المواد الخام في السعودية، أو المواد الأولية، هي أحد موارد الثروات الطبيعية في المملكة العربية السعودية، وتكون منتجاتها على شكل مواد خام تدخل في عديد من الصناعات ضمن عملية الإنتاج، وقد تكون هذه المواد متجددة أو قابلة للنفاد.
وتستفيد السعودية من إمكاناتها في المواد الخام المتنوعة، وتعمل على تصدير بعضها وإدخال بعضها الآخر في الصناعات التحويلية، مما يعظّم العائد منها.
ويمثل نحو 70% من المواد الأولية التي تصدرها السعودية إلى مختلف أنحاء العالم، من المواد الخام للمشتقات البترولية، بينما تستحوذ قيمة صادرات قطاعي البلاستيك والكيماويات على نحو 60% من الصادرات غير النفطية للمملكة.
وتؤثر هذه المواد في نمو الاقتصادات العالمية بصورة مباشرة، إذ ترتبط بقوة بالتضخم، وذلك حين ترتفع أسعارها، كما حدث خلال جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد – 19" التي وصلت بها إلى مستويات عالية جدًا، نتيجة تراجع إنتاجها خلال هذه الفترة، وارتفاع تكاليف نقلها بسبب حالات الإغلاق التي شهدتها معظم الدول، وتراجع حركة النقل وسلاسل الإمداد بجميع أنواعه.
إنتاج النفط الخام في السعودية
عملت السعودية على تحقيق أقصى استفادة من موادها الخام المتنوّعة وعلى رأسها النفط والغاز، ونجحت شركة أرامكو السعودية في إنتاج النفط الخام بكميات تجارية منذ عام 1938م، وتوريده إلى أسواق الطاقة في العالم. وكان ذلك في عام 1939م، حين رست أول ناقلة لنقل النفط السعودي وهي د. جي. سكوفيلد التي أدار الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود الصمام بيده لتعبئتها بأول شحنة من النفط الخام السعودي لتصديرها.
وفي السعودية مواد هيدركربونية ضخمة تديرها أرامكو السعودية، وتُعد احتياطيات الشركة التقليدية الثابت وجودها وطاقتها الإنتاجية للنفط الخام ضخمة، وتنتج خمسة أنواع من النفط، هي: الخام العربي الثقيل، والعربي المتوسط، والعربي الخفيف، والعربي الخفيف جدًا، والعربي الممتاز.
الثروة المعدنية ومستوى نموها في السعودية
نجحت السعودية منذ تأسيسها في إدارة مواردها في قطاع المعادن والتعدين أيضًا، واستفادت من هذه الثروات بكفاءة عالية من خلال خطط التنمية المختلفة، وفي الخطة الثامنة تمكن قطاع الثروة المعدنية من رفع قدراته في مجال استخراج المواد الخام واستغلالها، فضلًا عن إنتاج المنتجات المصنعة وشبه المصنعة ذات العلاقة، إذ ارتفع استغلال المواد الخام من نحو 237 مليون طن في عام 1424 - 1425هـ إلى نحو 325 مليون طن في عام 1428 - 1429هـ، وبمعدل نمو سنوي متوسط قدره 8.2%.
وواكبت المملكة تطورات العمليات التشغيلية والإنتاجية في قطاع الثروة المعدنية، الذي شهد تطورًا وتنوعًا في منتجات الخامات المعدنية خلال خطة التنمية الثامنة، إذ أسهمت كمية المواد الخام المستغلة التي تقدر بنحو 325 مليون طن عام 1428 - 1429هـ في إنتاج العديد من خامات المعادن غير الفلزية والمعادن الصناعية إضافة إلى المعادن النفيسة والأحجار شبه الكريمة لتلبية احتياجات السعودية.
ورفعت السعودية تقديراتها للثروة المعدنية في يناير 2024م، إلى 9.4 تريليونات ريال (2.5 تريليون دولار)، وذلك مقارنة بما تم الإعلان عنه من تقديرات في عام 2016م، والبالغة في ذلك الوقت 5 تريليونات ريال. كما كشفت بنهاية عام 2023م عن تقديمها لحوافز استكشافية تبلغ قيمتها نحو 682.5 مليون ريال (182 مليون دولار) .
وقُدر مجموع الكميات المستخرجة من الخامات المعدنية في عام 2022م بما يزيد على 591,872 ألف طن من مختلف الخامات المعدنية.
وتُشرف وكالة وزارة الصناعة والثروة المعدنية للثروة المعدنية على الأنشطة التعدينية في السعودية، وتعمل على تشجيع الاستثمار في مجال التعدين، وتقديم الخدمات والاستشارات لدعم هذا النشاط، وإصدار الرخص والصكوك التعدينية.
توسع أنشطة التعدين في السعودية
توسعت أعمال التعدين مع تعاظم العائد منها، وتحقيق الاستفادة القصوى من المواد الخام في السعودية، إذ وصل إجمالي عدد الرخص التعدينية السارية حتى نهاية مايو 2024م إلى 2294 رخصة، لمختلف خامات المعادن الصناعية، مثل: رمل السليكيا، والجبس، والملح، والحجر الجيري، والطين، والبازلت الفتاتي (بوزلان)، والرخام، والحديد المنخفض النسبة (لصناعة الأسمنت)، والدولوميت، والفلدسبار، والبارايت، والحجر الرملي، والبيريلايت، والبيروفيلايت.
وأظهرت عمليات الاستكشاف المعدني في المملكة اكتشاف ما لا يقل عن نحو 5300 موقع معدني من مختلف أنواع المعادن والصخور الفلزية واللافلزية ومواد البناء وأحجار الزينة والأحجار الكريمة. وتتركز المعادن الفلزية ومنها الذهب، والفضة، والنحاس، والزنك، والحديد، وكذلك العناصر النادرة والمشعّة وغيرها في صخور الدرع العربي.
وارتفعت نسبة مساهمة نشاط التعدين والتحجير (يشمل الزيت الخام والغاز الطبيعي) في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة (2010م=100) لتبلغ نسبة مساهمته 37.8% في عام 2022م، مقابل 35.5% في عام 2021م. كذلك سجل نشاط التعدين والتحجير بالأسعار الثابتة لعام 2022م ارتفاعا بلغت نسبته 16.0 %، مقابل انخفاض نسبته 1.1 % في العام 2021م.
واتخذت السعودية خطوات حثيثة لتحقيق التحول الاقتصادي خاصةً في مجال التعدين من خلال نهج شمولي يرتكز على ثلاث مراحل، الأولى: الأنشطة التعدينية وتشمل عمليات المسح والاستكشاف بغرض تحديد كميات المعادن، وعمل دراسات الجدوى الاقتصادية، وتطوير المناجم ومعالجة المواد الخام. والثانية: مرحلة الصناعات الوسيطة وتشمل عمليات التكرير والصهر لتصنيع المواد الأساسية، مثل: سبائك الألمنيوم، وكتل الحديد الصلب. والثالثة: مرحلة الصناعات التحويلية، التي تشمل تصنيع المنتجات شبه النهائية كصفائح الحديد والألمنيوم، والمنتجات النهائية كالأنابيب والقضبان الحديدية.
ونفذت عدة مبادرات في قطاع التعدين منها: برامج الاستكشاف السريع الذي يعمل على تطوير الرواسب المعدنية الواعدة من خلال تنفيذ برامج استكشاف ذات درجة عالية من الموثوقية، مما يسهم في زيادة الفرص الاستثمارية واستقطاب المستثمرين، ومن المتوقع أن يحقق هذا البرنامج عدة نجاحات أبرزها المساهمة في زيادة حجم الإنفاق والاستثمار على الاستكشاف المعدني، وتسريع وزيادة أعمال الاستكشاف، والمساهمة في بناء قطاع الاستكشاف وزيادة نسبة الفرص الاستثمارية الواعدة للمستثمر المحلي والأجنبي وتفعيل دور الشركات الصغيرة والمتوسطة وزيادة وتطوير الكفاءات الوطنية في أعمال الاستكشاف والتنقيب.
وأطلقت مبادرة الشركة السعودية لخدمات التعدين التي ستعمل على دعم تنمية الاستثمارات التعدينية، بما في ذلك دعم مديريات التعدين، وتطوير إجراءات الرقابة والضبط في مواقع الرخص التعدينية، وذلك من خلال استخدام وسائل رقابة متطورة وتقنيات حديثة، ودعم خدمات التحصيل للعوائد والغرامات، ومن المتوقع أن يستفيد قطاع التعدين من هذه المبادرة من خلال رفع مستوى التزام الشركات بمعايير البيئة والصحة والسلامة بما يخدم العاملين في القطاع والمجتمعات المحلية المجاورة ورفع كفاءة المراقبة للموارد المستغلة، مما يسهم في زيادة إيرادات الدولة.
صادرات خام المعادن في السعودية
وذهبت صادرات منتجات المعادن الأساسية والمنتجات المصنوعة من المعدن الأساسي بشكل أساسي في عام 2022م، إلى دولة الهند بقيمة 4.14 مليارات ريال، وإلى دولة الإمارات العربية المتحدة بقيمة 3.04 مليارات ريال، وإلى الولايات المتحدة الأمريكية بقيمة 2.52 مليار ريال.
وعملت السعودية على تنظيم مواردها من المواد الخام، واستوعبت ذلك في عدد من التنظيمات ذات الصلة بإنتاجها وتحويلها، ففي نظام حماية وتشجيع الصناعات الوطنية الصادر بمرسوم ملكي وقرار مجلس الوزراء في عام 1381هـ/1961م، ذكر في نص المادة الخامسة منه: إعفاء المواد الخام الأولية والنصف مصنوعة، وأكياس وعلب وأسطوانات التعبئة اللازمة للمؤسسات الصناعية من الرسوم الجمركية، بشرط ألا يكون لها مثيل قائم وكافٍ في السعودية.
كذلك دعم تنظيم بنك التصدير والاستيراد السعودي، العمليات الاستثمارية في المواد الخام، إذ نصّت المادة الرابعة للتنظيم الصادر بقرار مجلس الوزراء في عام 1441هـ/2020م على أنه: مع عدم الإخلال باختصاصات ومسؤوليات الجهات الحكومية الأخرى، للبنك في سبيل تحقيق أهدافه، القيام بالمهمات والاختصاصات اللازمة التي تخدم الغايات التي أنشئ من أجلها، ومن ذلك تمويل المستوردين للمواد الخام، بهدف إيجاد قيمة مضافة وإعادة التصدير.
حوافز استثمار المواد الخام في السعودية
حظيت المواد الخام في السعودية بعناية اقتصادية واستثمارية كبيرة من أجهزة الدولة، بوصفها ثروات طبيعية تدعم النمو الاقتصادي، ولذلك تعددت القطاعات الرائدة والحيوية التي توجّهت لها أهداف رؤية السعودية 2030 لتمكينها بعدد من البرامج الخاصة واستراتيجيات التطوير، ليتشكّل منها تنوّع ضخم من القطاعات بمزايا تنافسية جذابة، وبفرص كبيرة للاستثمار، وكان من أبرز ذلك وفرة الموارد الخام في التربة السعودية.
وشملت العناية بالمواد الخام إيجاد منافذ النقل لها إلى أسواق العالم، ولأجل هذه الغاية أُنشئ عدد من المرافق المتخصصة، منها ميناء الملك فهد الصناعي بالجبيل في عام 1982م، الذي صُمّم لاستيراد المواد الخام التي تتطلبها الصناعات المحلية، وتصدير المنتجات الصناعية كالبتروكيماويات ومنتجات النفط المكررة والأسمدة الكيماوية والكبريت.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة