حقوق الطفل في السعودية، هي الحقوق التي نصت قوانين وأنظمة المملكة العربية السعودية على حمايتها لكل إنسان لم يتجاوز سن الـ 18، وهي جزء من حقوق الإنسان في السعودية التي نص النظام الأساسي للحكم في مادته الـ 26 على حمايتها، وتشمل حق الحياة والبقاء والنمو والتعلم والحماية واللعب والرعاية الصحية وغيرها.
أنظمة حقوق الطفل في السعودية
سنت السعودية عديدًا من الأنظمة، منها: نظام حماية الطفل، الصادر في 3 صفر 1436هـ/25 نوفمبر 2014م وتضمن 25 مادة، شملت حماية الطفل وفق ما قررته الشريعة الإسلامية والأنظمة والاتفاقيات الدولية، ويهدف النظام إلى حماية الطفل من كل أشكال الإيذاء والإهمال في البيئة المحيطة به، سواء وقع ذلك من شخص له ولاية عليه أو له علاقة به، وتأمين الرعاية للأطفال الذين تعرضوا للأذى من خلال الأسر الحاضنة أو مؤسسات الرعاية، سواء كانت حكومية أو أهلية أو خيرية.
وتمنع المملكة عمل الطفل دون سن الـ15 أو تكليفه بأعمال تضر صحته، أو سلامته، أو مشاركته في النشاطات الرياضية والترفيهية التي تعرض سلامته للخطر، كما تحظر استغلاله جنسيًّا أو المتاجرة به في الإجرام أو التسول، وتنشر الوعي بحقوق الطفل وتعريفه بها وتمنع أي منشورات تثير غريزة الطفل أو تحتوي على ما يخالف الشريعة الإسلامية، كما تمنع أي إجراء تجاه الجنين دون ضرورة طبية.
وإضافة إلى نظام حماية الطفل، سنَّت المملكة أنظمة أخرى لتضمن حقوق الطفل، منها: نظام الحماية من الإيذاء عام 1434هـ/2013م، وتنظيم صندوق النفقة 1438هـ/2017م، ونظام الأحداث عام 1439هـ/2018م، ونظام مكافحة جريمة التحرش عام 1439هـ/2018م، ونظام مكافحة جرائم المعلوماتية عام 1428هـ/2007م، ونظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص عام 1430هـ/2009م.
انضمام السعودية إلى الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق الطفل
حرصت السعودية على حماية الطفل وتأمين بيئة سليمة وآمنة تمكنه من تنمية قدراته ومهاراته، واتخذت في سبيل تحقيق ذلك عديدًا من الإجراءات، بدايةً بالمشاركة في الاتفاقيات الدولية والأنظمة والمؤسسات التي تضمن تحقيق ذلك، فانضمت إلى اتفاقية حقوق الطفل التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1989م بموجب مرسوم ملكي صدر عام 1416هـ/1995م، وبدأ نفاذ هذه الاتفاقية في 7 شوال 1416هـ/25 فبراير 1996م.
كما صدقت السعودية عام 2000م على البروتوكولين الاختياريين، الأول: المتعلق ببيع واستغلال الأطفال في البغاء والمواد الإباحية، والثاني: بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة، إضافة إلى عهد حقوق الطفل في الإسلام عام 1426هـ/2005م.
برامج ومجالس لحماية حقوق الطفل في السعودية
لتسهيل تطبيق أنظمة حماية الطفل، أسست السعودية أيضًا عددًا من البرامج والمجالس والمؤسسات والهيئات المُساعدة على ذلك، منها: برنامج الأمان الأسري عام 1426هـ/2005م، الذي اعتمدته منظمة الصحة العالمية ليكون مركزًا إقليميًّا للتعاون مع المنظمة في مجال الدراسات والتخطيط فيما يخص سوء معاملة الأطفال، وذلك بدءًا من 8 مايو 2019م، ويُعد المركز الوحيد المتعاون مع المنظمة على مستوى إقليم شرق المتوسط وشمالي إفريقيا فيما يخص التعامل مع حالات العنف ضد الأطفال.
كما أُسس مجلس شؤون الأسرة التابع لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، الذي يضم من ضمن لجانه لجنة الطفولة التي تُعنى بالطفل من الولادة حتى بلوغه سن الـ18، وأُنشئت أيضًا الهيئة العامة للولاية على أموال القاصرين ومن في حكمهم عام 1427هـ/2006م، ومؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع "موهبة" عام 1999م، إضافة إلى عديد من المشاريع، كبرنامج "رفق" لخفض العنف في المدارس، والخطة الاستراتيجية لوزارة الصحة المعنية برعاية الطفولة، وتطوير برامج الحضانات ورياض الأطفال والتوسع بها.
وتشمل أنظمة السعودية وخدمات ومشاريع مؤسساتها جميع الأطفال، مواطنين ومقيمين، وسخرت المملكة الجهود لاحتواء الأطفال اليمنيين والسوريين من خلال تقديم التعليم المجاني والرعاية الصحية، كما أن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يعمل على إعادة تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين بالنزاع المسلح في اليمن ودمجهم بالمجتمع وتعليمهم.
جهود السعودية في الحفاظ على حقوق الطفل
تلتزم السعودية بتقديم تقارير إلى لجنة حقوق الطفل في الأمم المتحدة، تبين جهودها في سبيل المحافظة على حقوق الطفل والتقدم الذي أحرزته في سبيل هذا الهدف، كالتقرير الجامع للتقريرين الثالث والرابع الخاصين بحقوق الأطفال عام 2014م، والتقرير الأوَّلي للمملكة الخاص بالبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق بإشراك الأطفال في النزاعات المسلحة.
وفي سبيل توعية الأطفال بحقوقهم، وفق أسلوب يتناسب مع تكوين الطفل ويلفت انتباهه، أنتجت هيئة حقوق الإنسان في السعودية عام 2018م مسلسلًا كرتونيًّا بعنوان "آخر مرة يا جدي"، ضمن إطار برنامج الهيئة الخاص لنشر ثقافة التوعية بحقوق الإنسان، وبُث المسلسل على قناة الهيئة عبر يوتيوب ضمن 12 حلقة تناولت كل حلقة أحد الحقوق أو القيم المُراد تعريف الطفل بها في سبيل اكتسابها أو تحذيره من انتهاك أحد حقوقه بأسلوب مُناسب لمرحلة الطفل العُمريَّة.
وحرصت السعودية على تقديم عدد من المبادرات والخدمات المعنية برعاية حقوق الطفل من خلال مؤسساتها ووزاراتها، فأطلقت وزارة الصحة خدمة للتنبيه بمواعيد حجز التطعيمات للمحافظة على صحة الطفل، واعتمدت وزارة التعليم على مجموعة مفاهيم ومبادئ وأنظمة وخدمات تهدف لتعزيز صحة الطالب ضمن مبادرة الصحة المدرسية.
كما أطلقت مبادرة تطوير رياض الأطفال لضمان تعليم جيد وشامل للجميع، بهدف رفع نسبة التحاق الأطفال برياض الأطفال من 17% إلى 95% بحلول عام 2030م، ومُبادرة الطفولة المبكرة لتحقيق رفع نسبة الالتحاق بالصفوف الأولية من خلال إسناد مهمة تدريس البنين والبنات في الصفوف الأولية لمعلمات. وبدأت هذه المهمة في العام الدراسي 1441هـ، كما أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية خدمة رعاية وكفالة الأيتام ومجهولي الأبوين، وخدمة رعاية الأحداث ومبادرة الوعي بمسببات العنف الأسري "تلطف".
مبادرة حماية الطفل في العالم السيبراني
في عام 1441هـ/2020م، أطلق ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، مبادرة "حماية الطفل في العالم السيبراني"، التي تهدف إلى تمكين وتعزيز الحماية والوعي بالأمن السيبراني، وتشكيل سياج آمن لضمان سلامة الأطفال على الإنترنت في ظل تطور التطبيقات والبرامج الإلكترونية، والتحديات التي تواجه الطفل كالتنمر الإلكتروني وانتحال الشخصية وزيادة استهداف الأطفال إلكترونيًّا والتحرش الإلكتروني والتأثير الفكري.
وفي عام 2020م، وقعت الهيئة الوطنية للأمن السيبراني عقد شراكة مع وكالة الأمم المتحدة المختصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لإطلاق برنامج عالمي لحماية الأطفال وتمكينهم في العالم السيبراني، يرتكز على دعم الدول في تطوير سياسات حماية الأطفال في العالم السيبراني، وبناء القدرات السيبرانية لحماية الأطفال وتعزيز الحوار والنقاشات العالمية حول حماية الأطفال في الفضاء السيبراني، وجاء إطلاق البرنامج في إطار إسهام الهيئة لتحقيق مبادرة الأمير محمد بن سلمان لحماية الأطفال في العالم السيبراني.
وحدة شؤون الطفل في النيابة العامة
في 25 جمادى الآخرة 1446هـ/20 نوفمبر 2022م، دُشنت "وحدة شؤون الطفل" في النيابة العامة، التي تتبع نيابة الأسرة والأحداث وتهدف إلى تمكين الطفل من الحصول على حقوقه كافة التي كفلها له النظام، ومراعاة مصلحته، وحوكمة وتنظيم تطبيق الإجراءات النظامية في القضايا التي يكون الطفل أحد ضحاياها، والتحقق من الإجراءات الاجتماعية والرعائية التي تمت، بالاشتراك والتعاون مع الجهات ذات العلاقة؛ لتوفير بيئة اجتماعية آمنة له.
غرفة استنطاق الأطفال
لتعزيز جهود النيابة العامة في حماية حقوق الطفل وضمان مراعاة مصالحه وفقًا لنظام حماية الطفل ولائحته التنفيذية والأنظمة ذات العلاقة، دشنت وحدة شؤون الطفل في النيابة العامة في 18 جمادى الأولى 1446هـ/20 نوفمبر 2024م، "غرفة الاستنطاق" المخصصة للأطفال.
ويعتمد تصميم غرفة الاستنطاق على استخدام أساليب تقنية حديثة تساعد على تسجيل أقوال الأطفال المتضررين من الإهمال أو المشكلات الاجتماعية، والتعرف على الأضرار والآثار النفسية أو الجسدية التي قد تعرضوا لها، وتعتمد الغرفة على وسائل مبتكرة مثل الألعاب والصور كأدوات تفاعلية تساعد الأطفال على التعبير وتمثيل الوقائع بطريقة طبيعية وآمنة. ويقوم على هذه الجلسات فريق مختص من الأخصائيين والأخصائيات الاجتماعيين المدربين على التعامل مع الأطفال بأساليب علمية وإنسانية تراعي حساسيتهم وتضمن استخراج المعلومات بدقة واحترافية.
وتهدف هذه المبادرة إلى توفير بيئة آمنة ومريحة للأطفال أثناء مراحل التحقيق، مع ضمان مراعاة خصوصيتهم وعدم تعرضهم لأي آثار نفسية أو معنوية، وفي إطار التزام الجهات باتخاذ التدابير اللازمة لحماية الطفل، بما يشمل توفير الإمكانات التي تضمن الحفاظ على كرامة الطفل وحقوقه أثناء التعامل معه.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة