النقوش الأثرية في العُلا، هي مجموعة النقوش التي تحتضنها أودية وواجهات الجبال والمغاور في محافظة العُلا بالمملكة العربية السعودية، يعود تاريخ بعضها إلى الحضارات الصفائية والآرامية والثمودية والمعينية والإغريقية واللاتينية، وبعضها إلى الممالك العربية القديمة، والمرحلة الإسلامية المبكرة، وتعد تلك النقوش أحد المصادر التي قدمت صورًا من جوانب الحياة اليومية للإنسان القديم، وتضم العُلا موقع الحِجر أول المواقع الأثرية السعودية المسجلة في قائمة التراث العالمي بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو".
سميت واحة العُلا قديمًا باسم (ديدان)، وكانت حينها مدينة مزدهرة وعاصمة المملكة اللحيانية، مارس سكانها الزراعة والتجارة وفنون العمارة والنحت والكتابة. وتحتضن العُلا مئات النقوش الأثرية التي تعود إلى آلاف السنين في فترات مختلفة من التاريخ، إذ يضم جبل الأقرع ما يزيد على 400 نقش، بينما يمثل جبل عكمة متحفًا مفتوحًا، إذ يحتوي على كتابات ونقوش أثرية، تعود إلى الحضارتين الدّادانية واللّحيانيّة.
تتنوع النقوش الأثرية في العلا بين رسوم آدمية وحيوانية، تقدم لمحة تاريخية عن المنطقة، كما تصور تاريخ تطور الحياة واللغة لساكنيها القدماء، حيث وثقت صورًا للحياة التي عاشها الإنسان في تلك الفترة، وكانت العُلا قديمًا معبرًا للقوافل التجارية، فرسم المسافرون على جنبات الطرق التي عبروها نقوشًا لأشكال الحيوانات ومشاهد متعددة، وحين استقرت الشعوب في العُلا وبدأ الإنسان برعي الماشية ظهر ذلك في الرسوم الصخرية من خلال رسم عناصر بشرية وحيوانات بريّة ومستأنسة، ومشاهد الرعي والصيد والقتال.
النقوش الأثرية في الحِجر
يُعد الحِجر أول المواقع الأثرية السعودية المسجلة في قائمة التراث العالمي لدى اليونسكو، وهو يضم نحو 110 مدافن أثرية منحوتة من التكوينات الصخرية، دَفنَ فيها الأنباط الشخصيات ذات المكانة العليا في مجتمعهم، وتحمل المدافن نقوشًا صخرية تشرح عن الشخصيات المدفونة فيها، منها مدافن للمُعالِجين، والشخصيات العسكرية، والقادة المحليين، كما تضم جبال الحِجر مئات النقوش الصخرية لفترات متعاقبة من التاريخ، حيث توثق عبور واستقرار العديد من الشعوب والحضارات فيها منذ آلاف السنين.
في إحدى واجهات الصخور في موقع الحجر نقشٌ يعود لفترات زمنية متعددة، يضم رسمًا لجملين بأسلوب مختلف، وبالقرب منه رسم لمجموعة من الجمال والخيول مختلفة الشكل، مما يدل على انتمائها لفترات زمنية متعددة، وفي أحد التجاويف الصخرية القريبة هناك رسم لجمل وتحته نقش لحياني نصه "هبة بنت نخنع، وسفر وودي قاموا ب هقنع" أي قدموا للآلهة تقدمة معينة.
كما تظهر في أحد النقوش قوافل للجمال بالأسلوب نفسه، وفي واجهة أخرى مجموعة من النقوش بمستويات متعددة، تُظهر رسومًا لعدد من الجمال لكن بأساليب نقش مختلفة، إضافة إلى عدد من النصوص الثمودية، وفي مستوى أدنى منها نقوش للجمال هي الأقدم تعود لنحو 2000 عام، إذ تظهر بأسلوب نقش معتمد على نقر الحجر، وفي المستوى الأخير رسم لعدد من العناصر بعضها بشرية والآخر لجمال ومشاهد صيد الوعل، وفي واجهة صخرية قريبة نقش يصل ارتفاعه إلى خمسة أمتار عن سطح الأرض، لمجموعة من الجمال والنقوش الثمودية.
مواضيع النقوش الأثرية في الحجر
تحتوي الحِجر على نقوش للمحاريب نُحتت للحصول على حماية الآلهة أو لأغراض عقائدية أخرى، تنوعت أشكالها وأحجامها وطرق نحتها، منها نحت لأحد آلهة الأنباط وهو الإله "ذو الشرى"، ويرمز له بشكل النسر، وعلى جانبيه نقش على شكل جرّتين يمثّل رمزًا للحياة والماء، وفي إحدى الصخور توجد نقوش على طبقات متعاقبة تدل على استمرارية الحضارة في المنطقة، حيث نحتت الأشكال والكتابات فوق بعضها على هيئة طبقات، وتنوعت فيها الأساليب والألوان، وتضم أشكال حيوانات كالخيول والجمال والوعول وغيرها، إلى جانب مشاهد للصيد بالكلاب، ومشاهد للقتال، وعناصر بشرية على الجمال والخيول، كما حملت عددًا من النقوش الثمودية والنبطية التي تحدثت عن طقوس الحج والقرابين المقدمة للآلهة.
ووثقت النقوش الصخرية أحداث السطو التي تعرضت لها قوافل التجارة من قطاع الطرق، فعلى إحدى الصخور مشهد يمثل رجلًا يمسك بإحدى يديه الجمل وبالأخرى يقاتل، وهذه الواجهة تضم نقوشًا متعددة لعناصر وأشكال، إضافةً إلى نقوش ثمودية ونبطية ودادانية وآرامية، كما تظهر في بعض النقوش تأثيرات مستوحاة من العمارة اليونانية، تتمثل في بناء محاريب يعلوها شكل مثلث وإطار مزدوج، وتُظهر نقوش أخرى تصاوير تدل على الأسلحة التي استخدمها الإنسان، منها نقش يصور شكلًا بشريًّا يحمل قوسًا، وشكلًا بشريًّا آخر يحمل أدوات الحرب وهي الرمح والترس ويشد إلى وسطه سيفًا.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة