طيران البحرية السعودية، هو أحد فروع القوات البحرية الملكية السعودية، أُسس عام 1405هـ/1985م، وشهد خلال العقود التالية عمليات تطويرية؛ لمواكبة التطورات الدفاعية والأمنية التي تشهدها المملكة العربية السعودية، ومجالها الحيوي على البحر الأحمر، والخليج العربي، كما شارك في عمليات إنقاذ في الداخل.
تزامنت بدايات الطيران البحري مع امتلاك القوات البحرية الملكية السعودية سفن مشروع الصواري 1، في الثمانينات من القرن الميلادي العشرين. وكان المشروع يحوي فرقاطات وسفن إمداد وتموين، وتطلب تسليح هذه السفن وجود طائرات عمودية تكون على السفينة، لزيادة قدراتها القتالية (سفن الفرقاطات)، وللتهديف لما وراء الأفق (OTHT)، واستهداف الغواصات المعادية عبر صواريخ "جو/ سطح"، القادرة على حملها وتوجيهها، إضافة إلى تنفيذ مهام الكشف، والاستطلاع، والإنقاذ.
ودشنت القوات البحرية برنامجًا لتأهيل الطيارين والفنيين المتخصصين على هذه الطائرات، عبر إنشاء وتجهيز البنية التحتية اللازمة. وابتعثت ضباطًا وأفرادًا لتأهيلهم في أمريكا، وفرنسا، وباكستان، إضافة إلى الكليات والمعاهد المتخصصة داخل السعودية. وكانت البدايات عام 1405هـ/1985م، بوصول طلائع مشروع "صواري 1"، إلى مياه السعودية. وكان الطيران البحري يملك مبنى واحدًا، يحوي القيادة المرتبطة بعمليات الأسطول الغربي، أضيف إليه سرب العمليات، وحظيرة للطائرات، ومدرج، وبرج التوجيه، ومواقف، وتجهيزات فنية أخرى.
بدأ العمل في جناح الطيران البحري الأول بقاعدة الملك فيصل البحرية في جدة، عام 1406هـ/1985م، ومع تزايد أعداد الطيارين والفنيين أنشئت مدرسة التخصصات الفنية لطيران القوات البحرية، ليبدأ إنشاء جناح الطيران البحري الثاني في المنطقة الشرقية عام 1408هـ/1987م.
إدارة شؤون الطيران البحري
أنشئت إدارة شؤون الطيران البحري في قيادة القوات البحرية عام 1409هـ/1989م، وكانت مرتبطة بهيئة عمليات القوات البحرية، لمتابعة ابتعاث الطيارين، والفنيين، والأطقم الجوية.
وتوسعت القوات البحرية عام 1410هـ/1990م، بامتلاك طراز آخر من الطائرات العمودية لأغراض قتالية ولوجستية، وهي طائرات مشروع "البراق"، التي وصلت أولاها "السوبر بوما" إلى الجبيل من فرنسا، بعد إنشاء وحدات المشاة البحرية والقوات الخاصة. ولم تعد الطائرات العمودية جزءًا ملحقًا بالسفن، إذ أصبحت بعدًا ثانيًا في القوات البحرية، ومن مهام "السوبر بوما" مساندة سفن جلالة الملك، عبر القيام بأعمال الاستطلاع والتهديف فيما وراء الأفق، ودعم مشاة البحرية ووحدات الأمن البحرية الخاصة. وجهّزت طائرات "السوبر بوما" لحمل الجنود والمعدات، وكذلك الإسناد الناري.
ومن حيث الأعداد والمهام والتجهيزات الأرضية، توسع طيران القوات البحرية عام 1416هـ/1995م، عبر إنشاء مشبهات تُحاكي الواقع الفعلي للطائرات في كل من جدة، والجبيل؛ لتدريب الطيارين والفنيين على مواجهة الظروف المختلفة.
قيادة طيران القوات البحرية
تغير مسمى "إدارة شؤون الطيران البحري"، إلى "قيادة طيران القوات البحرية"، عام 1419هـ/1999م، وارتبطت مباشرة بقائد القوات البحرية. وفي عام 1431هـ/2010م، تغير مسمى "أجنحة الطيران البحري"، إلى "مجموعة الطيران البحري"، بكل من الأسطولين الشرقي والغربي. وفي العام 1432هـ/ 2011م التحقت طائرات عمودية للبحث والإنقاذ، من نوع "بانثر"، بطيران القوات البحرية، بعد تقادم طائرات "الدولفين" للبحث والإنقاذ.
في عام 1440هـ/2018م، حصلت السعودية على طائرات عمودية، تتميز بقدرات عالية في الحروب السطحية وتحت السطحية، مما يعزز من قدرات القوات البحرية لمواجهة جميع التحديات والتهديدات في المنطقة.
الطائرات العمودية في القوات البحرية
- طائرات "الدولفين" القتالية: هي طائرات مروحية من الفئة المتوسطة، مجهزة للعمل على سفن الفرقاطات وسفن الإمداد والتموين، وتم تزويد هذه الطائرات للتعامل مع الزوارق والأهداف السطحية الصغيرة، من خلال صواريخ "جو سطح"، عبر نظام تسليح قادر على رصد الأهداف وتمييزها، ومن ثم التعامل معها. وطائرات "الدولفين" قادرة على حمل جهاز تعقب الغواصات (MAD)، والتعامل معها عن طريق الطوربيدات المحمولة أو الموجودة على سفن الفرقاطات.
- طائرات "الدولفين" للبحث والإنقاذ: هي طائرات مزودة برادار ملاحي وجهاز رفع (ونش). وتعمل من على سطح سفن جلالة الملك، أو من خلال القواعد. وساعدت هذه الطائرات في عمليات الإنقاذ خلال الكوارث والسيول في بعض مناطق السعودية.
- طائرات "البانثر" للبحث والإنقاذ: هي طائرات مجهزة بجهاز تحويم ذاتي (HOVERING)، إضافة إلى مناظير ليلية. وتعمل على سفن جلالة الملك، والفرقاطات وسفن الإمداد والتموين، إضافة إلى عملها من القواعد البحرية. وقد حلت محل طائرات "الدولفين".
- طائرات "السوبر بوما": هي من الفئة المتوسطة، قادرة على البقاء وقتًا أطول في الجو، وهي من ثلاث فئات، الأولى من نوع F1، مزودة برادار؛ لكشف الأهداف السطحية ونظام حروب إلكترونية دفاعي ينبه طاقم الطائرات عن التعقب الراداري، وهي قادرة على حمل صواريخ موجهة ومدافع رشاشة، كما أنها قادرة على البحث والإنقاذ بعد تركيب معدات الرفع. والفئة الثانية من فئة M1، وهي مصممة لنقل المعدات والجنود، وإنزالهم من خلال عمليات القفز المظلي أو بوساطة الحبال، وتملك هذه الطائرات نظام الرؤية الليلي الحراري، أو عبر الأشعة ما دون الحمراء، وهذه الطائرات مجهزة أيضًا بصواريخ موجهة ومدافع رشاشة، وقادرة على البحث والإنقاذ من خلال تجهيزها بمعدات الرفع. والفئة الثالثة B1، وهي مجهزة للعمليات التكتيكية وحمل الجنود وعمليات المساندة البحرية وعمليات القفز المظلي والإنزال من خلال الحبال، وهي مزودة بمدافع رشاشة وصواريخ حديثة، وتتمتع كذلك بقدرات للعمليات الليلية من خلال المناظير الحرارية.
- الطائرات العمودية الحربية القتالية المتعددة المهام من نوع "السي هوك MH-60R": هي طائرات عمودية بحرية قتالية متعددة المهام، وذات قدرات قتالية عالية، كما تقوم بمهام ثانوية، مثل: الإمداد، وعمليات البحث والإنقاذ، والاتصالات، كان شراؤها من الولايات المتحدة. وهذه الطائرات قادرة على التعامل مع الأهداف السطحية وتحت السطحية، وتعمل على ظهر السفن والقواعد العسكرية. ودشنت القوات البحرية عام 1440هـ/2018م، الطائرة الأولى من هذا المشروع.
- الطائرات المسيرة عن بعد: هي طائرات استطلاعية لمسافات بعيدة ولساعات طيران متصلة، ولمدة أطول بكثير من الطائرات المأهولة، أدخلتها القوات البحرية لمواكبة التطور في التقنيات الدفاعية ورفع القدرات القتالية، ولما للمنظومات غير المأهولة من أهمية. وامتلكت القوات البحرية خلال الأعوام القليلة الماضية منظومتي طائرات دون طيار ذات الأجنحة الثابتة.
مهمات لطيران البحرية السعودية
أدى الطيران البحري العمودي دورًا خلال حرب تحرير الكويت، بالطائرات التي تعمل على ظهر السفن، والطائرات المنفردة. وكان الطيران العمودي خلال حرب تحرير الكويت ضمن مجموعة الواجب البحرية 77 في ميناء رأس مشعاب، وقامت بأعمال الدورية والمراقبة في السواحل المقابلة للميناء وصولاً إلى الخفجي، ومساندة الزوارق التابعة لمجموعة 77، ونقل كبار الشخصيات إلى مواقع قيادة قوات التحالف وإلى الكويت بعد التحرير.
وأدى الطيران البحري العمودي دورًا فاعلاً في الحدود الجنوبية ضمن مشاة البحرية، لا سيما في نقل الجنود ومعداتهم؛ لأنها مزودة بقدرات نارية، من خلال وجود سرب الطيران. وشكلت طائرات القوات البحرية دورًا رئيسًا في أعمال الدوريات والاستطلاع؛ لصعوبة الملاحة في بعض المناطق، إضافة إلى ملاحقة المتسللين ورصدهم، والتبليغ عنهم، أو الاشتباك معهم.
وشارك طيران القوات البحرية في عمليات الإنقاذ خلال كوارث السيول والأمطار، ووصل إلى مناطق يصعب الوصول إليها.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة