الطفل من مكان إلى آخر.

صناعة "الجواعد"

يصنع "الجَاعَد" من جلود الضأن والماعز، وله عدة أنواع، بعضها يدبغ ويزال ما به من صوف ويلبس على شكل صدرية يتوقى بها المحتطب والحشاش، ومنها ما يفترش على ظهر المطية كالنطوع والميارك والبدود، وهو أحد الأجزاء التي توضع فوقها خشبة المسامة أو الشداد، وتقسم عادة إلى أربعة أقسام متساوية، وتوضع على ظهر الجمل يقسمها سنامه، وتحشى بالتبن.

ومن "الجواعد"، "جاعد الطفل" الذي يوضع تحته ليمنع تسرب بوله، وكذلك منها ما يدبغ من دون أن يزال الصوف، ويختار عادة من جلود الضأن كبيرة الحجم غزيرة الصوف، ويستخدم كفراش للجلوس عليه، خاصة في فصل الشتاء، لأنه يمنح الدفء للجالس عليه، كما يستخدم هذا النوع أيضًا ليفرش على شداد البعير أثناء الركوب.

مصنوعات جلدية أخرى

يُصنع "المِروَب" من الجلود، وهو صميل كبير يستعمل لترويب الحليب قبل خضه، ويوضع في مكان دافئ في فصل الشتاء، وبارد في فصل الصيف حتى يروب الحليب فيه. وهناك "العُكّة"، وهي وعاء صغير يشبه الصميل، يُصنع عادة من جلود صغار الماعز أو الضأن، ويستخدم لحفظ السمن. وهناك نوع من العكاك يصنع من جلود الضبان، خصوصًا في نجد، وهو أصغرها. وتدهن "العكة" بالدبس أو التمر المطبوخ (الرُّب) قبل وضع السمن فيها، حتى يمنعها من النضح.

ويشبه "النَّحو" في صناعته "العكة" شكلاً واستخدامًا، ولكنه أكبر حجمًا. وهناك المكرش وهو وعاء من الجلد يحفظ به الزبد بعد أخذه من الصميل بعد خضه، وتصنع الراوية من جلود الإبل، وهي تشبه القربة ولكنها أكبر حجمًا، كما أنها مربعة الشكل غالبًا، وللراوية رقبة في أعلاها وعروتان عن يمينها وشمالها تستخدمان لحملها. وتقوم الراوية مكان القربة في نقل الماء، خاصة في البادية، ولكنها لا تصلح لتبريد الماء. وكذلك تصنع "العَيبَة" من جلود الإبل، وتكون مربعة الشكل وذات عروتين ويوضع فيها التمر، والأطعمة الأخرى.

ويُعد "الحوض" من أكبر المصنوعات التي تتخذ من جلد البعير، وهو عبارة عن وعاء كبير قد تستخدم في صنعه عدة جلود، حيث تخرز مع بعضها وتثبت على قوائم خشبية تحمله قرب البئر، ويعبأ الحوض بالماء لترد إليه الإبل والبهائم. وتصنع من الجلود، خصوصًا جلود الإبل الحبال والشرائح الجلدية "القد"، التي تستخدم في ربط عدد من المصنوعات الخشبية وتقويتها كالمحال والأبواب والمواقع وغيرها، ومن أنواع الحبال المصنوعة من الجلود حبل السريح (المقاط)، وهو أحد الحبلين اللذين يحملان القرب عند رفعها من البئر.

أما الجلمد، وهو العصب الأصغر في رقبة البعير، فيسرح ويلف ثم يترك حتى يجف، وعند الحاجة إليه يُخلط قليل من الطين ويدفن فيه الجلمد ليوم أو يومين، وخلال هذه الفترة يُسقى بالماء من فترة لأخرى حتى يلين. ويستخدم الجلمد في "وسر" الأشياء القيمّة، مثل البنادق، وذلك لجماله وقوته، وهو أفضل من "القد".

وتستعمل الجلود في صناعات أخرى، مثل الأحذية (النعال)، والبريم (المحزم)، وخباء البندقية، و"الدُّف" الذي تستخدمه النساء للطبل عليه في مناسبات الزواج والأعياد. فيما يستخدم الرجال الطبول والدماميم في العرضة والسامري. ويصنع من الجلود "الحسكل"، وهو وعاء لحمل النقود والسيور، وهو يشبه شكل منطقة المسدس، ويشد بمجدول من السيور يسمح بتمنطقه بحيث يتدلى "الحسكل" تحت الإبط الأيسر، ويرتكز حزامه أو مجدوله على الكتف الأيمن.

كذلك يُصنع من الجلود "الميسب"، الذي يشبه "العكة"، ولكنه أكبر منها، ويستخدم لحفظ العسل. وأيضًا "السماط" وهو وعاء يحمل فيه المسافرون متاعهم، وهو نوعان. إضافة إلى "القذه"، وهي تنورة من السيور كانت ترتديها قديمًا البنات دون سن العاشرة، و"الجراب" وهو وعاء تحفظ فيه الحبوب والتمور والدقيق، و"الحقو" أو "النسعة"، وهو حزام من السيور للرجال، يرتدى إما خارج ثيابهم أو تحتها،و"النطع" ويستخدم لجمع الدقيق، حيث يوضع تحت الرحى، و"القبيل" وهو وعاء أكبر من "السماط" يحمل على الظهر، وقد يقرن القبيلان على الماشية فيصبحان كالخرج، وتصنع من الجلود مجموعة أخرى من الحقائب والأوعية التي تستخدم لحمل المال والبن والفناجين وغيرها من الأشياء الخفيفة. كما يصنع من السيور عدد من الأشكال لكثير من الأغراض، ويمكن تلوين الجلود والسيور واستخدامها في تزيين المصنوعات الجلدية.