شراكات صندوق الاستثمارات العامة، هي الشراكات الاستثمارية التي ينفذها صندوق الاستثمارات العامة، الصندوق السيادي للمملكة العربية السعودية، في إطار جهوده لاغتنام الفرص الاستثمارية محليًّا ودوليًّا.
التوسع الاستثماري لصندوق الاستثمارات العامة
يواصل صندوق الاستثمارات أدواره في رفد اقتصاد السعودية، من خلال بناء محفظة استثمارية بدأ فيها منذ إنشائه عام 1391هـ/1971م بموجب مرسوم ملكي، حيث عمل على تأسيس عدد من كبريات الشركات في السعودية، وتمويل عدد من المشاريع والشركات الحيوية والمشاركة فيها، مقدّمًا الدعم المالي إلى المشاريع ذات الأهمية الاستراتيجية للاقتصاد الوطني.
توسع الصندوق في شراكاته الاستثمارية باكتسابه مزيدًا من المرونة والحيوية حين حدثت النقلة النوعية في عام 1436هـ/2015م بصدور قرار مجلس الوزراء المتضمن ربط الصندوق بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ومن ثمَّ إعادة تكوين مجلس الإدارة ليصبح برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
يؤدي الصندوق دورًا مهمًا في تنفيذ برامج ومشاريع رؤية السعودية 2030، إذ يُعد عاملًا محوريًا في تحقيق الرؤية، ومحفزًا اقتصاديًا رائدًا للمملكة. وجاء التوسع البارز في عام 2014م حين منحه مرسوم ملكي صلاحية توسيع نطاق أنشطته، بتأسيس شركات جديدة داخل السعودية وخارجها، سواء بشكل مستقل أو من خلال التعاون مع القطاعين الحكومي والخاص، دون الحاجة إلى موافقة مسبقة من مجلس الوزراء.
شراكات صندوق الاستثمارات العامة الدولية
امتد صندوق الاستثمارات العامة بأنشطته الاستثمارية من خلال عدد من العمليات الداعمة لاستثماراته العالمية، حيث أطلق محفظتي استثمار عالميتين: الاستثمارات العالمية الاستراتيجية، والاستثمارات العالمية المتنوعة، وقد نجح الصندوق في تكوين علاقات واسعة مع مختلف المستثمرين العالميين ومديري الأصول والبنوك الاستثمارية، وشركات الوساطة العالمية، ليصبح أحد أكبر الكيانات الاستثمارية على مستوى العالم.
تعددت استثمارات الصندوق في النطاق الدولي، وارتفع تبعًا لذلك حجم الاستثمارات العالمية له لتشكل 30% من إجمالي الأصول تحت الإدارة، مقارنة بنحو 5% في عام 2017م، كما نجح في تنويع استثماراته جغرافيًا، وفي مختلف فئات الأصول وفي قطاعات مختلفة، من خلال التوسع في استثماراته في أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا.
محافظ استثمارات صندوق الاستثمارات العامة
يعمل صندوق الاستثمارات العامة وفقًا لاستراتيجية تمكّنه من بناء محفظة استثمارية تتوفر لها الاستدامة والمركز المالي القوي، مما يجعله يمتلك التأثير على مستوى العالم، والقدرة على دفع عجلة التحول الاقتصادي للمملكة، وذلك عبر الاستثمارات الفاعلة طويلة المدى، مع الالتزام بأعلى معايير الحوكمة والشفافية.
نجح الصندوق خلال الأعوام التالية لانطلاق رؤية السعودية 2030 في بناء شراكات من شأنها ضمان أن تكون المملكة في طليعة التوجهات الاقتصادية الناشئة عالميًا، وبما يدعم جهود التنمية فيها. وتشمل محافظ استثماراته: الاستثمارات في الشركات السعودية، والاستثمارات الهادفة إلى تطوير القطاعات الواعدة وتنميتها، والمشاريع السعودية الكبرى، والاستثمارات في المشاريع العقارية ومشاريع تطوير البنية التحتية السعودية، والاستثمارات العالمية الاستراتيجية، والاستثمارات العالمية المتنوعة.
نظام صندوق الاستثمارات العامة
يعمل الصندوق وفقًا لنظام يعزز شفافيته ومنظومة الحوكمة في أعماله، وذلك من خلال نظام صندوق الاستثمارات العامة الصادر بمرسوم ملكي وقرار مجلس الوزراء في عام 1440هـ/2019م. وبموجب النظام يرتبط الصندوق تنظيميًا بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وتكون له شخصية اعتبارية عامة، ويتمتع بالاستقلال المالي والإداري، ويكون مقره في مدينة الرياض، وله فتح فروع داخل المملكة وخارجها بحسب الحاجة.
بحسب المادة الثالثة من النظام فإن الصندوق يهدف إلى استثمار أمواله - نقديًا أو عينيًا - وفقًا لأفضل المعايير، لتحقيق العوائد بما يخدم المصلحة العامة، ويسهم في دعم التنمية الاقتصادية في السعودية وتنويع مصادر دخلها، ومراعاة مصلحة الأجيال القادمة.
منح النظام سلطات وصلاحيات مرنة لأداء أعماله بمرونة حتى يحقق أهدافه، وقد نصّت المادة الرابعة على أن للصندوق الاستثمار داخل المملكة وخارجها، وتملّك الأصول والتصرف فيها، بما في ذلك العقارات والحقوق العينية والحصص والأوراق المالية والعملات الأجنبية والسلع والمشتقات المالية بأنواعها، وتأسيس الشركات وغيرها من المنشآت ذات الأغراض الخاصة داخل السعودية وخارجها، والمشاركة فيها بمفرده أو مع الغير.
ويمكن للصندوق كذلك أن يمارس الإقراض وغير ذلك من صور التمويل، وعقد القروض وغير ذلك من صور المديونية، بما في ذلك إصدار الصكوك والسندات، وإصدار الضمانات للشركات والمنشآت ذات الأغراض الخاصة الأخرى التي يملكها أو يُسهم فيها، وإبرام الاتفاقيات ومذكرات التفاهم ذات الصلة بنشاطه مع الجهات المعنية في الدول والمنظمات الدولية.
برنامج صندوق الاستثمارات العامة
ضمن برامج رؤية السعودية 2030 التي تتكامل في تحقيق النمو والتطور المنشود للسعودية، انطلق برنامج صندوق الاستثمارات العامة، الذي يهدف إلى تعزيز دور الصندوق، كونه المحرك الفاعل خلف تنوع الاقتصاد في السعودية، وتطوير قطاعات استراتيجية محددة من خلال تنمية وتعظيم أثر استثمارات الصندوق، ويسعى لجعله من أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، فضلًا عن تأسيس شراكات اقتصادية وطيدة، تُسهم في تعميق أثر ودور السعودية في المشهد الإقليمي والعالمي.
يحقق البرنامج، الذي أُطلق في عام 2017م، كثيرًا من الأهداف التي تلتقي مع أهداف صندوق الاستثمارات العامة في تنويع الاستثمارات واغتنامها محليًا ودوليًا، إذ إنه يعزز وضع الصندوق ويجعله ذراعًا أساسية لتحقيق رؤية السعودية 2030، باعتباره محفزًا اقتصاديًا رائدًا للمملكة وعنصرًا فعّالًا للاقتصاد المزدهر.
شراكة سوفت بنك
تمثّل شراكة صندوق الاستثمارات العامة ومجموعة سوفت بنك في تأسيس صندوق رؤية سوفت بنك، نموذجًا ناجحًا للشراكات التي عقدها الصندوق، إذ إن الصندوقين يعملان على تنفيذ عدد من المشاريع المحلية والدولية عالية القيمة، ففي عام 1439هـ/2017م وُقعت مذكرة تفاهم لإنشاء "خطة الطاقة الشمسية 2030"، التي أصبحت إطارًا جديدًا لتطوير قطاع الطاقة الشمسية في السعودية، ونتج عنها إنشاء أول محطة من نوعها في السعودية لتوليد الطاقة الكهربائية بقدرة 3 جيجاواط في عام 2018م.
تمضي شراكة الطرفين لتنفيذ عدد من الاستثمارات واستكشاف الفرص المتعلقة بتأسيس صناعات في مجال منظومات توليد الطاقة وبطارياتها في السعودية. ومع نجاح صندوق الرؤية، يعمل صندوق الاستثمارات العامة ومجموعة سوفت بنك لإطلاق مشروع مشترك عالمي المستوى في مجال الأبحاث، من أجل التعرف على فرص دمج أنظمة الروبوتات، والاستفادة منها في أداء الأنشطة والمهام اليومية في القطاع العام ومؤسسات الأعمال والمجتمع.
استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة
تعزيزًا لجهود وأدوار صندوق الاستثمارات العامة في تطوير أنشطة محفظته، اعتُمدت في عام 1442هـ/2021م استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة للأعوام الخمسة التالية لذلك العام، وهي تمثّل مرتكزًا رئيسًا في تحقيق طموحات المملكة نحو النمو الاقتصادي، ورفع جودة الحياة، وتحقيق مفهوم التنمية الشاملة والمستدامة في مختلف القطاعات التقليدية والحديثة.
تُسهم تلك الاستراتيجية في تسهيل عمل الصندوق لتحقيق عدد من مستهدفاته، منها: ضخ 150 مليار ريال سنويًا على الأقل في الاقتصاد المحلي على نحو متزايد حتى عام 2025م، والمساهمة من خلال شركاته التابعة له في الناتـج المحلي الإجمالي غير النفطي بقيمة 1.2 تريليون ريال بشكل تراكمي. كما يستهدف الصندوق استحداث 1.8 مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة.
تمثّل استراتيجية الصندوق قوة دفع استثمارية تساعده في بناء الشراكات الاقتصادية الاستراتيجية، سعيًا لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 لتنويع الاقتصاد الوطني، وتعميق أثر ودور المملكة في المشهدين الإقليمي والعالمي.
على المنهج نفسه، يواصل الصندوق أداءه ليكون أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم، حيث يستهدف أن تتجاوز أصوله 7.5 تريليونات ريال في عام 2030م.
شراكات محلية متنوّعة
يسعى صندوق الاستثمارات العامة إلى بناء عدد من الشراكات التي تجعله يواصل نموه وتطوير استثماراته في مختلف المجالات، إذ يعمل على الاستثمار في شركات دولية ناشئة أو في صناعات مستقبلية من شأنها فتح المجال أمام نقل الخبرات الدولية إلى المملكة، واستفاد منها عدد من الكفاءات السعودية، حيث أسهمت شراكة الصندوق مع شركة "لوسِد" في استفادة عدد من الخريجين السعوديين في اكتساب المعرفة بمجال صناعة السيارات الكهربائية.
يواصل الصندوق توسعة نطاق شراكاته مع الفاعلين والمؤثرين على المستوى المحلي إلى جانب المستوى الدولي، ويشمل ذلك: دعم إيجاد الفرص الاستثمارية للقطاع الخاص، وإيجاد الفرص والشراكة معه للإسهام في التنمية الاقتصادية بالمملكة، حيث عمل الصندوق على تطوير شراكات استراتيجية مهمة مع القطاع الخاص من خلال المشاريع الكبرى، ومشاريع البنية التحتية، وذلك لتنشيط القطاعات المهمة، كالإسكان، والضيافة، والسياحة، والترفيه.
تشمل جهود الصندوق في شراكاته الوطنية: إشراك القطاع الخاص كمستثمر وكمورّد، للإسهام في رفع نسبة المحتوى المحلي، ومن ذلك ترسية "روشن العقارية" عقودًا بقيمة 1.6 مليار ريال لعدد من الشركات السعودية، وترسية مشروع "القدية" عددًا من العقود مع شركات محلية بقيمة 700 مليون ريال لإنشاء طرق المشروع الرئيسة، كما وقّع مشروع البحر الأحمر عقودًا بقيمة 7.5 مليارات ريال، كان نصيب الشركات المحلية 70% منها، مع تركيز الصندوق على الدخول في قطاعات تتطلب رؤوس أموال عملاقة، كإعادة التمويل أو إعادة التدوير أو التصنيع العسكري وغيرها.
في عام 1444هـ/2022م أعلن صندوق الاستثمارات العامة عن تأسيس شركة سوق الكربون الطوعي الإقليمية، بملكية 80% للصندوق، و20% لمجموعة تداول السعودية القابضة، وتهدف الشركة لدعم الشركات والقطاعات في المنطقة لتمكينها من الوصول إلى الحياد الصفري، بالإضافة إلى ضمان شراء أرصدة الكربون لتخفيض الانبعاثات الكربونية في سلاسل القيمة.
مواصلة لجهوده لتأسيس الشراكات التي تدعم سلاسل الإمداد المحلية وتسهل الوصول إلى المنتجات الدوائية، أعلن صندوق الاستثمارات العامة في عام 1444هـ/2023م عن إنشاء شركة الاستثمارات الدوائية "لايفيرا"؛ المتخصصة في الصناعات الدوائية على نطاق واسع، لتمكين نمو القطاع وتعزيز مرونته من خلال العمل على إنتاج الأدوية الحيوية على نطاق تجاري في المملكة.
شراكة صندوق الاستثمارات العامة الرياضية
يواصل صندوق الاستثمارات العامة عقد المزيد من الشراكات الدولية بهدف نقل وتوطين تقنيات أعمالها، ففي عام 1442هـ/2021م وقع اتفاقية مع شركة السباقات البحرية الكهربائية المحدودة "E1 Series" لتأسيس بطولة العالم الأولى من نوعها لسباق القوارب الكهربائية، وهي شراكة تشكل خطوة أساس في مرحلة تأسيس البطولة، وتسريع وتيرة استعدادات الموسم الافتتاحي المقرر عقده مطلع 2024م.
تحمل هذه الشراكة تنوعًا في استثمارات الصندوق، وتجعله أكثر حيوية في اغتنام الفرص الاستثمارية في جميع المجالات ذات العائد المجزي، وهي تأتي في إطار استراتيجية الصندوق الهادفة لتمكين الابتكار عالميًا، إلى جانب فتح آفاق جديدة للصناعات المستقبلية، وبناء شراكات اقتصادية استراتيجية.
تواصلت شراكات صندوق الاستثمارات العامة الرياضية، وفي إطار مشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية تم في عام 1445هـ/2023م تحوّل أربعة أندية رياضية سعودية، هي الاتحاد والأهلي والنصر والهلال، إلى شركات يكون كل منها مملوكا من الصندوق ومؤسسات رياضية غير ربحية لكل ناد. وتكون ملكية الصندوق في كل ناد بنسبة 75%، وتكون كل مؤسسة رياضية غير ربحية - لكل نادٍ من الأندية الأربعة - مالكة لما نسبته 25% من النادي.
شراكات صندوق الاستثمارات العامة مع أرامكو السعودية
واصل صندوق الاستثمارات العامة بناء شراكاته الاقتصادية والاستراتيجية، ففي 12 رجب 1443هـ/13 فبراير 2022 أعلن ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، نقل 4% من أسهم شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية) إلى صندوق الاستثمارات العامة.
وقال الأمير محمد بن سلمان إن نقل هذه الأسهم هو جزء من استراتيجية المملكة طويلة المدى الهادفة لدعم إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030، كما يسهم في دعم خطط الصندوق الهادفة لرفع حجم أصوله تحت الإدارة إلى نحو 4 تريليونات ريال سعودي بنهاية عام 2025.
ستُسهم أسهم شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية) المنقولة لصندوق الاستثمارات العامة في تعزيز مركز الصندوق المالي القوي، وتصنيفه الائتماني المرتفع على المدى المتوسط، حيث يعتمد الصندوق في خطته التمويلية على قيمة الأصول والعوائد الاستثمارية من الأصول تحت الإدارة.
يواصل الصندوق تحقيق استراتيجيته عبر تعظيم أصوله، وإطلاق قطاعات جديدة، وبناء شراكات اقتصادية استراتيجية، وتوطين التقنيات والمعرفة. كما يستهدف الصندوق بنهاية عام 2025م ضخ ما يصل إلى تريليون ريال سعودي في المشاريع الجديدة محليًا، وزيادة إسهامه وشركاته التابعة في المحتوى المحلي لتصل إلى 60%، إلى جانب استحداث المزيد من الوظائف المباشرة وغير المباشرة في سوق العمل المحلية.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة