قرية المسقي، هي قرية أثرية تقع شمالي مركز تمنية بمنطقة عسير جنوب غربي المملكة العربية السعودية، تتألف من تجمع لعدد من المباني السكنية القديمة، وتتميز بمسجدها القديم الذي يعود تاريخ بنائه لمئات السنين، وتحيط بها المزارع والمساكن الحديثة.
الموقع الجغرافي لقرية المسقي
تقع قرية المسقي جنوب مدينة أبها على بعد نحو 33 كم، بالقرب من الطريق الرابط بين تمنية وأبها، كما تقع جنوب جامعة الملك خالد على مسافة نحو 3 كم، وتتوافر معظم الخدمات في نطاق القرية، مثل المساجد والمدارس ومركز الشرطة ومكتب البريد والمركز الصحي.
وتمتد القرية التراثية من الشمال إلى الجنوب بطول نحو 450م، وعرض 200م، وتُصنّف ضمن القرى التراثية الكبيرة، حيث يُقدر عدد منازلها بأكثر من 450 منزلًا، منها 140 منزلًا كانت مأهولة إلى وقت قريب.
الأهمية التاريخية لقرية المسقي
تعد بلدة المسقي من أقدم القرى جنوبي المملكة العربية السعودية، حيث كانت محطة عبور للمسافرين إلى الأماكن المقدسة وبلاد الشام، وتشير الروايات إلى أن تاريخ القرية يعود إلى أكثر من ألفي عام، وهي تعد من القرى الظاهرة التي ذكرها الله عز وجل في القرآن الكريم في سورة سبأ "وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ" أي: قرى ظاهرة (متواصلة) بين كل من سبأ والشام.
البناء المعماري لقرية المسقي
بنيت البيوت في قرية المسقي من الطين والحجر، وسقفت بجذوع أشجار العرعر أو الطلح أو السمر، وكانت تفرش فوقها أغصان مستقيمة من العرعر أو القصب المسمى بـ"مركاب"، ثم تغطى بطبقة من الطين لضمان عدم نفاذ مياه الأمطار. وصُممت القرية بطريقة هندسية مميزة، حيث تتخلل المنازل والساحات طرق وممرات داخلية تربط جميع بيوت القرية بسلاسة وإتقان، مع مراعاة الجوانب الأمنية.
كما تتألف قرية المسقي من تجمع لعدد من المباني السكنية القديمة، تترابط وتتقارب فيما بينها، وتتخللها ممرات ضيقة تؤمن الحماية لها من أي اختراق من قبل الأعداء أو اللصوص، وتوضح بذلك أيضًا الترابط الاجتماعي الذي كان سائدًا بين سكانها.
وتأخذ بيوت القرية الشكل المربع أو المستطيل، وتتألف من عدة طوابق، ولها أبواب كانت تفتح في الصباح وتغلق في المساء.
ويعد التصميم العمراني لمرافق القرية مميزًا؛ إذ تغلق بأربعة أبواب وبها ممرات وأنفاق يصعب على الغريب معرفتها وتسمى" الشداخة" تمتد من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب وكل ممر له اسم خاص به، وتحتوي القرية على 21 شداخة، ومنها "شداخة بعرور"، ويبلغ طولها الإجمالي 398م.
السبل العامة والآبار في قرية المسقي
تكثر السبل العامة في قرية المسقي، ومنها سبيل كامل وسبيل حصنة وسبيل خاطر وسبيل علوانة وسبيل الحرازي وسبيل العالية وغيرها، ويبلغ طول هذه السبل والطرق نحو 4116م، وبحسب الرفع المساحي للقرية يبلغ إجمالي أطوال السبل والطرق مع الشداديخ نحو 4514م.
وتعد الآبار القديمة المزود الأول للقرية باحتياجاتها من المياه، سواء لأغراض الشرب والطبخ أو لري المزارع، حيث تضم القرية داخل أسوارها ست آبار.
وتحيط بالقرية عدة جبال مختلفة الارتفاع، ومنها جبال جربان وجريبة غربًا، وجبل لذن شرقًا، وتمر بمحاذاة القرية عدة أودية منها وادي عتود الذي يبدأ مصبه من مركز تمنية وينتهي في وادي بيشة من الجنوب إلى الشمال، وهناك أودية فرعية شرق القرية وغربها، منها، وادي جريان، ووادي العطفة، ووادي طريفانة، ووادي العين، ووادي عذيبة، وغيرها.
معالم قرية المسقي
من معالم القرية البارزة الجامع الكبير الذي يتوسط القرية على ربوة عالية وتقدر مساحته بـ 409.25م2، مر خلال تاريخه بعدة ترميمات كان آخرها عام 1397هـ/1977م، حتى وصل إلى وضعه الحالي وقد بقيت من بناياته الأصلية البئر والبركة (الخزانات).
ويكشف لوح خشبي عُثر عليه في سقف المسجد أن بناءه كان بين عامي 70 و73هـ/689 و692 م، وهو ما أكده الرحالة الهمداني في كتابه "صفة جزيرة العرب"، ولأهميته التاريخية اختير ضمن المرحلة الثانية من مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية، حيث ستصبح مساحته بعد الترميم 405.72م2 وسيتسع لـ156 مصليًا.
ويوجد في قرية المسقي مسجد "شاهر" المعروف بالمسجد الأعلى، الذي بُني عام 815هـ/1412م وما يزال بطبيعته، وهو نسخة مصغرة من الجامع الكبير في النسق العمراني، ويقع جنوب القرية، كذلك مسجد آخر يتعارف عليه الأهالي باسم "المسجد الأسفل" وهو قديم جدًّا، وقد هُدم حديثًا ثم أعيد بناؤه على الوضع الحالي، ويقع شمال شرقي القرية.
وتشهد الآثار التي تحويها القرية على تاريخها العريق، حيث تضم برجين مربعي الشكل، ويتكون كل برج من أربعة طوابق، ويقع أحدهما في أعلى القرية بالقرب من شجرة الرقاع "التالقة" المعمرة، والآخر أسفل القرية مقابل بيت شيخ القبيلة في طرف الساحة الشعبية.
وتحتوي القرية على 67 قصبة حربية، وهي بمنزلة أبراج المراقبة قديمًا، وتوجد كذلك آثار لافتة للنظر تسمى "المحانذ"، وهي أبراج للسكن وتخزين الأسلحة والحبوب، إضافةً إلى "المدافن" المنحوتة تحت البيوت لتخزين المحاصيل الزراعية.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة