تم نسخ الرابط بنجاح

المساحن الأثرية في جبل عراف

saudipedia Logo
المساحن الأثرية في جبل عراف
مقالة
مدة القراءة دقيقتين

المساحِن الأثرية في جبل عراف، هي أدوات حجرية أثرية استخدمها الإنسان في العصر الحجري الحديث، أُعلن اكتشافها عام 1445هـ/2023م، بجوار جبل عراف في منطقة حائل، وكانت تستخدم في الأنشطة اليومية، خاصة في تحضير الطعام، وكذلك الأصباغ للرسم على الصخر.

دلالات الاكتشافات الأثرية في جبل عراف

في 19 ربيع الأول 1445هـ/4 أكتوبر 2023م، كشفت هيئة التراث بالتعاون مع معهد ماكس بلانك الألماني في مشروع الجزيرة العربية الخضراء عن موقع يُعد أحد أبرز مواقع فترة ما قبل التاريخ بجوار جبل عراف بمنطقة حائل، ونُشر في مقالة بمجلة بلوس ون (PLOS ONE)، وضمّ الفريق العلمي المشارك بالمشروع عددًا من الباحثين والمختصين من المملكة، وأستراليا، وبريطانيا، وإيطاليا، والولايات المتحدة الأمريكية، في تخصصات مختلفة لفترة عصور ما قبل التاريخ. 

ويظهر الكشف جوانب مجهولة حول أنشطة الإنسان في فترات ما قبل التاريخ، ويعطي مؤشرًا لتكيف الإنسان في المنطقة، واستغلاله للموارد المتاحة، بما يظهر جوانب فنية، وأنماط عيش خلال فترات مختلفة، وفي بدايات التحول الاقتصادي، وانتقال الإنسان من مرحلة الصيد إلى مرحلة إنتاج الغذاء.

موقع جبل عراف

يقع جبل عراف في حوض بحيرة ضمن واحة جُبّة شمالي مدينة حائل، وجنوبي صحراء النفود في المملكة العربية السعودية، وينتمي الموقع الذي أُعلن اكتشافه لفترة العصر الحجري الحديث، حسب الدلائل والمعطيات الأثرية، ونتائج التحاليل المخبرية والمقارنة، التي حَدّدت حقبة الموقع ومكوناته المهمة، واستخدامه إبان تلك الفترة، ودلالاته الحضارية البارزة. ويُعد الموقع مشهدًا طبيعيًا مميزًا من العصر الحجري الحديث، ويحتوي على دلائل للتصنيع الحجري من تلك الحقبة.

استخدامات المساحن الأثرية

 كشفت نتائج الأعمال في الموقع بجوار جبل عراف عن عشرات المساحن والمدقات الحجرية، التي كانت تُستخدم في الأنشطة اليومية، حتى بعد تعرضها للكسر نتيجة كثرة الاستخدام، ووُجدت مجموعة منها داخل عديد من مواقد النار، مغطاة بأحجار صغيرة وشظايا المساحن المكسورة، التي أُثبت استخدامها في تحضير النباتات، وطحن العظام، وذلك استنادًا إلى نتائج التحاليل باستخدام الفحص المجهري لمجموعة من هذه المساحن، لتحديد طرق الاستخدام، وعادات غذاء الإنسان في تلك الفترة.

 وأظهرت نتائج دراسة المساحن عادات الغذاء والحياة الاقتصادية للإنسان في تلك الفترة، واستخداماتها في تحضير طعام مكون من نبات وحيوانات، التي منحت مؤشرات مؤكدة بدايات التحول الاقتصادي، وانتقال الإنسان من مرحلة الصيد والالتقاط، إلى مرحلة إنتاج الغذاء -حسب الموارد المتوافرة-، واستخدم الإنسان هذه المساحن البسيطة في تحضير النبات غذاءً، وإعداد عظام الحيوان، وربما تكسيرها بهدف الوصول للنخاع، الذي يُعد مصدر غذاء مهم في بيئة العصر الحجري الحديث، إذ كانت هناك أنواع مختلفة من الحيوانات البرية تعيش في الجزيرة العربية، واستهلكها الإنسان في غذائه، منها: الأبقار، والغزلان، والأغنام، والمها، والماعز، والنعام.

وتُشير النتائج إلى استخدام أدوات السحن في إنتاج الأصباغ المستخدمة في أعمال الفن الصخري الملون، الذي يُعد شائعًا في شمال الجزيرة العربية في العصر الحجري الحديث، إذ خلّف من خلاله الإنسان لوحاتٍ من رسوم صخرية ملونة للحيوانات المنتشرة في بيئته، ويحتمل أن تلك الأصباغ الملونة قد استُخدمت مواد ومستحضرات تجميل.

المساحن الحجرية في الجزيرة العربية

شكّل استخدام المساحن الحجرية جزءًا مهمًا من حياة المجتمعات البشرية في الجزيرة العربية، ولم يتوقف استخدامها حتى الوقت الحاضر، فقد أظهرت الدراسات الإثنوآركيولوجية وجود المساحن في العديد من القرى بالمناطق الريفية، التي تعتمد على الزراعة مصدرًا رئيسًا للغذاء.