النعام العربي (الاسم العلمي: Struthio camelus syriacus)، هو سلالة منقرضة من طائر النعام،كان ينتشر حول صحراء الربع الخالي إلى عام 1910م وفي شمال المملكة العربية السعودية حتى ستينات القرن العشرين،وآخر ما شوهد في محافظة القريات بمنطقة الجوف.
كانت سلالات النعام العربي تنتشر في شبه الجزيرة العربية والشرق الأدنى، ونتيجة التصحر في العصر الجيولوجي الهولوسيني وجفاف بحيرات الربع الخالي، تقلصت سلالاته إلى مجموعتين فقط: مجموعة صغيرة في جنوب شرق الجزيرة العربية وأخرى أكبر في منطقة حدود التقاء السعودية والأردن والعراق وسوريا، وكذلك في فلسطين وشبه جزيرة سيناء. وتواجد أكثر عدد في منطقة الجوف، شمال السعودية، على الحدود مع الأردن، إذ كان النعام العربي مرتبطًا بقطعان الغزال السعودي (Gazella saudiya)، المنقرض الآن أيضًا، والمها العربي (Oryx leucoryx)، وصُوّر النعام العربي في النقوش والرسوم الصخرية المكتشفة في السعودية، إذ تظهر مطاردته بالسهام والمقلاع واصطياده من قبل البشر، وتظهر الإناث أيضًا مع فراخهن.
وجاء في وصف بيئة النعام العربي وانتشاره سابقًا في الجزيرة العربية ما قاله الرحّالة البريطاني ويليام جيفورد بلجريف، خلال جولته عام 1862م في وادي السرحان شمال غرب السعودية "شاهدنا في هذه المنطقة قطيعًا كبيرًا من النعام، والنعامة هي أحسن الطيور التي تعيش على سطح هذه الأرض، كما أنها أصعب الطيور فيما يتعلق بالاقتراب منها، وعندما شاهدنا النعام من بُعد وهو يجري واحدة إثر أخرى في صف طويل، اعتقدناها مجموعة من الجمال المذعورة".
وذكر المستكشف والرحالة البريطاني روبرت إرنست تشيزمان في كتابه "In Unknown Arabia" الذي صدر عام 1926م أنه عندما قدم لجمع عينات من الطيور ودراسة ما بها من حياة فطرية في الهفوف، قابل الملك عبدالعزيز في 16 يناير 1924م وأخبره عن وصول النعامة العربية التي أرسلها إلى السير برسي كوكس في لندن، وأن عددًا كبيرًا من الناس قد ذهبوا لمشاهدتها.
النطاق الجغرافي للنعام العربي
وفق قاعدة بيانات الطيور العالمية، كان نطاق وجود النعام العربي يشمل شرق أفريقيا، وشمال وجنوب الصحراء الكبرى وجنوب حزام الغابات المطيرة، بالإضافة إلى جزء كبير من آسيا الصغرى وشبه الجزيرة العربية، وأدت عمليات اصطياد النعامة العربية إلى انقراضها بحلول منتصف القرن العشرين. ونفقت آخر نعامة عربية أُبلغ عنها في وادي الحسا، شمال البتراء، في الأردن، عام 1966م.
تصنيف النعام العربي
يُصنف النعام العربي علميًّا ضمن مملكة الحيوانات، شعبة الحبليات، طائفة طيور لا تطير، رتبة النعاميات، فصيلة النعامة، والجنس النعامة الصحراوية والسلالة "النعامة العربية" والاسم العلمي "Struthio camelus syriacus".
وصف النعام العربي
عُرف النعام العربي، مقارنة مع بقية سلالات النعام حول العالم، بتحمله الظروف المناخية، ويكسو ذكوره ريش أسود يُسمى (خمل)،وأطراف ريشه تكون بيضاء، وتُعرف الإناث بغزارة ريشها، وبدرجاتٍ أفتح من اللون البني. يُطلق على ذكر النعام اسم "الظَّلِيم" وجمعه ظلمان، وهو ذو سلوك عدوانيّ خاصّة في فترات التزاوج، وقدر طوله بين 450–530 مم،ويسمى فرخ النعام "الريل".
عاش النعام العربي في مجموعات صغيرة، تتعدد فيها الإناث لذكر واحد.
ونظرًا لثقل وكبر بيض النعام، فإنه يتحمل عوامل التعرية الطبيعية على مر السنين، إذ تضع أنثى النعامة ما بين 30 و50 بيضة على مدار السنة، ويصل وزن البيضة الواحدة إلى 1.5 كجم.
وكان النعام العربي صيدًا يؤكل لحمه وينتفع بجلده وريشه في بعض الصناعات اليدوية، وعُرف خارج حدود موطنه الأصلي، فكان وليمة غير معتادة في حضارة بلاد الرافدين، كما اتخذ من شكله رسمًا لتجميل الأواني، وتداولته النصوص اليونانية في الحقبة الأشورية، في وقتها كان النعام يصدّر لبلاد الصين حيًّا ويقدم هدية قيمة لإمبراطورها، وذكر عن أهل تلك الناحية أنهم امتطوه لقوة رقبته وسرعته.
قشور بيض النعام العربي
استوطن النعام العربي قبل أن ينقرض، الشعاب والمناطق الرملية بالجزيرة العربية ودلت على ذلك قشور بيضه التي عُثر عليها خاصة في الربع الخالي، بجانب مسميات بعض المواضع بـ"نعام"، والنقوش الأثرية، وحضور هذا الطائر ورسمه في بعض مؤلفات الأدب العربي، ومنها كتاب الحيوان للجاحظ وكتاب لسان العرب لابن منظور.
وتناثرت بقايا بيض النعام العربي في صحاري الجزيرة العربية، فقد جمع المصور والرحالة عبدالله فيلبي بعض القشور خلال رحلته للربع الخالي عام 1931م، كما جمع أعضاء رحلة "إعادة إحياء قلب الجزيرة العربية" بقيادة المستكشف مارك إيفانز وعدد من الباحثين مطلع العام 2023م بعض القشور في نفود قلقان، كما تنتشر بقايا القشور في محمية عروق بني معارض الواقعة على الحافة الجنوبية الغربيّة للرّبع الخالي، على مساحة 12,787 كم2.
توطين النعام أحمر الرقبة الأفريقي
ضمن جهود السعودية في صون البيئة ومكوناتها، يعمل المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية على إكثار النعام أحمر الرقبة الأفريقي - أقرب سلالة للنعام العربي - في المركز لإعادة توطينه في المحميات الطبيعية، إذ توجد أعداد منها بعد توطينها في محمية الإمام سعود بن عبدالعزيز الملكية على بعد 180 كم شمال شرق مدينة الطائف، واستقبلت أول الفراخ المنتجة طبيعيًّا في فبراير عام 1997م، كما عمل المركز على إطلاق 287 طائرًا من النعام أحمر الرقبة في بعض المحميات القائمة التابعة للمركز والمحميات الملكية ضمن برامج إعادة التوطين.
النعام في الشعر العربي
تنوعت الأغراض الشعرية التي طرقها الشعراء في ذكر النعام، ومن ذلك قول طرفة بن العبد:
حابسي رسم وقفت به ... لو أطيع النفس لم أرمه
لا أرى إلا النعام به ... كالإماء أشرفت حزمه
أما امرؤ القيس فيصف حصانه في رحلة صيد، ويشبهه بالنعام، إذ قال:
له أَيْطَلا ظبيٍ وساقا نعامة ... وَإرْخاء سرحان وتَقريب تَتْفُلِ
وجعل الشعراء من النعام المجفل في الصحراء معادلًا لرباطة الجأش، وثبات القوم في أماكنهم، وكأن النعام قد باض فوق رؤوسهم، فقال سلامة بن جندل:
كأنَّ النعام باض فوق رؤوسهم ... بنهيِ القِذاف أو بنهي مخفِّق
.
المصادر
.Robert Ernest Cheesman (1926), In Unknown Arabia, Macmillan and Co. Ltd., London
الاتحاد الدولي لصون الطبيعة ومواردها.
وكالة الأنباء السعودية.
قاعدة بيانات الطيور العالمية.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة