سليمان بن عبدالعزيز الراجحي، (ولد 1348هـ/1929ﻡ)، هو مؤسس وأحد ملاك مصرف الراجحي الرئيسين، وأحد رجال الأعمال السعوديين البارزين، بنى مساجد في مناطق عدة من المملكة العربية السعودية، وخصص أكثر من نصف ثروته البالغة عشرة مليارات دولار، للأوقاف الخيرية، فحصل على جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام، كما حصل على وسام الملك عبدالعزيز، وقسَّم النصف الآخر من ثروته بين أبنائه وزوجاته، واكتفى بأخذ مصروفه الشخصي من الوقف.
بدايات حياة سليمان الراجحي
ولد سليمان الراجحي ونشأ في عائلة فقيرة في محافظة البكيرية التابعة لمنطقة القصيم، ثم انتقل إلى الرياض في سن مبكرة، بعد أن ضاق الحال بوالده وأسرته.
بدأ الاشتغال بالتجارة عام 1358هـ/1939م، وهو لم يتجاوز العاشرة، إذ كان شغوفًا بالعمل والتجارة، ومن خلالهما يرى نجاحاته العملية، وكان مصرًّا على التميز، كما صاحبته منذ صغره رغبة في الاستفادة من تجارب الآخرين والتعلم منهم دون تقليدهم.
وخلال سعيه وبحثه عن الفرص المناسبة تنقل سليمان الراجحي بين عدة أعمال، أملًا في الحصول على عمل يستطيع من خلاله توفير دخل، ففتح متجرًا صغيرًا اشتغل به فترة، وبعد كسبه منه مالًا باعه ليتزوج، وكان لم يتجاوز 15 عامًا، وانتهى به الأمر في تلك الفترة إلى العمل في أعمال الصرافة مع شقيقه صالح لمدة 11 عامًا بدأت في 1365هـ/1945م، واستمرا حتى عام 1376هـ/1956م، بعد أن حققا دخلًا مكنهما من الانتقال إلى الشراكة في الأعمال التجارية والمصرفية بدءًا من عام 1377هـ/1957م حتى عام 1390هـ/1970م.
توسع تجارة سليمان الراجحي
كان لسفر سليمان الراجحي إلى مكة المكرمة والعمل بها في مجال الصرافة مع الحجيج أثر كبير في ازدهار تجارته، فبدأت ثروته بالتنامي حتى أصبح واحدًا من روَّاد الصرافة على مستوى العالم، واشتهر منذ احترافه مجال الصرافة بإخضاع المجال للشريعة الإسلامية في تعاملاته وحياته الشخصية، مما أعانه على تحقيق النجاح على المستويين الحياتي والعملي، حتى أصبح رئيسًا لمجلس الإدارة ومساهمًا رئيسًا في تأسيس منشأة مصرفية إسلامية كبيرة.
بدأ توسع سليمان الراجحي تجاريًّا عام 1392هـ/1972ﻡ، بعد إنشائه "ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ اﻟﺮاﺟﺤﻲ" التي أتبع تأسيسها ﺑﻔﺘﺢ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ اﻟﻔﺮﻭﻉ ﻓﻲ محافظة ﺟﺪﺓ وبعض المدن الأخرى، وأتبع توسعه اﻟﻤﺼﺮﻓﻲ بتوسع آخر ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ اﻟﻌﻘﺎﺭ، إذ اﺳﺘﻄﺎﻉ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻨﺠﺎﺣﺎﺕ عقارية مقترنة بكسب ﺳُﻤﻌﺔ ﻟﺪﻯ اﻟﻌﻤﻼء ﻭاﻟﺘﺠﺎﺭ ﺩاﺧﻞ السعودية ﻭﺧﺎﺭﺟﻬﺎ.
سليمان الراجحي والمصرفية الإسلامية
حرصًا من سليمان الراجحي على اﻻﺑﺘﻜﺎﺭ في تنمية اﻟﻤﺎﻝ ومباركته؛ سعى ﻹﻧﺸﺎء ﻧﻈﺎﻡ ﻣﺼﺮﻓﻲ ﺇﺳﻼﻣﻲ يتخذ من اﻹﺭﺷﺎﺩاﺕ ﻭاﻟﺘﻌﺎﻟﻴﻢ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ مصدرًا له، فتقدم ﺇﻟﻰ اﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﻨﻚ اﻟﻤﺮﻛﺰﻱ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ بطلب اﻠﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺧﻴﺺ مخصص ﻟﻔﺘﺢ ﻣﻜﺘﺐ ﺧﺪﻣﺎﺕ اﺳﺘﺸﺎﺭﻳﺔ، ﺇﻻ ﺃﻥ اﻟﻄﻠﺐ الذي ﺭُﻓض بداية جاءت الموافقة عليه ﺑﻌﺪ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺑﻴﻦ الراجحي واﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﻨﻚ اﻟﻤﺮﻛﺰﻱ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ فتمكن من إقناعهم ﺑﻮﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮﻩ، فجاءت اﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻠﺐ، وﻜﺎﻥ اﻻﻓﺘﺘﺎﺡ ﻋﺎﻡ 1402هـ/1981ﻡ.
ونتيجة لاهتمامه بدور التشارك واﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﻄﺎﻋﺎﺕ لإحداث تنمية متقدمة وضمان اﺳﺘﻤﺮاﺭﻫﺎ قرر الاﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﻓﻲ عدة ﻘﻄﺎﻋﺎﺕ، وأنشأ ﻋﺪﺩًا ﻣﻦ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺩاﺧﻞ اﻟﺒﻼﺩ ﻭﺧﺎﺭﺟﻬﺎ، ومن تلك القطاعات: اﻟﻤﺎﻝ ﻭاﻟﻌﻘﺎﺭ، واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ، واﻟﺰﺭاﻋﺔ ﻭاﻟﻐﺬاء، واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭاﻟﺘﻘﻨﻴﺔ.
اﻷﻋﻤﺎﻝ اﻟﺨﻴﺮﻳﺔ لسليمان الراجحي
بدأ سليمان الراجحي أعماله الخيرية بإعانة المحتاجين، وتفريق الصدقات بين مستحقيها بصورة شخصية، أو من خلال من ينوب عنه في تلك المهام، واستمر كذلك حتى بدأ تنظيم الأعمال الخيرية، وتحولت إلى جهات ذات أنظمة مؤسساتية فتحولت مساعدات الراجحي إلى تلك المنظومة، واقتصر دوره في الإشراف والمتابعة على أعمالها الخيرية.
وتزامنًا مع تطور العمل الخيري في السعودية وتوسع أعماله عمد سليمان الراجحي لإنشاء مؤسسة خاصة تعنى بتنفيذ الأعمال الخيرية والدعوية. ورأى الراجحي بعد ذلك تأسيس مؤسسة سليمان بن عبدالعزيز الراجحي الخيرية عام 1421هـ/2000م، وأتبعها بفتح عدد من المؤسسات في المجالات الخيرية غير الربحية، ومن ضمنها جامعة سليمان الراجحي، ومؤسسة سليمان الراجحي الوقفية.
ومن أعماله الخيرية بناء المساجد، ورعاية الأسر المحتاجة، وبناء المساكن للفقراء، وتأسيس "صندوق عائلة الراجحي الخيري"، إضافةً إلى دوره في معالجة الفقر، ودعم العمل الخيري المؤسسي الداخلي والدولي بالمساعدات المالية، والتأهيل والعطاء والتدريب.
مؤسسة سليمان بن عبدالعزيز الراجحي الخيرية
أنشأ سليمان الراجحي مؤسسة خاصة أطلق عليها "مؤسسة سليمان بن عبدالعزيز الراجحي الخيرية"، وتهدف لمتابعة الوقف الخيري، وحفظه، وضمان وضعه في مصارفه المحددة له، ومن ضمنها مستشفى خيري، ومؤسسة خاصة بالمناهج الدراسية العربية والإسلامية باللغات المختلفة، إضافةً إلى جامعة سليمان الراجحي الخيرية في البكيرية، وتتضمن كليتي طب وتمريض، كما وجه الراجحي بإنشاء معهد لتعليم العربية لغير الناطقين بها، ومعهد آخر لتعليم المهارات المالية.
وتعمل المؤسسة على إنشاء كلية مخصصة للاقتصاد، ومركز الراجحي الاقتصادي، وبناء عدة جوامع، وتشمل تلك الجوامع أماكن مخصصة للصلاة، وأخرى للحلقات القرآنية، وثالثة لشعيرة الاعتكاف، وللراجحي عناية بالقرآن الكريم من خلال دعم حلقات التحفيظ، وطباعة المصاحف وتوزيعها خارجيًّا، ولا سيما في قارة إفريقيا.
الإسهامات الاقتصادية لسليمان الراجحي
حرصًا من سليمان الراجحي على الإسهام في المجال الاقتصادي؛ أسس عددًا من المشروعات الاستثمارية الكبرى، التي تُحقِّق نوعًا من الاكتفاء الغذائي الذاتي داخل البلاد، وتخدم قطاعات الصناعة والتشييد، كما أسهم في تنمية المجتمعات المسلمة من خلال استثماره في عدد من البلدان الإسلامية وتقوية الصلات والعلاقات التجارية معها.
تكريمات حصل عليها سليمان الراجحي
تقديرًا لجهود سليمان الراجحي منح وسام الملك عبدالعزيز عام 1420هـ/2000م، كما نال جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 1433هـ/2012م، لوقفه أكثر من 50% من ثروته على أعمال الخير، إضافةً إلى إنشائه مُؤسَّسة مخصصة لمتابعة الوَقف وَوَضعه في الأمور التي حُدِّدت له، فضلًا عن إسهاماته في تأسيس منشأة مصرفية إسلامية كبرى تمثل نموذجًا للمصارف الإسلامية الساعية إلى الالتزام بالتعاليم الإسلامية.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة