سوق عكاظ، هو موقع أثري في محافظة الطائف بمنطقة مكة المكرمة غربي المملكة العربية السعودية، وأحد أقدم أسواق العرب في الجاهلية والإسلام، وملتقى للتجارة والفكر والأدب والثقافة المتنوعة للقبائل العربية، والوافدين إلى السوق من أنحاء الجزيرة العربية. بدأ السوق في عام 501م، أي قبل ظهور الإسلام بنحو 100 سنة.
تاريخ سوق عكاظ
ارتبط سوق عكاظ بنشأة الرسول صلى الله عليه وسلم، ونشر الإسلام بين قبائل العرب، والدعوة إلى الله. واحتضنت ديار بني سعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما أتت به حليمة السعدية رضي الله عنها، ليقضي طفولته في ديار أهلها في أرض رعوية ليست بعيدة عن موقع سوق عكاظ. وجاءت به حليمة السعدية إلى سوق عكاظ عندما كان في حضانتها.
وكانت العرب ترد مكة المكرمة أيام المواسم، وترد سوق عكاظ، ومجنة، وذي المجاز، وشهد الرسول صلى الله عليه وسلم سوق عكاظ في حرب الفِجار، وحضر السوق صبيًّا، وشابًّا، وبعد البعثة. وذهب الرسول صلى الله عليه وسلم مع عمه العباس إلى عكاظ ليريه منازل أحياء العرب، فكان بعد هذا يتردد على من يتوسم فيهم مساعدته أو الاقتناع بدعوته لهم لدين الإسلام.
موسم سوق عكاظ
كان سوق عكاظ يبدأ أول شهر ذي القعدة من كل عام، ويستمر حتى العشرين منه، ثم ينتقل الناس منه إلى سوق مجنة، وإذا بدأ شهر ذي الحجة ذهب الناس لسوق المجاز، ثم إلى الحج.
وكانت تُجلب إلى سوق عكاظ أنواع البضائع المختلفة من هجر والعراق، والشام، وفارس، واليمن، ومن البوادي، ومنها السمن، واللبن، والإقط، والأغنام، والإبل، ومن اليمن البُرَد الموشاة، والأدم، ومن الشام السلاح، ومن فارس الطيب والحرير، ومن الطائف الجلود، والزبيب، والعنب، كما اشتهرت عكاظ ببيع الأدم حتى قيل أديم عكاظي منسوب إليها مع أنه لم ينتج فيها.
سوق عكاظ في العصر الإسلامي
بقي سوق عكاظ مركزًا تجاريًّا خلال العصر الإسلامي، ومحطة رئيسة على طريق الحج القادم من اليمن مرورًا بنجران وعسير والحجاز، وتعرض للتخريب والنهب على أيدي الخوارج الحرورية بقيادة المختار بن عوف، الذي سيطر على مكة المكرمة سنة 129هـ/747م، واستمر موقع سوق عكاظ محطةً للتجارة والحج حتى القرن السادس للهجرة.
مهام سوق عكاظ
في سوق عكاظ كانت تعلن الأحلاف، ومن كانت له إتاوة على قبيلة نزل عكاظ فجاؤوه بها، ومن أراد إجارة أحد هتف بذلك في عكاظ، ومن أراد قومًا بحرب أعلن ذلك في عكاظ، وسبب اختيار سوق عكاظ لإعلان الصلح، والفداء، والمعاهدات، والإجارة، لما يشهده السوق من اجتماع كبير للعرب، وحتى تشهد العرب بذلك وتنشره بين بقية القبائل في كل مكان.
النشاط الأدبي في سوق عكاظ
اكتسب سوق عكاظ اسمه من المعاكظة بين الشعراء، وهي: التباري في إلقاء قصائد الفخر، ويحرص الشعراء على إلقاء القصائد في موسم سوق عكاظ، ليسمعها الحاضرون، ويتناقلها الرواة، وكان كبار الشعراء يعلقون القصائد في عكاظ افتخارًا بفصاحتها.
الآثار في منطقة عكاظ
تضم منطقة عكاظ عددًا من الرسوم الصخرية على هضبة السرايا الحمراء في موقع سوق عكاظ، حيث وجدت رسوم تجريدية منفذة بألوان سوداء تمثل رسم حصان يظهر عليه راكب، وفي مواقع وادي لوان، شرق سوق عكاظ بنحو 7 كم يوجد على امتداد الوادي موقعان للرسوم الصخرية يشتملان على رسوم لأبقار، ورسم آدمي بشكل تجريدي، ورسم متقن لجمل.
وشرق سوق عكاظ بنحو كيلو مترين يوجد موقع العبل، وهو معلم طبيعي عبارة عن تل مرتفع يتكون من قمتين، يوجد على قمته دائرة حجرية، وعدد من أساسات المباني الأثرية على بعد 500م شمال غرب البوابة الشمالية لسوق عكاظ.
وعلى هضبة السرايا الحمراء في وسط عكاظ نقوش إسلامية، وهي من نوع النقوش التذكارية التي يسجلها المسافرون على سفوح الجبال القريبة من مسارات الطرق، أو يسجلها المقيمون في المنطقة، وعبارات أدعية مختلفة، منها: طلب الرحمة، والمغفرة، أو آيات قرآنية، وتنفذ تلك الكتابات بطريقة الحز السطحي بالخط الكوفي غير المنقوط، وفترة تاريخ النقوش التذكارية تتراوح بين القرن الأول والثالث الهجري.
وتقع جنوب شرق سوق عكاظ بمسافة 2.47 كم بئر البيضاء، التي كانت أحد مصادر المياه في منطقة سوق عكاظ، وعلى طريق الحج اليمني، وفي الجهة الغربية منها أساسات بناء يعود للعصر الإسلامي المبكر. وتوجد في منطقة عكاظ قلاع وقصور تاريخية من الفترة الإسلامية المتقدمة، منها: قصر مشرفة الذي يعود لفترة العصر الإسلامي المبكر (الفترة الأموية والعباسية)، وقلعة العرفاء التي بنيت في أواخر القرن الثالث عشر الهجري/التاسع عشر الميلادي، وقلعة مروان على بعد 3 كم جنوب سوق عكاظ.
تطوير سوق عكاظ في العهد السعودي
بعد غياب استمر نحو 1300 سنة أعيد إحياء سوق عكاظ في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود عام 1428هـ/2007م. وفي عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أقرت عام 1437هـ/2016م مبادرة تطوير الوجهات السياحية، ومنها تطوير مدينة سوق عكاظ.
وفي 11 محرم 1439هـ/1 أكتوبر 2017م دشنت مدينة سوق عكاظ لتكون أول وجهة سياحية ثقافية متكاملة في المملكة تقام على مساحة 10 ملايين م2، بهدف جذب نحو مليوني سائح سنويًّا، وتوفير 12 ألف وظيفة.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة