البراكين في السعودية، هي نشاط جيولوجي وظاهرة طبيعية في القشرة الأرضية لبعض الأماكن في المملكة العربية السعودية، تنبعث منها المواد المنصهرة من باطن الأرض، بمكوناتها الصلبة والسائلة والغازية.
يعود تاريخ تكوُّن البراكين في المملكة إلى نحو 30 مليون سنة، إذ تشكلت على مرحلتين: الأولى كانت بالتزامن مع تدفق الحمم البازلتية وانفتاح البحر الأحمر، والثانية مع بداية النشاط البركاني في شبه الجزيرة العربية قبل عشرة ملايين سنة.
توقف النشاط البركاني في المملكة منذ نحو ثمانية قرون، ويُعد بركان الملساء في أطراف حرّة رهاط الشمالية والجنوبية، جنوب شرق المدينة المنورة، أحدث البراكين نشاطًا، إذ شهد تدفق اللافا التي وصلت إلى قرب أطراف المدينة الشرقية عام 645هـ/1256م.
تمتد البراكين في المملكة من حدودها الجنوبية إلى الحدود الشمالية مع الأردن. وقد تصل صهارة البراكين إلى درجات حرارة عالية تبلغ نحو 1200 درجة مئوية.
الحرّات والبراكين
تُعرف البراكين في اللغة العربية بأسماء عدة، منها: "آطام النيران"، وتُعرف في المملكة باسم الحرَّات، والحرّة: "أرضٌ ذات حجارة سود كأنها أحرقت بالنار"، وسُميت بهذا الاسم لشدة حرارة صخورها على من يجتازها.
تشمل الحرّة المخاريط والفوهات ومخرجاتها من لابات ورماد وغيرها، والحرّة التي تُجمع على حرّات وحرار هي طفوح بازلتية تكونت من حمم الصخور البركانية المنصهرة التي تدفقت من باطن الأرض إلى سطحها من خلال فوهات بركانية نتيجة أنشطة حركية وزلزالية.
يعود تكوين الحرّات في المملكة إلى العصرين الثالث والرابع، نتيجة التدفقات البركانية التي صاحبت انكسار أخدود البحر الأحمر، وتتراوح أعمارها ما بين 5 و30 مليون سنة.
أنواع الحرّات في السعودية
تضم المملكة نوعين من الحرات، أولها هي طفوح من الداسايت والريولايت الشديدة التحول وما يطابقها من الفتات والرماد البركاني المتساقط مكونة تلالًا من عهد الميوسين فوق ساحل البحر الأحمر، وتظهر في جنوب غرب المملكة قرب الحدود مع اليمن، وثانيها هي طفوح بازلتية تكون هضابًا من عصر الميوسين "الهوليوسين" تنكشف فوق الدرع العربي، وتُعد تبعًا لحجمها من أهم الوحدات البركانية الموجودة في المملكة، وينتشر هذا النوع على خط محوري واحد يتجه من الشمال إلى الجنوب "خط مكة المدينة النفوذ البركاني".
توزيع الحرّات في السعودية
تضم المملكة كثيرًا من الحرّات التي يرتبط توزيعها بحركات التكسر الشديدة "تشرخ وتصدع" المصاحبة لانفتاح أخدود البحر الأحمر الذي نشأ في نهاية عهد الأوليجوسين أو بداية الميوسين عندما كانت الكتلة القارية العربية والإفريقية في طور الانفصال.
تُصنَّف البراكين في المملكة إلى أنواع عدة، منها: القباب البركانية، براكين الأسكوريا، البراكين الدرعية، الفوهات البركانية، إضافة إلى الطفوح البازلتية، وغيرها، وتتألف معظم صخور البراكين في المملكة من البازلت الأوليفيني القلوي.
تبلغ المساحة الإجمالية للحرَّات في المملكة نحو 90 ألف كلم2، أي أنها تُشكل نحو 4.6% من إجمالي مساحة المملكة التي تبلغ نحو مليوني كلم2، وتنتشر الحرات في تسع مناطق إدارية، هي: مكة المكرمة، المدينة المنورة، تبوك، الجوف، الحدود الشمالية، حائل، الباحة، عسير، وصولًا إلى منطقة جازان.
تُعدُّ حرَّة رهاط أكبر براكين المملكة من حيث المساحة، إذ تصل مساحتها إلى 20 ألف كلم2، تليها حرَّة خيبر وحرة الحرَّة وحرة نواصف، وصولًا إلى حرة كشب التي تضم فوهة الوعبة المعروفة باسم "مقلع طمية"، وهي أعمق الفوهات البركانية في المملكة وأوسعها، إذ يصل قطرها إلى 2كلم، ويزيد عمقها على 220م.
فوائد البراكين
على الرغم مما يعرف عن البراكين من مخاطر، إلا أنها تحتوي على عدد من الفوائد، منها: الاستشفاء بمياه الينابيع والعيون الحارة التي تتوزع حول البركان، واستخراج المعادن والأحجار الكريمة كالزبرجد والألماس، واستخدام الانبعاثات الغازية البركانية مصدرًا للطاقة، وإنتاج بعض المواد الكيميائية وتصنيعها من رواسب الكبريت، وصولًا إلى استخدام صخورها في مواد البناء ورصف الطُرقات.
رصد الأنشطة البركانية في السعودية
تتصدى هيئة المساحة الجيولوجية السعودية لمسؤولية رصد الأنشطة البركانية كافة، وإجراء الدراسات والأبحاث المتعلقة بها، إضافة إلى إصدار التحذيرات عند وجود أي أخطار محتملة، ومن ذلك: نظام التنبيه التحذيري للمخاطر البركانية والزلزالية، الذي يتألف من أربعة مستويات، هي:
الأخضر: يدل على حالة طبيعية أو توقف في النشاط البركاني.
الأصفر: يرمز للارتفاع في النشاط الزلزالي والبركاني فوق الحد الطبيعي مع إمكان استمرار هذه الزيادة.
البرتقالي: يدل على زيادة الاضطرابات البركانية مع احتمالية الثوران، ولكن دون معرفة التوقيت بدقة.
الأحمر: يرمز إلى خطر انفجار قريب، وقد يتضمن انبعاثات كبيرة من الرماد البركاني.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة