تم نسخ الرابط بنجاح

الآثار في منطقة القصيم

saudipedia Logo
الآثار في منطقة القصيم
مقالة
مدة القراءة 6 دقائق

الآثار في منطقة القصيم، هي البقايا المادية وتركات الحضارات الإنسانية القديمة في المنطقة التي تقع وسط المملكة العربية السعودية، وتحتوي القصيم على آثار عربية يعود تاريخها إلى ما قبل الإسلام، مثل: الرسوم والنقوش الصخرية والكتابات القديمة، وموارد المياه المنقورة في الصحراء، وأكثر وجود لهذه الآثار في مدينة عيون الجواء شمال غربي بريدة. كما شهدت المنطقة في العصور الإسلامية ازدهارًا حضاريًا شمل النواحي الاقتصادية والاجتماعية، ساعد على ذلك موقعها وسط شبكة الطرق البرية التي تعبرها قوافل التجارة والحج.

وتتميز منطقة القصيم بمواقع أثرية وتاريخية تتوزع على محافظات المنطقة، وتتنوع ما بين الأبراج، والصخور، والأسواق، والمتاحف، والمناجم، والقرى التراثية.

آثار عصور ما قبل التاريخ 

دلت الشواهد الأثرية في منطقة القصيم على استيطان بشري في العصر الحجري الحديث، تمثلت في مجموعة من المنشآت الحجرية استخدمت بمنزلة منازل ومقابر حينذاك، وصنفت إلى ثلاث مجموعات، هي: 

- الدوائر الحجرية، وهي منشآت حجرية دائرية الشكل عادة مختلفة الحجم وأسلوب البناء، وتنتشر بكثرة في الأجزاء الغربية من منطقة القصيم، منها ما بني على سفوح الجبال أو على قممها، مثل المنشآت الحجرية المنتشرة حول جبال قطن شرقي محافظة عقلة الصقور، والمنتشرة حول جبال وهضاب منطقة القوارة، والجبال والهضاب بالقرب من النقرة، ومن هذه المواقع: المندسة، والربيعية، والصريف، والخرماء الشمالية، وصلاصل، والنبهانية، والهبيرية.

- المذيلات الحجرية، هي أحد أنماط العمارة في العصر الحجري الحديث، تكون دائرة حجرية واحدة، عادة كبيرة الحجم، يرتبط بها ذيل "جدار" من الحجارة المرصوصة على امتداد يتراوح ما بين 100 و200م. وتنتشر المذيلات في الأجزاء الشرقية من القصيم، وتتركز حول المرتفعات الجبلية والهضاب، ومن مواقعها: الشلفحية، والأسياح، والشبيكية.

- النصب الحجرية، هي أعمدة حجرية مصفوفة عموديا بعضها خلف بعض، يتراوح ارتفاعها بين نحو متر ومترين، وتمتد على مسافة نحو 30 م، ومن مواقعها: قطن، والشماسية، والرجاجيل.

آثار عصور ما قبل الإسلام 

كانت منطقة القصيم في عصور ما قبل الإسلام مراكز حضارية نزحت إليها بعض القبائل العربية واستوطنتها وعمّرتها، كما شهدت المنطقة ما يسمى "أيام العرب"، وهي حروب كبرى دارت بين القبائل العربية آنذاك، وصنفت معالم تلك الفترة ومواقعها إلى نوعين، هي: 

- مواقع المنشآت المعمارية، وهي معالم سكنية دلت على مراحل استيطان للمنطقة، منها: موقع زبيدة، والخرماء، والقرية.

- مواقع الرسوم الصخرية والكتابات، إذ كشفت أعمال المسح الأثري في منطقة القصيم عن وجود عدد من المواقع التي تضم كتابات ورسومًا صخرية، وتبين في الكتابة استخدام خطين مختلفين هما الخط الثمودي الذي يعود إلى مطلع الألف الأول قبل الميلاد، والخط النبطي الذي ظهر في الثاني قبل الميلاد. أما الرسوم فكانت في أربعة موضوعات، هي: الرسوم البشرية، والرسوم الحيوانية، والوسوم، والرسوم النباتية، ومن مواقعها: عرجون (عريجن) منصور، وحصاة الطلحة، وصلاصل (القوارة)، والعمانية، والحنادر، والقلاع، والضلع المتكسر، وحصاة النصلة، ونقرة الضباع، والخرماء، وسواج، والصنقر، ورامة، وحصاة غيلان، والنبهانية، وجحيضة، وقرائن الترمس، والنباج، والتكروني، وإمرة، وضرية، والنقرة، وقطن، والمصك. كما أعلنت هيئة التراث في 24 رمضان 1444هـ/15 أبريل 2023م، اكتشاف نقشين صخريين في موقع الدليميّة كُتبا بالخط الداداني، ويعدان من أول النقوش الدادانيّة في المنطقة.

ووردت بعض آثار المنطقة في الشعر العربي، حيث ذكر الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى جبل رامة ورامتان في مدينة البدائع، ويعتقد أنه سكن في المناطق المحاذية للبدائع. كما تحتضن محافظة عيون الجواء صخرة عنترة التي تنسب إلى الشاعر الجاهلي عنترة بن شداد، الذي كان يربط فرسه عندها ليلاقي ابنة عمه عبلة.

آثار العصور الإسلامية 

أظهرت دراسات أثرية أن منطقة القصيم شهدت في العصور الإسلامية ازدهارًا حضاريًا شمل النواحي الاقتصادية والاجتماعية، ساعد على ذلك موقعها وسط شبكة الطرق البرية التي تعبرها قوافل التجارة والحج، وتصنف الآثار الإسلامية في المنطقة إلى ثلاثة مواضيع:

- طرق الحج، تعددت مسارات طرق الحج في منطقة القصيم نظرًا لموقعها الجغرافي وما تميزت به من مقومات طبيعية، وتوافرت على امتداد الطرق محطات ومنازل، اشتملت على مرافق عامة، وخانات، وبِرك، وآبار، وعيون، وسدود. كما زودت الطرق بأميال وأعلام لتوضيح مساراتها، منها: طريق الحج البصري، وطريق الحج الكوفي (درب زبيدة)، وطريق اليمامة مكة.

- الكتابات والنقوش الإسلامية، كشفت المسوحات الأثرية في منطقة القصيم عن مجموعة من النقوش الإسلامية المبكرة، نقشت على الواجهات الصخرية والهضاب بالقرب من المواقع الأثرية وطرق الحج، وهي موقعان: الأول موقع ضرية في الجزء الغربي من منطقة القصيم، ويعد ثريًا بالنقوش الإسلامية، إذ كشفت المسوحات الأثرية عن 12 نقشًا في الموقع، والثاني موقع النبهانية في جبل الكويفر الواقع جنوب غربي مدينة بريدة، ويعود تاريخها فيما بين القرن الثاني والثالث الهجريين، كتبت في موضوعات مختلفة، وتميزت بنمط الخط الغائر وخلوها من نقاط الأحرف، وهي متباينة في أسلوب الخط لناحية الإتقان والمهارة. إلى جانب نقشين في جبال إمرة جنوبي الرس، ونقش وحيد في الأسياح "عين ابن فهيد".

- المواقع الأثرية الإسلامية، تضم المنطقة عددًا من المواقع الأثرية التي تعود إلى العصور الإسلامية المبكرة والمتأخرة، تتكون من آثار معمارية ظاهرة أو مطمورة مثل: المساجد، والقصور، والأسواق، والمساكن، والقنوات، والآبار، والعيون، والسدود، والبرك، وعدد من المعثورات، منها: الفخار بأنواعه، والأدوات الحجرية والزجاجية والمعدنية. ويتركز وجودها حول المواقع القريبة من مصادر المياه، والأراضي الزراعية والرعوية، وعلى امتداد طرق التجارة والحج، وهي متفاوتة المساحة، بعضها مراكز مدن عامرة، مثل: النباج "الأسياح"، والقريتان، وضرية، وبعضها قرى صغيرة مثل: رامة، وإمرة، وطخفة، والصريف، والعوشزة، وبعضها محطات ومنازل شيدت على جنبات طرق الحج والتجارة.

آثار العهد السعودي 

يعد برج الشنانة من المعالم الأثرية البارزة الواقعة في الشنانة على بعد 7 كم جنوب غربي محافظة الرس. شيد البرج في أوائل القرن الثاني عشر الهجري، لتنفيذ عمليات الاستطلاع والمراقبة، ووقعت حوله إحدى معارك الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، في 28 رجب 1322هـ/7 أكتوبر 1904م.

ومن الأماكن الأثرية في منطقة القصيم؛ مجموعة من الآثار التي يعود تاريخها إلى عهد الدولة السعودية الأولى، منها مرقب الرس التاريخي في محافظة الرس، المبني عام 1232هـ/1817م، إضافة إلى مقبرة الشهداء التي دُفن فيها 80 من رجال الجيش السعودي بعد معركتهم ضد إبراهيم باشا عام 1232هـ/1817م، ومواقع أثرية أخرى عدة، مثل: مقصورة باب الأمير، وحسو المروى، أو ريق البنات، والجندل، والمراغة، وآثار الرويضة، وآثار بهجة، وآثار الرسيس، إضافة إلى مواقع التراث العمراني، مثل بلدة الخبراء التراثية.

أعمال التنقيب في منطقة القصيم

بدأ برنامج المسح الأثري الشامل في منطقة القصيم عام 1395هـ/1975م، ضمن مشروع وطني على مستوى السعودية. وسجل برنامج المسح الأثري على المستوى الوطني أكثر من 5 آلاف موقع أثري، بعضها في القصيم. ووثقت هيئة التراث عددًا من المواقع الأثرية، ومشاريع المسح الأثري في منطقة القصيم، التي سجلت مواقع أثرية وظهرت نتائجها في حولية الآثار السعودية. كما اكتُشفت نقوش وفنون صخرية في القصيم، يعود بعضها إلى عصور ما قبل التاريخ، وتمتد إلى أكثر من 2000 سنة، وحصر 20 موقعًا يحوي أشكالًا وأنواعًا من الفنون الصخرية.

وسجلت هيئة التراث حتى عام 1443هـ/2022م، 211 موقعًا أثريًا في منطقة القصيم، إضافة إلى 300 موقع تراث عمراني، و339 موقعًا حرفيًا. كما اكتشفت مواقع آثار ما قبل التاريخ، تعود إلى العصور الحجرية، أو الحقبة الزمنية الأولى التي عاشها الإنسان، وكذلك منشآت حجرية، وفنون صخرية تحوي نقوشًا ورسومًا على الواجهات الحجرية.

وتتضمن مشاريع هيئة التراث تسجيل درب زبيدة في قائمة التراث العالمي، بالتعاون مع هيئة الآثار العراقية، إضافة إلى مشاريع تسهم في حماية وتطوير مواقع الآثار في القصيم، وتفعيل المواقع التراثية والرفوعات المساحية للمواقع الأثرية ومشاريع التنقيب.

ونفذت هيئة التراث عام 1442هـ/2021م، مشروع تنقيب أثري في موقع ضرية بمنطقة القصيم، بهدف حماية المواقع التراثية والثقافية، وصونها وحمايتها. ويسعى المشروع، الذي يشمل مواقع أثرية أخرى، إلى معرفة التسلسل التاريخي للموقع، والحصول على أدلة مادية يمكن من خلالها معرفة المعالم والقطع الأثرية، ومدى الازدهار الحضاري الذي عاشته المنطقة، وعلاقتها بالمواقع الأخرى.

وضرية بلدة قديمة معروفة قبل الإسلام، وازدادت شهرتها في الفترة الإسلامية، لأنها أصبحت منذ عصر الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه مركزًا لحمى كبير على مستوى الجزيرة العربية، وهو الحمى الذي عرف باسمها: "حمى ضرية". كما أصبحت واحدة من محطات طريق الحج البصري الكبرى، ومن محطات قوافل الحجاج البارزة. وذكرت ضرية في المصادر الجغرافية والتاريخية والأدبية.

متاحف منطقة القصيم 

تضم منطقة القصيم عددًا من المتاحف التي تحفظ آثارها وتراثها، منها: متحف القصيم الإقليمي في بريدة، ودار الحسياني للتراث في المذنب،ومتحف المجحدي لنوادر التراث والسيارات الكلاسيكية، ومتحف الصالحي في عنيزة، ومتحف العقيلات، ومتحف قصر الدبيخي في بريدة، ومتحف الشماسية التراثي، ومتحف دار الأجداد، ومتحف الرس التاريخي، إضافة إلى متاحف أخرى.