الفعاليات الثقافية في السعودية، هي الفعاليات التي تُسهم في إثراء المعرفة والثقافة الإنسانية، وتعكس تطور الأدب والفكر في المملكة العربية السعودية، ويجري تنفيذها وتنظيمها من خلال المؤسسات الثقافية والأدبية في مناطق السعودية.
تطوير القطاع الثقافي
مع إطلاق رؤية السعودية 2030 وتأسيس عدد من المؤسسات والهيئات التي تدعم النشاط الثقافي، أطلقت وزارة الثقافة رؤيتها وتوجهاتها عام 1440هـ/2019م، التي تمثِّل إطار العمل الذي تنهجه في مهمتها لتطوير القطاع الثقافي بالسعودية، إذ حددت ثلاثة أهداف رئيسة في هذا الشأن، وهي: الثقافة نمط حياة، والثقافة من أجل النمو الاقتصادي، والثقافة من أجل تعزيز مكانة السعودية الدولية.
ومثَّلت تلك الرؤية إطارًا لتفعيل الحراك الثقافي في السعودية، إذ انطلقت وزارة الثقافة في مجال تطوير الإمكانات وتعزيز الفرص والقدرات في القطاع الثقافي، وحددت 16 قطاعًا فرعيًّا لها الأولوية للتركيز عليها في عملها، ولتعزيز قدرتها على أن تقود المبادرات الرائدة في مختلف مجالات القطاع الثقافي، كما نصَّت رؤية وتوجهات وزارة الثقافة على استحداث 11 هيئة لتنمية القطاعات الثقافية.
معرض الرياض الدولي للكتاب
يمثِّل معرض الرياض الدولي للكتاب إحدى الفعاليات الثقافية التي تقدم السعودية إلى الثقافة العالمية، وهو يُنظم سنويًّا ويجمع دور النشر والقراء، ويشكِّل المعرض حدثًا ثقافيًّا بارزًا في قطاع صناعة الكتب والنشر، عبر تسليط الضوء على فعل القراءة وزيادة الوعي المعرفي والثقافي والأدبي، وتقديم تجارب ملهمة من خلال تحفيز المشاركة الثقافية للسعودية.
واكتسب المعرض سمعة عالمية في مجال الثقافة، إذ إنه مع الحضور الواسع للزوار للمشاركة في فعالياته أصبح أكثر المعارض العربية مبيعًا، ويقصده سنويًّا ما يزيد على 500 ألف زائر، ويشارك فيه أكثر من 500 دار نشر عربية وعالمية.
الأيام الثقافية السعودية
تعزيزًا لجهود نشر الثقافة السعودية في العالم، وتقديم المثقفين والمفكرين والأدباء والمبدعين السعوديين إلى الثقافات الأخرى، درجت وزارة الثقافة في إطار تفعيل التواصل الثقافي والحضاري المبني على الصداقة بين شعب السعودية والشعوب الشقيقة والصديقة، على تنظيم الأيام الثقافية في عدد من الدول، وتشتمل على ندوات فكرية وأمسيات أدبية وعروض مسرحية وتراث شعبي ومعارض مختلفة.
وتعمل الأيام الثقافية على تحقيق عدة أهداف تتعلق بنشر الثقافة السعودية والتعريف بها، وتبادل الحوار بين المثقفين السعوديين ونظرائهم في الدول التي تستضيفها حول جملة من القضايا الأدبية والفكرية والتعرف على ثقافات بعضها، وأصبحت مناسبة مهمة لزيادة أواصر العلاقة بين السعودية وشقيقاتها العربية والدول الأجنبية.
وتشمل فعاليات الأيام الثقافية برامج تعكس التنوع الثقافي والموروث الحضاري للسعودية من معارض الفنون التشكيلية، ومعرض الصور الضوئية، والشعر، والرواية، والقصة، والمسرح، والعمارة، والفنون الشعبية، وثقافة الطفل، والعناية بالمخطوطات، إلى جانب ورش العمل والندوات الثقافية.
القرية الثقافية
مواكبة للحراك الثقافي في السعودية في ظل جهود تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 في ترسيخ الهوية الوطنية والاعتزاز بالحضارة والتراث السعودي، تنظم المؤسسات الثقافية في مختلف المناطق عددًا من الفعاليات، ففي عام 1440هـ/2019م نظمت الهيئة العامة للثقافة (وزارة الثقافة حاليًّا) ضمن "موسم الشرقية" فعاليات "القرية الثقافية" بكورنيش الخبر، إذ قسمت القرية إلى خمسة أقسام رئيسة تمثل مناطق السعودية: الوسطى، والشمالية، والجنوبية، والغربية، والشرقية، وقدمت الأزياء والمأكولات الشعبية، والفنون الموسيقية، واللهجة الخاصة والشخصيات البارزة في كل منطقة.
وتنوَّعت فعاليات القرية لتشمل كثيرًا من الإبداعات، إذ قدمت 22 ورشة عمل مجانًا في مجالات الرسم، والأنيميشن، والمقامات، ورسم الكاريكاتير، والخط العربي، والتصوير، والموسيقى، والأزياء، وصناعة المحتوى التسويقي، والعلاج بالفن، إضافةً إلى فعاليات للأطفال، وركن القصص، إلى جانب المعرض التفاعلي " فان جوخ" الذي شكَّل فرصةً لعشاق الفنون، و"عروض كوميدية"، و"ليالي ثقافية" الذي قدَّم فعاليات متنوعة لقطاعات الثقافة الخمسة: المسرح، والأدب، والموسيقى، والفيلم والمحتوى، والفنون البصرية، وكذلك فعالية "السينما الخارجية"، و"معرض الفنون".
صندوق التنمية الثقافي
من أجل تطوير النشاط الثقافي في السعودية، وتوفير التمويل للفعاليات صدر عام 1442هـ/2021م نظام صندوق التنمية الثقافي بمرسوم ملكي وقرار مجلس الوزراء، ونصَّ في مادته الثالثة على أن الصندوق يهدف إلى الإسهام في دعم التنمية الثقافية والمجالات المتصلة بها، واستدامتها، وذلك وفقًا للاستراتيجيات والسياسات المعتمدة في هذا الشأن.
الرقمنة الثقافية
رغم التأثير السلبي لجائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) على نمط الحياة في جميع دول العالم، ومن ذلك المجال الثقافي، إلا أن الثقافة كانت حاضرةً في المبادرات الافتراضية في السعودية التي نجحت في استكشاف فرص جديدة للتواصل والحوار ضمن الفضاء الرقمي.
واستطاعت وزارة الثقافة توظيف الوضع بالتوجه إلى الرقمنة، إذ شهد عام 1441هـ/2020م، وهو عام الجائحة، تسارعًا في التحول الرقمي لمقاومة تبعات تلك الجائحة، مثل تحويل الفعاليات الثقافية لمبادرات افتراضية.
وبذلت وزارة الثقافة جهودًا للمحافظة على التفاعل الثقافي ومواصلة الحراك عن طريق الأداء الرقمي، خاصة خلال فترة العزل الوقائي لمواجهة جائحة كورونا المستجد، إذ اتخذت شعار "الثقافة في العزلة" الذي عُدَّ مظلة تشمل جميع المبادرات الثقافية لابتكار أنشطة ثقافية متنوعة تستفيد منها مختلف شرائح المجتمع، ما انعكس إيجابًا على جهود الوزارة لجعل الثقافة نمط حياة في كل الظروف.
ومن خلال المنهج الثقافي الرقمي الذي أبدعته وزارة الثقافة، أُطلقت مبادرات الثقافة في العزلة وشملت مجالات ثقافية متنوعة، منها أدب العزلة، وهي مبادرة بتنظيم هيئة الأدب والنشر والترجمة وهدفت إلى تحفيز المواهب الأدبية للكتابة خلال فترة العزل الوقائي، والتعبير عن المشاعر الداخلية بقوالب مختلفة من قصص وروايات ويوميات ونصوص، وبلغ عدد المسجلين في منصة "أدب العزلة" في أيامها الأولى نحو 95 ألفًا.
وشملت المبادرات الثقافية خلال عزلة الجائحة أيضًا مسابقة التأليف المسرحي، وهي مبادرة بتنظيم المسرح الوطني التابع لوزارة الثقافة وُجهت لعموم الكتَّاب والمهتمين بالمسرح لاكتشاف المواهب في الكتابة المسرحية، وماراثون القراءة، وهي منصة إلكترونيَّة ذات مسارين رئيسين: هما مسار "القارئ الصغير" ومسار "القارئ الكبير"، وشهد الماراثون في أسبوعه الأول قراءة أكثر من 149 ألف صفحة.
ولم تتوقف الفعاليات الثقافية في السعودية، بل شهدت إبداعًا في التنظيم، إذ تم دعم صناعة الأفلام السعودية والمواهب الناشطة في المجال من خلال مبادرة "فيلم الليلة"، مع نشر رابط إلكتروني لفيلم سعودي يوميًّا عبر المنصات الرقمية، إضافةً إلى تمديد عام الخط العربي للاستفادة القصوى ولمنح فرص أكبر للاحتفاء بالخط العربي عن طريق تنظيم الفعاليات المحلية والدولية، وذلك حتى نهاية عام 2021م.
الشريك الأدبي
بدعم من برامج رؤية السعودية 2030؛ جرى إطلاق كثير من الفعاليات والمبادرات الداعمة للعمل الثقافي، ففي عام 1443هـ/2021م أعلنت هيئة الأدب والنشر والترجمة فتح باب التسجيل في المرحلة الثانية من مبادرة "الشريك الأدبي"، للانضمام إلى المبادرة، بهدف عقد شراكات عملية فعالة بين الهيئة والمقاهي ذات التوجه الثقافي.
وتمثِّل مبادرة الشريك الأدبي قيمةً مضافةً للفعاليات الثقافية في السعودية، إذ تقدم مزايا متعددة للمقاهي المشارِكة تتمثل في التعريف بالعلامة التجارية للمقهى على مستوى السعودية، وجعله محطة ثقافية تحتضن فعاليات دورية، إضافة إلى تقديم قيمة ثقافية مضافة في مجال المقاهي، ما يُسهم في إثراء المشهد الثقافي السعودي وجعل الثقافة أسلوب حياة.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة