طارق عبدالحكيم (1338هـ/1920م–1433هـ/2012م)، هو موسيقار ومؤرِّخ ثقافي وفني، من رواد الحركة الفنية في المملكة العربية السعودية، أدخل الموسيقى الوترية على الأغنية السعودية، يُلقب بـ"عميد الفن السعودي"، ويُعدُّ أول سعودي يحصل على تأهيل أكاديمي في الموسيقى العسكرية، وأول موسيقار عربي يحصد جائزة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" للموسيقى، تُرافق موسيقاه أهم المحافل الرسمية والاستقبالات الملكية.
ألَّف طارق عبدالحكيم عشر سيمفونيات في حياته، وكان موسيقيًّا غزير الإنتاج الفني، عمل على ألحان وطنية وتاريخية عديدة في المهرجان الوطني للتراث والثقافة "الجنادرية"، ولحّن نحو 500 لحن لـ104 من الفنانين العرب، وغنى من ألحانه محمد عبده وطلال مداح، كما ألَّف 11 مقطوعة موسيقية، واختير ليكون رئيسًا لقسم الفلكلور في السعودية، وأسس مدرسة موسيقى الجيش السعودي.
وُلد طارق عبدالحكيم في ضاحية المثناة في محافظة الطائف التابعة لمنطقة مكة المكرمة، وظهر ميله إلى الموسيقى والفن الشعبي مبكرًا، إذ كان يجيد الغناء ويحفظ الموسيقى الشعبية ويستهويه أداء الرقص المحلي، التحق بالمدرسة عام 1345هـ/1926م، ثم دخل القطاع العسكري، وابتُعث عام 1371هـ/1952م إلى القاهرة لدراسة موسيقى الفرقة العسكرية، ليُصبح أول سعودي يُبتعث لمثل هذه الدراسة.
ألحان شهيرة لطارق عبدالحكيم
أسهم طارق عبدالحكيم في الصياغة النهائية للسلام الوطني السعودي، إذ كُلف بأن يعيد توزيع لحن السلام الوطني باستخدام أحدث الآلات الموسيقية، كما قدّم 100 نشيد وطني، و36 عملًا لحرب الخليج، ولحّن وغنى مجموعة من الأغاني، التي أصبحت لاحقًا من الأغاني البارزة في التراث الفني السعودي، مثل "يا ريم وادي ثقيف"، التي كانت أول أغنية يلحّنها عام 1371هـ/1952م، وأول أغنية عربية وخليجية تدخل ضمن أغاني استديو "صوت الخليج"، إضافة إلى تلحين أغانٍ شهيرة عدة، مثل "أبكي على ما جرالي"، و"لنا الله"، و"تعلق قلبي".
طارق عبدالحكيم والموسيقى العسكرية
تخرّج طارق عبدالحكيم في معهد الموسيقى العربية بمصر، وأسس مدرسة موسيقى الجيش في السعودية عام 1373هـ/1954م، ودرَّب 14 فرقة عسكرية على عزف وتلحين الأناشيد الوطنية، وكان له الفضل في تطوير مجال الموسيقى العسكرية السعودية، ويُعدُّ مؤسسًا رائدًا، إذ أنشأ متحفًا عسكريًّا موسيقيًّا في العاصمة الرياض، ومعهدًا موسيقيًّا للأمن العام، وشارك في تأسيس الجمعية السعودية العربية للثقافة والفنون، وشارك في "أوبريت" المهرجان الوطني للتراث والثقافة "الجنادرية" على مدى 17 عامًا.
طارق عبدالحكيم على المستوى العربي
بدأ طارق عبدالحكيم بتأليف المقطوعات الموسيقية انطلاقًا من عام 1385هـ/1965م في مدينة القاهرة، منها "خيالي في القاهرة"، و"أنوار المدينة المنورة"، و"أفراح الطائف"، و"نجد"، و"تهاني"، و"مناجاة أبها"، و"أبطال الرياض".
وأُذيعت مقطوعاته الموسيقية في الإذاعة المصرية وإذاعة "صوت العرب"، التي لحَّن لها النشيد الرسمي، كما تعاون مع فنانين مصريين، منهم: نجاة الصغيرة، وفايزة أحمد، ومحمد قنديل، وكارم محمود.
انتقل طارق عبدالحكيم بعد الستينات الميلادية إلى لبنان، واستقر فيها لفترة، قدّم خلالها ألحانًا لفنانين لبنانيين، مثل: وديع الصافي، وسميرة توفيق، وسعاد هاشم، وسامية كنعان، ونزهة يونس، وهيام يونس التي لحَّن لها أغنية "تعلق قلبي"، ومن الفنانين السوريين تعاون مع فهد بلان، ولحَّن إحدى القصائد الوطنية التي كتبها غازي القصيبي، وهي "سلمتِ بلادي"، فيما لحَّن قصيدة طاهر زمخشري "المروتين" وغناها.
جوائز نالها طارق عبدالحكيم
نال طارق عبدالحكيم جائزة الموسيقى من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" عام 1401هـ/1981م، ليُصبح أول عربي يحصد هذه الجائزة، وسادس موسيقي يفوز بها في العالم، واختير عام 1403هـ/1983م، رئيسًا لمجلس الموسيقى العربية التابع لجامعة الدول العربية، وظل رئيسًا له لدورتين متتاليتين، حتى عام 1407هـ/1987م، وخلال تلك السنوات كان ممثلًا للسعودية في جامعة الدول العربية، فيما كتب نحو 10 مؤلفات تتناول موضوعات الثقافة والتراث والأساطير، وتوثّق تاريخ الفن السعودي والفن الشعبي والآلات الموسيقية.
متحف طارق عبدالحكيم
أعلنت وزارة الثقافة عن تأسيس "متحف طارق عبدالحكيم الموسيقي" عام 1441هـ/2020م، في منطقة جدة التاريخية، وتحديدًا في بيت المنوفي الأثري، ودُشن في 15 جمادى الآخرة 1445هـ/28 ديسمبر 2023م، وهو يحتوي على قسمين: الأول أرشيف لطارق عبدالحكيم وأغراضه الشخصية وآلاته الموسيقية، وأول تسجيلاته، ومجموعة من الصور المتعلقة به، فيما يتضمن القسم الثاني مركز أبحاث فيه مقالات وبحوث عن الموسيقى العربية.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة