معركة السبلة، هي معركة خاضها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ضد المتمردين من الإخوان، الذين خرجوا عن طاعته، وقرروا أنهم القائمون بأمر الدين والجهاد، وبعد أن استنفد معهم جميع الوسائل السلميّة اضطر لمواجهتهم، دارت أحداثها في عام 1347هـ/1929م، في موقع السبلة قرب بلدة الزلفي شمالي الرياض، وانتهت بانتصار الملك عبدالعزيز وهزيمة المتمردين وفرارهم من ميدان المعركة.
أسباب معركة السبلة
بدأت مشكلة بعض الإخوان من الفهم الخاطئ لبعض أمور الدين، والغلو في نظرتهم إلى الآخرين،وبعد توحيد الملك عبدالعزيز للحجاز مع ما سبقها من مناطق السعودية، ظهر الخلاف بينه وبين بعض قادة الإخوان، ومنهم فيصل الدويش وضيدان بن حثلين وسلطان بن بجاد، وكانت دواعي الاختلاف اعتراضهم على استخدام الهاتف والبرقيات، ومرونة الملك عبدالعزيز مع الأجانب الذين كانوا يرون أن التعامل معهم مخالف للدين في رأيهم، إضافة إلى حادثة المحمل المصري في حج عام 1344هـ/1925م، التي هدّأ الملك عبدالعزيز خلالها الموقف وأمر بحراسة الحجاج المصريين، حتى انتهوا من مناسكهم.
وفي عام 1345هـ/1926م، دعا الملك عبدالعزيز إلى مؤتمر حضره زعماء القبائل والحاضرة والعلماء، وأوضح فيه تمسكه بالدين والعقيدة شريعةً وتطبيقًا، واستفتى العلماء في مآخذ بعض الإخوان عليه، فأفتوا بتوقفهم في موضوع البرق والهاتف، وربطوا قضية الجهاد بالإمام، مؤكدين أن أفعالهم لا تُجيز لهم الخروج على ولي الأمر.
لم يتغير موقف معارضي الملك عبدالعزيز بعد فتوى العلماء، واستغلوا مخالفة الحكومة العراقية لبعض ما اتفقوا عليه مع الملك عبدالعزيز في اتفاقية العقير من عدم البناء في المنطقة الحدودية شمالي البلاد، فهاجموا الحامية العراقية، وهدموا بناءها عام 1346هـ/1927م، واستمروا في الاعتداءات على الأراضي العراقية والكويتية.
مؤتمر الجمعية العمومية
لم يترك الملك عبدالعزيز فرصة لحل الخلاف مع المتمردين إلا وطرقها، فدعا إلى مؤتمر آخر حضره العلماء والأمراء وعدد من الإخوان، فحضرت جموع من الناس، من أفراد الأسرة الحاكمة، والعلماء وأمراء وزعماء القبائل، عدا كبار المعارضين من الإخوان، وسمّي المؤتمر بـ"الجمعية العمومية".
افتتح الملك عبدالعزيز أعمال المؤتمر، موضحًا سبب انعقاده، وعرض أن يتنازل عن الحكم، ليجري اختيار حاكم غيره من آل سعود، وصوّت الجميع بعدم قبولهم لأي ملك بديلًا عنه، وأعاد العلماء ما قالوه عن رأيهم في إشكالات الإخوان، وجدّد الحاضرون البيعة للملك عبدالعزيز.
بعد المؤتمر تجمع بعض قيادات الإخوان في منطقة الأرطاوية، وهي موقع استقرار الدويش الذي انضم إليه فيها ابن بجاد، وبدؤوا بالإغارة على القبائل الموالية للملك عبدالعزيز، وصادروا إبلًا من تجار بريدة بعد أن قتلوا أصحابها، الأمر الذي دعا الملك عبدالعزيز إلى التهيؤ لمواجهتهم، فأمر أتباعه بالاستعداد للقتال، والتقى بآلاف من رجاله بقيادة ابنه الأمير سعود بن عبدالعزيز (الملك سعود لاحقًا) بعد مروره ببريدة، وسار بهم إلى الزلفي.
أحداث معركة السبلة
حاول الملك عبدالعزيز استنفاد جميع الوسائل السلمية معهم قرب ميدان المعركة، إلا أنهم أصروا على تمردهم، فأعد الملك عبدالعزيز قواته للهجوم، وكان هو في قلب الجيش، وابنه سعود في ميمنة الخيّالة وأخوه محمد بن عبدالرحمن في ميسرتها، وبدأ تبادل النيران بين الطرفين، وتوهّم بعض الإخوان أن الملك وأتباعه سينهزمون، فتركوا متاريسهم وأقبلوا إلى الهجوم، فخسروا أمام جيش الملك عبدالعزيز، وقُتل كثير منهم، ثم اندفع خيّالة الملك على خصومهم حتى هزموهم، واضطروهم إلى الهرب، ثم أمر الملك عبدالعزيز بالتوقف عن ملاحقتهم، لأنه لا يريد الاعتداء عليهم وهم مدبرون، لتنتهي معركة السبلة التي وقعت في 19 شوال 1347هـ/30 مارس 1929م.
أصيب بعض قادة المتمردين ومنهم فيصل الدويش، حتى جاءت نساء أسرته إلى الملك عبدالعزيز يشفعن له عنده، واقترب إلى الأرطاوية، وجاؤوا بالدويش إليه محمولًا على نعش، فأمر الملك عبدالعزيز طبيبه الخاص بالكشف عليه وعلاجه، ثم عفا عنه. وبعد انتهاء معركة السبلة ألقى الملك عبدالعزيز خطابًا أمام العلماء والرجال المشاركين في تلك المعركة حيث جاء فيه قوله "إخواني أوصيكم ونفسي بتقوى الله، إن هذه الواقعة وإن أحزنتنا فلقد سرنا منها ما نرجوه من الصالح لبلادنا بعدها".
المصادر
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة