
الواحات الأثرية المسورة في السعودية، هي مناطق في المملكة العربية السعودية شهدت تغيرات مناخية متتالية على مر العصور، وتوافرت فيها بيئة ملائمة للمستوطنات البشرية خاصة في فترة ما قبل عصر الهولوسين إلى منتصفه، مما أسهم في تكوين مستوطنات بشرية شكّلت نمطًا جديدًا من حياة الاستقرار في شبه الجزيرة العربية.
تكوين الواحات الأثرية المسورة
كانت أسوار الواحات هي سمة الاستيطان شمال غربي شبه الجزيرة العربية، وأدّت ظاهرة التغير المناخي في العصور القديمة إلى انخفاض حاد في هطول الأمطار في فترة من الزمن، مما أجبر سكان شمال غربي شبه الجزيرة العربية على تغيير نمط حياة التنقل، وإنشاء مستوطنات دائمة في المناطق ذات منسوب المياه المرتفع، وكان ذلك في العصر البرونزي المبكر، ونتيجة للاستيطان في الواحات بدأ تطوير التقنيات الهيدروليكية والزراعية، مثل: الآبار والري، والمحاريث وزراعة الأشجار البرية منها: أشجار الزيتون والتين، وبناء عناصر معمارية ضخمة وإنتاج الفخار، والأدوات المعدنية. وتميزت ببناء أسوار ضخمة تحمي الواحات بأكملها، بما فيها المنطقة السكنية والمركز الاقتصادي، والمنطقة الزراعية والآبار والمقابر.
مواقع الواحات الأثرية المسورة في السعودية
اتسمت الواحات الأثرية المسورة في السعودية ببناء قرى ذات أسوار ضخمة تحوي مواقع سكنية وزراعية واقتصادية، هي: واحة تيماء، وواحة قُريّة، وواحة دومة الجندل (أدوماتو)، وواحة الحائط (فدك)، وهي مسجلة في القائمة المؤقتة لمواقع التراث العالمي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو".
واحة تيماء
تقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة تبوك على بعد 264 كم، وتضم آثارًا تعود لعصور مختلفة يعود أقدمها إلى ما قبل التاريخ، ومن آثارها: السور الكبير الذي يحيط بالمدينة القديمة من الجهات الغربية والجنوبية والشرقية، ويمتد حتى 10 كم، وقصر الحمراء وهو مشيد من الحجارة المشذبة على قمة مرتفع صخري أحمر اللون، ويعود بناؤه إلى القرن السادس ق.م، وبئر هداج ويعود تاريخها إلى القرن السادس ق.م، وقصر الأبلق (حصن الأبلق)، وتشكل أكوام الحجارة التي تعود إلى العصر البرونزي جنوب الواحة أقدم مقابرها، ثم حلت محلها مقابر دائرية في رجم صعصع تعود إلى الألف الثالث والثاني ق.م، ومدافن جماعية مستطيلة الشكل، في القرنين التاسع والخامس ق.م.
واحة قُريّة
تقع إلى الشمال الغربي من مدينة تبوك بنحو 76 كم، وتحوي الواحة سورًا ضخمًا بدعامات وأبراج طويلة، في داخلها مبانٍ ومنشآت حجرية تشير إلى وجود مجتمع مدني متقدم، كما تحوي آثارًا لنظام شبكة ري معقدة ومتقنة التصميم، وحقولًا لتخزين المواد الزراعية، وأفران لصناعة الفخار ومعبد يضم بعض الأكوام الحجرية، ويعود تاريخ الموقع إلى العصر الحجري الحديث، وبُنيت فيه مستوطنة في العصر البرونزي المبكر في أوائل الألف الثالث ق.م، وتطورت من الألف الثاني ق.م إلى العصر الحديدي المبكر والعصرين النبطي والروماني، وبلغت الواحة أوج تطورها في العصر البرونزي المتأخر 1200 - 1700 ق.م.
وفي عام 1446هـ/2025م أعلنت هيئة التراث اكتشاف أقدم استخدام لنبات الحرمل في مستوطنة واحة قرية منذ العصر الحديدي أي قبل نحو 2700 عام، ضمن نتائج دراسة علمية نشرت في مجلة "communications biology" العالمية بالتعاون مع معهد ماكس بلانك لعلم الإنسان التطوري في ألمانيا، وجامعة فيينا في النمسا.
واحة دومة الجندل
تسمى قديمًا أدوماتو، ورد اسم الواحة في النقوش الآشورية في القرن الثامن ق.م، وهي واحة تقع في منطقة الجوف في الطرف الجنوبي من وادي السرحان، يعود تاريخها إلى العصر الحجري القديم، والعصر الحجري الحديث، وذكرت المصادر الآشورية وجود أدوماتو في أوائل الألف الأول ق.م، وصفتها بأنها قلعة وعاصمة مملكة قيدار. يتكون موقع دومة الجندل من منطقتين رئيستين، هي الوادي الشمالي الغربي وتعود آثاره إلى العصر الحديدي المبكر، وهياكل حجرية، وسور بطول 2.5 كم وارتفاع نحو 4.5 م، بُني في القرنين الثالث والثاني ق.م، والمنطقة التاريخية وهي محمية بسور داخلي يعود تاريخه إلى العصر النبطي، وتشمل المنطقة آثارًا من الحضارات المتعاقبة، منها قلعة مارد.
واحة الحائط "فدك"
تقع الواحة في منطقة حائل إلى الجنوب الغربي من مدينة حائل، وتبعد عنها نحو 250 كم، وتعرف باسم "باداكو" في المصادر البابلية و"فدك" في المصادر الإسلامية، تضم الواحة عددًا كبيرًا من القلاع والحصون والقصور المبنية بالحجارة السوداء، وتحيط بها مرتفعات الحرة من الجهتين الشمالية والجنوبية، وتنتشر على واجهات مرتفعات الحرة وصخورها مجموعة من الكتابات الكوفية، وكان الموقع قديمًا محاطًا بسور ضخم مشيد بالحجارة السوداء.
المصادر
سلسلة آثار المملكة العربية السعودية. مجموعة مؤلفين. 2003م.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة