تم نسخ الرابط بنجاح

الكهوف في السعودية

saudipedia Logo
الكهوف في السعودية
مقالة
مدة القراءة 4 دقائق

الكهوف في السعودية، هي تكوينات جيولوجية تُعرَف محليًّا بالدُّحول، وتنتشرُ في معظم مناطق المملكة العربية السعودية، لجأ إليها الإنسان قديمًا، وفي الوقت الراهن تُعد من عناصر الجذب السياحي المهمة، اكتشف منها حتى عام 1441هـ/2020م نحو 1826 كهفًا ودحلًا،تكونت نتيجةً للعمليات الجيولوجية المتنوعة، ولها عددٌ من المميزات المهمة المائية والاقتصادية والثقافية.

التكوين الجيولوجي للكهوف في السعودية

تتميّز بعض الكهوف في السعودية بنقوش أثرية حولها أو داخلها، يعود تاريخها إلى آلاف السنين، كما توفر بعض الكهوف بيئة مناسبة للحياة الفطرية والكائنات الحية، مثل: الخفافيش وبعض الطيور والثدييات، وفي السعودية تتكون الكهوف من طبيعة صخرية متفردة، لهوابط وصواعد كلسية، نتيجة نحت المياه على الأسطح الداخلية للصخور، فيما تضفي تشكيلات الصفائح الصخرية حول محيط الكهوف مناظرَ خلابة.

وتمثّل الكهوف فوهاتٍ جوفيةً مملوءةً بالهواء نشأت بفعل حركة المياه سابقًا على الصخور، ما أدى إلى إذابة الصخور على مدار فترة زمنية طويلة، وتكوين فتحات وأنفاق داخل الأرض، وعادة تكون الفتحات والأنفاق في نظم الكهوف متصلةً ببعضها تبعًا لكيفية تسرب المياه عبر الصخور على طول الفوالق والشقوق، وصولًا إلى منسوب الماء الباطني تحت سطح الأرض، وتنتشر في السعودية أنواع عدة من الكهوف، منها:

- كهوف الحرات الأنبوبية، وتنتشر في مناطق مختلفة من السعودية، تحديدًا في مواقع الحرات البازلتية الداكنة التابعة لصخور الدرع العربي في الجزء الغربي، ويطلق عليها اسم "أنابيب غيران (جمع غار) وسراديب، أو كهوف الحرات الأنبوبية، إذ بدأت هذه الحرات في التكون في حقب ما قبل العصر الكامبري، ومن أمثلتها: حرة نواصف، حرة البقوم، حرة كشب، حرة خيبر، حرة الحرة، حرة اثنين.

- كهوف الصخور الرسوبية، تعد المياه التي تتسرب للأسفل عبر صخور الحجر الجيري المذابة حركةً ضروريةً مؤثرةً في تكوين معظم الكهوف، ويلاحظ أن عملية تكوين الكهوف في هذه الصخور بطيئة للغاية، ومع هطول الأمطار عبر الهواء تمتص مقادير بسيطة من ثاني أكسيد الكربون، وتتشبع بمزيد من ثاني أكسيد الكربون من التربة، ونتيجةً لذلك يتجمع محلول خفيف من الحامض الكربوني الذي يتسرب للأسفل ويذيب صخر القاعدة الجيري، ما يؤدي لفتح التجاويف والقنوات المتصلة مع بعضها.

- الكهوف البحرية، وهي جروف بحرية متكونة في صخور الشاطئ الهشة بتأثير حركة مياه البحر، حيث تنحت الطبقات الأضعف بمعدل أسرع من الصلبة، تتشكل هذه الكهوف على طول مناطق الضعف في الطبقات عند قواعد الجرف، وتنشأ عن اصطدام الأمواج بها فتتآكل الصخور القابلة للنحت مكونةً نتوءات وفجوات دائرية صغيرة الحجم ما تلبث أن تتسع تدريجيًّا حتى تتحول إلى حجرات وكهوف غائرة في حافة الجرف.

هيكل الكهوف في السعودية

من الظواهر المتكونة في الكهوف ما يعرف باسم الأعمدة الجيرية الهابطة، والأعمدة الجيرية الصاعدة التي تنشأ عن ترسيب كربونات الكالسيوم في أسقف الكهوف وعلى قيعانها، فوق نقط متعامدة على مستوى الكهف، ويتساقط كثير من النقط المائية من السقف إلى قاع الكهف، حيث تجف، ويترسب محتواها الجيري، وينمو بذلك العمود الصاعد من قاع الكهف إلى سقفه، ويحدث أن يطول أحدهما أو كلاهما أو يلتقيان، فيرتبط السقف بالقاع بواسطة عمود متصل، وبعض هذه الأعمدة ذو حجم كبير، وهذه الظواهر العجيبة في التشكل والتكوين تعد من عوامل جذب الزوار إلى الكهوف.

ارتباط الكهوف بأهل البادية

تسمى الكهوف عند أهل البادية بالدحول أو الدحولة ويقصدون بها تلك الفجوات التي تتشكل تحت سطح الأرض وفيها ماء، ومواقعها معروفة عندهم، ولها أسماؤها المتعارف عليها، وربما يكون لأحدها أكثر من اسم، بينما تلك الدحول التي لا ماء فيها يسمونها "جباوة" ومفردها "جبو".

سياحة الكهوف في السعودية

تمثّل الكهوف ثروةً جيولوجيةً وجيومورفولوجيةً، إذ لا تقتصر أهميتها على القيم الجمالية فقط، بل تقدم تفصيلًا واضحًا عن المناخ والعمليات السطحية وأنواع الحيوانات والنباتات التي كانت تعيش بها في الماضي.

وللكهوف قيمة سياحية كبيرة، وهناك عدد منها يجري العمل على استثماره سياحيًّا من خلال التعاون بين وزارة السياحة، وهيئة المساحة الجيولوجية لتفعيل سياحة الكهوف في السعودية، منها كهف أم جرسان في حرة خيبر، ودحل الطحالب، وكهف الفندق، وكهف المربع في منطقة الصمان على بعد 220 كم شمال شرقي مدينة الرياض، إضافة إلى كهف العقرب الأسود في منطقة الحدود الشمالية.

وهناك أيضًا كهوف لها قيمتها التاريخية والإسلامية، مثل غار حراء، شرق مكة المكرمة، ويبعد عن المسجد الحرام نحو 4 كم، وكان يتعبد فيه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، وبه نزل الوحي عليه. وكذلك غار ثور في جبل ثور بمكة المكرمة، ويبعد عن المسجد الحرام نحو 4 كم جنوبًا، وتوقف فيه الرسول، عليه الصلاة والسلام، وأبو بكر الصديق رضي الله عنه، وهما في طريقهما إلى المدينة المنورة.

وتتعدد أنواع الكهوف في السعودية من حيث المساحة والعمق، إذ يعد كهف شعفان من كهوف السعودية الكبرى، ويبلغ طوله نحو 2 كم وارتفاعه نحو 8م، فيما يصل عمقه إلى 800م تحت سطح الأرض. وهناك كهف درب النجم في صحراء المجمعة الشرقية، ويتكون من تجويف واحد يبلغ عمقه نحو 100م، ويُعد الأفضل لهواة التسلق.

أطلس الدحول والكهوف في السعودية

في عام 1443هـ/2021م، أصدرت وزارة البيئة والمياه والزراعة "أطلس الدحول في المملكة العربية السعودية"، بهدف حصر وتصنيف الكهوف والدحول بالسعودية، والاستفادة منها في تنمية مصادر المياه الجوفية، واستثمارها سياحيًّا. 

وتضمن الأطلس  حصرًا وتصنيفًا لـ 1826 كهفًا ودحلاً في أنحاء السعودية، كما اشتمل على مقدمة علمية عن ظاهرة تكوّن الدحول والكهوف، إضافة إلى تحديد إحداثياتها وإعداد خرائط جيولوجية وجغرافية تبين مواقعها بدقة، ورصد ما يشكل منها خطرًا على الأرواح والممتلكات لوضع إجراءات وقائية، إلى جانب إجراء الأبحاث واستخدامها في الدراسات العلمية.

وبين الأطلس أن أكبر عدد من الكهوف والدحول يتركز في المنطقة الشرقية، ويبلغ 680 كهفًا ودحلًا، تليها منطقة الحدود الشمالية بـ542 كهفًا ودحلًا، وذلك لطبيعة تكوين الصخور الجيرية وطبوغرافية المنطقتين، كما يوجد 152 كهفًا ودحلًا في المصارف المائية والأودية قد يستفاد منها في دراسات ومشروعات لتغذية الخزانات الجوفية، بينما توجد 109 كهوف ودحول جاذبة للسياحة، منها 56 كهفًا ودحلًا تشرف عليها وزارة السياحة، و53 تعد مواقع مقترحة للسياحة.

أما الدحول التي تشكل خطرًا على الأمن والسلامة فيبلغ عددها 1237 كهفًا ودحلًا في تسع مناطق. واقترح الأطلس عشرة مواقع للكهوف والدحول قرب المدن في خمس مناطق، لتدريب طلاب الجامعات، وإجراء الأبحاث، واستخدامها في الدراسات العلمية والزيارات الحقلية للجامعات.