حقل الشيبة، هو أحد حقول النفط الكبيرة وسط صحراء الربع الخالي في المملكة العربية السعودية، وتعود قصة الحقل الذي يقع على بعد 800 كم جنوب الظهران إلى عام 1357هـ/1938م، عندما زار فريق من أرامكو السعودية، صحراء الربع الخالي لأول مرة، بهدف الاستكشاف وإمكانية العثور على مخزون نفط في باطن الأرض هناك.
اكتُشِف النفط في منطقة الشيبة أثناء حفر البئر الاستكشافية "الشيبة 1" عام 1388هـ/1968م، وهو من النوع العربي الخفيف جدًا، ولكنه أُحيل كاحتياطي حتى عام 1416هـ/1995م.
بدأ العمل في حقل الشيبة وسط ظروف معقدة، غير أن أعمال البحث تمخضت عن اكتشاف حقل نفطي شاسع تحيط به كثبان من الرمال ذات اللونين الأحمر والذهبي يبلغ ارتفاعها 1000 قدم (333م) وتعصف بها رياح تصل سرعتها إلى 80 كم في الساعة (50 ميلًا)، إذ تصل درجات الحرارة في فصل الصيف إلى 122 درجة فهرنهايت (50 درجة مئوية). وكانت التضاريس والمناخ والتعقيدات اللوجستية تقف عائقًا أمام أعمال التطوير، مما أدى إلى بقاء هذا الحقل على حالته 30 عامًا أخرى.
استمرت جهود التنقيب ومواجهة التحديات، وبعد إعداد الأفكار والاستراتيجيات والتصاميم الخاصة بالمشروع، بدأت أعمال الإنشاء عام 1416هـ/1995م، وتضمنت نقل نحو 13 مليون م
بحلول عام 1419هـ/1998م، وبالمثابرة والالتزام والإصرار تمكنت أرامكو السعودية من التغلب على عقبات هائلة وإنجاز المشروع بأكمله قبل الموعد المحدد بعام كامل، واستغرق ذلك 50 مليون ساعة عمل، ونقل نحو 13 مليون م
المرحلة الأولى لحقل الشيبة
لم يكن نجاح المشروع متوقفًا على هذه الاحتياطيات الضخمة وحسب، إذ أدركت أرامكو السعودية أن هناك إمكانات أكبر لحقل الشيبة تفوق ما استُغِلَّ منه، ولذا شرعت في تنفيذ مشروعين جديدين، وهما: مشروع توسعة حقل النفط، ومشروع استخلاص سوائل الغاز الطبيعي.
أدَّى تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع توسعة حقل النفط في الشيبة إلى زيادة الإنتاج إلى 750 ألف برميل في اليوم الواحد من النفط الخام العربي الخفيف عالي القيمة بحلول عام 1430هـ/2009م. لكن طموحات الشركة كانت أكبر من ذلك، وفي عام 1437هـ/2016م، عززت الشركة إنتاجها بـ250 ألف برميل إضافية، لترفع بذلك الطاقة الإنتاجية الإجمالية لحقل الشيبة إلى مليون برميل في اليوم الواحد، أي ما يعادل ضعف الطاقة الإنتاجية الأولية.
الطاقة الإنتاجية لحقل الشيبة
نظرًا لموقعه النائي، تشمل مرافق حقل الشيبة وحدة مخصصة لاستخلاص سوائل الغاز الطبيعي ومطارًا ومساكن للموظفين، وطُوِّر الحقل باستخدام أساليب متقدمة لتصوير الاهتزازات ثلاثية الأبعاد وحفر الآبار الأفقية متعددة الأفرع، وأُضيفَت مرافق المعالجة على مراحل مع توفر معلومات الإنتاج.
وقُدرت الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة (MSC) لحقل الشيبة في 24 ربيع الآخر 1440هـ/31 ديسمبر 2018م، بواقع 1,000 مليون برميل من النفط الخام في اليوم، وبلغت احتياطاته المتيَقَّنَة (Proved Reserves) ما مقداره 14.86 مليار برميل مكافئ نفطي بما في ذلك 13.62 مليار برميل من احتياطيات السوائل.
وتُستخدم الطاقة الإنتاجية المرتبطة بالغاز في حقل الشيبة لأغراض استخلاص سوائل الغاز الطبيعي، ولا تمد شبكة الغاز الرئيسة بالغاز الطبيعي، ومنذ عام 1419هـ/1998م، وسعت الشركة طاقتها الإنتاجية من النفط العربي الخفيف جدًا المُستخرج من حقل الشيبة من 500 ألف برميل في اليوم إلى مليون برميل في اليوم في 1437هـ/2016م.
توسعة حقل الشيبة
اشتمل مشروع توسعة حقل النفط الخام في الشيبة على توسعة المرافق القائمة في معملي فرز الغاز عن الزيت رقم 1، ورقم 3، ورقم 4، ولأن معمل فرز الغاز عن الزيت رقم 4 سيتحمل جزءًا كبيرًا في إنتاج الكميات الإضافية من النفط الخام، شهدت هذه المعامل إضافة أربع وحدات لفرز الغاز عن الزيت، وسلسلة من وحدات مناولة النفط الخام الرطب، ومضخات التعبئة والتصريف والنقل، و23 وحدة وسيطة لزيادة ضغط الغاز، وسبع وحدات لتجفيف الغاز الطبيعي إلى جانب المرافق الأخرى المرتبطة بها.
وتضمَّن المعمل إنشاء مرافق إضافية لنقل النفط الخام مع المرافق المرتبطة بها في معملي فرز الغاز عن الزيت رقم 1، ورقم 3، إذ أسهمت هذه التوسعة في تعزيز الطاقة الاستيعابية إلى 4400 مليون قدم
ويشمل مشروع استخلاص سوائل الغاز الطبيعي كذلك مرافق لاستخلاص سوائل الغاز الطبيعي في الشيبة ذات القيمة العالية، متضمنًا إنشاء معملٍ جديدٍ لاستخلاص سوائل الغاز الطبيعي بطاقة معالجة تبلغ 2.4 مليار قدم
ويتضمن مشروع حقل الشيبة إنشاء مرافق ووحدات لمناولة الغاز وتنقيته، وأخرى لاستخلاص سوائل الغاز الطبيعي، إلى جانب مشروع يعمل على مرافق لإزالة الماء، وضغط الغاز الرجيع، والحمضي، وتخزين سوائل الغاز الطبيعي وشحنها، إضافة إلى تحسين مرافق مناولة الغاز في معامل فرز الغاز من الزيت الأربعة في الشيبة، وبناء مرافق للمنافع الكهربائية وغير الكهربائية ذات الصلة، ووحدتين لمعالجة الغاز، ووحدات لاستخلاص سوائل الغاز الطبيعي ونزع ثاني أوكسيد الكربون وكبريتيد الهيدروجين، وشبكة خطوط أنابيب بطول 638 كم، وقطر 36 بوصة، من أجل ربط هذه المرافق بشبكة خطوط أنابيب سوائل الغاز الطبيعي القائمة حاليًّا بالقرب من معامل بقيق.
محاولة استهداف حقل الشيبة
تعرض مرفق تسييل الغاز الطبيعي التابع لأرامكو السعودية في الشيبة في عام 1441هـ/2019م، لاستهداف بخمس طائرات مسيرة مجهولة الهوية، نتج عنه اندلاع حرائق وحدوث أضرار بالبنى التحتية للمعالجة والإنتاج المزدوج في المرفق، كما ترتب على الاستهداف تطبيق بروتوكولات الاستجابة للطوارئ واستمرارية العمل لدى الشركة لوقف تدفقات اللقيم وإزالة الضغط وإغلاق المعدات وتقييم المخاطر التي تعرض لها المرفق واستئناف العمليات بأمان، ولم يُبَلَّغ عن أية إصابات أو وفيات جراء الحادث، واستعِيدَت عمليات المحطة على ناقل واحد لتسييل الغاز الطبيعي خلال أسبوعين من الاستهداف.
محمية الحياة الفطرية في حقل الشيبة
تحتضن الشيبة محمية مسيجة للحياة الفطرية تابعة لأرامكو السعودية، تبلغ مساحتها 637 كم
تميز أعمال حقل الشيبة
فاز مشروع الشيبة بجائزة مجلس التعاون الخليجي للتميُّز البيئي عام 1432هـ/2011م، لاستخدامه تقنية التلافي التام لحرق الغاز، وإعادة تدوير مياه الصرف الصحي، واستخلاص الانبعاثات وحماية الحياة البرية، ونظرًا لأن المنطقة المحيطة بالحقل فيها أكثر من 70 غزالًا رمليًّا و40 مها عربيًّا، اتخذت الشركة تدابير استثنائية لضمان الحفاظ على بيئتها الطبيعية.
في عام 1440هـ/2019م، خضعت محمية الحياة الفطرية في الشيبة للتدقيق من جهة خارجية، وحصلت على شهادة الآيزو 9001 الخاصة بمعيار إدارة الجودة. إلى جانب ذلك، حصلت إدارة الإنتاج في الشيبة على جائزة الرئيس للمحافظة على البيئة مرتين، كما أنها حازت في عام 1431هـ/2010م، جائزة أفضل منشأة صناعية من الناحية البيئية ضمن دول مجلس التعاون الخليجي، وفي عام 1439هـ/2018م، حصلت الإدارة على جائزة رئيس أرامكو السعودية للتميز.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة