صالح الحصين

صالح بن عبدالرحمن الحصين، (1351هـ/1932م-1434هـ/2013م) كان وزير دولة وعضوًا في مجلس الوزراء، ورئيسًا عامًّا لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي (الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي حاليًّا)، ورئيسًا لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، كما كان عضوًا في هيئة كبار العلماء.

ولد في شقراء بمنطقة الرياض، وانتظم في الدراسة حتى تخرَّج في كلية الشريعة عام 1374هـ/1955م، وأثناء الدراسة درّس في المعهد العلمي بالرياض، قبل أن يحصل على درجة الماجستير في الدراسات القانونية من معهد الدراسات العربية في القاهرة عام 1380هـ/1960م، كما درس اللغتين الفرنسية والإنجليزية وألمَّ بهما.وقد ذهب إلى باريس ليكمل دراسته العليا لكنه عاد إلى المملكة في مهمة عمل.

تلقى العلم على يد عبدالمجيد حسن جبرتي الذي كان إمامًا للمسجد النبوي وعضو هيئة كبار العلماء، وحفظ القرآن الكريم على يد إسحاق كردي. ومن ضمن أساتذته كذلك عبدالرزاق السنهوري، وقد تتلمذ عليه عامين في مادة الفقه المقارن بمعهد الدراسات العربية في مصر.

تفرغ 40 عامًا للعلم وقراءة القرآن، وكان يستدعى أثناء ذلك للإفادة باستشارات قانونية وإبداء الرأي حيال بعض القرارات.عمل مدرسًا بمعهد الرياض العلمي أثناء دراسته الجامعية، وبعد أن عاد من مصر عُين مستشارًا قانونيًا بوزارة المالية والاقتصاد الوطني وذلك من عام 1380هـ/1960 حتى عام 1391هـ/1971م،إذ إنه في هذا العام عُيّن رئيسًا لهيئة التأديب ووزيرًا للدولة وعضوًا في مجلس الوزراء 1391هـ/1971م، وبقي كذلك حتى عام 1394هـ/1974م حيث أُحيل إلى التقاعد.

عقب تقاعده تفرغ للقراءة والعلم والقرآن، إلى أن عُيّن عام 1422هـ/2002م رئيسًا عامًا لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بمرتبة وزير، ثم اختاره الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في عام 1424هـ/2004م رئيسًا لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.

تضم سيرته المهنية كذلك توليه رئاسة مجلس إدارة صندوق التنمية العقاري، وهو من مؤسسيه وأصحاب فكرته، ورئيسًا لشعبة الخبراء بمجلس الوزراء (هيئة الخبراء حاليًّا)، وكان وزير دولة وعضوًا في مجلس الوزراء في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، وعضوًا في المجالس العليا لخمس جامعات. كما كان عضوًا بهيئة كبار العُلماء.

مارس الحصين عددًا من الأدوار البارزة في مجال الدعوة الإسلامية، ودعا إلى الوسطية والتعايش بين المسلمين وغيرهم، وأسهم في تأسيس عدد من المؤسسات المعنية بالمجالات الخيرية والإنسانية، منها: جمعية المدينة المنورة للخدمات الاجتماعية، ومؤسسة المستودع الخيري بالمدينة المنورة، وغيرها.

مُنح صالح الحصيّن جائزة الملك فيصل العالمية فرع خدمة الإسلام بالمشاركة مع الكويتي يوسف بن جاسم الحجّي عام 1426هـ/2006م، تقديرًا لدوره في إظهار الصورة الصحيحة للإسلام، وإسهاماته الفكرية في تصحيح مسار المصارف الإسلامية بما يتوافق مع أحكام الشريعة.

وكرّم مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ذكرى صالح الحصين بإصدار كتاب توثيقي عنه في ربيع الأول 1438هـ/ديسمبر 2016م بعنوان "صوت الوسطية: الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين - السيرة الفكرية والنموذج الإنساني"، ويتضمن الكتاب أربعة فصول تتناول سيرته، وهوية الزهد في حياته، والخطاب الفكري عنده، والشيخ صالح الحصين: ريادة الحوار بين الوسطية والاعتدال.

يشمل إرثه الفكري العديد من المؤلفات، منها: الأقليات المسلمة في مواجهة فوبيا الإسلام، والتسامح والعدوانية بين الإسلام والغرب، إصدار مؤسسة الوقف الإسلامي، ورؤى تأصيلية في طريق الحرية، عن العبيكان. والعلاقات الدولية بين منهج الإسلام والمنهج الحضاري المعاصر. ومحمد أسد في الطريق إلى مكة، وهو من إصدارات مؤسسة الوقف الإسلامي. ووصايا للنبي عليه السلام في المئة يوم الأخيرة من حياته.

عانى في آخر أيامه من متاعب صحية تطلبت توقفه عن العمل، فصدر أمر ملكي في جمادى الآخرة 1433هـ/مايو 2012م يقضي بالموافقة على طلبه بإعفائه من منصب الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي لظروفه الصحية.

توفي في 24 جمادى الآخرة 1434هـ/4 مايو 2013م، وصدر في ذلك بيان عن الديوان الملكي، وأدّيت الصلاة عليه بعد صلاة عصر اليوم التالي بجامع الراجحي في الرياض.