المواد اللامعدنية، هي مواد لديها القدرة على منع التآكل المعدني، وتتميّز بخفة وزنها، ومتانتها، وكفاءتها من حيث التكلفة، وتأتي على شكل غاز أو سائل أو صلب، أيضًا تأتي على هيئة مواد طبيعية كالخشب والرمل والطين والغازات، وعناصر أخرى مثل الكربون وغيرها، وكذلك كمواد اصطناعية مثل البوليمرات المستخلصة من النفط والغاز.
أسهم اندماج علم الفلزات مع علوم البوليمرات والكيمياء الفيزيائية وغير العضوية، وعلم المعادن، بالإضافة إلى تقنية الزجاج والسيراميك وفيزياء الجوامد وغير ذلك، في أن يُصبح علم المواد واحدًا من أوسع التخصصات الدراسية، وأسهم ذلك في تصميم مواد جديدة تحتاجها تقنيات وصناعات حديثة، أو في تعديل تركيب مواد قديمة لتناسب أخرى جديدة، مما عزَّز استخدام المواد اللامعدنية على حساب المواد المعدنية التقليدية.
في السعودية بادرت أرامكو السعودية إلى التوسع في المواد اللامعدنية التي لم يكن استعمالها لهذه المواد بالأمر الجديد، إذ استخدمت الأنابيب اللامعدنية في معظم مرافق النفط والغاز لديها، كما أنها أصبحت الأنابيب القياسية المستخدمة في تطبيقات قطاع المنافع في معاملها.
مثَّل استخدام أرامكو السعودية لأنابيب اللدائن الحرارية المقواة (RTP) للمرة الأولى على نطاق واسع أثناء عمل الشركة على زيادة الإنتاج الجديدة ضمن مشروعها الضخم في خريص نقلةً في استخدامها لهذه المواد إلى مستوى متقدم، إذ ركبت 400 كلم من خطوط الأنابيب اللامعدنية عوضًا عن خطوط أنابيب الفولاذ الكربوني العادية بعد اختبارات معملية وميدانية مكثفة، لضمان موافقتها للمعايير الصارمة لأرامكو السعودية.
أكدت الدراسات أن تكاليف دورة حياة أنابيب اللدائن الحرارية المقواة تصل إلى ثلث تكاليف أنابيب الفولاذ الكربوني، لعدم الحاجة لتكاليف مراقبة التآكل، كما أن وقت تركيب خطوط تركيب خطوط أنابيب اللدائن الحرارية من أنابيب اللدائن الحرارية المقواة في خريص كشف عن مفارقة مهمة إذ استغرق بناؤه أقل من يومين فيما كان مد أنابيب الفولاذ الكربوني يستغرق قياسيًّا 70 يومًا، كما أن الاختبارات أثبتت مزايا السلامة في أنابيب اللدائن الحرارية المقواة، مثل وزنها الأخف الذي سهل عملية نقله وتركيبه، والاستغناء عن بعض المهام كاللحام.
يشكِّل طموح أرامكو السعودية في إحداث ابتكار في النفط الخام، بتحويله مباشرة إلى بتروكيميائيات عالية القيمة، في عملية تُلغي مرحلة التكرير، جزءًا من استراتيجيتها في تبنِّي المواد اللامعدنية. وذلك لأن تقنية تحويل النفط الخام إلى كيميائيات (C2C) يمكنها رفع مستوى كفاءة الشركة في إنتاج كيميائيات تحتاج إليها الشركات لتصنِّع بدورها موادَّ أخرى.
حلول المواد اللامعدنية
قاد التركيز الاستراتيجي على الحلول القائمة على المواد اللامعدنية إلى توسيع نطاق التشغيل، فلهذه المواد المتطورة مزايا تتعلق بخفض تكلفة دورة الحياة، ومرونة ومتانة أعلى مما يعود بالنفع على قطاعات التعبئة والتغليف، والسيارات، والبناء والإنشاءات، على سبيل المثال لا الحصر، كما حققت ألياف الكربون نجاحًا في العديد من الصناعات. إذ لا يقتصر الأمر على أنها حلت محل الفولاذ في صناعة السيارات فحسب، بل إن تميُّزها بدرجة عالية من حيث "نسبة القوة إلى الوزن" يجعلها خيارًا مثاليًّا لمختلف التطبيقات كشفرات توربينات الرياح، والأنابيب المصنوعة من مواد مركبة ومستخدمة في آبار النفط في أعماق البحار.
بمقدور الحلول القائمة على المواد اللامعدنية، كاستخدام المواد البلاستيكية المتطورة، أن تلعب دورًا مهمًّا في المساعدة على الحد من مشكلة التآكل التي تواجه الصناعات حول العالم، وتقدر تكلفة التآكل وحدها على مستوى العالم بـ 2.5 تريليون دولار أمريكي، مما يؤثر على الشركات والحكومات والمجتمع.
مراكز علمية للمواد اللامعدنية
مواكبةً لهذه التحديات التي تتعلق بالتآكل وخسائره في قطاع النفط والغاز القطاع، أُنشِئ مركز الابتكار للمواد اللامعدنية (NIC)، الذي دشَّنته كلٌّ من شركة (تي دبليو آي) المحدودة، وشركة أرامكو السعودية للتقنيات "أرامكوتيك"، وشركة بترول أبو ظبي الوطنية "أدنوك"، يوم الاثنين 10 محرم 1441هـ / 9 سبتمبر 2019م، وهو مركز أبحاث يُعنى بابتكار المواد اللامعدنية، وتطوير استخدامها في التطبيقات الصناعية.
يقع المركز داخل مقر شركة (تي دبليو آي) في مدينة كامبريدج الإنجليزية، ويعمل على تطوير تقنيات جديدة لخطوط الأنابيب اللامعدنية، كما يلعب دورًا مهمًّا في تطوير حلول لتوظيف المواد اللامعدنية في مختلف القطاعات الصناعية.
أطلقت أرامكو السعودية كذلك في عام 2021م مركز التميّز للمواد اللامعدنية في قطاع البناء والإنشاء (NEx) في معهد الخرسانة الأمريكي (ACI) ومقره في ميشيغان بالولايات المتحدة الأمريكية، وهو مركز تميّز لمواد البناء اللامعدنية يهدف إلى تطوير وتعزيز استخدامها في قطاع البناء والإنشاء.
التوسع في إنتاج المواد اللامعدنية
نظرًا للخصائص التي تميِّز المواد اللامعدنية، يتزايد استخدامها يومًا بعد يوم كبديل للمواد المعدنية في معظم المجالات، بدءًا من الأدوات المنزلية إلى أنابيب النفط الخام والغاز، ومن أبرز تلك المجالات: صناعة الأنابيب، الأجهزة الإلكترونية، الطائرات، السيارات، الخلايا والألواح الشمسية، البطاريات.
يحتلُّ مصنعو المواد اللامعدنية قسمًا مخصصًا من مدينة الملك سلمان للطاقة "سبارك"، يتيح لهم الوصول إلى المواد الخام اللازمة، ويوفِّر طلبًا عاليًا عبر سوق منتجات المواد اللامعدنية على امتداد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
في أبريل 2019م أعلنت شركة "فاركو الوطنية لآبار النفط" الأمريكية، تدشين أول مرفق صناعي تابع لها في المملكة مخصص لصناعة الأنابيب اللامعدنية. و"فاركو الوطنية" هي أحد مقدمي التقنية والمعدات والخدمات لقطاع النفط الخام والغاز الدولي، في مجالات الحفر والإنجاز والإنتاج.
توطين إنتاج المواد اللامعدنية
تسارعت التطورات في إنتاج المواد اللامعدنية، إذ أعلنت أرامكو السعودية وشركة بيكر هيوز في ديسمبر 2020م، تأسيس شركة نوفِل الحلول غير المعدنية للصناعة في إطار مشروع مشترك بالمناصفة لتطوير مجموعة كبيرة من المنتجات اللامعدنية وتسويقها تجاريًّا لاستخدامها في العديد من تطبيقات قطاع الطاقة.
يُعد هذا التدشين تنفيذًا لمذكرة تفاهم وقَّعتها الشركتان في يوليو 2019م لتأسيس مشروع مشترك في مجال المواد اللامعدنية، ويجري العمل على تطوير مرفق شركة نوفِل الجديد في مدينة الملك سلمان للطاقة "سبارك".
يدعم هذا التعاون جهود المملكة الرامية لتوسيع نطاق المنظومة التجارية فيها، وتشجيع الاستثمار المحلي، وتوفير فرص عمل من خلال المرفق الجديد الذي يعد من الأعمال الجديدة والمبتكرة في قطاع ناشئ وواعد ويتماشى مع رؤية 2030.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة