

الهدية في السعودية، هي مِنْحَة تُعطى لشخص أو مجموعة أشخاص دون مقابل، في مناسبات مختلفة احتفاء بذكريات معينة تعبيرًا عن المحبة والتواصل الإنساني والاجتماعي.
تنطلق ممارسات تقديم الهدايا والاحتفاء بها من الثقافة العربية والإسلامية في المملكة العربية السعودية، إذ يُنظَرُ إلى الهدية بوصفها وسيلة لنشر المحبة والود والسرور بين المتهاديين، ففي الحديث قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: "تهادوا تحابوا".
التنظيم المجتمعي للهدية في السعودية
يتبادل أفراد المجتمع السعودي الهدايا على نطاق واسع وبعض تلك الهدايا تدخل في إطار بعض الأنظمة، إذ نص نظام الأحوال الشخصية الصادر عام 1443هـ/2022م على أن جميع ما يقدمه الخاطب أو المخطوبة إلى الآخر خلال فترة الخطبة يُعد هدية؛ ما لم يصرح الخاطب بأن ما قدمه يُعد مهرًا أو يجر العرف على أنه من المهر.
ومنعًا لأي خلط فيما يتم تقديمه من أحد الطرفين للآخر نص النظام على أنه إذا عدل أي من الخاطب أو المخطوبة عن الخطبة بسبب يعود إليه، فليس له الرجوع في الهدية التي قدمها. وللطرف الآخر أن يسترد منه ما قدمه من هدية إن كانت قائمة وإلا بمثلها، أو قيمتها يوم قبضها، ما لم تكن الهدية مما يستهلك بطبيعتها. وفي جميع الأحوال، إذا انتهت الخطبة بالوفاة، أو بسبب لا يد لأحد الطرفين فيه، فلا يسترد شيء من الهدايا.
الهدية في مؤسسات الدولة
رغم شيوع ممارسات تقديم الهدايا في المجتمع السعودي في السياقات الرسمية وغير الرسمية، إلا أن بعض الجهات الحكومية تضع شروطًا لاستقبال الهدايا التي تقدم لها في الزيارات والمناسبات الرسمية، وتُعرف قواعد مجلس الشورى الهدية بأنها كل ما يُقدم للعضو أو المسؤول على سبيل المجاملة، مهما كانت قيمته المادية أو المعنوية، ووضعت لها 12 قاعدة لتنظيم قبول أعضاء المجلس ومسؤوليه الهدايا.
وفي السياق الحكومي؛ يُنَظَّم تقديم الهدايا وفقًا لمناسباتٍ سنوية: مثل شهر رمضان، إذ تنظِّم وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد سنويًّا برنامج هدية خادم الحرمين الشريفين لتوزيع التمور، وهو عبارة عن شحنة من التمور الفاخرة تزن نحو 200 طن، تُرسل من مقر مصنع التمور بمحافظة الأحساء في المنطقة الشرقية إلى 24 دولةً حول العالم.
هدايا "الشؤون الإسلامية"
تُعد وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، من أكثر الجهات الحكومية التي تشملُ برامجها الهدايا، سواء كانت برامج متصلة بالدول الأخرى على نطاق خارجي أو بالحجاج والمعتمرين على نطاق محليٍّ، إذ تنظِّم كل عام برنامج هدية الحاج، وتحوي هذه الهدية مغلفًا يتضمن شريطًا للتلاوات المتميزة للقرآن الكريم، وأربعة كتب تتضمن شرحًا لأركان الإسلام، والإيمان، والإحسان، والتربية، والقيم، ومكارم الأخلاق، ومبادئ الشريعة والعقيدة.
ويقدم برنامج هدية خادم الحرمين الشريفين للحجاج؛ المصحف الشريف بإصدارات متنوعة وترجمةٍ لمعانيه بلغاتهم، وبأحجام مختلفة، من إنتاج مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، ويصل عدد المصاحف المُهداة في موسم الحج سنويًّا للحجاج المغادرين إلى نحو 1.8 مليون نسخة،عدا مئات الآلاف من النسخ التي تُهدى على مدار العام للمعتمرين. وتُوزَّع هدية خادم الحرمين الشريفين وهدية الحاج في نقاط مغادرة الحجاج والمُعتمرين البرية والبحرية، وفي المطارات والموانئ.
هدايا الجمعيات
في السياق المحلي؛ تنظِّم معظمُ الجمعيات والهيئات في مناطق السعودية برامجَ تقدم فيها الهدايا لفئات معينة في المجتمع، مثل: الأسر المُتعففة، أو أسر ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يُشار إليهم بأصحاب الهمم، على سبيل المثال: تدعم مبادرة الأمير خالد الفيصل برامج لتقديم الهدايا، وتنفذها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، بإشراف مركز التنمية الاجتماعية في منطقة مكة المكرمة، وتشمل هداياها بطاقات تسوق ممغنطة وقسائم شرائية يصل عددها عادةً إلى أكثر من 700 بطاقة.
هدايا السلك الدبلوماسي
تتطلب العلاقات الدبلوماسية تبادل الهدايا في كثير من المناسبات، ولذلك وُضعت مراسم وقواعد لتقديمها واستلامها، وقد جرت العادة أن تتم مراسم تبادل الهدايا في نهاية الزيارات الرسمية. ولتقديم الهدايا توجد قواعد عامة يجب مراعاتها، منها: استقر العرف الدبلوماسي على قبول الهدايا الرمزية، أما الهدايا الثمينة فمستهجنة وترد إلى خزينة الدولة، وأن تمثل الهدية الهوية الوطنية وتبرز ثراء الثقافة السعودية، ويتم وضع الهدية في مغلف أنيق، فالتقديم متساوٍ مع قيمة الهدية ذاتها، وترفق معها بطاقة تبين ماهية الهدية مع تحية بأطيب التمنيات، إضافة إلى أنه عندما تكون الهدية لضيف ليس في بلده، فيراعى أن تكون سهلة النقل من حيث الحجم، ومن حيث موافقتها لقوانين النقل الجوي.
هدايا المشاعر المقدسة
تتسع سوق الهدايا في المشاعر المقدسة إذ يحرص ضيوف الرحمن على شرائها من أسواق مكة المكرمة والمدينة المنورة لتقديمها لأهاليهم، ومن الهدايا: التمور، وسجاجيد الصلاة، والمنتجات القطنية، والجلدية، والإكسسوارات والهدايا التي تحمل رمزًا يدل على أداء تلك الشعيرة، كمُجسمات الحرمين الشريفين، والتحف، والمسابح، والسواك، إذ تُعد هذه الهدايا ذات دلالات كبيرة في نفوسهم كونها من المدينة النبوية والبقاع المقدسة، إضافة إلى قيمتها الزهيدة.
وتشمل هدايا الحجاج والمعتمرين أيضًا العسل والحلويات الشعبية، وتحفة "برج الساعة في مكة"، إضافة إلى العطور العربية والعود، وأساور الذهب المنقوشة بزخارف إسلامية، وماء زمزم.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة