تم نسخ الرابط بنجاح

مكافحة الإرهاب في السعودية

saudipedia Logo
مكافحة الإرهاب في السعودية
مقالة
مدة القراءة 5 دقائق

مكافحة الإرهاب في السعودية، هي الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية لمكافحة ظاهرة الإرهاب؛ محليًا وخارجيًا، والتصدِّي لها ومحاربتها.

الهجمات الإرهابية في السعودية

شهدت السعودية في الفترة بين عامي 1424هـ/2003م و1427هـ/2006م موجةً من الهجمات الإرهابية الدامية التي شنَّها تنظيم القاعدة، واستهدفت مقار أمنية ومنشآت حكومية وأخرى اقتصادية وأماكن سكن خاصة بالأجانب أوقعت عددًا من القتلى.

تلت تلك الهجمات الإرهابية مواجهاتٌ أمنية سعودية مباشرة مع المتطرفين، لتطلق عقبها حملة واسعة للقضاء على الإرهاب، والتزمت سياسة صارمة لمكافحة التطرف والإرهاب في خطة أُطلق عليها "استراتيجية الوقاية وإعادة التأهيل والنقاهة". وتتكوّن الاستراتيجية من ثلاثة برامج منفصلة لكنها مترابطة، تهدف إلى ردع الأفراد عن التورط في التطرف، وتشجيع إعادة تأهيل المتطرفين والأفراد الذين يتورطون معهم، وتوفير برامج النقاهة لهم لتسهيل إعادة دمجهم في المجتمع بعد الإفراج عنهم.

إسهامات السعودية في مكافحة الإرهاب

نتج عن الجهود السعودية في محاربة الإرهاب، استضافة السعودية للمؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في مدينة الرياض في 25 ذي الحجة 1425هـ/5 فبراير 2005م بمشاركة أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية وأجنبية إلى جانب عدد من المنظمات الدولية والإقليمية والعربية.

وفي عام 1432هـ/2011م، قدمت السعودية إسهامات تأسيسية لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب من خلال مساهمة قدرها عشرة ملايين دولار، بناء على التوصية الواردة في استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب. وفي 17 شوال 1435هـ/13 أغسطس 2014م، تبرعت السعودية بمبلغ إضافي قدره 100 مليون دولار للمساعدة على تمويل عمل مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.

وترأس السعودية بالشراكة مع الولايات المتحدة وإيطاليا الفرقةَ العاملة التي تركز على الجهود الرامية لمكافحة تمويل تنظيم داعش، في إطار شراكتها الاستراتيجية للتحالف الدولي ضد داعش، الذي تشكل في ذي القعدة 1435هـ/سبتمبر 2014م، وصاحب ترؤسها للفرقة تأسيسها مركز استهداف تمويل الإرهاب.

وإضافة إلى مشاركتها في الحملة العسكرية للتصدِّي لداعش، تطوعت السعودية من جانب آخر، لتجفيف البنية التحتية الاقتصادية والمصادر المالية لداعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى، إضافة إلى منع تجنيد المقاتلين أو تدفق الإرهابيين الأجانب عبر الحدود، ودعم عودة الاستقرار والخدمات العامة الأساسية للمناطق المحررة من داعش، وتفكيك الخطاب الترويجي والدعائي الذي تستغله الجماعات الإرهابية لتجنيد الأطفال والشباب والتغرير بهم.

جهود السعودية في مكافحة الإرهاب

في  25 شعبان 1438هـ/21 مايو 2017م، أسست السعودية بمشاركة عدد من الدول خلال انعقاد القمة العربية الإسلامية الأمريكية في الرياض، المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف "اعتدال" الذي يبرز التعاون الدولي في مواجهة الفكر المتطرف المؤدي للإرهاب.

ويعمل المركز الذي يتخذ من العاصمة السعودية الرياض مقرًا له، على رصد أي محتوى متطرف وتصنيفه وتحليله في غضون ست ثوان فقط من ظهوره على شبكة الإنترنت وبمستوى غير مسبوق عالميًّا من الدقة -يتعدى 80%- مما يتيح آفاقًا جديدة في مجال مكافحة الأنشطة المتطرفة في المجال الرقمي.

ويؤدي المركز دورًا فعالًا ومتقدمًا تقنيًّا في مكافحة الإرهاب والتطرف، وأكد مجلس الوزراء السعودي في جلسته ليوم 26 شعبان 1438هـ/22 مايو 2017م، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، أن إنشاء مركز "اعتدال" يجسد جهود السعودية الكبيرة واستمرارها في العمل بشكل وثيق ومنسق مع المجتمع الدولي لمحاربة الإرهاب، وتتبع الإرهابيين والقضاء على التنظيمات الإرهابية.

وقبل تأسيس المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف "اعتدال"، كانت السعودية قد أنشأت في 4 شعبان 1438هـ/30 أبريل 2017م، مركز الحرب الفكرية (مركز الحماية الفكرية حاليًّا) لمواجهة جذور التطرف، وتعزيز الفهم الحقيقي للإسلام في جميع أرجاء العالم، وهو مركز تابع لوزارة الدفاع السعودية، ويضم خبراء فنيين ذوي خبرة عالية من أطياف مختلفة، متعلقة بالموضوع المطروح، لضمان أفضل الممارسات.

وقدمت السعودية منهجًا في التعامل مع معتنقي الفكر التكفيري المنحرف من خلال مواجهة الفكر بالفكر، إذ شكَّلت وزارة الداخلية لجنة المناصحة، وهي لجنة شرعية تتكون من العلماء والدعاة والمفكرين بهدف تصحيح المفاهيم الخاطئة والمغلوطة لدى الموقوفين ونصحهم وتوجيههم إلى تعاليم الإسلام الصحيحة السلمية، وأثمرت أعمال اللجنة عن تراجع كثير من المنظرين للفكر التكفيري المنحرف عن فتياهم، معلنين توبتهم عنها، كما أدَّى ذلك إلى تراجع في عدد أعضاء الخلايا الإرهابية.

وفي عام 1424هـ/2003م، أنشئت وحدة للتحريات المالية ولجنة وطنية دائمة لمكافحة الإرهاب، عملت السعودية من خلالهما على مضاعفة الجهود لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إضافة إلى تشكيل لجنة دائمة لمكافحة غسل الأموال في البنك المركزي السعودي والبنوك والمصارف السعودية، كما أصدرت السعودية عددًا من الأنظمة في هذا الشأن، منها: نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، ونظام مكافحة غسل الأموال، ونظام مكافحة جرائم المعلوماتية.

ونظمت السعودية خلال العقدين الأول والثاني من القرن العشرين الميلادي مؤتمراتٍ وفعالياتٍ عديدةً لمحاربة الإرهاب، وتقدمت بمبادرات عدة في هذا المجال، منها مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود للحوار بين أتباع الأديان والثقافات عام 1426هـ/2005م، وكذلك تبنيها عام 1436هـ/2015م للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب الذي يضم 42 دولة عربية وإسلامية.

الاتفاقيات الخاصة بمكافحة الإرهاب التي صادقت عليها السعودية

صادقت السعودية على عدد من الاتفاقيات الخاصة بمكافحة الإرهاب، كما صادقت على جملة من الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة، من بينها: الاتفاقية الخاصَّة بالجرائم وبعض الأفعال الأخرى المرتكبة على متن الطائرات (طوكيو 1963م)، واتفاقية مكافحة الاستيلاء غير المشروع على الطائرات (لاهاي 1970م)، واتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الطيران المدني (مونتريال 1971م)، واتفاقية منع الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص المتمتعين بحماية دوليَّة بمن فيهم الموظفون الدبلوماسيون والمعاقبة عليها (نيويورك 1973م)، والاتفاقية الدولية لمناهضة أخذ الرهائن (نيويورك 1979م)، واتفاقية الحماية المادِّية للمواد النووية (فيينا 1980م)، والبروتوكول المتعلِّق بقمع أعمال العنف غير المشروعة في المطارات التي تخدم الطيران المدني الدولي، الملحق باتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الطيران المدني (مونتريال 1988م).

كما انضمت السعودية إلى اتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الملاحة البحريَّة (روما، 1988م)، والبروتوكول المتعلِّق بقمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة المنشآت الثابتة الموجودة على الجرف القاري (روما 1988م)، واتفاقية تمييز المتفجرات البلاستيكية بغرض كشفها (مونتريال 1991م)، والاتفاقية الدوليَّة لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل (نيويورك 1997م)، والاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب (نيويورك 1999م)، واتفاقية قمع الإرهاب النووي (نيويورك 2005م)، وبروتوكول اتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الملاحة البحريَّة، والبروتوكول المتعلِّق بقمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة المنصات الثابتة الموجودة على الجرف القاري، وتعديلات اتفاقية الحماية المادِّية للمواد النووية.

انضمام السعودية إلى معاهدات إقليميَّة في مجال مكافحة الإرهاب

انضمت السعودية إلى عدد من المعاهدات الإقليميَّة في مجال مكافحة الإرهاب، منها: معاهدة منظمة التعاون الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي التي اعتمدت في 17 ربيع الأول 1420هـ/1 يوليو 1999م، وكانت السعودية أول الموقعين عليها في 3 صفر 1421هـ/7 مايو 2000م، ومدوَّنة قواعد السلوك لمكافحة الإرهاب الدولي المعتمدة من منظمة المؤتمر الإسلامي في مؤتمر القمة الإسلامي السابع عام 1995م، والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب خلال اجتماعات مجلس وزراء الداخلية والعدل العرب المنعقدة في 25 ذي الحجة 1418هـ/22 أبريل 1998م، إضافة إلى الاتفاقية العربية لمكافحه الإرهاب 1998م، والاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب الصادرة عام 1996م، واتفاقية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لمكافحه الإرهاب 2004م، والاستراتيجية الأمنيّة الموحدة لمكافحة ظاهرة التطرف المصحوب بالإرهاب لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية 2003م.

دور الجامعات في مكافحة الإرهاب في السعودية

لم تتوقف جهود السعودية عند الأنظمة والمبادرات المحلية والدولية فقط، وإنما بادرت الجامعات أيضًا إلى التعامل مع ظاهرة الإرهاب في سياق علمي لدراسته ومكافحته، حيث أطلق مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للدراسات الإسلامية المعاصرة وحوار الحضارات في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وحدة بحثية لمكافحة الإرهاب، حددت مهامها في: إجراء الدراسات والبحوث في مجال مكافحة الإرهاب، ومراجعة وتقييم اتفاقيات ومعاهدات مكافحة الإرهاب الدولية والإقليمية، وتنظيم المؤتمرات والندوات العلمية المختصة في قضايا الإرهاب، والمشاركة في المؤتمرات الإقليمية والدولية في هذا المجال، والتنسيق مع المعاهد والمراكز المختصة في مجال مكافحة الإرهاب في أنحاء العالم، وإصدار الكتب المتعلقة بتوعية المجتمعات عن الإرهاب بشتى أنواعه.