تم نسخ الرابط بنجاح
saudipedia Logo
بيت الشعر في السعودية
مقالة
مدة القراءة 4 دقائق

بيت الشَّعر أو خيمة الشعر في السعودية، هو غرفة خارجية تُضاف لفناء المنازل في معظم مناطق المملكة العربية السعودية، بعد أن كان يُقام في ضواحي المدن، ثم تطور ليُصبح جزءًا من المنازل، وبدا أكثر تطورًا ضمن المنازل السعودية، إذ جرى تزويده بالتكييف المركزي والبناء المُسلّح.

بيت الشعر في الثقافة السعودية

يمكن عدّ المناطق ذات الجذور البدوية أكثر المناطق التي تزخر بالمخيمات البرية، خاصةً في فصل الشتاء، ويمثل التخييم نمطًا اجتماعيًّا شائعًا لدى السعوديين في تلك المناطق، فهو يمتد من أساليبهم في المعيشة، إذ تتضمن منازلهم عادةً مجلسًا خارجيًّا يأخذ نمط الخيمة يُسمى "بيت الشعر"، كما تتضمن مجالسهم "المَشَبْ" أو الموقد الذي يستخدمونه لإشعال النار للتدفئة والتسلية وتحضير المشروبات الساخنة. وتشتهر المناطق الشمالية بحرفة حياكة نسيج بيت الشعر، وتتراوح أسعار بيوت الشعر حسب النوع والحجم والخامات المستخدمة ما بين 1000 و5000 ريال، ويزداد الطلب عليها في الشتاء والربيع.

مميزات بيت الشعر

يتميز بيت الشعر بعدة مميزات، منها: الحماية من البرد والأمطار والرياح والعواصف الرملية وحرارة الشمس في الصحراء، إذ تتميز خيوط الشعر بالتضخم في موسم الأمطار، وتضيق المساحات بينها، فتمنع تسرب المياه إلى البيت، إضافة إلى الاحتفاظ بدرجة الحرارة المتولدة من إشعال النار في الموقد، خصوصًا في ليالي الشتاء الباردة، كما يتميز بسهولة الحمل والنقل، ليتناسب مع حياة الترحال والتنقل، إضافة إلى سهولة صيانته، واتساع مساحته مقارنة بالخيام.

مسميات وأشكال بيت الشعر

تختلف مسميات بيت الشَّعر وفقًا لحجمه وعدد الأعمدة المستخدمة في رفع سقفه، فالبيت ذو العمود الواحد يُسمى "القطبة"، وذو العمودين "المقورن"، ثم المثولث، والمروبع، والمخومس، والمسودس.

كما تختلف أشكال بيت الشعر، فبعضها مغلقة، وأخرى مفتوحة من جانب أو أكثر، وقد تقام على شكل خيمة أو مربع، ويرفع السقف بخشب الأثل أو الغضا، ويثبت البيت على الأرض بأوتاد من الخشب أو الحديد، ويقسم بيت الشعر من الداخل إلى جزء مفتوح للرجال واستقبال الضيوف، وآخر مغلق مخصص للنساء.

صناعة بيت الشعر

كان بيت الشعر يُصنع من صوف الغنم، وشعر الماعز والضأن، ووبر الجمل، إضافة إلى القطن، ويستخدم الصوف الأبيض للصباغة. ويتألف بيت الشعر من جزء علوي، وآخر يلف البيت من الخارج، إضافة إلى الرواق الذي يؤدي دور القاطع داخل البيت، لتقسيمه إلى أماكن عدة، ويكون تجهيز البيت ببعض الأدوات، منها: الطرايق، والرولات، والعمد، والحلق، والأعمدة، والأطناب، والمسامير.

وتتراوح مدة نسج بيت الشعر بين ثلاثة أيام وأسبوع، حسب حجمه وخبرة الصانعة، فأغلب من يصنع هذه البيوت هن من النساء، ومن الأدوات التقليدية المستخدمة في الصناعة: المطرق، وهو عصا لتنظيف الشعر، والمغزل الذي يستخدم لغزل الشعر، والمخيط وهو إبرة كبيرة الحجم للخياطة، والأطناب التي تستخدم لشد بيت الشعر وتثبيته، إضافة إلى الأوتار.

حياكة السدو وبيت الشعر

اعتمدت صناعة بيت الشعر في السابق على حرفة حياكة السدو، وهي حرفة تبرع فيها النساء، وتُعد موروثًا شعبيًّا ثقافيًّا مسجلًا ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" عام 1442هـ/2020م، كما دُشن شعار معرض ‎الرياض "إكسبو 2030" مستوحى من السدو.

وتسبق حياكة السدو عملية جز شعر الماعز، أو صوف الأغنام، أو وبر الإبل، ثم نبش الصوف باليد لتنظيفه من الشوائب العالقة وغسله بالصابون أو الرماد، ونشره حتى يجف عبر وضعه في الهواء، تليها عملية غزل الصوف عبر أداة تغزل الخيوط لتكون قابلة للحياكة وتحويلها إلى خيوط تُلف على شكل كرة تسمى "الدجة"، وتلوينها بألوان مختلفة بألوان مستخلصة من النباتات وقشور وجذور الأشجار، مثل: الزعفران، والحناء وغيرها.

ويغلب على الألوان الأسود، والأبيض، والأحمر، والبني، إضافة إلى ألوان أخرى، وتزين القطع بالنقوش والزخارف وأشكال هندسية مثل: المستطيل، والدائرة، والمثلث، وبعدها تبدأ عملية الحياكة التي يكون فيها توصيل خيوط السدو مع بعضها وحياكتها وتحويلها إلى قطع، وقد تصل مساحة القطعة الواحدة إلى 8م، وتجمع هذه القطع لاحقًا ليصنع منها بيت الشَّعر.

ومن الأدوات المستخدمة في حياكة السدو: المغزل، والنول، والأدوات الخشبية، مثل: المنفاش، وهو مضرب خشبي مبطن بمسامير يستخدم لتفكيك الصوف بعد تجميعه وغسله وتجفيفه، لتبدأ بعد ذلك عملية الغزل وتحويل الصوف إلى خيوط مبرومة واستكمال مراحل حياكة السدو.

صناعة بيت الشعر حاليًّا

أولى خطوات بناء بيوت الشعر حاليًّا هي تخصيص قطعة من الأرض الملحقة بالمنزل أو الاستراحة، إذ يُصب هذا الجزء لتأسيس بيت الشعر، يليها تصميم هيكل مستقل من "التيوبات" والمواسير الحديد، التي يجري  تفصيلها لتصميم الهيكل بطريقة تتناسب مع مساحة الخيمة المطلوبة، ثم تركيب القماش الخارجي والداخلي والتجهيزات الأساسية لمكونات البيت من إضاءة وديكورات، ويفضل البعض تأثيث بيوت الشعر بالجلسات الأرضية، فيما يفضل آخرون الجلسات المرتفعة ذات المساند المُزينة بنقوش بعدة ألوان.

ومن المُلحقات الأساسية ببيت الشعر، "المشبّ" أو "الوجار"، وهو عبارة عن فتحة دائرية أو مربعة مجوفة إلى الخارج يوقد فيه النار للتقليل من الدخان، ويكون من الطين أو الطوب الأحمر العازل والرخام، ويستخدم لتجهيز القهوة العربية، إضافة إلى رفوف لحمل أدوات القهوة.

ويتراوح ارتفاع بيت الشعر ما بين 245 و300 سم، وبمساحات تبدأ من عرض نحو 300 سم، وقد تصل الأطوال إلى أكثر من 10م، ويعمد البعض حاليًا لاستخدام ألوان فاتحة تعكس حرارة الشمس في بناء وعمل عازل حراري وعازل مائي وعازل ترابي، وتدعيمها بأخشاب وإسفنج لتصميم البطانة والجوانب من خشب الرواق.

بيت الشعر في المهرجانات السعودية

يبرز بيت الشعر ضمن المهرجانات والاحتفالات التراثية في السعودية ليجسد قطعة حية من تراثها وموروثها، إذ استقبل مهرجان التمر والعسل في محافظة دومة الجندل شمال السعودية، في مضافة من بيت الشعر تتصدر ساحة المهرجان، لتجسد قطعة حية من تراث السعودية، وداخل بيت الشعر، تقدم للزوار والضيوف القادمين لزيارة المهرجان، القهوة العربية وتمر حلوة الجوف الذي تشتهر به المنطقة.

وسجل بيت الشعر المقام في قرية التأسيس بمدينة الباحة عام 1445هـ/2024م حضورًا لافتًا مستقطبًا الزوار، لارتباطه بالموروث السعودي.

وعرض مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل في نسخته التاسعة، المقام في أرض الصياهد عام 1446هـ/2024م، 67 بيت شعر بمقاسات مختلفة، تغطي مساحة تفوق ستة آلاف م2، بهدف إبراز التراث السعودي، وتقديم تجربة للزوار والمشاركين، تبرز أجواء الصحراء العربية وتراثها.