تم نسخ الرابط بنجاح
saudipedia Logo
صناعة العُقل في السعودية
مقالة
مدة القراءة 4 دقائق

صناعة العُقُل في السعودية، تعد من أبرز الصناعات التقليدية اليدوية في المملكة العربية السعودية، اكتسبت أهميتها من التقاليد العريقة في شبه الجزيرة العربية، وارتباط العقال بالوجاهة. 

أصل تسمية العقال

يلبس العقال فوق الغترة لتثبيتها على الرأس، وقد يكون سبب تسميته أن العقال في الأصل هو ما يستخدمه العرب في عقل وقيد الناقة ومنعها من الحركة والابتعاد، فإذا فك منها جعل فوق الرأس حفظًا له، كما قد يكون سبب التسمية قرب شبهه بعقال الناقة ذي الشكل الدائري.

أداة صنع العقال

تتكون الأداة التي تُصنع عليها العقل من أجزاء عدة، هي: الدزقة، وهي قاعدة خشبية مستطيلة طولها نحو مترين وارتفاعها نحو متر واحد، وقد ثقب طرفًا سطح قاعدتها بخمسة ثقوب في كل طرف، إذ تدخل في هذه الثقوب أداة على هيئة عصا تُسمى عند أهل الصنعة صباع الدزقة، بكل طرف منها إصبع واحد، ويربط في رأس هذين الإصبعين لفتا العقال اللتان تنتهيان بمونة، وبينهما خشبة متعرجة الغرض منها ترك مساحة بين اللفتين أثناء القيام بلف القصب والحرير الأسود، فيبرم على عود خشبي صغير يعرف باسم الملف، وآخر للقصب أيضًا، وبعد الفراغ من لف الحرير والقصب يفك الصانع رؤوس العقال من طرفي الصباع.

ويُصنع العقال من خيط طبيعي، وصناعي، وأصل الخيط الطبيعي من شعر الماعز، ومن المخمل، والحرير، والدارج في الاستخدام المصنوع من خيط الصوف الطبيعي لثباته على الرأس، ولمعانه، وحسن مظهره، وهو الأفضل. أما العقال الصناعي فيكون من خيط النايلون، وهذه الخيوط هي من تحدد ثمن العقال، فإذا كان العقال مصنوعًا يدويًّا فثمنه مرتفع عن العقال المصنع بالمكائن، إضافة إلى البرمة المميزة، التي تزيد سعره. وتخضع الأسعار لطريقة صنعه ووقت بيعه، ففي المناسبات والأعياد يرتفع السعر قليلاً لإقبال الناس على الشراء، وحرصهم على لبس العقال الجديد الجاهز، أو طلب تفصيل وفق مميزات خاصة يحددها المشتري.

مراحل صنع العقال

يُصنع العقال حاليًّا بواسطة مجموعة من الأدوات، منها الماكينة بمسندين لصنع البطانة ولفّ وجه العقال، والمدقّة الخشبية التي تستخدم في تعديل العقال وإحكام استدارته، والمبرم أو المغزل بطول مضاعف لبرم الخيوط، والقالب لقياس العقال وتعديله، وفرشاة الحديد لتنظيف وجه العقال، إلى جانب الإبرة والمقص والمشط.

وتبدأ مراحل صناعة العقال بوضع حشوة قطنية بيضاء على الماكينة أو الخشبة، وتغطى بقطن أسود، ويلف عليه خيط أسود من الخارج طبيعي أو صناعي بطريقة الغزل، تليها مرحلة كسرة العقال، بوصل جهتي العقال وربطهما وعقدهما، ثم مرحلة تدريس العقال، وهي حياكة طرفي العقل وعقده وتلبيس العقدة، ومرحلة وزن العقال، وهي ضبط وزن ومقاسات العقال باستخدام القالب والمدقة الخشبية، ويحدد مقاسات العقال طولًا وقصرًا أثناء التصنيع، حسب رغبة الزبون والمقاس الذي يرغب في شرائه، وتتراوح المقاسات بين 30 للأطفال و65 للكبار.

أنواع العقال

للعقال أنواع عدة هي: العقال الأسود، وهو النوع المستخدم حاليًّا، ويصنع من خيوط رفيعة من الصوف على حشوة دائرية الشكل، يمثل محيطها ضعف محيط المقاس المطلوب، لأنها تثنى بعد ذلك لتصبح دائرتين إحداهما فوق الأخرى، لهذا ينتج منه مقاسات عدة لتتناسب مع أحجام الرؤوس المختلفة. كما أنه يختلف من حيث السمك، وقد استخدمت في الماضي أنواع سميكة جدًا مقارنةً بما يستخدم الآن، وكان يتدلى من بعضها من الخلف حبلان طويلان من القيطان بقصد الزينة. وللعقال الأسود عدة أنواع، منها: القطني، والمخمل (القطيفة)، والحريري، والصوفي، والبلاستيك، وله عدة مقاسات حسب مقاس الرأس، والشائع ما بين الأرقام 45 إلى 56، أما سماكة العقال فتتراوح ما بين 4.5 إلى 5.6، ويبلغ محيط استدارة العقال الذي يأخذ الشكل الدائري 110 سم.

ومن أنواعه أيضًا العقال الأبيض، ويشبه إلى حد كبير العقال الأسود المستخدم حاليًّا، وهو أقدم من العقال الأسود، إلا أنه لم يعد يستخدم الآن. والعقال المقصب (الشطفة)، ويتخذ شكلًا هندسيًا خماسي الأضلاع، ويتكون هذا العقال من طبقتين، أي أن مجموع أضلاعه عشرة، إضافة إلى وجود جزء صغير لين قابل للانثناء في منطقة الخلف، حتى يسمح بثنيه إلى طبقتين، ويصل مفصل على شكل كرة من الصوف الأسود المنقوش بين كل ضلعين متجاورين، ويتكون القاسم أي الضلع، بين كل ركنتين، من أسطوانتين رفيعتين موضوعتين إحداهما فوق الأخرى، تلفان بخيوط الزري بحيث تغطى حشوتهما تمامًا وتجعلهما ملتصقتين. ولا يلبس العقال المقصب عامة الناس، فهو في الغالب من ملابس الملوك والأمراء والشيوخ - سواء في السعودية أو في بعض البلدان العربية الأخرى، مثل الكويت والعراق والبحرين - وهو يضفي على من يلبسه هيبة. والعقال المقصب يشبه عقال الشطفة، إلا أن عقده أصغر، ويتألف من عصائب بين عقده، وخيوط زري ذهبية اللون وقصبها أكثر.

عقال فيصل

من أشهر من ارتدى العقال المقصب، الملك عبدالعزيز وأبناؤه الملك سعود والملك فيصل، وقد اشتُهر العقال المقصب الشطفة المزراة باسم "عقال فيصل". ومن أنواع العقال المقصب نوع يظهر فيه خيط حشوة الضلع بشكل منقوش بلونه البني المائل للسواد، من بين لفات خيوط القصب. ويلبس هذا النوع غالبًا الوافد من العراق والكويت، وهناك نوع من الشطفة لا تستخدم في تزيينه خيوط القصب (الزري)، ويكتفى بتغطية أضلاعه بخيوط الصوف الأبيض، أما عن طريقة لبسه فهو يوضع على الرأس حيث تكون الركنتان الأماميتان على جانبي الوجه (الجبهة)، والركنتان التاليتان لهما على جانبي الرأس من الخلف، أما الجزء اللين منه فيكون في منتصف الرأس من الخلف.  

صنّاع العُقل 

عُرف في بعض مدن السعودية أسماء بعض الأسر التي اشتهرت بصناعة العقل. ففي المدينة المنورة عُرف مثلًا الشيخ حسين رشون، والشيخ محسن يوسف عوض وأخوه حسين، وهما أبناء الشيخ يوسف عوض، والشيخ أمين بري، والشيخ عمر أبو سيف، وفي مكة المكرمة اشتهرت أسرة أبو الريش، وكان شيخ العقلجية في مكة المكرمة الشيخ صالح عبدالرحمن أبو الريش.