
عبدالعزيز بن عبدالله آل باز، (1330هـ/1912م-1420هـ/1999م) هو مفتي عام المملكة العربية السعودية سابقًا، وأحد الرموز الدينية على مستوى العالم الإسلامي في حياته، كان الشخصية الدينية الأولى على مستوى السعودية خلال فترة ترؤسه هيئة كبار العلماء، كما كان مقصدًا لاستفسارات وفتاوى المسلمين.
بدأ دراسته في سن مبكرة، وأتم حفظ القرآن في طفولته، أصيب بالعمى سنة 1350هـ/1931م بعد أن كان بصيرًا في أول عمره، ودرس علوم اللغة العربية والشريعة على مشايخ الرياض وعلمائها، عمل في التدريس والقضاء، وترأس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ثم أصبح مفتيًا عامًّا للسعودية، ورئيسًا لهيئة كبار العلماء.
نشأة الشيخ عبدالعزيز بن باز
نشأ الشيخ عبدالعزيز بن باز يتيمًا، إذ توفي والده بعد ولادته بثلاث سنوات، وربته والدته التي توفيت بعد أن بلغ الـ26، كانت والدته هيا بنت عثمان بن عبدالله بن خزيم تزوجت قبل والده مرتين، وأنجبت إخوته من الأم: منيرة بنت فهد بن مضحي، وإبراهيم بن عبدالرحمن بن سيف، وبعد ذلك تزوجت والد الشيخ وأنجبت له محمدًا، وهو الأخ الشقيق للشيخ من بين إخوته، ثم أخيرًا الشيخ عبدالعزيز بن باز.
في عام 1346هـ/1927م أصيب الشيخ عبدالعزيز بن باز بمرض يطلق عليه في نجد "أبا الرغيد" أدى لإضعاف بصره، واستمر المرض معه حتى أفقده بصره تمامًا بعد أربع سنوات، وكان قبل ذلك يقرأ ويكتب، وله تعليقات على بعض الكتب والمتون.
أسرة الشيخ عبدالعزيز بن باز
الشيخ عبدالعزيز بن باز سليل أسرة عُرفت بالفضل والعلم الشرعي، من أعيانها: الشيخ عبدالمحسن بن أحمد آل باز المتوفى سنة 1342هـ/1923م بعد توليه القضاء في حوطة بني تميم، والإرشاد في الأرطاوية، إضافةً إلى الشيخ مبارك بن عبدالمحسن بن باز، الذي تولى القضاء في الطائف، وحريملاء، والحوطة، وبيشة، والشيخ مرشد بن عثمان بن باز الذي تولى قضاء الأفلاج.
مراحل تعليم الشيخ عبدالعزيز بن باز
بدأت الرحلة العلمية للشيخ عبدالعزيز بن باز بحفظ القرآن الكريم على يد الشيخ عبدالله بن مفيريج، ثم أكمل تعليمه لدى عدة مشايخ، منهم: قاضي الرياض الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب، كما نال بعض العلم على يد مفتي البلاد سابقًا الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ محمد بن عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ، والشيخ سعد بن حمد بن عتيق.
مناصب الشيخ عبدالعزيز بن باز
تولى الشيخ عبدالعزيز بن باز عدة مناصب، منها: التدريس في المعهد العلمي بالرياض، ثم كلية الشريعة بعد افتتاحها عام 1373هـ/1954م، كما عيِّن مدرسًا في كلية اللغة العربية بالرياض عند افتتاحها، وكان يشارك في فعاليات ومحاضرات النادي الأدبي التابع للكليات والمعاهد، وتخرج على يديه عدد من طلاب العلم.
في عام 1381هـ/1961م، أصبح الشيخ عبدالعزيز بن باز نائبًا لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، قبل أن يصبح رئيسًا لها بأمر ملكي بعد وفاة رئيسها السابق الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ عام 1390هـ/1970م.
اختير الشيخ عبدالعزيز بن باز قاضيًا عام 1357هـ/1938م، بناءً على ترشيح مفتي السعودية حينها الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ؛ لما عرفه عنه خلال تتلمذه عنده لنحو عشرة أعوام، ما جعل الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود يصدر قرارًا بتعيينه قاضيًا في الخرج التي كانت تشمل في ذلك الوقت الدلم، والسيح، والسهباء، والهياثم، ونعام.
وكان من ضمن الأعمال التي اهتم بها الشيخ عبدالعزيز بن باز خلال توليه القضاء؛ العناية بالمساجد وأئمتها، والخطابة في الجامع الكبير بالدلم والإمامة فيه، إضافةً إلى قسمة التركات وتنفيذ الوصايا والولاية على القُصَّر، والاهتمام بالحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحفظ الأموال الضالة، وعقود الأنكحة، والإفتاء الشرعي، ويُعرف عنه أنه لم يأخذ إجازةً منذ توليه القضاء حتى وفاته.
في عام 1395هـ/1975م، أصدر الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود قرارًا بتعيين الشيخ عبدالعزيز بن باز رئيسًا عامًّا لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برتبة وزير، وانتقل بعدها إلى الرياض لتولي مهامه الجديدة، وفي عام 1414هـ/1993م عُيِّن مفتيًا عامًّا للسعودية، ورئيسًا لهيئة كبار العلماء، ورئيسًا لإدارات البحوث العلمية والإفتاء بأمر ملكي أصدره الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، واستمر في تلك المناصب حتى وفاته.
مؤلفات الشيخ عبدالعزيز بن باز
حال بين الشيخ عبدالعزيز بن باز والتأليف انشغاله بإعداد الدروس وشؤون العامة، فخرجت مؤلفاته على شكل رسائل مختصرة تلامس احتياج الناس وواقع معيشتهم، وتجاوزت تلك المؤلفات 35 إصدارًا، منها: كتاب العقيدة الصحيحة وما يضادها، والغزو الفكري ووسائله، والتحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة في ضوء الكتاب والسنة.
اهتمام الشيخ عبدالعزيز بن باز بالأعمال الخيرية والإنسانية
قدم الشيخ عبدالعزيز بن باز عدة أعمال اجتماعية، وتعددت صور تلك الأعمال لتشمل تقديم المساعدات المالية للمحتاجين، والإحسان إلى الفقراء والمساكين، ومساعدة المقبلين على الزواج ممن عجزوا عن تكاليفه، كما عُرف عنه قضاء حوائج الناس.
شهدت حياة الشيخ عبدالعزيز بن باز عدة أحداث وقضايا كبرى، فكانت له مع كل منها مواقف ثابتة، ومنها عنايته بالقضية الفلسطينية، والاهتمام بقضية البوسنة والهرسك، وقضية كوسوفا، وغزو الكويت.
كان الشيخ عبدالعزيز بن باز مهتمًا في المساجد، وأسهم في بنائها وإعمارها، كما اهتم ببناء المدارس، وإعادة بناء بيت القاضي عندما استلم قضاء الدلم، إضافةً إلى الاهتمام بدار الحديث الخيرية في مكة المكرمة، فضلًا عن الجامعات الإسلامية والمراكز الشرعية، وإنشاء المساكن للطلاب المغتربين.
عُرف الشيخ عبدالعزيز بن باز بإنجازاته الدعوية، وحرصه على إلقاء الدروس والمحاضرات، واهتمامه ببيان الحق للمخطئين، والاهتمام بالحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وله دور في مجال خدمة الدعوة الإسلامية حتى شملت أغلب العالم الإسلامي.
وفاة الشيخ عبدالعزيز بن باز
في يوم الأربعاء 26 محرم 1420هـ/12 مايو 1999م، دخل الشيخ عبدالعزيز بن باز في غيبوبةٍ، وحُمِلَ إثرها إلى مستشفى الملك فيصل بالطائف، وتوفي قبل وصوله إلى المستشفى، وكان ذلك قبل فجر الخميس 27 محرم 1420هـ/13 مايو 1999م، بعمر تجاوز 89 عامًا، ودفن في مكة المكرمة.
بعد وفاة الشيخ عبدالعزيز بن باز نعاه نحو 85 شيخًا وعالمًا، ووصلت المؤلفات التي تتناول سيرته وشخصيته بعد وفاته إلى نحو 91 كتابًا ورسالة علمية.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة