تم نسخ الرابط بنجاح

الأغاني الشعبية في السعودية

saudipedia Logo
الأغاني الشعبية في السعودية
مقالة
مدة القراءة 4 دقائق

الأغاني الشعبية في السعودية، هي شكل من أشكال الفنون الموسيقية التي تتضمَّن نصوصًا من الشعر الشعبي في المملكة العربية السعودية، تطوَّرت أساليب أدائها وتقنيات تسجيلها ونشاط الفنانين المؤدين لها عبر السنين، كما تنوَّعت موضوعاتها من الشعر الشعبي الذي امتد من القرن الثامن عشر، وهو شكلٌ من أشكال الأدب العربي المُتعارف عليه عامة في الخليج العربي باسم الشعر النبطي. 

الأغاني الشعبية في الثقافة السعودية

يمكن عدّ الأهازيج الشعبية الأنموذج الأول للغناء الشعبي في السعودية قبل دخول شركات التسجيل والموسيقى، إذ عُرف الغناء الشعبي ضمن أهازيجٍ شعبية تعكس النصوص المغنَّاة فيها تراث كل منطقة من مناطق السعودية، وتنوَّعت في أدائها ليأخذ كلٌّ منها أنموذجًا مستقلًّا يميز كل منطقة، على سبيل المثال يُعرَف كل من: المسحوب، والحداء، والمجرور بوصفها فنونًا يعتمد نجاح أدائها على انسجام الأصوات البشرية، ويعكس أداؤها إظهار اللحن الموسيقي أو الإيقاعي الذي يميز كل منطقة في السعودية، إذ ينطوي على نصوص من الشعر الشعبي، وأحيانًا يصاحبه عزف آلة الربابة. 
ومثَّلت الأغاني الشعبية، بوصفها أهازيج قديمة، تقليدًا سمعيًّا استمر لعقودٍ طويلة دون أن يكون ضمن سياقٍ تعليمي، مع ذلك هناك بعض كبار الفنانين في تاريخ الغناء الشعبي السعودي مثَّلوا الغناء الشعبي النموذجي في إطارٍ تعليمي، منهم الفنان طارق عبدالحكيم، الذي يمكن وصفه بالمؤسس الحقيقي للموسيقى في السعودية، إذ كان في ذلك الوقت أول سعودي يدرس الموسيقى العسكرية، وأسهم في إنشاء مدرسة موسيقى الجيش السعودي عام 1954م، التي دُربت 14 فرقة لأداء المسيرة العسكرية لتُوزَّع على مناطق السعودية.

الأغاني الشعبية وارتباطها بالقصائد والشعر

تمتاز الأغاني الشعبية السعودية باحتوائها على أكثر من قصيدة شعبية، إذ يمكن أن يوافق الشعر الشعبي عادةً الألحان الشعبية التقليدية في السعودية، ويُمكن أن تغنى أكثر من قصيدة شعبية على اللحن نفسه، وتعتمد معظم تلك الأغنيات أو الأهازيج على الأداء الفردي والجماعي للأصوات البشرية، ما يجعل إمكانية أداء أكثر من قصيدة ضمن اللحن نفسه مهمة سهلة، لاحقًا، عند ظهور تسجيلات الاستديو للأغاني الشعبية، تطورت نصوصها وألحانها لتصبح كل أغنية أنموذجًا مستقلًّا، مع الأخذ في الحسبان أن نصوص الأغاني الشعبية في القرن الحادي والعشرين الميلادي هي امتداد للشعر الشعبي، وهو عنصر رئيس في الأغنيات السعودية. 
موسيقيًّا، يُمكن تصنيف الموسيقى السعودية بأنها موسيقى شعبية ترتبط بالضرورة بفن الغناء الشعبي، إذ يأخذ نمط الموسيقى النموذجي في السعودية ترتيبًا ثانويًّا يرتبط بتأدية حدث رئيس، وهو الأغنية المكونة من قصيدة عربية، يؤديها فنان يجيد العزف على آلة العود العربي عادة. 
وفي الأغنيات الشعبية السعودية لا يتبع النمط الموسيقي نمط الأوركسترا في صورتها الكلاسيكية، المعتمدة على حزمة من النوت وقائد موسيقي يقود الفرقة بحركات الذراعين والوجه، والأوركسترا نمط نادر في السعودية، ويقتصر على مناسبات نخبوية لهواة الموسيقى الكلاسيكية. 

الأغاني الشعبية في ستينات القرن العشرين

شهدت الستينات الميلادية من القرن العشرين ظهور كثير من العازفين والمؤدين السعوديين ممن سُجلت لهم أسطواناتٌ موسيقية تدعمها شركات تجارية، مثل شركة "نجد فون"، وتفردت أغنياتهم، إلى جانب عزفهم المنفرد على آلة العود، بالسرد القصصي والتسميات المحلية للأغنيات، ما أسهم في توثيق تاريخ الحياة في السعودية آنذاك، على سبيل المثال: سُميت إحدى أغنيات الفنان بشير شنان بـ"شارع الخزان"، الذي يعد أحد أقدم الشوارع في العاصمة الرياض، كما تضمنت أغنيات الفنان والملحن حجاب بن نحيت سردًا لنمط الحياة التقليدي في السعودية، ويمكن تصنيف معظم الأغنيات التي سُجلت ضمن تسجيلٍ فردي للفنان في الستينات الميلادية أغنياتٍ شعبيةً في الثقافة السعودية. 

تنظيم الأغاني الشعبية في السعودية

ينظم عدد من الجهات الحكومية فعاليات تحتفي بالتراث الشعبي متمثلًا في الأغاني الشعبية السعودية، ففي عام 2018م نظمت الهيئة العامة للثقافة -ألغيت عام 2020م- بالتعاون مع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون في محافظة الأحساء برنامج الفن الشعبي بمشاركة مجموعة من الفنانين الشعبيين بالمحافظة. وتضمن البرنامج في إطار الحضور الجماهيري الكبير، أداءً لمجموعة من الأغاني الشعبية، كما تحدث بعض المشاركين عن سيرة وتاريخ وشخصيات وبدايات الأغنية والفن الشعبي بالأحساء. 
كما نظمت الهيئة العامة للترفيه في سبتمبر 2019م، فعالية بعنوان "من الستين للحين"، وتضمنت عرض 60 أغنية من تاريخ الأغاني الشعبية السعودية منذ الستينات الميلادية عام 1960م إلى عام 2019م. 
تمثِّل الأسواق الشعبية، على غرار الفنون الشعبية والحرف اليدوية، مُخرجات ذات أهمية ثقافية ورسائل اجتماعية، وتحظى أسطوانات الأغاني الشعبية بشعبية واسعة ضمن الأسواق الشعبية المختصة في بيع المستلزمات القديمة، وهي رائجة عادةً بين هواة التسجيلات الشعبية القديمة، مثل سوق الحلة وسوق الديرة في العاصمة الرياض، وتختلف أسعار تلك الأسطوانات بين البائعين، كما تتمايز أسعار الأسطوانة حسب سنة إنتاج الألبوم الموسيقي أو حسب الفنان المؤدي. 
وتتنوع أسطوانات الأغاني الشعبية السعودية من حيث إنها مستخدمة أو أصلية، ويمكن للبائع والمشتري تمييز الأسطوانة من حيث وزنها، حيث تُعد الأسطوانة ذات الوزن الثقيل هي الأغلى، كما تتمايز أسعار الأسطوانات من حيث الفنانون المؤدون لها، ومعظمهم يمثِّلون الجيل الأول من الغناء الشعبي في السعودية، مثل الفنان بشير حمد شنان، وحجاب بن نحيت، وفهد بن سعيد، الذي يُعرف بـ"وحيد الجزيرة"، وعيسى الأحسائي، كما ترتفع قيمة الأسطوانة إذا تضمنت إحدى أشهر الأغنيات الشعبية في السعودية، على سبيل المثال؛ تُباع الأسطوانات التي تتضمن أغنية "على الوعد جيتكم" للفنان فهد بن سعيد بسعر أغلى، نظرًا لشعبية الأغنية الواسعة. كما تُعد أسطوانات الفنان بشير حمد شنان ضمن أعلى الأسعار مبيعًا، إذ تصل إلى خمسة آلاف ريال للأسطوانة الواحدة. 

الأغاني الشعبية في الثقافة العالمية

في سياق التواصل العالمي؛ نظمت الجهات الحكومية السعودية طوال تاريخها عددًا من الفعاليات التي تحتفي بالتراث الشعبي، ممثلًا في الدرجة الأولى بالأغنيات الشعبية، بوصفها ثقافة عالمية. على سبيل المثال؛ شاركت السعودية ضمن فعالية الأيام الثقافية السعودية المُقامة في دولة السنغال عام 2008م، من خلال تقديم عدد من الأغنيات الشعبية التي تصاحبها رقصات تقليدية شعبية، مثل: العزاوي، والسيق، ورقصة اللواء، والمزمار، والخبيتي، ثم العرضة السعودية. 
كما احتفت وزارة الثقافة السعودية عام 2020م باليوم الوطني التاسع والخمسين لدولة الكويت، ضمن مجموعة من الفعاليات الثقافية أتت الأغاني الشعبية في مقدمتها، وتُقام تلك الفعاليات في المراكز التجارية وعدد من الأماكن العامة في العاصمة الرياض، ومدينة جدة، والمنطقة الشرقية. وتشمل الفعاليات مسيرة العرضة الشعبية الكويتية، وتقديم الأغاني والأهازيج الفلكلورية الكويتية، في إطار ثقافي تفاعلي يسمح لزوار أماكن إقامة الفعاليات بالتفاعل المباشر معها.