شدقم

شدقم، هي منطقة نفطية بالقرب من الأحساء شهدت عددًا من أنشطة التنقيب والإنتاج التي أثبتت جدواها، ففي 23 فبراير 1954م، كانت البئر رقم (12) في شدقم بالقرب من عين دار، وتمثل بداية الآبار التي حُفرت من قبل فريق عمل سعودي بالكامل.

شدقم واحدة من ست مناطق رئيسة لحقل الغوار على بعد نحو 100 كلم غرب مدينة الظهران، وذلك إلى جانب مناطق: فزران وعين دار والعثمانية والحوية وحرض.

من خلال استثمار أرامكو السعودية في المشاريع التي تعزز نمو أعمالها، ومن بينها مشاريع الغاز، أنشأت معملًا للغاز في شدقم ويُعد أحد معامل الغاز القديمة في الشركة، إذ افتتح في نوفمبر 1952م معمل فرز الغاز من النفط رقم (4)، ثم انطلقت أعمال إنتاج واسعة ارتبطت بما حوله من معامل وحقول من خلال شبكة لإنتاج ونقل الغاز تمتد من شرق المملكة إلى غربها، وذلك في ظل مزيدٍ من الأعمال التي أنجزت في نطاقٍ جغرافيٍ كبيرٍ.

واستمرارًا للتطوير الذي واكب أعمال أرامكو السعودية في أنشطة الغاز شرعت الشركة خلال عام 1978م، في بناء خط أنابيب سوائل الغاز الطبيعي عبر المملكة من معمل الغاز في شدقم إلى ينبع بطول 1,170 كلم، وفي عام 1984م رُفدت الشبكة بالغاز غير المصاحب من حقلي العثمانية وشدقم في مكمن خف، حيث يتوفر هذا الغاز في مكامن الغاز الطبيعية التي لا تحتوي على نفط خام.

في عام 1980م افتتح معمل الغاز في شدقم، على مساحة 121 هكتارًا (أي ما يماثل مساحة 160 ملعب كرة قدم تقريبًا)، واستخدمت فيه مجموعة من معدات معالجة الغاز الكبيرة. 

وصُمِّم معمل الغاز في شدقم لمعالجة الغاز وليتم نقل سوائل الغاز الطبيعي والإيثان عن طريق الأنابيب من مركز المعالجة في شدقم والعثمانية إلى المعامل في ينبع والجميعة لإجراء عمليات التكسير، وبعد إزالة الإيثان، يتم إخضاع سوائل الغاز الطبيعي لعملية تكسير أخرى لإنتاج غاز البترول المسال (البروبان والبيوتان) والبنزين الطبيعي.

تم إنشاء محطات ضخ جديدة في معمل شدقم للغاز ومحطة الضخ رقم / 6 / وأيضا إنشاء خطوط أنابيب إضافية لنقل ما تم استخلاصه إلى معمل شدقم للغاز ومن ثم إلى معمل غاز الجعيمة من أجل التكسير ليصل أخيرا إلى الصناعات البتروكيميائية. 

في سبتمبر 2007م، وقعت شركة أرامكو السعودية عقد إنشاء خط أنابيب بطول 585 كم وقطر 30 بوصة لنقل سوائل الغاز الطبيعي مع شركة سودرورباو العربية السعودية المحدودة، ليمثل ذلك المشروع جزء من مشروع الشركة لتوسعة خط شدقم / ينبع لنقل سوائل الغاز الطبيعي بما يساعد على توفير إمدادات غاز كبيرة لتغذية التنمية الصناعية في ينبع ويسهم في زيادة إمدادات الغاز الطبيعي لمدينة ينبع الصناعية، وتم تصنيع 70 % من المواد اللازمة للمشروع من قبل شركات تصنيع محلية.

اهتمت أرامكو السعودية بوضع المعايير التشغيلية والتي تعد من أسباب انخفاض كثافة الكربون، وتشمل الانتشار الذكي في حقول النفط ومكاتب تقنية الطاقة المتجددة داخل الشبكة وخارجها. وقد بدأت الشركة في الثمانينيات منح نفطها وغازها عاملًا متجددًا من خلال تركيب الألواح الكهروضوئية في محطة الحماية الكاثودية النائية في شدقم.

بدأت مجموعة أعمال مشاريع الشركة في الطاقة المتجددة في الثمانينيات بتركيب ألواح ضوئية بجهد 10.9 فولت لمحطة حماية كاثودية نائية في شدقم -معمل غاز بالقرب من الأحساء- وهي منطقة واحات قديمة في شرق المملكة. ولا يزال بعضها في حالة التشغيل.

شهد معمل الغاز في شدقم تطورات في أعماله من خلال توظيف التقنيات، إذ رُكِّب فيه عام 2005م نظام الحرق النظيف للغاز الطبيعي (اللا دخاني)، وهو اختراع سعودي حصل على الجاهزة الذهبية في مؤتمر المخترعين الدوليين في جنيف عام 2006م. ويُعد حرق الغاز إجراءً ضروريًّا للتخلص من الغاز الفائض الذي تخلفه عملية الإنتاج أو يتبقى في حالة تعطُّل المعمل.

ويشق الغاز طريقه من خلال شبكة خطوط الأنابيب تحت الأرض، من الحقول الجنوبية إلى معمل شدقم ويصبح جاهزًا للربط التالي المباشر بسوق الطاقة المحلي، فعندما بدأ تشغيل شبكة الغاز الرئيسية في عام 1975م، أنشأت أرامكو السعودية معامل الغاز في شدقم والبري والعثمانية، ومعمل شدقم أشبه ما يكون بالمحطة المركزية لشبكة قطارات الأنفاق في مدى كثافة وضغط العمل فيها إلا أنه مكان هادئ بشكل عام.

ويستقبل معمل شدقم، الذي يبلغ من العمر ما يزيد على 4 عقود منذ (1980م)، أجزاء متساوية من الغاز المصاحب وغير المصاحب، موائمًا بين الأساليب القديمة والابتكار للوصول إلى المعالجة المثلى للغاز، والبنية التحتية لاستخلاص الغاز في شدقم هي إحدى الأنظمة الكبيرة في شركة أرامكو السعودية، ويُسهم نظام استخلاص غاز الشعلات في شدقم في إيقاف حرق الغاز بشكل منتظم، فبدلًا من حرق الغاز في الشعلات يتم إعادته إلى مرفق الإنتاج لإنتاجه بصورة أخرى، وينقل الغاز من شبكات الشعلات في شدقم إلى واحدة من ثلاث أسطوانات تحتوي على سائل عازل، والسائل العازل المستخدم لاستخلاص الغاز في هذا النظام هو الماء، ثم باستخدام وحدتي ضغط يتم إعادة توجيه الغاز مرة أخرى إلى معمل المعالجة الرئيسة.

ومع تطور أعمال معمل الغاز في شدقم واتباعه معايير السلامة والأداء حصد عددًا من الجوائز التي تعكس تميزه وكفاءة العمل فيه، إذ حصل في عام 2007م على جائزة التميُّز على مستوى أعمال الغاز في منطقة الأعمال الجنوبية في نسختها الأولى. واستُحدثت هذه الجائزة لخلق نوع من التنافس بين معامل الغاز في منطقة الأعمال الجنوبية في مجال السلامة وتحقيق أهداف الميزانية السنوية والتدريب والتطوير والأفكار الإبداعية والتميز في تنفيذ الأعمال وإكمال المشاريع في الأوقات المقررة لها.

وفي عام 2014م، حصل معمل الغاز في شدقم أيضًا على جائزة التميز البيئي العالمية التي تمنحها جمعية مصنعي الغاز، ومقرها الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك تقديرًا لأدائه البيئي الممتاز في ذلك العام، لاسيما فيما يتعلق بقيامه بتركيب نظام لاستخلاص غازات المداخن.