معركة الحريق، هي معركة خاضها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، بهدف إخماد الفتنة التي حدثت بين أطراف من أهالي بلدة الحريق جنوبي مدينة الرياض، وكانت أحداثها على مرحلتين يفصل بينهما عامان، الأولى منهما في عام 1327هـ/1909م، والثانية في عام 1329هـ/1910م.
بداية معركة الحريق
بدأت في عام 1327هـ/1909م، بنشوب فتنة بين بعض الأطراف في بلدة الحريق، وتسببت الفتنة في قتل بعضهم البعض، فأرسل الإمام عبدالرحمن بن فيصل إليهم سريّة للقبض عليهم، وبعد رجوع السرية إلى الرياض أشعل بعضهم الفتنة مرة أخرى، فاعتدوا على شيخَين طاعنين في السن وقتلوهما، وادَّعوا أنهما اشتركا في قتل أخيهم الكبير، فغضب الإمام عبدالرحمن بن فيصل من ذلك، وأرسل رسولًا إلى ابنه الملك عبدالعزيز وهو قادمٌ من القصيم، وأمره أن يتوجه إلى الحريق لإخماد الفتنة في الحال قائلًا "جنبوا إلى الحريق، جنبوا".
طلب الملك عبدالعزيز من والده فرصة يومين ليزور أهله في الرياض، فكان له ذلك، وفي اليوم الثالث نزل إلى الحريق، ودعا المتمردين لحكم الشرع لكنهم رفضوا، ورفضوا الطاعة لحكم ابن سعود، ثم دخلوا حصنهم وتحصّنوا فيه، وحاصرهم الملك عبدالعزيز شهرين وهو يدعوهم لحكم الشرع ولم يستجيبوا، فأمر رجاله بحفر نفق يوصلهم إلى الحصن، فباشروا ذلك وكان طوله عندما تمَّ 40 باعًا، وكانت نساء المتمردين وأولادهم يسكنون في بيوتٍ فوق ذلك النفق، فأرسل الملك عبدالعزيز يُنذرهم ويؤمّنهم على حياتهم إذا أخلَوها، ولكن المحاصرين أبَوا واستمروا في تمردهم، فلما تبيّنوا حقيقة النفق استسلموا، عاد بعدها الملك عبدالعزيز إلى الرياض ومعه زعماء المتمردين، إلا واحدًا منهم استأذن بالسفر إلى حوطة بني تميم فأذِن له الملك عبدالعزيز.
أسباب معركة الحريق
كان بعض معارضي الملك عبدالعزيز مقيمين في الخرج جنوبي مدينة الرياض، والتف حولهم آنذاك أتباع وأنصار، وبعد خروجهم منها إلى الكويت والأحساء عادوا إلى الخرج في محاولة منهم للاستيلاء عليها، لكن أميرها فهد بن المعمر وأهل المنطقة صدّوهم، وطردوهم في اليوم الثاني بعد وصولهم، فرحلوا إلى حيث بدأت الفتنة في جهات قرب حوطة بني تميم والحريق، وكان الملك عبدالعزيز حينذاك قد عفا عن الأسرى من المتمردين وأطلق سراحهم وأذن لهم بالخروج من الرياض والعودة إلى بلادهم.
تحالف الطرفان من المتمردين ضد الملك عبدالعزيز، وانضم إليهم أتباع آخرون، ومشوا معهم إلى الحريق ثم هجموا على القصر هناك، وكان فيه سرية تابعة لابن سعود فحاصروا القصر سبعة أيام واستولوا عليه. توجّه الملك عبدالعزيز في عام 1329هـ/1910م، إلى الحريق ووقف بالقرب منها في خطة لمهاجمتها ليلًا، وعندما وصل في اليوم التالي إلى قصر قريب منها نزل هناك وأمر جيشه، الذي كان عدده 1200 رجل، أن يعسكروا هناك.
أحداث معركة الحريق
دارت أحداث المعركة بمواجهة بين الخيّالة من الطرفين، ثم هجم رجال الملك عبدالعزيز على الحريق ولم يقفوا حتى استولوا عليها وعلى بلدة أخرى اسمها "مفيجر"، وانتهت المعركة بانتصار الملك عبدالعزيز، واضطر خصومه إلى الانسحاب من البلدة، قبل أن يدخلها،وحاول المنسحبون من المعركة اللجوء إلى حوطة بني تميم والدخول إليها، لكن أهلها لم يسمحوا بذلك، فاتجه بعض القادة المنهزمين من الحريق إلى الأفلاج، وجرى القبض عليهم هناك.
ما بعد معركة الحريق
بعد انتصار الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في معركة الحريق، توجّه إلى حوطة بني تميم، وطلب كبارها منه أن يعفو عما بدر من بعض أهلها الذين حاولوا مساعدة من حاربوه في بلدة الحريق، فعفا عنهم، وعاد إلى الرياض.
المصادر
تاريخ نجد وملحقاته. أمين الريحاني. مؤسسة هنداوي.
الوجيز في سيرة الملك عبدالعزيز. خير الدين الزركلي. 1988م.
دارة الملك عبدالعزيز.
الاختبارات ذات الصلة